عبد الله العروي: من يستأثرون اليوم بالكلام لا خبرة لهم ودورهم هو تشقيق الكلام
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
عبد الله العروي: من يستأثرون اليوم بالكلام لا خبرة لهم ودورهم هو تشقيق الكلام
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
المساء
قال إن عقيدة روسو هي المدخل لإرساء قواعد فلسفة الدين عندنا حتى لا نبقى حبيسي فتوى ابن رشد
العدد :2603 - 11/02/2015
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
قال إن عقيدة روسو هي المدخل لإرساء قواعد فلسفة الدين عندنا حتى لا نبقى حبيسي فتوى ابن رشد
العدد :2603 - 11/02/2015
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
- بعد عقود من الكتابة في مواضيع حيوية تمت بصلة إلى الأيديولوجية العربية المعاصرة ومفارقاتها، ما القضايا التي مازالت تستأثر باهتمامك؟ وما المواضيع التي ترى أنها استنفدت طاقتها مع مر السنين؟
كما تنبئ آخر إصداراتي أميل [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إلى مطالعة كبار الفلاسفة ومنظري السياسة. ولهذا الاهتمام علاقة بالوضع الراهن، العربي والدولي، الذي يطرح علينا جميعا سؤالا محيرا، كان يبدو إلى عهد قريب متجاوزا. أعني مسألة الديمقراطية التيوقراطية، أو بالتعبير الإسلامي: الدولة الشرعية العادلة. هل يمكن تصورها في الواقع؟ عند الفحص نجدها كامنة عند جل المنظرين السياسيين. لم يلتفت إليها المحللون لأنهم كانوا يظنون أنها لم تتلاءم مع مكتسبات العلم الحديث. لكن تبين [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أن التساكن ممكن. إشكالية جديدة متولدة عن فشل التجربة الشيوعية وعن العولمة الرأسمالية.
- يرى كثير من الباحثين أن ما عرفه العالم العربي من وقائع وأحداث متلاحقة أكد سداد فرضياتك النظرية وصحة أطروحاتك الفكرية وراهنية تحليلاتك العلمية. هل كان من الممكن تجنب كثير من الكوارث لو تم الاستئناس بأفكارك، خاصة في مجالات التربية والتعليم والتصنيع؟
عندما بدأت مشواري الفكري كان هناك في الساحة شبه إجماع على ضرورة التحرر من التبعية للغرب، بتطبيق برنامج إصلاحي يشمل التعليم والمجتمع والاقتصاد. هذا الإجماع حول الأهداف جعل هوية الحاكم مسألة ثانوية. ولذلك حبَّذ الكثيرون حُكم العسكر.
في هذا الإطار وبهدف إنجاح المخطط شدَّدْتُ، فيما كتبت، على مساوئ الانتقال الثقافي، وعلى فوائد الانضباط لمنهجية مستنبطة من التجارب الإصلاحية السابقة في أوروبا، وفي غيرها من البلدان، كتركيا واليابان. وكان واضحا آنذاك أن البلد المُهَـيَّأ لخوض معركة الإصلاح الشَّـامِـل، واسْـتِـدْراك التَّخلُّـف، هو مصر الناصرية. تصورناها قدوة للبلاد العربية الأخرى، دون إسناد أي نوع من الوصاية لها.
تعثَّر المشروع لأن النزعة الانتقائية (نختار الأفضل من الغرب والشرق، ومن الحاضر والماضي) ظلت هي الغالبة في أذهان القادة والموالين لهم من المثقفين. لكن الإخفاق يعود، بالدرجة الأولى، إلى عوامل خارجية موضوعية أذكر أخطرها شأنا: مأساة فلسطين، معارضة الأنظمة النفطية، مهادنة الأزهر، مشكل الأقليات.
وبقدر ما يخفف هذا الأمر المسؤولية على الساسة يثقل كاهل المثقفين، الذين لم يدرسوا كل هذه المشكلات بالموضوعية الكافية، ولم ينبهوا المسؤولين إلى مخاطرها، بل تحولوا، في غالبيتهم، إلى شعراء مطربين.
- ألم تشعر بالإحباط (وهو ما يختلج سرائر شخصياتك الروائية) من مكر النخب الفكرية وعدم أداء دورها التنويري والتاريخي على الوجه المطلوب؟
لا يُـؤَاَخذ على المثقفين تصرفهم كمثقفين، إذ يوجد بينهم أدباء ونقاد وفنانون ناجحون. ما يؤاخذون عليه تطفُّلَـهم- بدعوى التزام زائف- على السياسة دون ضرورة واستعداد كاف للانخراط فيها. ارتكبوا أخطاء جمة لتجاهلهم دروس التاريخ والسوسيولوجيا. ما يغفر لهم أخطاءهم هو حصول الثورة الإعلامية، إذ نلاحظ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] السلبية ذاتها عند مثقفي الدول التي لها تجربة سياسية عريقة. يستأثر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] من لا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] له سوى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الكلام.
- اضطلعت في الآونة الأخيرة بترجمة عينة من المصادر الهامة (النصوص الأصلية). ما الدافع إلى ترجمتها؟ ما قيمتها المضافة؟ ولِمَ عاودك الحنين إلى فلسفة الأنوار؟
أقدمت على تعريب «عقيدة روسو» لكي تكون مدخلا لإرساء قواعد فلسفة الدين عندنا، وحتى لا نظل حبيسي فتوى ابن رشد في الموضوع. كما عربت «تأملات مونتسكيو في تاريخ الرومان» لكي يتشجع أحدنا ويتأمل جديا في تاريخ العرب، بعيدا عن الأحكام المتداولة بيننا، وحتى لا نبقى نردد دون تمييز أقوال ابن خلدون.
- كيف يمكن فهم التشويه الحاصل [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في منطقتنا إن لم نرجع إلى الأصل والمنبع؟
تنشر كل يوم نصوص معربة، أحيانا بعناية فائقة عن عمالقة الفكر الغربي، وهذا جهد محمود. لكن من يتطوع لمناقشتها بجد؟ من يستنير بها لإعادة النظر في معتقداتنا العتيقة، التي زرعت فينا بذور اليأس والميل إلى التخريب؟ المغري في كتابات عصر الأنوار الصراحة والجرأة والصدق.
- غالبا ما تؤثر الصمت، ونادرا ما تشارك في النقاش العمومي ذي الصلة ببعض القضايا الأساسية، مثلما حدث مؤخرا في ما يخص «المعركة اللغوية». ما تقييمك للخرجات القليلة التي سعيت، من خلالها، إلى الإدلاء بموقفك في الفضاء العمومي؟ ألا ترى أن الإعلام المغربي موجه وغير قادر على إثارة «النقاش العمومي» بنزاهة وحياد ومهنية؟
أتحاشى الخوض في المسائل الخلافية، لأن الأمانة تدعوني - في الغالب - إلى مساندة أصحاب القرار، في حين أعلم أن المنتظر من أمثالي هو الرفض. تدخلت في مسألة اللغة لأنها تهمني منذ زمن طويل، ولقناعتي بأن المحرك لها لا يريد الخير للوطن وللثقافة الوطنية. في هذه النقطة بالذات – عكس نقط أخرى كثيرة - لم أساند أبدا أصحاب القرار، لأني لمست لديهم جهلا مطبقا بجذور المشكل، ولقناعتي بأنه لا يوجد موجب موضوعي لطرح المسألة بالشكل الذي طرحت به سوى مصالح فئوية ضيقة.
- أفرزت الديمقراطية من تلقاء ذاتها قوى مهددة لها: التطرف الديني، الشعبوية، البربرية (ما تقوم به أمريكا الآن من انحرافات بحجة محاربة الإرهاب). ما موقفك مما وسمه تزفتان تودوروف بـ»أعداء الديمقراطية الحميمين»؟ وما السبل لتعزيز الديمقراطية كآلية لتوافق السياسيين وتشاركهم؟
ربطا بجوابي على السؤال الأول، أرى أن مفهوم الديمقراطية عاد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إشكاليا. للديمقراطية (حكم الشعب بالشعب وللشعب) شروط قد توجد وقد لا توجد، بل قد توجد ثم تختفي، فتتحول الديمقراطية إلى غوغائية هدامة، كما نبه إلى ذلك كبار المنظرين. من يقول إن السيادة للشعب وله وحده في كل وقت وحين، كيف له أن يتعجب من أن تتولد في صلبها الشعبوية، إذا كانت الأغلبية متصفة بالتوكل ومتعودة على الاستجداء؟
هذا واقع ملازم لنا، فعلينا أن نتعامل معه، ونتصور آلية تعديل ذاتية تمنعه من الزيغ والتيه دون الإنصات إلى ما يلوح به لنا الغير.
- هناك من يرى أن الحداثة أضحت مفهوما مبتذلا من كثرة استعمالاتها في سياقات مختلفة ومتضاربة. ألا ترى أن الحداثيين لم يعملوا إلا على تأزيم المفهوم، عوض توطينه لمقاومة كل ما يكرس المحافظة والامتثال والتقليد؟
ليس الابتذال المشار إليه في الواقع ذاته، إن العولمة تابعة للحداثة، بقدر ما هو في ذهن من يكتب عن الحداثة دون إلمام بمعانيها المتشعبة. أين الترجمة الكاملة والدقيقة لكبار منظري الحداثة، كماكس فيبر، وجون هنري لمبرت وكارل مانهايم؟ أين الدراسات الوافية لأعمالهم؟ ما يروج في السوق هو ما كتب عن هؤلاء بعد ردة أواسط القرن الماضي. من يفهم النظرية السوية لا يمكنه أن يفهم النقد الموجه إليها، وما يستتبعه من إحياء للفكر الوسطوي.
الحداثة واقع تاريخي ذو مسارات مختلفة وأوجه عدة. المفكر الحداثي ليس من يعرض النظريات ويفند الاعتراضات، بقدر ما هو من يتسلح بالمنهج النقدي، وينظر مجددا للتاريخ العربي وللعقيدة، ولمفهوم الديمقراطية والبحث العلمي. من لا يغادر سماء الأيديولوجية يهزم بالأيديولوجية، أصلية كانت أم مولدة.
- ألا ترى بأن الحضارة- في ظل العولمة- أصبحت تتنكر للإنسانية، وتعمق الجراح الرمزية والجسدية المتوارثة عن المرحلة الاستعمارية؟
يقول الغرب إنه يخوض حربا مقدسة ضد الهمجية البربرية، والواقع أنه يقاوم التحول الهائل الذي غير ميزان القوى الدولية.
ظن الغرب أنه سيحتفظ إلى الأبد بالتفوق الذي حازه منذ ثلاثة قرون، فراح ينادي بضرورة تحرير التجارة العالمية، بل فرضها على الجميع. ولم تمر سوى بضعة عقود حتى غزت الأسواق الغربية البضائع الآسيوية والأموال العربية، واليد العاملة الأفريقية. كان يرى طبيعيا، بل حتميا، أن يذهب هو عند الغير، أما أن يقصده الغير ويستقر في ربوعه، فهذا ما لم يتحمله طويلا، فبات ينظر إلى نفسه - على نحو الإمبراطورية الرومانية - قلعة متمدنة محاصرة من لدن أقوام لا تعرف ما القانون وما النظام. هذا هو شعور العامة في الغرب، قد يعارضه بعض المثقفين، لكني أستبعد أن يصمد له الساسة.
- شخصت في «سلسلة المفاهيم» كثيرا من المفارقات التي تجسدت بالملموس فيما اصطلح عليه بـ «الربيع العربي»، وهي تتمثل - من بين عوامل أخرى - في اتساع الهوة بين ما يقال وما يمارس، وانتفاء المشروعية السياسية، وعدم حصول ترابط وطيد بين الدولة والحرية والعقلانية. أهي أهواء ومواقف متوارثة في طوية الإنسان العربي، أم أنها عوائق التحديث التي تحول دون تحقيق الطفرة المرجوة؟
ما ظهر بوضوح أثناء الأحداث الأخيرة هو أن الجانبين أساءا تقييم الواقع. الحكام تجاهلوا الوضع الداخلي، ظنا منهم أن سياسة مداهنة الأجنبي وإرضاء فئة قليلة من السكان تضمن الاستقرار، والمعارضة تعامت عن أهداف الدول الغربية. هدف الغرب دون تمييز بين دوله هو إبدال نخبة بأخرى، حتى تستمر العلاقات على حالها، والطريقة الديمقراطية المقترحة ما هي سوى وسيلة لتمرير هذا المخطط. الواقع هو أن الغرب يطبق المخطط ذاته في سياسته الداخلية: التداول على السلطة عنده شرط استمرار اللعبة السياسية. فإذا قلنا هذا كل ما في السوق، عندهم وعندنا، أما كان بالإمكان تجنب العنف والتخريب؟
- عملية التخريب جارية، اليوم، على قدم وساق في كل مواطن، بدءا بالأطراف، ووصولا إلى القلب. من المسؤول؟ من نادى بالفوضى الخلاقة أيا كان، ومن نفذها بإصرار؟
صور فرنسيسكو دي غويا في لوحته «درب الجحيم» أناسا مدفوعين نحو اللهب، وشخصت في رواية «الفريق» أناسا محاطين بالنار واللهب (ما يصدر عن البراكين والمظاهرات). ألا ترى أن العالم، عوض أن يجسد «الحنين الملحمي»، بلغة جورج لوكاش، سعيا إلى تحقيق التلاؤم بين أفعال الروح ومطالبها، أغرق الإنسان في نزعة تشاؤمية عميقة؟
الباعث على التشاؤم فشل الشيوعية الروسية. إذ ظن الغرب الرأسمالي أنه كسب المعركة النهائية، وأنه يستطيع التحكم بالعولمة في مصائر شعوب الأرض إلى ما لا نهاية؛ ثم خاب هذا الأمل بدوره. انقلبت النشوة إلى حيرة، وتحولت نهاية التاريخ إلى صراع الحضارات. هذا هو الفضاء الذي تجرى فيه رواية «الآفة»، التشاؤم معد، لا يتحضر في جماعة دون غيرها. من لا ينتمي إلى الغرب لا يستطيع تغيير الواقع، لكن ليس عليه أن يزكيه، عليه أن يقتصد في أمره، ويصلح من شؤونه حسب «المعقول».
- لم إصرارك على التجريب الروائي؟ وما العقدة المغربية التي تسعى إلى تمثيلها في رواياتك؟ أمازالت الرواية العربية منشغلة بـ»ضياع الموضوع» ومهتمة بالموصوف أكثر من الموضوع عينه؟
ختمت برواية «الآفة» سلسلة الأعمال الأدبية، كما أنهيت بكتاب «السنة والإصلاح» سلسلة الأعمال الفكرية. يستطيع القارئ أن يعود إلى أول عمل نشر لي «رجل الذكرى»، الذي سيعاد نشره قريبا (نُشِـرَ عن المركز الثقافي العربي)، ليقف على ما يجمع العملين. وربما يكتشف- حينئذ- ما أقصد بالموضوع الذي يعمل الموصوف على تجليته.
عقدتنا هي أننا نحفظ أكثر مما نعقل، أي نفضل التعامل مع الماضي على حساب الحاضر والمستقبل. للمتفائل أن يدعي بأن ما يهدم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بهذا العنف الرهيب، يحررنا في كل الأحوال من أغلال الماضي البئيس.
حاوره - محمد الداهي
كما تنبئ آخر إصداراتي أميل [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إلى مطالعة كبار الفلاسفة ومنظري السياسة. ولهذا الاهتمام علاقة بالوضع الراهن، العربي والدولي، الذي يطرح علينا جميعا سؤالا محيرا، كان يبدو إلى عهد قريب متجاوزا. أعني مسألة الديمقراطية التيوقراطية، أو بالتعبير الإسلامي: الدولة الشرعية العادلة. هل يمكن تصورها في الواقع؟ عند الفحص نجدها كامنة عند جل المنظرين السياسيين. لم يلتفت إليها المحللون لأنهم كانوا يظنون أنها لم تتلاءم مع مكتسبات العلم الحديث. لكن تبين [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أن التساكن ممكن. إشكالية جديدة متولدة عن فشل التجربة الشيوعية وعن العولمة الرأسمالية.
- يرى كثير من الباحثين أن ما عرفه العالم العربي من وقائع وأحداث متلاحقة أكد سداد فرضياتك النظرية وصحة أطروحاتك الفكرية وراهنية تحليلاتك العلمية. هل كان من الممكن تجنب كثير من الكوارث لو تم الاستئناس بأفكارك، خاصة في مجالات التربية والتعليم والتصنيع؟
عندما بدأت مشواري الفكري كان هناك في الساحة شبه إجماع على ضرورة التحرر من التبعية للغرب، بتطبيق برنامج إصلاحي يشمل التعليم والمجتمع والاقتصاد. هذا الإجماع حول الأهداف جعل هوية الحاكم مسألة ثانوية. ولذلك حبَّذ الكثيرون حُكم العسكر.
في هذا الإطار وبهدف إنجاح المخطط شدَّدْتُ، فيما كتبت، على مساوئ الانتقال الثقافي، وعلى فوائد الانضباط لمنهجية مستنبطة من التجارب الإصلاحية السابقة في أوروبا، وفي غيرها من البلدان، كتركيا واليابان. وكان واضحا آنذاك أن البلد المُهَـيَّأ لخوض معركة الإصلاح الشَّـامِـل، واسْـتِـدْراك التَّخلُّـف، هو مصر الناصرية. تصورناها قدوة للبلاد العربية الأخرى، دون إسناد أي نوع من الوصاية لها.
تعثَّر المشروع لأن النزعة الانتقائية (نختار الأفضل من الغرب والشرق، ومن الحاضر والماضي) ظلت هي الغالبة في أذهان القادة والموالين لهم من المثقفين. لكن الإخفاق يعود، بالدرجة الأولى، إلى عوامل خارجية موضوعية أذكر أخطرها شأنا: مأساة فلسطين، معارضة الأنظمة النفطية، مهادنة الأزهر، مشكل الأقليات.
وبقدر ما يخفف هذا الأمر المسؤولية على الساسة يثقل كاهل المثقفين، الذين لم يدرسوا كل هذه المشكلات بالموضوعية الكافية، ولم ينبهوا المسؤولين إلى مخاطرها، بل تحولوا، في غالبيتهم، إلى شعراء مطربين.
- ألم تشعر بالإحباط (وهو ما يختلج سرائر شخصياتك الروائية) من مكر النخب الفكرية وعدم أداء دورها التنويري والتاريخي على الوجه المطلوب؟
لا يُـؤَاَخذ على المثقفين تصرفهم كمثقفين، إذ يوجد بينهم أدباء ونقاد وفنانون ناجحون. ما يؤاخذون عليه تطفُّلَـهم- بدعوى التزام زائف- على السياسة دون ضرورة واستعداد كاف للانخراط فيها. ارتكبوا أخطاء جمة لتجاهلهم دروس التاريخ والسوسيولوجيا. ما يغفر لهم أخطاءهم هو حصول الثورة الإعلامية، إذ نلاحظ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] السلبية ذاتها عند مثقفي الدول التي لها تجربة سياسية عريقة. يستأثر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] من لا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] له سوى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الكلام.
- اضطلعت في الآونة الأخيرة بترجمة عينة من المصادر الهامة (النصوص الأصلية). ما الدافع إلى ترجمتها؟ ما قيمتها المضافة؟ ولِمَ عاودك الحنين إلى فلسفة الأنوار؟
أقدمت على تعريب «عقيدة روسو» لكي تكون مدخلا لإرساء قواعد فلسفة الدين عندنا، وحتى لا نظل حبيسي فتوى ابن رشد في الموضوع. كما عربت «تأملات مونتسكيو في تاريخ الرومان» لكي يتشجع أحدنا ويتأمل جديا في تاريخ العرب، بعيدا عن الأحكام المتداولة بيننا، وحتى لا نبقى نردد دون تمييز أقوال ابن خلدون.
- كيف يمكن فهم التشويه الحاصل [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في منطقتنا إن لم نرجع إلى الأصل والمنبع؟
تنشر كل يوم نصوص معربة، أحيانا بعناية فائقة عن عمالقة الفكر الغربي، وهذا جهد محمود. لكن من يتطوع لمناقشتها بجد؟ من يستنير بها لإعادة النظر في معتقداتنا العتيقة، التي زرعت فينا بذور اليأس والميل إلى التخريب؟ المغري في كتابات عصر الأنوار الصراحة والجرأة والصدق.
- غالبا ما تؤثر الصمت، ونادرا ما تشارك في النقاش العمومي ذي الصلة ببعض القضايا الأساسية، مثلما حدث مؤخرا في ما يخص «المعركة اللغوية». ما تقييمك للخرجات القليلة التي سعيت، من خلالها، إلى الإدلاء بموقفك في الفضاء العمومي؟ ألا ترى أن الإعلام المغربي موجه وغير قادر على إثارة «النقاش العمومي» بنزاهة وحياد ومهنية؟
أتحاشى الخوض في المسائل الخلافية، لأن الأمانة تدعوني - في الغالب - إلى مساندة أصحاب القرار، في حين أعلم أن المنتظر من أمثالي هو الرفض. تدخلت في مسألة اللغة لأنها تهمني منذ زمن طويل، ولقناعتي بأن المحرك لها لا يريد الخير للوطن وللثقافة الوطنية. في هذه النقطة بالذات – عكس نقط أخرى كثيرة - لم أساند أبدا أصحاب القرار، لأني لمست لديهم جهلا مطبقا بجذور المشكل، ولقناعتي بأنه لا يوجد موجب موضوعي لطرح المسألة بالشكل الذي طرحت به سوى مصالح فئوية ضيقة.
- أفرزت الديمقراطية من تلقاء ذاتها قوى مهددة لها: التطرف الديني، الشعبوية، البربرية (ما تقوم به أمريكا الآن من انحرافات بحجة محاربة الإرهاب). ما موقفك مما وسمه تزفتان تودوروف بـ»أعداء الديمقراطية الحميمين»؟ وما السبل لتعزيز الديمقراطية كآلية لتوافق السياسيين وتشاركهم؟
ربطا بجوابي على السؤال الأول، أرى أن مفهوم الديمقراطية عاد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إشكاليا. للديمقراطية (حكم الشعب بالشعب وللشعب) شروط قد توجد وقد لا توجد، بل قد توجد ثم تختفي، فتتحول الديمقراطية إلى غوغائية هدامة، كما نبه إلى ذلك كبار المنظرين. من يقول إن السيادة للشعب وله وحده في كل وقت وحين، كيف له أن يتعجب من أن تتولد في صلبها الشعبوية، إذا كانت الأغلبية متصفة بالتوكل ومتعودة على الاستجداء؟
هذا واقع ملازم لنا، فعلينا أن نتعامل معه، ونتصور آلية تعديل ذاتية تمنعه من الزيغ والتيه دون الإنصات إلى ما يلوح به لنا الغير.
- هناك من يرى أن الحداثة أضحت مفهوما مبتذلا من كثرة استعمالاتها في سياقات مختلفة ومتضاربة. ألا ترى أن الحداثيين لم يعملوا إلا على تأزيم المفهوم، عوض توطينه لمقاومة كل ما يكرس المحافظة والامتثال والتقليد؟
ليس الابتذال المشار إليه في الواقع ذاته، إن العولمة تابعة للحداثة، بقدر ما هو في ذهن من يكتب عن الحداثة دون إلمام بمعانيها المتشعبة. أين الترجمة الكاملة والدقيقة لكبار منظري الحداثة، كماكس فيبر، وجون هنري لمبرت وكارل مانهايم؟ أين الدراسات الوافية لأعمالهم؟ ما يروج في السوق هو ما كتب عن هؤلاء بعد ردة أواسط القرن الماضي. من يفهم النظرية السوية لا يمكنه أن يفهم النقد الموجه إليها، وما يستتبعه من إحياء للفكر الوسطوي.
الحداثة واقع تاريخي ذو مسارات مختلفة وأوجه عدة. المفكر الحداثي ليس من يعرض النظريات ويفند الاعتراضات، بقدر ما هو من يتسلح بالمنهج النقدي، وينظر مجددا للتاريخ العربي وللعقيدة، ولمفهوم الديمقراطية والبحث العلمي. من لا يغادر سماء الأيديولوجية يهزم بالأيديولوجية، أصلية كانت أم مولدة.
- ألا ترى بأن الحضارة- في ظل العولمة- أصبحت تتنكر للإنسانية، وتعمق الجراح الرمزية والجسدية المتوارثة عن المرحلة الاستعمارية؟
يقول الغرب إنه يخوض حربا مقدسة ضد الهمجية البربرية، والواقع أنه يقاوم التحول الهائل الذي غير ميزان القوى الدولية.
ظن الغرب أنه سيحتفظ إلى الأبد بالتفوق الذي حازه منذ ثلاثة قرون، فراح ينادي بضرورة تحرير التجارة العالمية، بل فرضها على الجميع. ولم تمر سوى بضعة عقود حتى غزت الأسواق الغربية البضائع الآسيوية والأموال العربية، واليد العاملة الأفريقية. كان يرى طبيعيا، بل حتميا، أن يذهب هو عند الغير، أما أن يقصده الغير ويستقر في ربوعه، فهذا ما لم يتحمله طويلا، فبات ينظر إلى نفسه - على نحو الإمبراطورية الرومانية - قلعة متمدنة محاصرة من لدن أقوام لا تعرف ما القانون وما النظام. هذا هو شعور العامة في الغرب، قد يعارضه بعض المثقفين، لكني أستبعد أن يصمد له الساسة.
- شخصت في «سلسلة المفاهيم» كثيرا من المفارقات التي تجسدت بالملموس فيما اصطلح عليه بـ «الربيع العربي»، وهي تتمثل - من بين عوامل أخرى - في اتساع الهوة بين ما يقال وما يمارس، وانتفاء المشروعية السياسية، وعدم حصول ترابط وطيد بين الدولة والحرية والعقلانية. أهي أهواء ومواقف متوارثة في طوية الإنسان العربي، أم أنها عوائق التحديث التي تحول دون تحقيق الطفرة المرجوة؟
ما ظهر بوضوح أثناء الأحداث الأخيرة هو أن الجانبين أساءا تقييم الواقع. الحكام تجاهلوا الوضع الداخلي، ظنا منهم أن سياسة مداهنة الأجنبي وإرضاء فئة قليلة من السكان تضمن الاستقرار، والمعارضة تعامت عن أهداف الدول الغربية. هدف الغرب دون تمييز بين دوله هو إبدال نخبة بأخرى، حتى تستمر العلاقات على حالها، والطريقة الديمقراطية المقترحة ما هي سوى وسيلة لتمرير هذا المخطط. الواقع هو أن الغرب يطبق المخطط ذاته في سياسته الداخلية: التداول على السلطة عنده شرط استمرار اللعبة السياسية. فإذا قلنا هذا كل ما في السوق، عندهم وعندنا، أما كان بالإمكان تجنب العنف والتخريب؟
- عملية التخريب جارية، اليوم، على قدم وساق في كل مواطن، بدءا بالأطراف، ووصولا إلى القلب. من المسؤول؟ من نادى بالفوضى الخلاقة أيا كان، ومن نفذها بإصرار؟
صور فرنسيسكو دي غويا في لوحته «درب الجحيم» أناسا مدفوعين نحو اللهب، وشخصت في رواية «الفريق» أناسا محاطين بالنار واللهب (ما يصدر عن البراكين والمظاهرات). ألا ترى أن العالم، عوض أن يجسد «الحنين الملحمي»، بلغة جورج لوكاش، سعيا إلى تحقيق التلاؤم بين أفعال الروح ومطالبها، أغرق الإنسان في نزعة تشاؤمية عميقة؟
الباعث على التشاؤم فشل الشيوعية الروسية. إذ ظن الغرب الرأسمالي أنه كسب المعركة النهائية، وأنه يستطيع التحكم بالعولمة في مصائر شعوب الأرض إلى ما لا نهاية؛ ثم خاب هذا الأمل بدوره. انقلبت النشوة إلى حيرة، وتحولت نهاية التاريخ إلى صراع الحضارات. هذا هو الفضاء الذي تجرى فيه رواية «الآفة»، التشاؤم معد، لا يتحضر في جماعة دون غيرها. من لا ينتمي إلى الغرب لا يستطيع تغيير الواقع، لكن ليس عليه أن يزكيه، عليه أن يقتصد في أمره، ويصلح من شؤونه حسب «المعقول».
- لم إصرارك على التجريب الروائي؟ وما العقدة المغربية التي تسعى إلى تمثيلها في رواياتك؟ أمازالت الرواية العربية منشغلة بـ»ضياع الموضوع» ومهتمة بالموصوف أكثر من الموضوع عينه؟
ختمت برواية «الآفة» سلسلة الأعمال الأدبية، كما أنهيت بكتاب «السنة والإصلاح» سلسلة الأعمال الفكرية. يستطيع القارئ أن يعود إلى أول عمل نشر لي «رجل الذكرى»، الذي سيعاد نشره قريبا (نُشِـرَ عن المركز الثقافي العربي)، ليقف على ما يجمع العملين. وربما يكتشف- حينئذ- ما أقصد بالموضوع الذي يعمل الموصوف على تجليته.
عقدتنا هي أننا نحفظ أكثر مما نعقل، أي نفضل التعامل مع الماضي على حساب الحاضر والمستقبل. للمتفائل أن يدعي بأن ما يهدم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بهذا العنف الرهيب، يحررنا في كل الأحوال من أغلال الماضي البئيس.
حاوره - محمد الداهي
♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠
كلمة حق في زمن النفاق
يجب أن تقال
يجب أن تقال
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 69
من المسؤول على تشويه صورة الإسلام: المتطرفون أم أنصاف المسلمين وأعدائه؟
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الجدل حول مفهوم الإرهاب في ألمانيا وأوروبا وأمريكا والعالم العربيمن المسؤول على تشويه صورة الإسلام: المتطرفون أم أنصاف المسلمين وأعدائه؟
لماذا يعتمد إرهابيون كالذين قاموا باعتداءات باريس على الإسلام مرجعيةً لهم؟ رغم أن أفعالهم لا تَمُتُّ بأية صلة إلى ما يؤمن به معظم المسلمين. الكاتب والصحفي الألماني دانيال باكس يسلط الضوء على ذلك لموقع قنطرة.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ووزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير بدوره بات يستخدم الآن هذه الصيغة. الأمر مفهوم، لأنَّه ليس في هذا الإرهاب أيّ شيءٍ مشتركٍ مع الإسلام الذي تمارسه الغالبية العظمى من المسلمين، وخصوصًا في أوروبا. بيد أنَّه في الوقت ذاته تنمو ريبة في أوروبا تجاه الإسلام، لأنَّ الإرهابيين يعتمدونه في الواقع مرجعيةً لهم، كما حدث في فرنسا مثلاً، فكيف يمكن تفسير هذا التناقض؟
بعبارة أخرى: أيُّ خاصية في الإسلام الحالي، تجعله عرضةً للاستغلال من قِبَلِ مرتكبي أعمال العنف؟ هناك ديانات أخرى يتم استغلالها أيضًا، كاليهودية في الشرق الأوسط من قِبَلِ المستوطنين المتطرفين، أو كالمسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية من قِبَلِ قتلة مناهضي الإجهاض، أو البوذية في ميانمار التي يتم استغلالها من قِبَلِ الرهبان الذين يُلاحِقون المسلمين. لكنْ فقط للإسلام المتطرّف قوة تجذب الشبَّان القابعين على هامش المجتمع، بحيث يسافر بعضهم ليشارك في الحرب الأهلية في سوريا أو يقوم بالاعتداءات في بلاده الأصلية، مثل ما حدث مؤخرًا في باريس. فلماذا يحصل ذلك؟
نظرًا للتاريخ، يثير هذا التطوُّر الدهشة، فالمجتمعات العربية إسلامية الطابع كانت حتى أواخر العصور الوسطى تسبق مجتمعات أوروبا على صعيد التسامح والثقافة والعلوم بأشواطٍ كبيرةٍ. وكانت لدى المفكرين المسلمين والقادة السياسيين رؤيتان لمواجهة الأزمة التي نجمت عن نهضة أوروبا العسكرية والثقافية، واستعمارها للبلدان ذات الطابع الإسلامي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
دوافع الإسلام المتطرف: "إنَّ التأويل السعودي للإسلام متطرِّفٌ للغاية، فهو تأويلٌ يفصل بشكلٍ صارمٍ بين الجنسين، ولا يتسامح مع أصحاب الرأي المختلف، ويطبق عقوبات بدنيَّة عفا عليها الزمن"، بحسب ما يكتب دانيال باكس.
إحدى الرؤيتين كانت تتمثل في الأخذ الجذري بالنماذج الأوروبية – القومية، والاشتراكية، والعلمانية باعتبارها الطريق إلى الخلاص. وكانت الأصوات الأخرى خافتة في البداية، فطالبت بالعودة إلى الإسلام لاستعادة النفوذ السابق.
فهمُ الإسلام بشكلٍ متزمِّتٍ
بعدما أخفقت الأنظمة العلمانيَّة في المنطقة في تحقيق الرخاء والمشاركة والعدالة لمواطنيها، نشطت الحركات الإسلامويَّة التي ألبست الخطاب المعادي للإمبريالية مصطلحاتٍ دينيةً وقدَّمت نفسها على أنَّها البديل. وكلما زاد القمع الذي تعرَّضت له عنفًا، زاد جزءٌ منها تطرُّفًا.
يضاف إلى ذلك، أنَّ المملكة العربية السعودية الشديدة المحافظة، قد تمكَّنت من جمع ثروة هائلة ومن الصعود لتكون أهم قوة إقليمية عربية في الشرق الأوسط حاليًا، وذلك من خلال الوفرة النفطية التي تكاد لا تنضب، وباتت المملكة تصدِّر فهمها المتزمِّت للإسلام إلى جميع أرجاء العالم.
إنَّ التأويل السعودي للإسلام متطرِّفٌ للغاية، فهو تأويلٌ يفصل بشكلٍ صارمٍ بين الجنسين، ولا يتسامح مع أصحاب الرأي المختلف، ويطبق عقوبات بدنيَّة عفا عليها الزمن. ومع أنَّ هذا يبدو وكأنه من العصور الوسطى، إلا أنَّه يعود في الواقع إلى مدرسةٍ فكريَّةٍ حديثةٍ نسبيًا، تأسَّست في القرن الثامن عشر على يد الداعية محمدٍ بن عبد الوهاب، ورُفع شأنها في القرن العشرين لتصبح دين الدولة في المملكة العربية السعودية، الأمر الذي يدفع إلى وصف هذه الطريقة في الإسلام بالوهابيَّة أو السلفيَّة.
هذا الإسلام السعودي المتصلِّب نُظر إليه في البداية في المجتمعات الأخرى ذات الطابع الإسلاميِّ باعتباره جسمًا غريبًا. بيد أنَّ هذه السلفيَّة حققت في العقود الأخيرة انتصاراتٍ متواصلةً ورسخت إيمانًا بوجوب النقاب، وفسَّرت القرآن بشكلٍ جامدٍ، ورفضت التديُّن الشعبيَّ التقليديَّ، واتـَّخذت منحىً إرهابيًا، يجد أشكاله الأكثر تطرُّفًا في أيديولوجيا حركة طالبان الأفغانيَّة، وميليشيات "تنظيم الدولة الإسلاميَّة" أو "بوكو حرام" في نيجيريا.
فاشلون في حياتهم في أغلب الأحيان
في الوقت ذاته سرعت التدخلات الغربيَّة في عملية تفتت دول في الشرق الأوسط على طول حدود دينية-عرقية، مثل ما حدث مؤخرًا في العراق وليبيا. والآن تتغلغل جماعات إرهابية سلفية كهذه في هذا الفراغ.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وهم يستخدمون مصطلحاتٍ إسلاميَّةً مثل "الجهاد"، فيُسقِطون معناها الأصلي ويحوِّرون تفسيرها، لكي يبرروا فِعلاتهم وليرفعوا من شأنها.
بغية فهم هذا الإسلام، المصنوع على طريقة "افعل الأمر بنفسك" (do it yourself)، باعتباره التعبير الأصيل عن هذا الدين، أو حتى باعتباره حتمًا التأويل الصحيح للقرآن، لا بدَّ من تجاهل عدَّة قرونٍ من الفقه الإسلامي والممارسة الدينية – وهذا بالضبط ما يفعله الإرهابيون، ولكن أيضًا ما يفعله الكثير من "منتقدي الإسلام" المفرطين في حماستهم، الذين يقتطفون فقراتٍ من القرآن بشكلٍ اعتباطيٍ، بهدف وضع الدين الإسلامي برمَّته تحت الاشتباه العام.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
دوافع الإسلام المتطرف: "إنَّ التأويل السعودي للإسلام متطرِّفٌ للغاية، فهو تأويلٌ يفصل بشكلٍ صارمٍ بين الجنسين، ولا يتسامح مع أصحاب الرأي المختلف، ويطبق عقوبات بدنيَّة عفا عليها الزمن"، بحسب ما يكتب دانيال باكس.
معظم الضحايا من المسلمين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]لكنَّ كلَّ المرجعيات الإسلامية المهمَّة، والسعودية منها أيضًا، وجميع الجمعيات الإسلامية في أوروبا، أدانت الإرهاب الذي وقع في باريس بالإجماع، وانتقدت استغلال معتقدها وهذا التشويه لدينها.
ذلك لأنَّ هؤلاء الإرهابيين يشكِّلون تهديدًا لتماسك المجتمعات التي يهاجمونها – وبخاصَّةٍ للأقليات المضطهدة مثل المسيحيين في الشرق الأوسط، أو اليهود في أوروبا، ولكنْ أيضا لكلِّ الآخرين. وتصبح الاستباحة التي يمارسونها باسم الإسلام ضربًا من العبث من خلال حقيقة أنَّ معظم ضحايا الإرهاب الإسلامويِّ هم من المسلمين.
إلى جانب إجراء التدابير الأمنيَّة اللازمة التي ينبغي اتـِّخاذها، يتوجَّب على الساسة في أوروبا المضي في دمج الإسلام هنا، بغية تعزيز قوة المسلمين المسالمين. ولا بدَّ لهم من عدم التوقف عن تبيان أنَّ خط المجابهة لا يقع بين المجتمعات الغربية والمسلمين، بل بين الديمقراطيين والإرهابيين.
دانيال باكس
ترجمة: يوسف حجازي
♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠
كلمة حق في زمن النفاق
يجب أن تقال
يجب أن تقال
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 69
رد: عبد الله العروي: من يستأثرون اليوم بالكلام لا خبرة لهم ودورهم هو تشقيق الكلام
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
العلاقة بين أيديولوجية الإسلام السياسي الجهادوي والأيديولوجية المعادية للإسلامتحالف الرعب...بين الإسلاموفوبيا والإسلاموية
يدعم كل من الجهاديين المتشددين وحركات الإسلاموفوبيا بعضهما البعض، ويُعرِّضان السلام والتماسك الاجتماعي للخطر في كل من العالم الإسلامي والغرب، كما يرى الباحث عاطف بطرس في تعليقه التالي لموقع قنطرة.
كانت حوادث إطلاق النار في باريس مشهداً همجياً، وجريمة لا يمكن تبريرها بأي شكل اياً كان سلوك الضحايا فالقاتل يبقى قاتلاً كما يبقى المغتصب مغتصباً. أما أسباب تحول هؤلاء الشباب إلى جهاديين قتلة بهذه الهمجية فهذه قضية أخرى. هل نشأ عنفهم في الواقع التاريخي الاجتماعي أم أنه وليد لأيديولوجية الإسلام السياسي؟
من مخرجات الواقع الفرنسي ما بعد الكولونيالي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لذلك فقد هربوا إلى أيديولوجية الإسلام السياسي الجهادية العالمية حيث لمعت أمامهم فكرة القيام بدور بطولي تاريخي سيغير العالم.
هم إذاً من مخرجات الواقع الفرنسي ما بعد الكولونيالي، أي واقع الدولة التي لم تتصالح بعد مع ماضيها الدموي في مستعمراتها جنوب المتوسط. وقد لا يختلف واقع هؤلاء الشباب كثيرًا عن الوضع الاجتماعي- السياسي لأمثالهم تحت وطأة الأنظمة القمعية في العواصم العربية. هكذا يبقى المشروع الإسلامي الكبير بالنسبة لكل هؤلاء ملاذاً أخيراً للخلاص من كل الشرور.
ولكن هذا البناء التخيلي للإسلام كحل لكل الشرور ومؤسس للهوية يقابله على نفس المستوى ولكن في الاتجاه المضاد بناء أيدولوجي مشابه يصور الإسلام كمصدر لكل الشرور والعنف، ويحمل هذا التصور اليمينيون، والعنصريون، وحركات الإسلاموفوبيا. وسواء عن وعي أو دون وعي فقد ملأت الإسلاموية الفراغ السياسي الذي نشأ في العقود الأخيرة بعد انهيار النظام العالمي الثنائي القطبية لكي يشكل النقيض التخيلي للـ "الغرب المتحضر الحر".
تصورات ثنائية للعالم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الإسلاموفوبيا والإسلاموية الراديكالية كل منهما تستفيد من نقيضتها وتضفي علي نفسها الشرعية مبررة وجودها بتهديد المعسكر الآخر العدو. فالعالم كله يعادي الإسلام ولهذا لا بد من الجهاد من أجل قيام الدولة الإسلامية، كما أن الخطر الإسلاموي يهدد العالم بأسره ولهذا فلا بد من حشد العالم الحر لدرء المد الإسلامي والإرهاب. كلتاهما تتشاركان فكرة الإسلام "الجوهري أو المطلق" غير القابل للتغيير، كما يرى عاطف بطرس.
إن كلا الأيديولوجيتين تفترضان هُويات خيالية زائفة مُتورطة في معركة مروعة تتنبأ بنهاية العالم، والتي ستؤدي إما إلى هزيمة "الشر" الإسلاموي أو إلى خلاص الخليقة من خلال الإسلام. ولسوء الطالع، لا تبقى تلك الأبنية الأيديولوجية خيالاً حبيس العقول لكنها تتحول بشكل متزايد إلى عوالم واقعية. وهكذا نشهد من ناحية تطورًا راديكاليًا للجماعات والمنظمات الإسلاموية مثل القاعدة، وتنظيم الدولة الاسلامية، وجماعة بوكو حرام، [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
كل من الأيديولوجيتين تستفيد من نقيضتها
وبهذا تستفيد كل من الأيديولوجيتين من نقيضتها وتضفي علي نفسها الشرعية مبررة وجودها بتهديد المعسكر الآخر العدو. فالعالم كله يعادي الإسلام ولهذا لا بد من الجهاد من أجل قيام الدولة الإسلامية، كما أن الخطر الإسلاموي يهدد العالم بأسره ولهذا فلا بد من حشد العالم الحر لدرء المد الإسلامي والإرهاب. كلتاهما تتشاركان فكرة الإسلام "الجوهري أو المطلق" غير القابل للتغيير. فلا يرى الإسلامويون المتشددون أنفسهم كلاعبين اجتماعيين قابلين للتكيف مع السياقات التاريخية المتغيرة، بل يرون أنفسهم كمفوضين لتنفيذ معتقدات تعسفية لا بينة عليها. فهم يتجاهلون تماماً الجوانب العقلانية والتقدمية للتراث الفكري الإسلامي. وعلى خلفية هذا الصراع المعقد يمكن فهم أحداث باريس.
لذلك يمكننا الجدل حول سؤال حرية التعبير والفن من منظورين مختلفين. وتظل تلك الحرية من المنظور الأوروبي قيمة لا يمكن المساس بها.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
احتجاجات ضد رسومات صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية في نيامي عاصمة دولة النيجر الساحلية الغرب-إفريقية: شهدت النيجر – المستعمرة الفرنسية سابقا- مظاهرات عنيفة ضد الرسوم الكاريكاتورية في صحيفة "شارلي إيبدو"، سقط فيها بعض القتلى. في شهدت مستعمرات فرنسية سابقة مثل موريتانيا ومالي والسينغال احتجاجات سلمية.
على أي حال فإن هدف السخرية من رموز وعقائد مقدسة لدى مجموعة بشرية بعينها يظل محل تساؤل، خاصة عندما يمس جماعة دينية ذات حساسة خاصة في هذه المرحلة التاريخية. ما هو حجم التكلفة والمخاطر في الغرب، ولكن بشكل أكبر في العالم العربي الإسلامي، عندما يولد هذا السلوك (السخرية من المقدسات) المزيد من العنف؟ فضحايا هذا العنف في العالم العربي يفوقون أولئك الضحايا في الغرب بعدة مرات، بالنظر إلى ضحايا إرهاب الإسلام السياسي الجهادي بوجه عام.
وعلى الجانب الآخر يبقى السؤال الذي يجب طرحه من منظور عربي إسلامي: ما إذا كان رد الفعل العنيف أو الغاضب على رسومات أو أفلام - لم تكن لتُلقي أي اهتمام - أمرًا مبرَّرًا.
احترام كل الجماعات الدينية
هناك سؤال آخر ربما أكثر أهمية: هل الدعوة لاحترام العقيدة تشمل كل الأنواع المختلفة من العقائد الدينية؟ أم أن الهجوم الوحشي والغضب العارم ينشأ فقط عندما تنتهك المقدسات الإسلامية دون غيرها؟ هل يقبل المرء حرية التعبير ويتسامح مع مثل هذه الانتهاكات، واضعًا في الاعتبار أنها موجهة أيضًا إلى كل أعضاء الجماعات الدينية - من البوذيين، واليهود، والكاثوليك، أو الملحدين؟ أم يرغب المرء في مجتمع يقيد الحرية عمومًا عندما يأتي الأمر إلى انتهاك المعتقدات الدينية أو غيرها من المعتقدات؟ وهل يمكن لهذا المفهوم أن يطبق أيضًا في العالم العربي الإسلامي، حيث الأقليات مثل الملحدين والمثليين يتعرضون للتمييز بشكل يومي من قبل الدولة والمجتمع؟
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الدكتور عاطف بطرس العطار محاضر بقسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة ماربورغ الألمانية وهو عضو مؤسس لمؤسسة ميادين التحرير للتنمية المستدامة في مصر.
هل يمكن اعتبار الهجمات الإرهابية في باريس فرصة للاتفاق على مثل هذه القيم الإنسانية المشتركة - الحرية غير المقيدة للتعبير أو الاحترام تجاه كافة المعتقدات المغايرة؟ ربما كان من الصعب مراجعة وإعادة تعريف هذه القيم عن طريق طرح التساؤلات والمفاوضات حولها، بل من خلال تجارب المسلمين والتحديات التي يواجهونها في الشتات الغربي.
ومن المفارقات التي ولدتها هذه الأحداث أنه في نفس اللحظة التي حُكِم فيها على شاب بالسجن 3 سنوات بتهمة الإلحاد في مصر، وتلقى مُدَّوِن شاب 50 جلدة من أصل 1000 جلدة حُكِم بها عليه بتهمة التجديف في السعودية، كان وزيرا خارجية هذين البلدين ضمن المسيرة من أجل الدفاع عن حرية التعبير في باريس!
نحو سياسة خارجية للغرب جديرة بالثقة
هناك المئات من المعتقلين السياسيين محتجزين حاليًا في سجون النظام العسكري للجنرال عبد الفتاح السيسي رغم أنهم لم يقترفوا جرماً غير أنهم عبروا عن آرائهم. والعديد منهم في حالة صحية حرجة أو على حافة الموت نتيجة إضرابهم عن الطعام لفترات طويلة. ولكن الجنرال السيسي قد قوبل بحرارة في قصر الإليزيه.
هذه هي النقطة التي يحتاج الأوروبيون أن يتدخلوا فيها إذا كانوا يريدون استعادة مصداقيتهم في العالم الإسلامي. فليس بالضرورة أن تكون السخرية من الأديان هي البرهان الدامغ على حرية الرأي والتعبير في أوروبا. ربما تحتاج الحرية بالأحرى للدفاع عنها ودعمها في العالم العربي الأسلامي أكثر من أوروبا.
إن الهجوم على "شارلي إيبدو" يعزِّز من عملية الاستقطاب الاجتماعي والتحالف الخطير بين الإسلام السياسي الجهادي والإسلاموفوبيا، بين الإرهاب والحرب على الإرهاب، كما يعزز من أيديولوجية الدولة الأمنية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
نقد ذاتي ذو مصداقية
وبدلاً من ممثلين دينيين يقودون حوارات سطحية كما جرت العادة في أعقاب مثل هذه الكوارث، فلا بد من القيام بنقد ذاتي ذي مصداقية ضد النواقص الاجتماعية، والتهميش، وعدم المساواة في الفرص، على سبيل المثال فيما يخص فرص المسلمين في الوصول للنظام التعليمي الأوروبي. وينطبق الأمر ذاته على البلاد العربية: فهي يقينًا تحتاج للمزيد من المدارس، والمستشفيات، بدلاً من الأسلحة وحاملات الطائرات، التي يراد استخدامها ضد الإرهاب بينما هي في الحقيقة بمثابة وقود يساعد على إشعال نيران حرب الإسلاميين المقدسة.
علاوة على ذلك، تحتاج خطابات المنظمات والسلطات الدينية الشائعة في العالم الإسلامي لنقد ومراجعات صارمة. على المرء فقط أن يقرأ تعليقات القراء على "شارلي إيبدو" أو أن يبحث عن هذا المصطلح باللغة العربية على موقع تويتر: النتائج في الغالب أكثر من صادمة. فهذه الخطابات والتصورات تظهر تعصبًا دينيًا، ورواجاً لنظريات المؤامرة، وميولاً للعنف والهمجية، ومعاداة لليهود. هذا هو الواقع الخطابي والفكري الكارثي الذي يختلف بالطبع عن اللغة المنمقة وأسلوب الخطابة المهذب لحوار الأديان.
عاطف بطرس
♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠
كلمة حق في زمن النفاق
يجب أن تقال
يجب أن تقال
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 69
رد: عبد الله العروي: من يستأثرون اليوم بالكلام لا خبرة لهم ودورهم هو تشقيق الكلام
[size=32][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
رائف بدوي وصحيفة شارلي إيبدو والإسلاموية الراديكالية "العنيفة وغير العنيفة"كل ضحايا القمع والإرهاب يستحقون التضامن دون استثناء!
الأحداث الصادمة ابتداءً بالهجمات الإرهابية في باريس مرورا بجلد المدون السعودي رائف بدوي وحتى المجازر التي وقعت في كل من نيجيريا وباكستان - جميعها تستحق الاهتمام نفسه والاستياء غير المشروط، مثلما ترى أستاذة العلوم السياسية والخبيرة اليمنية-السويسرية إلهام مانع في تعليقها التالي لموقع قنطرة.
أنا أنظر إلى العالم باعتباره عالمًا يتكوَّن من العديد من النقاط المنفردة، التي عندما أقوم بربط بعضها مع بعض، أرى وجه إنسان. لا يوجد سوى هذا العالم فقط - سواء رغبنا في ذلك أم لم نرغب. إنه عالم تجمعنا فيه الإنسانية المشتركة والمصير المشترك.
وأنا لا أميل إلى التركيز على الأحداث المنفردة، بل أحاول دائمًا أن أرى الصورة الأكبر - أي السياق العالمي. وعلى هذا النحو أيضًا يمكن التعرُّف على النقاط المنفردة: وعندما نقوم بربط بعضها مع بعض، نلاحظ كيف ترتبط قضية رائف بدوي مع قضية "شارلي إيبدو"، مع أحداث العنف المرتكبة من قبل جماعة بوكو حرام في نيجيريا ومع هجمات تنظيم القاعدة على مواطنين يمنيين كانوا يُقيمون احتفالاً دينيًا، وكذلك مع المجزرة التي ارتكبتها حركة طالبان بحقِّ تلاميذ مدرسة في مدينة بيشاور الباكستانية.
كم مرة سمعتم هذه الجملة التي تفيد بأنَّ "الغالبية العظمى من ضحايا التطرُّف الإسلاموي يعيشون في بلدان إسلامية"، وأنَّ الضحايا بالذات غالبًا ما يكونون من المسلمين (سواء كانوا من المسلمين السُّنة أو الشيعة)، أو أنَّهم مواطنون من ذوي الأصول المسيحية واليهودية والإيزيدية. أو أنَّهم يتبعون الطريقتين الأحمدية أو البهائية، أو أنَّهم كذلك ملحدون - أشخاص يفكِّرون ببساطة بشكل مختلف، ناهيك تمامًا عن النساء والمثليين جنسيًا.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الدكتورة إلهام مانع باحثة أكاديمية تحمل الجنسيتين اليمنية والسويسرية وتعمل أستاذة خاصة في قسم العلوم السياسية في جامعة زيوريخ السويسرية. صدر كتابها الأخير باللغة الإنكليزية في لندن عن "دار روتليدج" تحت عنوان: "الدولة العربية وحقوق المرأة - فخ الدولة المستبدة".
ولكن يبدو أنَّ كلَّ هذا لا يثير اهتمام الناس. حيث يهزون رؤوسهم بشكل عابر فقط ولا يصرخون بصوت مرتفع إلاَّ عندما يحدث شيء ما في قعر دارهم.
المساواة بين الضحايا!
تم قتل نحو ألفي مدني من قبل جماعة بوكو حرام النيجيرية المتطرِّفة، وقد حدث هذا في غضون يومين فقط، في الأسبوع نفسه الذي وقع فيه الهجوم على صحيفة "شارلي إيبدو" في باريس. ولكن مع أنَّ ذلك قد حدث في الأسبوع نفسه، لكن لم يتم حتى الآن منح هؤلاء الضحايا قدرًا مماثلاً من التضامن الذي تم منحه لضحايا الهجوم على صحيفة "شارلي إيبدو" ولذويهم.
[/size]
[size=32]يتعيَّن عليكم أن تقدِّموا لهؤلاء النيجيريين الاحترام نفسه! وأن تثورا على ذلك! لأنَّ هذا الأمر لا يتعلق بعدد القتلى. ولا يتعلق بلون بشرتهم ولا حتى بجنسيتهم - سواء كانوا أفارقة أو أوروبيين، بل إنَّ الأمر يتعلق بالوجه الإنساني! وهذا هو المهم.[/size]
[size=32]لقد تم قتل إنسان - ضمن سياق تهديد عالمي. وهذا هو بالضبط الأمر الذي يجب أن يشكِّل أهمية. وذلك لأنَّ هذا التهديد حقيقي ويهمنا جميعنا - ولديه اسم: هو التطرُّف الإسلاموي المسلح. فنحن جميعنا في قارب واحد - سواء رغبنا في ذلك أم لم نرغب.وهنا لا بد من ذكر رائف بدوي. وهنا ترتبط النقاط بعضها مع بعض. ففي قضيته - مثلما هي الحال مع صحفيي صحيفة "شارلي إيبدو" - يتعلق الأمر بحرية التعبير عن الرأي. تم الحكم على رائف بدوي بالسجن عشرة أعوام وجلده ألف جلدة، وذلك لأنَّه انتقد تجاوزات المؤسَّسة الدينية في المملكة العربية السعودية. لقد خلق رائف بدوي منتدًى ليبراليًا، وكان يكتب مدوَّنة، ولذلك فقد تعرَّض للجلد. لقد أعرب كلٌّ من صحفيي "شارلي إيبدو" وكذلك رائف بدوي عن رأيهم فقط واعتمدوا على حقّ أساسي عالمي، أي الحقّ في حرية الصحافة وحرية التعبير عن الرأي.
لا مجال للنسبية الثقافية
لا يوجد أي مجال للنسبية الثقافية. فمن دون حرية التعبير عن الرأي لا توجد أية حرية إطلاقًا. يجب على المرء التفكير فقط بجميع دول العالم السلطوية والثيوقراطية: إذ إنَّ القاسم المشترك بين جميع هذه الدول - بصرف النظر عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان - هو انتهاكها لحرية التعبير عن الرأي.
وكذلك توجد نقاط أخرى يمكن ربط بعضهامع بعض. فالأشخاص الذين قَتَلوا الصحفيين في باريس كانوا من أتباع تطرُّف إسلاموي عنيف. أمَّا الأشخاص الذين جلدوا رائف بدوي فهم من أتباع تطرُّف إسلاموي "غير عنيف". وعليه فإنَّ أتباع المجموعة الأولى يَقتُلون باسم الله، بينما أتباع المجموعة الثانية يَنتهكون باسم الله.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ترى الباحثة إلهام مانع أنَّ "هذا التهديد حقيقي ويهمنا جميعنا - ولديه اسم: هو التطرُّف الإسلاموي المسلح. فنحن جميعنا في قارب واحد - سواء رغبنا في ذلك أم لم نرغب" - في الصورة نيجيريُّون أثناء هروبهم من هجمات جماعة بوكو حرام في ريف مدينة مايدوغوري النيجيرية.
غير أنَّ كلا المجموعتين - أي أتباع التطرُّف الإسلاموي العنيف و"غير العنيف" - يرتبط بعضهم ببعض على المستوى العالمي. فالمملكة العربية السعودية تقوم من خلال قنواتها التي تتجاوز حدودها الوطنية بتصدير رؤيتها للتطرُّف "غير العنيف"، ومن خلال ذلك فهي تقوم بتسميم مصدر الإسلام وتوجد متطرِّفين من الشباب والشَّابات في جميع أنحاء العالم. وهذا الاتِّجاه من التفسير بالذات يُمهِّد الطريق لرسالة الإسلام السياسي (المتطرف) ويمهِّد الطريق في نهاية المطاف إلى اللجوء إلى العنف.
وعندما نطالب المملكة العربية السعودية بأن تُطلق سراح رائف بدوي ومحاميه وليد أبو الخير، وعندما نُصر على أن تراعي هذه المملكة المعايير الدولية لحقوق الإنسان وأن تعامل مواطنيها - رجالاً ونساءً - باعتبارهم بشرًا متساوين في الكرامة والحقوق، عندما نفعل كلَّ هذا - فعندئذ نحن نطالب في الوقت نفسه أيضًا بإنهاء تصدير التطرُّف غير العنيف على الصعيد العالمي. لقد أنتجت هذه الأيديولوجية الكثير من الألم والبؤس - في أجزاء كثيرة من العالم: في الشمال وكذلك في الجنوب.
ولذلك يتعيَّن علينا أن نربط هذه النقاط بعضها مع بعض وأن نعرف التهديد العالمي الذي يواجهنا. يجب علينا أن نربطها ببعضها، لكي نرى في ذلك وجه الإنسان مرة أخرى. نحن مرتبطون بعضنا ببعض سواء أرغبنا في ذلك أم لم نرغب. ومتَّحدون في الإنسانية والمصير.
إلهام مانع
ترجمة: رائد الباش[/size]
♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠
كلمة حق في زمن النفاق
يجب أن تقال
يجب أن تقال
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 69
رد: عبد الله العروي: من يستأثرون اليوم بالكلام لا خبرة لهم ودورهم هو تشقيق الكلام
شكرا على نقلك لنا هذه المقالات, تحياتي
جبلي- عضو أساسي بالمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 278
درجة التقدير : 0
تاريخ الميلاد : 31/12/1966
تاريخ التسجيل : 12/03/2011
العمر : 57
رد: عبد الله العروي: من يستأثرون اليوم بالكلام لا خبرة لهم ودورهم هو تشقيق الكلام
المحبون للاطلاع ... على الدوام متواجدون ...
وتحية خاصة للأخ جبلي .......
عاهدت نفسي أن أطلع رواد المنتدى على كل ما أمر به وأطلع عليه ....
ويقينا أنني لا أتوقع الإعجاب بكل المرفوعات .........
وتحية خاصة للأخ جبلي .......
عاهدت نفسي أن أطلع رواد المنتدى على كل ما أمر به وأطلع عليه ....
ويقينا أنني لا أتوقع الإعجاب بكل المرفوعات .........
♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠
كلمة حق في زمن النفاق
يجب أن تقال
يجب أن تقال
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 69
مواضيع مماثلة
» عبد الله العروي
» المحاضرة الكاملة لعبد الله العروي حول "المواطنة والمساهمة والمجاورة"
» عبد الله العروي يتحدث عن طه عبد الرحمان
» “من ديوان السياسة”لعبد الله العروي
» عبد الله العروي … إكليل الصناعة الثقيلة في الفكر المغربي
» المحاضرة الكاملة لعبد الله العروي حول "المواطنة والمساهمة والمجاورة"
» عبد الله العروي يتحدث عن طه عبد الرحمان
» “من ديوان السياسة”لعبد الله العروي
» عبد الله العروي … إكليل الصناعة الثقيلة في الفكر المغربي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى