على هامش تهم الانفصال والأوباش، لولا مقاومة الريف وجبالة لكان المغرب قد سقط في الاستعمار الإسباني في القرن 16
صفحة 1 من اصل 1
على هامش تهم الانفصال والأوباش، لولا مقاومة الريف وجبالة لكان المغرب قد سقط في الاستعمار الإسباني في القرن 16
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
على هامش تهم الانفصال والأوباش، لولا مقاومة الريف وجبالة لكان المغرب قد سقط في الاستعمار الإسباني في القرن 16
ألف بوست-د.حسين مجدوبي 2016/11/05
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]صورة الخطابي في واجهة التايم الأمريكية سنة 1956 ومشاهد من معركة ورغة
من ضمن ما ترتب عن الجريمة البشعة التي راح ضحيتها الشاب محسن فكري عندما فقد حياته دفاعا عن قوت يومه من تجارة الأسماك في الحسيمة ، ارتفاع أصوات غير مسؤولة في الحقل السياسي والإعلامي محاولة وصم الريفيين وساكنة الشمال بالانفصال. ويحدث هذا في وقت يجهل فيه الكثير أنه لولا الريف ومنطقة جبالة لكان المغرب قد سقط تحت الاستعمار الإسباني منذ أواخر القرن الخامس عشر وبداية السادس عشر.
وهكذا، فخلال هذه الأزمة الاجتماعية والسياسية الحساسة جدا التي تمر منها البلاد والناتجة عن الجريمة، لم يتردد سياسيون وإعلاميون في استعادة الماضي الكريه بنعت بعض ساكنة الريف بالأوباش والانفصال، وذلك على خلفية حمل شباب راية الجمهورية الريفية أو تهور من طرف ثلاثة شبان رفعوا راية اسبانيا.
وهذه الاتهامات ليست بريئة بل متجذرة لدى جزء من الإدارة المغربية منذ الاستقلال حتى اليوم، من خلال عبارة “أولاد صبليون” التي تحاول قلة ترديدها عند كل أزمة تقع شمال البلاد، بينما لم يسبق أن صدرت اتهامات مشابهة عن ساكنة الشمال تجاه بعض مسؤولي الدولة المغربية بنعتهم ببقايا ليوطي أو “سياسيي الفرنسيس”. وساهم مرددو هذه المقولة في الشرخ الحاصل الآن وسط ساكنة الصحراء بعدما لم تدرك الإدارة المغربية كيفية التعاطي والتعامل مع مطالب شباب صحراوي في أواخر الستينات وأوائل السبعينات، وفتحت الباب أمام تدخل الخارج في صراع استنفز قدرات البلاد والشعب طيلة الأربعين سنة الأخيرة.
وكان الأكاديمي المغربي علي الإدريسي قد تطرق في مقال رائع بعنوان “محاربة الظلم أعز ما يطلب” “في الجريدة الرقمية هسبريس الى هذا الموضوع. وقدم بعض المعطيات التاريخية التي استعملها بعض الإداريين على مستويات مختلفة من السلطة في الرباط في محاولة تعميق هذا التصور الذي انتعش كثيرا إبان انتفاضة الريفيين سنة 1958 واستعمال الملك الراحل الحسن الثاني تعبير “الأوباش” في وصف ساكنة الشمال خلال انتفاضة الخبر 1984.
والواقع أن قراءة التاريخ المغربي المهمش أو الذي تهمشه المدرسة الرسمية يؤكد أنه لولا شجاعة ساكنة الشمال وخاصة الريف لكان المغرب قد سقط في الاحتلال الإسباني منذ أواخر القرن الخامس عشر.
فبعد سقوط غرناطة سنة 1492 ونهاية السلطة الإسلامية في هذه الأراضي الأوروبية، قررت الملكة إيزابيلا الكاثوليكية غزو المغرب. وكانت تعتبر أن الحدود الطبيعية لإسبانيا المسيحية هي جبال الأطلس، وتركت في وصيتها ضرورة محاربة الكفار (أي المسلمين). وهو تصور ورثه الكثير من المثقفين والسياسيين طيلة القرون الماضية ومنهم عراب اليمين الإسباني وهو كانوفاس ديل كاستيو الذي كتب منتصف القرن التاسع عشر في كتابه “معطيات حول تاريخ المغرب” أن الحدود الطبيعية لإسبانيا هي جبال الأطلس. ويعتبر هذا السياسي والمفكر الأكثر تأثيرا على اليمين الإسباني بما فيه الحزب الشعبي الحاكم حاليا. وفي كتابه “كانوفس واليمين الإسباني” الصادر سنة 2008، يبرز الأستاذ الجامعي خوسي أنتونيو بيكيراس التأثير الوازن والمستمر لكانوفس ديل كاستيو على الفكر اليميني الإسباني حتى وقتنا الراهن.
ويكتب في هذا الصدد، أن معظم زعماء اليمين خلال القرن العشرين تأثروا بأفكار كانوفاس الغارقة في الوطنية المتشددة. وتتجلى في تعزيز دور الدين المسيحي كمرجع للممارسة السياسية والعمل من أجل ما يسمى عظمة اسبانيا. وحول النقطة الأخيرة، فالجنرال فرانسيسكو فرانكو تأثر بأطروحة كانوفس ديل كاستيو تجاه المغرب، وينطبق الأمر نفسه على رئيس حكومة السابق خوسي ماريا أثنار الذي أصدرت مؤسسته الفكرية كتابا حول هذا السياسي/المفكر منذ ثلاث سنوات.
ونفذت إيزابيلا سياستها منذ سنة 1497 عندما احتلت مدينة مليلية، وحاولت انطلاقا منها غزو المغرب بل وشمال إفريقيا برمته حيث نجحت في استعمار مدن في تونس والجزائر ومنها وهران. لكن ساكنة شمال المغرب ولاسيما سكان الريف قاوموا طيلة قرون الغزو الإسباني. وكان يجري هذا أحيانا في غياب السلطة المركزية المتمثلة في السعديين والعلويين لاحقا. وكان بعض السلاطين يشاركون الريفيين وجبالة المقاومة، بينما كان سلاطين آخرون يتآمرون مع الاستعمار ضد الريفيين. وتوجد أدلة تاريخية منها تسليم سبتة ومليلية الى اسبانيا بالتوقيع على وثيقتين بعد حرب تطوان من طرف السلطان وقتها، تم انخراط سلاطين آخرين في الحرب ضد الريف ومنها ثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي.
وفي كتابه “مواجهة بين حضارتين” يعالج المؤرخ العسكري أنتونيو تورسياس بيلاسكو الحروب التي وقعت بين المغرب واسبانيا ما بين سنتين 1497، تاريخ احتلال مليلية الى 1927 تاريخ القضاء على ثورة الريف. وهذا الكتاب يتحدث عن حروب ومعارك لا تذكرها كتب المغرب وخاصة التأريخ الرسمي، البعض يتم تغييبه عمدا لأنه يتحدث عن تعاون السلطات المركزية في مراحل تاريخية معينة مع الغزاة والاستعمار، ومعارك أخرى يجهلها المؤرخون وتوجد فقط في الأرشيف العسكري الإسباني لأن التأريخ في المغرب كان محدودا خاصة في منطقة الريف، إن لم يكن منعدما.
وكانت اسبانيا قد تحولت ومنذ سقوط غرناطة الى قوة عسكرية عظمى في أوروبا، وبدأت في غزو مناطق أوروبية وكذلك القارة الأمريكية، لكنها حاولت وباستمرار إلحاق المغرب بإمبراطوريتها وفشلت بسبب مقاومة ساكنة الشمال. ويذهب بعض المؤرخين الى الاعتماد على عامل جيوسياسي وقتها ويتجلى في تجنب اسبانيا غزو المغرب خوفا من رد فعل الإمبراطورية العثمانية. لكنها هذا العامل، وإن كانت صحته التاريخية نسبية فقط، فهو يفقد كل قوته الدلالية أمام عاملين آخرين، وهما:
أولا، هزيمة الإمبراطورية العثمانية أمام التحالف الذي تزعمته اسبانيا في معركة ليبانتو سنة 1571، وبالتالي ابتعاد العثمانيون عن سواحل الأندلس والمغرب، في الوقت ذاته، لم يكن باستطاعتهم منع اسبانيا الاقتراب من سواحل المغرب.
ثانيا، اعتراف الوثائق التاريخية الإسبانية بصعوبة التغلغل في المغرب بحكم المقاومة الشرسة لسكانه شمالا وخاصة الريف. ويقدم الكتاب المذكور مراحل المواجهة العسكرية ومعارك كثيرة شمال البلاد أنهكت كل تغلغل اسباني ما بعد سبتة ومليلية، علما أن حدود المدينتين ليس هي الحالية بل كانت أقل بكثير حتى سنة 1860، عندما وقع سلطان المغرب وقتها وثيقة الاستسلام ومنح اسبانيا أراض جديدة. هذه المقاومة استمرت حتى ثورة الريفيين بزعام الخطابي إبان العقد الثاني والثالث من القرن العشرين، ومعطيات التاريخ واضحة بشأن من قاوم ومن تآمر مع الاستعمار ضد الزعيم الريفي خاصة بعد ألحقاه هزيمة شنعماء بفرنسا في حروب ورغة بالقرب من فاس سنة 1925.
نعم، دافع المغاربة طيلة القرون الماضية على وحدة البلاد ومواجهة الاستعمار بشكل موحد، لكن مناطق معينة بحكم موقعها الجغرافي، أي موقعها على الحدود، كان دورها أكبر، ومنها الدور الكبير للريف والسند الذي كان يتوصلون به بين الحين والآخر من العمق المغربي. وهكذا، فالتأمل في تاريخ المغرب وتاريخ مقاومة الأوروبيين، سيجعل الباحث يستخلص، وإن كان هذا باعتراف الإسبان أساسا، أن اسبانيا فشلت في غزو المغرب ابتداء من أوائل القرن السادس عشر بسبب مقاومة ساكنة الشمال وخاصة الريف لأن الجغرافية جعلتهم في الواجهة.
وعليه، سيكون أجدر بأصحاب أسطوانة الانفصال والأوباش قراءة التاريخ الحقيقي ودور شمال البلاد في المقاومة وكيف أنقذ البلاد من الاستعمار منذ القرن السادس عشر.
مقالات ذات صلة:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠
كلمة حق في زمن النفاق
يجب أن تقال
يجب أن تقال
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 69
مواضيع مماثلة
» كتاب : المغرب قبل الاستعمار - المجتمع والدولة والدين / 1792 - 1822،للمؤلف : محمد المنصور
» اعرف أجدادك / أعضاء المجلس العلمي الاستشاري للثورة على الاستعمار بشمال المغرب غداة فرض الحماية
» على هامش انتخاب الحبيب المالكي رئيسا لمجلس النواب :
» الدولة الصنهاجية تاريخ إفريقية في عهد بني زيري من القرن 10 إلى القرن 12 م
» لولا هؤلاء لأعلنت شعوب الأرض إسلامها كاظم فنجان الحمامي
» اعرف أجدادك / أعضاء المجلس العلمي الاستشاري للثورة على الاستعمار بشمال المغرب غداة فرض الحماية
» على هامش انتخاب الحبيب المالكي رئيسا لمجلس النواب :
» الدولة الصنهاجية تاريخ إفريقية في عهد بني زيري من القرن 10 إلى القرن 12 م
» لولا هؤلاء لأعلنت شعوب الأرض إسلامها كاظم فنجان الحمامي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى