واقع الأسرة في ظل التغيرات المعاصرة

" يقضي الأطفال في الوقت الحاضر أغلب وقتهم في المدرسة ، ومع الرفاق ، أو
في مشاهدة التلفزيون ، أو ممارسة ألعاب الفيديو . لقد أصبحت هذه المؤثـــــرات
الخارجية عن الأسرة تحتل مكانا واسعا من وقت الأطفال واهتماماتهـم ، مما أدى
الى ضعف الرابطة الأسرية ، وتراجع القيم الاجتماعية التي ورثها الأبنـــــاء أبا
عن جد . فالأسرة المعاصرة تعاني من ضعف العلاقـــــات بين الوالدين والأبناء
وانعدام التواصل الكافي بين أفرادها ، كما يتعرض أفـــــراد الأسرة الى صعوبات
نفسية تؤدي الى الطلاق أو التفكك الأسري ، أو عدم القدرة على تحمل مسؤوليــة
تربية الأبناء ، كما يلاحظ تأخر الشباب عن الزواج .
لقد أحدثت هذه التغيرات الجديدة شرخا كبيرا في العلاقات الأسرية ، وأثرت سلبا
على نفسية الأفراد . ففي الماضي كان للوالدين تأثير كبير على الأبناء ، وكـــان
التواصل بين جميع أفراد الأسرة جيدا ، أما الآن فقد ضعفت سلطة الآبـــــاء على
الأبناء نظرا لتطور وسائل الاعلام ، وخصوصا التلفزيون الذي أصبحت له سلطة
كاملة على الأبناء الى جانب السينما والفيديو ، لأن الأبناء يقضون أوقـــاتا طويلة
مع هذه الوسائل الترفيهية ، ويحتكون بشكل جيد مع أبطال المسلسلات والأفـــلام
أو نجوم السينما الذي أصبح لهم تأثير قوي ومباشر على الأبناء عــوض الآباء .
من خلال استعراض كل هذه العوامل ، يتجلى أن واقع الأسرة المعاصرة قد تغير
كثيرا نظرا لما طرأ على الحياة الاجتماعية من تغيرات أدت الى تصدع العلاقات
الأسرية وضعف تأثير الآباء على الأبناء . اننا لا نجادل في وجود استعداد طبيعي
لدى الانسان للقيام بدور الأبــوة والأمومة ، وتعلم الأفـــراد لهذا الدور من خــال
احتكاكهم بالواقع الاجتماعي ، ولكن ظروف الحيــــاة المعاصرة قد تعقدت كثيــرا
حيث جعلت هذه المهمة صعبة . لقــــــد كانت الحياة في الماضي تتسم بالعفويـــة
والبساطة ، وكانت الأسرة تعيش مجتمعة ومتآلفة ، وهذا الاجتماع والتآلف كــان
يساعد على تواصل الأفراد بصفة مباشرة ومستمرة ، وبهذه الطريقة تتم السيطرة
على المشاكل التي تعترض الأســــــرة ، ويتم القضاء على كثيــر من الصعوبات
الاجتماعية والنفسية ، بحيث لا يشعر أي فرد من أفــــــــراد الأسرة بالوحـــدة أو
الانفصال عن الآخرين .

منقول عن كتاب : الارشاد السيكلوجي للأسرة / د.سعيد بحير ، تحت عنوان:
واقع الأسرة المعاصرة :3 - تأثير الأبناء بعوامل ومتغيرات خارج الأســـــرة
ص28 -29

.......... مع تحيات العتيق .