العلامة المجاهد الشريف العلمي سيدي محمد بن تاويت
صفحة 1 من اصل 1
العلامة المجاهد الشريف العلمي سيدي محمد بن تاويت
ا
العلامة المجاهد الشريف العلمي سيدي محمد بن تاويت رحمه الله، أصله من قبيلة بني ودراس بين طنجة وتطوان، يقول عنه الأديب سيدي محمد بن عبد الصمد كنون الحسني رحمه الله:
" هو صالح العلماء، وناسك الفقهاء، عرف بالورع والتقوى، وقهر النفس والهوى، مع سمت ووقار، وخشوع وانكسار، من بيت أصيل وعريق، في الاشتغال بالعلم وسلوك الطريق".
حفظَ القرآن الكريم في صباهُ فشُغِفَ به، ولم يزل يعتني به ويدرس علومه حتى طَمَحَتْ همته لأن يصبح مدرسة قرآنية، فكان رحمه الله يدأب على تحفيظ القرآن وتعليمه أبناءَ قريته، ثم تصدر لهذا الأمر العظيم بمسجد "تاويتيش" بقرية بني ودراس، فأصبح يلقب به وينسَبُ إليه، ولم تكن حصص تحفيظه للقرآن الكريم تفرق بين الأولاد والبنات، رغم الثقافة السائدة آنذاك لاسيما في البوادي، وكان تحفيظ القرآن الكريم هَمًّا يلازمه أينما حل وارتحل، وحتى عندما كان يُدَرِّسُ بإحدى مدارس طنجة، كان يخصص حصة صباحية مبكرة لتحفيظ البنين والبنات كتاب الله قبل التحاقهم بالصف.
بعد أن تعاطى أسباب العلم بقريته قصد رحمه الله القرويين العامرة بفاس، فنهل منها حتى ارتوى وأُجِيزَ من كبار شيوخ ذلك الزمان (بدايات القرن الميلادي الماضي)، ثم عاد إلى قريته ليشتغل بالدعوة والإرشاد والتعليم.
وعندما بدأت جيوش الاحتلال الإسباني تزحف على الناحية الجبلية منطلقة من تطوان المحتلة آنذاك، قامت حركة الجهاد بالقبائل لصد العدوان، فأبت همة فقيهنا العلامة رحمه الله إلا أن ينضم إليها، وكانت قوة إيمانه ودرجة يقينه العاليةُ كافيةً ليصبح فارسًا في الميدان كأنما رُبِّيَ ونُشِّئَ على الجهاد من صباه، وكفى بأهل القرآن رجالاً أضاء الله لهم بما في صدورهم من نور كلَّ طريق، وأتاح لهم به كلَّ سبيل.
وكان إخوة فقيهنا العلامة رحمهم الله جميعا مثله من أهل القرآن، فوقفوا إلى جانبه في ساحات الجهاد ضد الإسبان طيلة اثنتي عشرة سنة، فاستشهد شقيقه أحمد، ثم شقيقه الأصغر عمر مجاهدين، وظل أخوه الثالث رحمه الله يجاهد الإسبان حتى بعد انتهاء حرب الريف، فلجأ إلى بني مسارة، وهناك أسلمه الفرنسيون للإسبان، رحمهم الله تعالى ورضي عنهم.
أما فقيهنا العلامة فقد مَكَرَ له جنود الإسبان وراموا التخلص منه للأبد، ولم يعد بيته في بني ودراس مكانا آمنا للإقامة، وكان ذلك سببا ليهاجر إلى بلاد الريف، حيث هَيَّأَ الله له ثغرا آخرَ للجهاد والدعوة، وهنالك التحق بالأمير المجاهد سيدي محمد بن عبد الكريم الخطابي رحمه الله، وكان جهاد الجبل آنذاكَ قد اتحد مع جهاد الريف.
وأبلى فقيهنا العلامة مع المجاهدين الأبطال هنالك البلاءَ الحَسَن، ولما وقف الأمير الخطابي رحمه الله على علمه الغزير وتعلقه بالقرآن اعتمده قاضيا شرعيا للناحية، ثم لما تكالبت قوى الاستعمار الفرنسي والإسباني معا على الجهاد الريفي، وانتهى الأمر إلى ما هو معلوم من نفي الأمير الخطابي إلى مصر وصَدِّ المجاهدين، ترك فقيهنا العلامة الريف متوجها إلى بني مصور من نواحي طنجة، ولقِيَ رحمه الله كثيرا من الأذى من طرف الخونة وجواسيس الاستعمار، وهنالك حُوصِرَ بيته بجنود المحتلين، وتمكن من الفرار بأهله دون أن يحس به أحد، وفي صباح خروجه أُحرق بيته عن آخره بما فيه من بقر وماعز، وكان الغرض التخلص منه ومن ذويه مرة واحدة وإلى الأبد، وظل شهورا ضيفا متنقلا ومتخفيا بعد أن حكم عليه بالإعدام، وبعد مدة أرسل مسؤول أمني فرنسي إلى ذلك الجنرال الإسباني الذي كان يكيد له العداوة وأصدر الحكم عليه عطرا مسموما فمات، فيسر الله له أخيرا أن يستقر نهائيا بمدينة طنجة.
تولى رحمه الله بها إمامة الخمس بالجامع الجديد، وخطبة الجمعة بالزاوية الناصرية.
يقول عنه الأديب سيدي محمد بن عبد الصمد كنون رحمه الله:
"وكان الناس يرضون إمامته، ويستحسنون خطابته، لما هو عليه من إخلاص وخضوع، وإخبات وخنوع، يتنزل عليه قول الأمين المأمون، أئمتكم شفعاؤكم فانظروا بمن تستشفعون، وأما خطابته فكانت القلوب لها تخشع، والعيون تدمع، وكيف لا وهو ممن سَلِمَ الناس من لسانه ويده، ولم يشغله يومهُ عن غدِه، لا يفتر لسانُهُ عن ذكر الله، ولا يرجو أحدا سواه، ولم يُرَ إلا ذاكرا أو تاليا أو مصليا، أو ناسخا لأحد الكتب إذْ كان في جودة الخط مُجَلِّيَا، كما كان كامل الخُلُقِ والخَلْق، جميل الوجهِ فصيح النُّطق".
وكان رحمه الله أثناء تلاوة القرآن لا يرفع رأسه أو يُحَوِّلُ عينيه عن المصحف قط، ويظل كذلك ساعات، حتى إن زواره كانوا يتمنون نظرة إليه أثناءها فلا يحظون بها، فإذا رفع وجهه كان مثل القمر.
وكان رحمه الله تعالى عالي الهمة رفيع الأخلاق مستبشرا ومبَشِّرًا بغد الإسلام، وبعد أن تراجعت حركة الجهاد وتغلغل الاستعمار في البلاد واستشرى بآلياته ووسائه حتى بعد معاهدة "إيكس ليبان"، يحكي عنه شهود العيان الذين كانوا يحضرون دروسه وخطبَه أنه كان يبشرُ بنهاية كل ذلك وسيادة نور الإسلام في عهد قريب!
إبتُلِيَ رحمه الله في آخر أيامه بالأمراض التي لازمته حتى وفاته في ثاني محرم الحرام سنة 1381 للهجرة، يوافق شهر يونيو 1961، ودفن رحمه الله في مقبرة بوعراقية مقابل باب الضريح القبلية، رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وأغدق عليه سحائب رحمته، وجزاه عنا وعن أمة الإسلام خير الجزاء. نقلا عن موقع البوغاز نت.
العلامة المجاهد الشريف العلمي سيدي محمد بن تاويت رحمه الله، أصله من قبيلة بني ودراس بين طنجة وتطوان، يقول عنه الأديب سيدي محمد بن عبد الصمد كنون الحسني رحمه الله:
" هو صالح العلماء، وناسك الفقهاء، عرف بالورع والتقوى، وقهر النفس والهوى، مع سمت ووقار، وخشوع وانكسار، من بيت أصيل وعريق، في الاشتغال بالعلم وسلوك الطريق".
حفظَ القرآن الكريم في صباهُ فشُغِفَ به، ولم يزل يعتني به ويدرس علومه حتى طَمَحَتْ همته لأن يصبح مدرسة قرآنية، فكان رحمه الله يدأب على تحفيظ القرآن وتعليمه أبناءَ قريته، ثم تصدر لهذا الأمر العظيم بمسجد "تاويتيش" بقرية بني ودراس، فأصبح يلقب به وينسَبُ إليه، ولم تكن حصص تحفيظه للقرآن الكريم تفرق بين الأولاد والبنات، رغم الثقافة السائدة آنذاك لاسيما في البوادي، وكان تحفيظ القرآن الكريم هَمًّا يلازمه أينما حل وارتحل، وحتى عندما كان يُدَرِّسُ بإحدى مدارس طنجة، كان يخصص حصة صباحية مبكرة لتحفيظ البنين والبنات كتاب الله قبل التحاقهم بالصف.
بعد أن تعاطى أسباب العلم بقريته قصد رحمه الله القرويين العامرة بفاس، فنهل منها حتى ارتوى وأُجِيزَ من كبار شيوخ ذلك الزمان (بدايات القرن الميلادي الماضي)، ثم عاد إلى قريته ليشتغل بالدعوة والإرشاد والتعليم.
وعندما بدأت جيوش الاحتلال الإسباني تزحف على الناحية الجبلية منطلقة من تطوان المحتلة آنذاك، قامت حركة الجهاد بالقبائل لصد العدوان، فأبت همة فقيهنا العلامة رحمه الله إلا أن ينضم إليها، وكانت قوة إيمانه ودرجة يقينه العاليةُ كافيةً ليصبح فارسًا في الميدان كأنما رُبِّيَ ونُشِّئَ على الجهاد من صباه، وكفى بأهل القرآن رجالاً أضاء الله لهم بما في صدورهم من نور كلَّ طريق، وأتاح لهم به كلَّ سبيل.
وكان إخوة فقيهنا العلامة رحمهم الله جميعا مثله من أهل القرآن، فوقفوا إلى جانبه في ساحات الجهاد ضد الإسبان طيلة اثنتي عشرة سنة، فاستشهد شقيقه أحمد، ثم شقيقه الأصغر عمر مجاهدين، وظل أخوه الثالث رحمه الله يجاهد الإسبان حتى بعد انتهاء حرب الريف، فلجأ إلى بني مسارة، وهناك أسلمه الفرنسيون للإسبان، رحمهم الله تعالى ورضي عنهم.
أما فقيهنا العلامة فقد مَكَرَ له جنود الإسبان وراموا التخلص منه للأبد، ولم يعد بيته في بني ودراس مكانا آمنا للإقامة، وكان ذلك سببا ليهاجر إلى بلاد الريف، حيث هَيَّأَ الله له ثغرا آخرَ للجهاد والدعوة، وهنالك التحق بالأمير المجاهد سيدي محمد بن عبد الكريم الخطابي رحمه الله، وكان جهاد الجبل آنذاكَ قد اتحد مع جهاد الريف.
وأبلى فقيهنا العلامة مع المجاهدين الأبطال هنالك البلاءَ الحَسَن، ولما وقف الأمير الخطابي رحمه الله على علمه الغزير وتعلقه بالقرآن اعتمده قاضيا شرعيا للناحية، ثم لما تكالبت قوى الاستعمار الفرنسي والإسباني معا على الجهاد الريفي، وانتهى الأمر إلى ما هو معلوم من نفي الأمير الخطابي إلى مصر وصَدِّ المجاهدين، ترك فقيهنا العلامة الريف متوجها إلى بني مصور من نواحي طنجة، ولقِيَ رحمه الله كثيرا من الأذى من طرف الخونة وجواسيس الاستعمار، وهنالك حُوصِرَ بيته بجنود المحتلين، وتمكن من الفرار بأهله دون أن يحس به أحد، وفي صباح خروجه أُحرق بيته عن آخره بما فيه من بقر وماعز، وكان الغرض التخلص منه ومن ذويه مرة واحدة وإلى الأبد، وظل شهورا ضيفا متنقلا ومتخفيا بعد أن حكم عليه بالإعدام، وبعد مدة أرسل مسؤول أمني فرنسي إلى ذلك الجنرال الإسباني الذي كان يكيد له العداوة وأصدر الحكم عليه عطرا مسموما فمات، فيسر الله له أخيرا أن يستقر نهائيا بمدينة طنجة.
تولى رحمه الله بها إمامة الخمس بالجامع الجديد، وخطبة الجمعة بالزاوية الناصرية.
يقول عنه الأديب سيدي محمد بن عبد الصمد كنون رحمه الله:
"وكان الناس يرضون إمامته، ويستحسنون خطابته، لما هو عليه من إخلاص وخضوع، وإخبات وخنوع، يتنزل عليه قول الأمين المأمون، أئمتكم شفعاؤكم فانظروا بمن تستشفعون، وأما خطابته فكانت القلوب لها تخشع، والعيون تدمع، وكيف لا وهو ممن سَلِمَ الناس من لسانه ويده، ولم يشغله يومهُ عن غدِه، لا يفتر لسانُهُ عن ذكر الله، ولا يرجو أحدا سواه، ولم يُرَ إلا ذاكرا أو تاليا أو مصليا، أو ناسخا لأحد الكتب إذْ كان في جودة الخط مُجَلِّيَا، كما كان كامل الخُلُقِ والخَلْق، جميل الوجهِ فصيح النُّطق".
وكان رحمه الله أثناء تلاوة القرآن لا يرفع رأسه أو يُحَوِّلُ عينيه عن المصحف قط، ويظل كذلك ساعات، حتى إن زواره كانوا يتمنون نظرة إليه أثناءها فلا يحظون بها، فإذا رفع وجهه كان مثل القمر.
وكان رحمه الله تعالى عالي الهمة رفيع الأخلاق مستبشرا ومبَشِّرًا بغد الإسلام، وبعد أن تراجعت حركة الجهاد وتغلغل الاستعمار في البلاد واستشرى بآلياته ووسائه حتى بعد معاهدة "إيكس ليبان"، يحكي عنه شهود العيان الذين كانوا يحضرون دروسه وخطبَه أنه كان يبشرُ بنهاية كل ذلك وسيادة نور الإسلام في عهد قريب!
إبتُلِيَ رحمه الله في آخر أيامه بالأمراض التي لازمته حتى وفاته في ثاني محرم الحرام سنة 1381 للهجرة، يوافق شهر يونيو 1961، ودفن رحمه الله في مقبرة بوعراقية مقابل باب الضريح القبلية، رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وأغدق عليه سحائب رحمته، وجزاه عنا وعن أمة الإسلام خير الجزاء. نقلا عن موقع البوغاز نت.
الجبلي الطنجي- عضو جديد
- الجنس : عدد المساهمات : 27
درجة التقدير : 0
تاريخ الميلاد : 01/01/1978
تاريخ التسجيل : 03/10/2010
العمر : 46
مواضيع مماثلة
» العلامة سيدي عبدالرحمن بن محمد السلاسي
» محمد بن تاويت التطواني
» سيدي مشيش العلمي
» في جنازة رئيس المجلس العلمي بالمضيق العلامة اسماعيل الخطيب
» الأمير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي من عظمائنا الأستاذ فارس الصغير 10 01 2013
» محمد بن تاويت التطواني
» سيدي مشيش العلمي
» في جنازة رئيس المجلس العلمي بالمضيق العلامة اسماعيل الخطيب
» الأمير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي من عظمائنا الأستاذ فارس الصغير 10 01 2013
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى