مكانة التعريب وموقف الاستعمار منه
صفحة 1 من اصل 1
مكانة التعريب وموقف الاستعمار منه
يقول الأستاذ عبد العلي الورديغي:"" أن مشكل التعريب لم يكن الا رد فعل لحركـة
التغريب التي خلقتها سياسة الاستعمار اللغوية والتعليمية واستمــــرت في التغلغـــل
والاكتساح الى ما بعد الاستقلال ، وعليه ، فان حركـــة الدعوة الى التعــريب التي
أصبحنا نراها في البرامج السياسية للأحزاب الوطنية منذ مرحلة تكونــها أواخــــر
العشرينات وأواسط الثلاثينات ( من القرن الماضي ) هي حركة نشـــأت لتطالب
باعادة الاعتبار الى اللغة الوطنية ، واقرارها في مكانتها التي كانت عليها من قبــل
أن تتغلب عليها اللغة الأجنبية ( الفرنسية والاسبانية ) وتزحزحها عــن مكانتـــها
التي اكتسبتها منذ قرون ، أي باعادة الدور الذي كان لها في مجال التعليم والادارة والسياسة والاقتصاد والحياة العامة . لكن الأفكار المعادية التي روجـــها الاستعمار وأنصاره ، وما كان يصاحبها من حمــــــلات تشنيع ضد العربية وثقافتها ومثقفيها
استطاعت أن تخلق لهذه الفكرة ، فكرة الرجوع الى التعريب، جملة من الأعــــداء
الذين تصوروا - عن جهـــــل أو غير جهل - أن التعــريب هــو ضد العصرنـــة
والتحديث والتفتح على الحضارات واللغات من جهة ، وأنه رمز للتخلف والتقوقـع والرجوع الى الوراء من جهة ثانية . والأشنع من ذلك هو تشويه مقاصد التعريب وتحريف مدلوله ومعناه حين قدم الى بعض الناس مرتبطا بفكرة العرقية ، وصـور
اليهم في شكل غول جاء يفترس ويغزوا ويستعمر ويجتث الأصــول غير العربية
ويقضي على اللغــات واللهجات والثقافات الأخـــرى ، هــذا ما يعـتــــرف بــــــه
ج . جرانجيوم في كتابه : " اللغة والسلطة والمجتمع " ص 18 حين يقول معلقا
على رأي الاتجاه الوطني في المغرب العربي الذي يعتبر التعريب عنصرا مكمــلا للاستقلال الثقافي والاقتصادي والسياسي ، ويدعو لاحتلال العربية محل الفرنسيــة
التي هي من مخلفات الماضي الاستعماري : " ومثل هذه الرغبة لا يمكــن الا أن
تكون مشروعة في بلدان ذات تعليم تاريخي عربي اســـلامي ، كانت فيه اللغـــة
العربية دائما لغة للثقافة والادارة " الا أن المؤلف سرعان ما سحب اعترافــه هذا
بدسيسة ماكرة من مثل تلك الدسائس التي شوهت مقاصد التعريب وأهدافه فقـــال
في ص 145 : "يمكن القول : ان التعريب في منطقه يهدد اللهجـــات - يقصد
اللهجات الأمازيغية - ومن ثم فهو يهدد الثقافات المختلفــــــة " .ومن أفكـــار هذا
المؤلف ، التي حاول بثها ودسها في كتابه ، قوله عن العربية الفصحى : " انـــها
لغة دولة تبحث عن جماعة في مقابل اللهجات الأمازيغية التي تبحث عن دولـة "
ص 142-145 وما أشبه هذا بأطروحة " شعب بلا دولة ، ودولة بلا شعب " المعروفة .
فالهدف من التعريب واضح - اذا أردنا الفهم الصحيح - ألا وهو اعادة وضعية
العربية الى سابق عهدها على رأس الهرم اللغوي بالمغرب ، وذلك بان تصبح
كما كانت من قبل لغة تلقين العلوم والمعارف وتداولها ، ولغة الادارة والحكـــم
والاقتصاد والمقاولات والمكاتبات التجارية ، وبذلك تحل مكان اللغة الأجنبيـــة
لأن وضعها الذي اكتسبته بقوة الحماية الاستعمارية لم يعد مقبولا في بلد لـــــه
لغته الوطنية وتراثه العريق ، وثقافته وكيانه الحضاري وسيادته واستقلاله .."" .
المرجع : اللغة والدين والهوية ص 101-103 .
..........تحياتي .....العتيق .
العتيق- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 1509
درجة التقدير : 6
تاريخ الميلاد : 01/01/1951
تاريخ التسجيل : 17/04/2011
العمر : 73
الموقع : البريد أعلاه وكذا منتدى جبالة
مواضيع مماثلة
» مكانة الحناء في التراث الاسلامي
» على هامش تهم الانفصال والأوباش، لولا مقاومة الريف وجبالة لكان المغرب قد سقط في الاستعمار الإسباني في القرن 16
» قبيلة بني مستارة في مواجهة الاستعمار
» الاشادة بانتصارات أبطالنا على الاستعمار
» مخاوف الاستعمار من قيام الحكومة الريفية
» على هامش تهم الانفصال والأوباش، لولا مقاومة الريف وجبالة لكان المغرب قد سقط في الاستعمار الإسباني في القرن 16
» قبيلة بني مستارة في مواجهة الاستعمار
» الاشادة بانتصارات أبطالنا على الاستعمار
» مخاوف الاستعمار من قيام الحكومة الريفية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى