آراء ابن عرضون التربوية 2
صفحة 1 من اصل 1
آراء ابن عرضون التربوية 2
آداب عامة :
مهما بدا في الصبي من مخائل التمييز ، ينبغي أن يحسن مراقبته ، وأول ذلك ظهور الحياء ، فاذا كان يحتشم ويستحي وينزل بعض فليس ذلك الا من اشراق نور العقل عليه، حتى رآى بعض الأفعال فيحيا ، ومخافا للبعض فصار يستحي من شئ دون شئ ، وهذه هدية من الله تعالى اليه ، تدل على اعتدال الأخلاق وصفاء القلب وهو مبشر بكمال العقل عند البلوغ ، فاصبي المستحي لا بنبغي أن يهمل بل يستعان على تأديبه بحيائه وتمييزه .
وينبغي اذا ظهر من الصبي خلق جميل ،وفعل محمود ، أن يكرم عليه ويجازى ويمدح بين أظهر الناس فان خالف ذلك في بعض الأحوال مرة واحدة ، فينبغي أن يتغافل عنه ولا ستره ، ولا يكاشف ، ولا يظهر أنه يتصور أن يتجاسر أحد على مثله لا سيما اذا سترت الصبي ، واجتهد في اختفائه ، فان اظهار ذلك ربما يفيد خسارة ، حتى لا يبالي بالمكاشفة بعد ذلك ، فان عاد ثانيا فينبغي أن يعاقب سرا ، ويعظم أمره فيه ويقال له : اياك أن يطلع عليه في مثل هذا ، فيفتضح بين الناس ، ولا يكثر القول عليه بالعتاب في كل حين ، فأن يهون عليه سماع الملامة ، وركوب القبائح ، ويسقط وقع الكلام من قلبه ، وليكن الأب حافظا هيبة الكلام معه ، لا يوبخه الا ألا أحيانا ، وينبغي للأم أن تخوفه بالأب وتزجره عن القبائح .
وينبغي أن يعود أن لا يبصق في مجلسه ، ولا يمتخط ، ويتناوب بحضرة غيره ، ولا يستدير عليه ، ولا يضع رجلا على رجل ، ولا يضرب كفا تحت دقنه ، ولا يعمد رأسه بساعده ، فان ذلك دليل الكسل ، ويعلم كيفية الجلوس ويمنع من كثرة الكلام ، ويبين له أن ذلك يدل على الوقاحة وأنه
عادة أبناء اللئام ، ويمنع اليمين رأسا صدقا أو كذبا حتى لا يتعوده في الصغر ، ويمنع أن يبدأ بترك الكلام ، ويمنع ألا يتكلم الا جوابا ويقدر السؤال ، وأن يحسن الاستماع مهما تكلم غيره ، وممن هو أكبر سنا منه ، وأن يقوم لمن فوقه ، ويوسع له المكان ، ويجلس بين يديه ، ويمنع من لغو الكلام وفحشه ، ومن اللعن والسب ، ومن مخلطة من يجري على شئ من ذلك ، فان ذلك يسري لا محالة من قرناء السوء ، وأصل تأديب الصبيان الحفظ من قرناء السوء .
ومهما يبلغ سن التمييز ، فينبغي أن لا يساغ له في ترك الطهارة ، والصلاة ، ويؤمر باصوم في بعض الأيام من شهر رمضان . ويعلم كل ما يحتاج اليه من حدود المشرع ، ويخوف من السرقة وأكل الحرام ، ومن الكذب والخيانة والفحش ، وكل ما يغلب على الصبيان ، فاذا وقع نشؤه على ذلك ، فالصبي مع قرب البلوغ أمكن له أن يعرف أسرار هذه الأمور
فبذكر الأطعمة أدوية وانما المقصود منها أن يقوي الانسان على عبادة الله نعالى ، وأن الدنيا كلها لا أصل لها ، اذ لا بقاء لها ، وأن الموت يقطع نعيمها ، وأنها دارهم لا دار مقر ، وأن الموت منتظر كل ساعة ، وأن الكيس العاقل من تزود من الدنيا للآخرة ، حتى تعظم عند الله درجته ، وتتسع جنان نعمته ، فاذا كان النشوء صالحا ، كان هذا الكلام عند البلوغ ما ترى ناجحا يثبت في قلبه كما يثبت النقش في الحجر، واذا وقع النشوء بغير ذلك حتى ألف الصبي اللعب والفحشاء ، والوقاحة وشدة الطعام واللباس والتزين والتفاخر ، نشأ قلبه على عدم قبول الحق .
................ يتبع ...........مع تحيات العتيق .
العتيق- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 1509
درجة التقدير : 6
تاريخ الميلاد : 01/01/1951
تاريخ التسجيل : 17/04/2011
العمر : 73
الموقع : البريد أعلاه وكذا منتدى جبالة
مواضيع مماثلة
» آراء ابن عرضون التربوية 3
» آراء ابن عرضون التربوية من خلال مؤلفه : مقنع المحتاج في آداب الأزواج"
» الشيخ القاضي أبو عبد الله ابن عرضون
» من آراء مفكرينا في الحياة
» آراء مفكري الغرب في الحضارة الاسلامية
» آراء ابن عرضون التربوية من خلال مؤلفه : مقنع المحتاج في آداب الأزواج"
» الشيخ القاضي أبو عبد الله ابن عرضون
» من آراء مفكرينا في الحياة
» آراء مفكري الغرب في الحضارة الاسلامية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى