محمد بن تاويت التطواني
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
محمد بن تاويت التطواني
ولد محمد بن تاويت التطواني سنة 1917 بمدينة تطوان شمال المغرب.وقد تلقى تعليما تقليديا في مسقط رأسه، حيث قرأ القرآن ودرس النحو والفقه، وحفظ بعض المتون، منها ألفية ابن مالك والأجرومية وابن عاشر، ثم بعد ذلك دخل المدارس الإسبانية بتطوان فتعلم اللغة الإسبانية. وفي سنة 1933 التحق بجامعة القرويين بفاس ودرس على يد شيوخها آنذاك، ثم عاد بعد ذلك إلى مدينته ليشتغل كاتبا بوزارة الأوقاف ومدرسا بمساجد تطوان.
وفي سنة 1938 التحق ابن تاويت بقسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول بالقاهرة في مصر، وهناك حصل على الإجازة في الأدب العربي، ثم على الماجستير في الأدب الفارسي (حول جلال الدين الرومي)، ودبلوم الدراسات العليا في اللغات السامية. وبعد عودته إلى المغرب سنة 1949، تقلد مناصب متعددة واضطلع بمهام متنوعة، منها ما يلي:
- باحث في معهد فرانكو للأبحاث العربية الإسبانية؛
- أستاذ البلاغة بالمعهد الديني العالي بتطوان؛
- مشيخة المعهد الديني العالي؛
- مفتش عام بالمعهد الديني؛
- مدير معهد مولاي الحسن للأبحاث؛
- سكرتير هيئة رعاية البحث والثقافة العليا؛
- سكرتير المجلة العلمية “تطوان”؛
- عضو اللجنة المغربية لهيئة اليونسكو؛
- أستاذ جامعي في كليات الآداب بالرباط وفاس وتطوان ووجدة وأﯖادير.
وقد توفي محمد بن تاويت في سنة 1993، وترك كتابات ومؤلفات عديدة ومتنوعة تؤكد ما كان يمتاز به من قدرات على البحث ومن اتساع في الفكر؛ فهناك دراسات ومقالات كثيرة نشرها في المجلات المغربية، منها مجلة “الوحدة المغربية” و”الأنيس” و”الأنوار” و”الرسالة” و”الثقافة” و”البحث العلمي” و”الباحث” و”آفاق” و”دعوة الحق” و”المنال”. وقد تنوعت مواضيع تلك المقالات وتعددت فشملت الأدب والتاريخ واللغة والتراجم والمساجلات والسير والفقه والقضاء والفلسفة وفن الطبخ أيضا.
وبالإضافة إلى ذلك قدم محمد بن تاويت مجهودات كبيرة في تحقيق نفائس من التراث المغربي والعربي، ومن ذلك تحقيقه كتابَ “دلائل الإعجاز” لعبد القاهر الجرجاني، في بداية الخمسينات من القرن العشرين؛ وتحقيقه كتابَ “البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب” لابن عذارى المراكشي، بالاشتراك مع محمد إبراهيم الكتاني ومحمد زنيبر وعبد القادر زمامة؛ وتحقيقه ديوانَ ابن عبد ربه وديوانَ أبي الربيع سليمان الموحدي، بالاشتراك مع محمد بن تاويت الطنجي وسعيد أعراب ومحمد بن لعباس القباج؛ و تحقيقَه شعرَ ابن حبوس الفاسي
وقد اشتغل محمد بن تاويت في مجال الترجمة أيضا، علما بأنه كان يتقن الفارسية والتركية والإسبانية والإنجليزية والألمانية، فضلا عن اللغة العربية. فقد ترجم عن الفارسية “رباعيات الخيام”و “زين الأخبار”؛ وترجم عن اللغة التركية عملا قصصيا بعنوان “أجر وصبر”، ونصا مسرحيا للشاعر التركي عد الحق حامد بعنوان “نظيفة”؛ وترجم عن الإسبانية كتاب “أبو علي ابن سينا” عن الإسبانية، وعن الإنجليزية كتاب “العدالة في إنجلترا”.
أما الكتب التي ألفها محمد بن تاويت فقد كانت هي الأخرى- مثل محاضراته ومقالاته- متنوعة ومتعددة، إذ شملت التاريخ والأعلام والإسلاميات والرسائل والمذكرات وتاريخ الأدب والنقد الأدبي، بل والإبداع الأدبي أيضا، بما في ذلك الشعر والقصة القصيرة.
ففي مجال التاريخ له كتاب “تاريخ سبتة”، وكتاب “العلاقات المغربية البريطانية”؛ وفي مجال الأعلام والنحو له كتاب “النحو الأندلسي وابن هشام المصري”؛ وفي مجال الإسلاميات له كتاب “الاستشراق والإسلام”؛ وفي مجال الإبداع الأدبي وشبه الأدبي، له “مذكرات” و”قصص أخرى” و”أشعار” و”رسائل”.
أما في مجال الدراسة الأدبية فله كتابان هامان: الأول شارك في تأليفه إلى جانب الباحث المصري محمد الصادق عفيفي، وهو بعنوان “الأدب المغربي”، وقد صدر عن دار الكتاب اللبناني ببيروت (لبنان) في طبعة أولى سنة 1960، ثم في طبعة ثانية سنة 1969. أما الكتاب الثاني فهو بعنوان “الوافي بالأدب العربي في المغرب الأقصى”، ويتكون من ثلاثة أجزاء (ثلاثة كتب) صدرت على التوالي سنة 1982 و 1983 و 1984 عن دار الثقافة بالدار البيضاء (المغرب). وهذا الكتاب الأخير هو ما يشكل موضوعنا في هذه الدراسة، حيث اعتبرناه نموذجا للمنهج التاريخ في النقد المغربي الحديث في مرحلة نضجه وتبلوره.
نخلص إذن إلى أن الأمر يتعلق بعلاَّمة كبير وباحث موسوعي متعدد اللغات ومتنوع المعارف والمدارك، زاوَج بين التعليم التقليدي الأصيل و المعارف الحديثة، مما أهله لأن يكون رائدا مؤسسا في مجالات متعددة، وفي مقدمتها مجال تأريخ الأدب العربي في المغرب
عبد الواحد المرابط
*******
رحم الله أستاذنا ابن تاويت فقد درسنا عليه بعض الفصول من كتاب المغني لابن هشام
وفي سنة 1938 التحق ابن تاويت بقسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول بالقاهرة في مصر، وهناك حصل على الإجازة في الأدب العربي، ثم على الماجستير في الأدب الفارسي (حول جلال الدين الرومي)، ودبلوم الدراسات العليا في اللغات السامية. وبعد عودته إلى المغرب سنة 1949، تقلد مناصب متعددة واضطلع بمهام متنوعة، منها ما يلي:
- باحث في معهد فرانكو للأبحاث العربية الإسبانية؛
- أستاذ البلاغة بالمعهد الديني العالي بتطوان؛
- مشيخة المعهد الديني العالي؛
- مفتش عام بالمعهد الديني؛
- مدير معهد مولاي الحسن للأبحاث؛
- سكرتير هيئة رعاية البحث والثقافة العليا؛
- سكرتير المجلة العلمية “تطوان”؛
- عضو اللجنة المغربية لهيئة اليونسكو؛
- أستاذ جامعي في كليات الآداب بالرباط وفاس وتطوان ووجدة وأﯖادير.
وقد توفي محمد بن تاويت في سنة 1993، وترك كتابات ومؤلفات عديدة ومتنوعة تؤكد ما كان يمتاز به من قدرات على البحث ومن اتساع في الفكر؛ فهناك دراسات ومقالات كثيرة نشرها في المجلات المغربية، منها مجلة “الوحدة المغربية” و”الأنيس” و”الأنوار” و”الرسالة” و”الثقافة” و”البحث العلمي” و”الباحث” و”آفاق” و”دعوة الحق” و”المنال”. وقد تنوعت مواضيع تلك المقالات وتعددت فشملت الأدب والتاريخ واللغة والتراجم والمساجلات والسير والفقه والقضاء والفلسفة وفن الطبخ أيضا.
وبالإضافة إلى ذلك قدم محمد بن تاويت مجهودات كبيرة في تحقيق نفائس من التراث المغربي والعربي، ومن ذلك تحقيقه كتابَ “دلائل الإعجاز” لعبد القاهر الجرجاني، في بداية الخمسينات من القرن العشرين؛ وتحقيقه كتابَ “البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب” لابن عذارى المراكشي، بالاشتراك مع محمد إبراهيم الكتاني ومحمد زنيبر وعبد القادر زمامة؛ وتحقيقه ديوانَ ابن عبد ربه وديوانَ أبي الربيع سليمان الموحدي، بالاشتراك مع محمد بن تاويت الطنجي وسعيد أعراب ومحمد بن لعباس القباج؛ و تحقيقَه شعرَ ابن حبوس الفاسي
وقد اشتغل محمد بن تاويت في مجال الترجمة أيضا، علما بأنه كان يتقن الفارسية والتركية والإسبانية والإنجليزية والألمانية، فضلا عن اللغة العربية. فقد ترجم عن الفارسية “رباعيات الخيام”و “زين الأخبار”؛ وترجم عن اللغة التركية عملا قصصيا بعنوان “أجر وصبر”، ونصا مسرحيا للشاعر التركي عد الحق حامد بعنوان “نظيفة”؛ وترجم عن الإسبانية كتاب “أبو علي ابن سينا” عن الإسبانية، وعن الإنجليزية كتاب “العدالة في إنجلترا”.
أما الكتب التي ألفها محمد بن تاويت فقد كانت هي الأخرى- مثل محاضراته ومقالاته- متنوعة ومتعددة، إذ شملت التاريخ والأعلام والإسلاميات والرسائل والمذكرات وتاريخ الأدب والنقد الأدبي، بل والإبداع الأدبي أيضا، بما في ذلك الشعر والقصة القصيرة.
ففي مجال التاريخ له كتاب “تاريخ سبتة”، وكتاب “العلاقات المغربية البريطانية”؛ وفي مجال الأعلام والنحو له كتاب “النحو الأندلسي وابن هشام المصري”؛ وفي مجال الإسلاميات له كتاب “الاستشراق والإسلام”؛ وفي مجال الإبداع الأدبي وشبه الأدبي، له “مذكرات” و”قصص أخرى” و”أشعار” و”رسائل”.
أما في مجال الدراسة الأدبية فله كتابان هامان: الأول شارك في تأليفه إلى جانب الباحث المصري محمد الصادق عفيفي، وهو بعنوان “الأدب المغربي”، وقد صدر عن دار الكتاب اللبناني ببيروت (لبنان) في طبعة أولى سنة 1960، ثم في طبعة ثانية سنة 1969. أما الكتاب الثاني فهو بعنوان “الوافي بالأدب العربي في المغرب الأقصى”، ويتكون من ثلاثة أجزاء (ثلاثة كتب) صدرت على التوالي سنة 1982 و 1983 و 1984 عن دار الثقافة بالدار البيضاء (المغرب). وهذا الكتاب الأخير هو ما يشكل موضوعنا في هذه الدراسة، حيث اعتبرناه نموذجا للمنهج التاريخ في النقد المغربي الحديث في مرحلة نضجه وتبلوره.
نخلص إذن إلى أن الأمر يتعلق بعلاَّمة كبير وباحث موسوعي متعدد اللغات ومتنوع المعارف والمدارك، زاوَج بين التعليم التقليدي الأصيل و المعارف الحديثة، مما أهله لأن يكون رائدا مؤسسا في مجالات متعددة، وفي مقدمتها مجال تأريخ الأدب العربي في المغرب
عبد الواحد المرابط
*******
رحم الله أستاذنا ابن تاويت فقد درسنا عليه بعض الفصول من كتاب المغني لابن هشام
hjouji- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 73
درجة التقدير : 0
تاريخ الميلاد : 12/06/1952
تاريخ التسجيل : 04/11/2009
العمر : 72
رد: محمد بن تاويت التطواني
رحم الله أستاذنا الجليل فقد كان أستاذا موسوعيا ، ومرجعا في اللغة العربية
ان صورته لم تفارق خيالنا وهو يحاضر في كلية ظهر المهراز، متخذا مـن
كتاب " المغني اللبيب " مطيته ليسبح بنا في عوالم اللغة وقد استطاع أن يزيل
من أدهاننا مثل : المفقر اللبيب - وأصعب المسالك وغيرهما من مقلوبـــات
من باب المستملحات ككلية العذاب والهموم الانسانية .
على كل فأستاذنا ابن تاويت التطواني يعد معلمة المغرب بعامة ، ومفخــــرة
الشمال بخاصة ، فرحمه الله رحمة واسعة ، وجازاك الله عنا أخي الكريم كل
خير لأنك تذكرنا بأساتذتنا الذين كان لهم الفضل علينا من بعد الله سبحانـــه
فالتعريف بهؤلاء أقل بكثير مما يجب في حقهم .
.......... مع تحيات العتيق .
ان صورته لم تفارق خيالنا وهو يحاضر في كلية ظهر المهراز، متخذا مـن
كتاب " المغني اللبيب " مطيته ليسبح بنا في عوالم اللغة وقد استطاع أن يزيل
من أدهاننا مثل : المفقر اللبيب - وأصعب المسالك وغيرهما من مقلوبـــات
من باب المستملحات ككلية العذاب والهموم الانسانية .
على كل فأستاذنا ابن تاويت التطواني يعد معلمة المغرب بعامة ، ومفخــــرة
الشمال بخاصة ، فرحمه الله رحمة واسعة ، وجازاك الله عنا أخي الكريم كل
خير لأنك تذكرنا بأساتذتنا الذين كان لهم الفضل علينا من بعد الله سبحانـــه
فالتعريف بهؤلاء أقل بكثير مما يجب في حقهم .
.......... مع تحيات العتيق .
العتيق- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 1509
درجة التقدير : 6
تاريخ الميلاد : 01/01/1951
تاريخ التسجيل : 17/04/2011
العمر : 73
الموقع : البريد أعلاه وكذا منتدى جبالة
رد: محمد بن تاويت التطواني
الكتور محمد العمري
يحكي عن تجربته مع الاستاذ المرحوم محمد بن تاويت
الأستاذ غضب مني فألحقني بحظيرة الحمير
عندما انتهيت من إعداد موضوع الدراسات العليا في الأدب المغربي، أصر الأستاذ عزة حسن على أن أسجل البحث مع مشرف مغربي لحساسية لم يكن لي علم بها. نزلت عند رغبته بعد ممانعة فخاطبت الأستاذ بن تاويت فلم نتفاهم ... لم يترك لي فرصة لتعريفه بالموضوع الذي اخترته بل أمرني أمرا بتحقيق فهرس اليوسي، ثم انتقل إلى السؤال عن بعض «الجحوش» و»الحمير» المذكَّرين والمؤنثين الذين كانوا يتلقون عنه النحو في فاس.كان الأستاذُ ابنُ تاويت يُعيد على الطلبة طلاسمَ المغني في النحو لابن هشام حول أدوات الاستفهام: هل، وأي، وغيرها. وكان الطلبة يضطرون لاستظهار أبوابٍ من المغني إلى حدود يوم الامتحان ثم ينسونها، فيصيرون حميرا كما قال.
فعلَ اللهُ خيراً بي وبالأستاذ بنتاويت حين لم يوافق مباشرة على المسلك السهل، لأني والأستاذ ابن تاويت، رغم احترامي له، ومحبته لي، باعتباري «بدويا قحا»، وحمارا أصيلا، مثلُ أواني الفخار؛ لا بد أن يَفصل بينها حاجز رَخوٌ وإلا كسَر بعضُها بعضا دون عمْد أو إصرار.
التقينا، بعدَ ذلك، في رحاب الكلية دون أن يُثير أحدنا الموضوع. ربما نسي الحكاية أساساً، وربما أوهمتُ نفسي أنه نسيها. لذلك لم استشعر أي حرج أو ارتياب عندما عُيِّن عضواً في لجنة مناقشتي.
قبل المناقشة بشهور جاءتني منه رسالة. طلب أن ألتحق به في تطوان. حملَها الأستاذ أحمد ممنون الذي التقى به في كلية الآداب بالرباط. قال ممنون إن الأستاذَ غاضبٌ مني إلى درجة أنه ألحقني بحظيرة الحمير الذين علفهم في فاس فأصبحوا يركلونه في الرباط.
وكما يُمكن أن يقع لكل طالب يستدعيه أحد الفاحصين لرسالته على غرابة هذا السلوك فقد توقعتُ الأسوأَ، ولم استهن بالأمر. اغتنمتُ عطلةَ نهايةِ الأسبوع وأخذت الحافلة مباشرة من البيضاء إلى تطوان. ومن محطة الحافلة إلى منزله. وجدتُه، رحمه الله، وحيداً في زاوية من الصالون، أمامه آلة كاتبة عتيقة سلحفية اللون، مقوسة الظهر، لمسها مرة فرنت رنينا حادا فتنحى عنها. كان الجُزءُ الأولُ من أطروحتي فوق «السَّدَّاري» (الكنبة)، والجزء الثاني مفتوح بين يديه.
أحضر إبريقا من الشاي كروي الشكل متعدد الألوان. وقبل أن يناولني كأسا منه بادرني بالقول: «ذكرتَ أنك لم تتمكن من الاطلاع على نسختي الموجودة بمكتبة تطوان(؟) لقد وجدتُ أحدهم حافَ عليها. الآنَ هي مرقَّمةٌ مُسجَّلة، يجبُ أن تعود للاطلاع عليها..»
تخيلتُ أن العملية ستُوقف المناقشة حتى أرجعَ إلى نسخته وأعيدَ طبعَ الأطروحة، فأصابني شيء من القلق والحزن. ولكي استطلع ما يفكر فيه قلتُ له:
سآخذها إن شاء الله بعين الاعتبار عند المناقشة وحين طبع الكتاب. فلم يعلق، فحمدتُ الله. «بعضُ الشرِّ أهونُ مِن بعضِ». وعندما عدتُ إلى النسخة وجدتُها لا تقدم ولا تؤخر فنسيتها.
انبسطَ قليلاً، فتحدثَ عن مَجمع اللغة العربية بدمشق، وسلمني عددين من مجلته، وتحدثَ عن الجراري و((معرفته))، ومحمد الفاسي و((سطوته))..ولعن كل اللصوص الذين سرقوا جهوده في التعريف بالأدب المغربي والأندلسي..الخ
اعتقدتُ أننا عدنا إلى الصفاء، فسألته، عن انطابعه العام حول ما أنجزتُه، فقال: أنجزتَ خمسين في المائة فيما يخص التحقيق، أما مقدمتك فجيدة. وفيها ما لن يسر بعضهم، ومن هنا خرج، مرة أخرى، لمحاكمة اللصوص والمتطفلين في نظره على الأدبين المغربي والأندلسي.
حين هممت بتوديعه، قربَ الباب الخارجي، فاجأني بالسؤال التالي:
أنت درستَ عندي في فاس؟ أنت من تلاميذي؟
قلتُ: نعم... درسنا عندكم كتاب المغني..
قال: ما اسمي؟
قلت: الأستاذ محمد بن تاويت.
قال: إذن لماذا تقول في رسالتك: «ابن تاويت التطواني؟»
قلت: لغرض التمييز عن ابن تاويت الطنجي.
قال: اسمي لا يلتبس بأحد...
لطيفة: أخبرني أحد الأصدقاء، في مرحلة إعداد الدبلوم، أنه ينوي التسجيل مع الأستاذ ابن تاويت في موضوع القصة المغربية أو شيء من هذا القبيل. فنصحته بأن يسجل معه تحقيقاً، فهو مدقِّق في هذا المجال وسيُفيده. قال ضاحكا: أستاذنا في حاجة إلى من يُحققه. إذا قبلَ أن أحققَه تحت إشراف أحد غيره كان ذلك في غاية الفائدة.
رحمة الله عليه، لقد تعلمتُ من مناقشتِه لي مقدارَ الغبن والضيم الذي يمكن أن يُحسَّ به طالبٌ باحث أمامَ مناقش يسُد عينيه عن مزايا عَملٍ بُذِل فيه جهد مُخلِص، ساعياً، بكل الوسائل، إلى إرباكه لإيقاعه في الخطأ، ومنعه من التعبير عن رأيه. لقد خطأني في مسألة كنتُ فحصتُها بعناية مع الأستاذ المشرف، وعندما حاولتُ التوضيح رفضّ الاستماع، قال: «اركز (وهي عبارة إذلال يستعملها حفظة القرآن حين يخطئ أحدهم)، إن لم تسكت سأبقى معك هنا إلى الصباح». وفعلاً استمرت المناقشةُ من الثالثة مساءً إلى حوالي العاشرة ليلا، وحين جاء مرسول من العميد يستعجله صرفه بعنف.
***
يحكي عن تجربته مع الاستاذ المرحوم محمد بن تاويت
الأستاذ غضب مني فألحقني بحظيرة الحمير
عندما انتهيت من إعداد موضوع الدراسات العليا في الأدب المغربي، أصر الأستاذ عزة حسن على أن أسجل البحث مع مشرف مغربي لحساسية لم يكن لي علم بها. نزلت عند رغبته بعد ممانعة فخاطبت الأستاذ بن تاويت فلم نتفاهم ... لم يترك لي فرصة لتعريفه بالموضوع الذي اخترته بل أمرني أمرا بتحقيق فهرس اليوسي، ثم انتقل إلى السؤال عن بعض «الجحوش» و»الحمير» المذكَّرين والمؤنثين الذين كانوا يتلقون عنه النحو في فاس.كان الأستاذُ ابنُ تاويت يُعيد على الطلبة طلاسمَ المغني في النحو لابن هشام حول أدوات الاستفهام: هل، وأي، وغيرها. وكان الطلبة يضطرون لاستظهار أبوابٍ من المغني إلى حدود يوم الامتحان ثم ينسونها، فيصيرون حميرا كما قال.
فعلَ اللهُ خيراً بي وبالأستاذ بنتاويت حين لم يوافق مباشرة على المسلك السهل، لأني والأستاذ ابن تاويت، رغم احترامي له، ومحبته لي، باعتباري «بدويا قحا»، وحمارا أصيلا، مثلُ أواني الفخار؛ لا بد أن يَفصل بينها حاجز رَخوٌ وإلا كسَر بعضُها بعضا دون عمْد أو إصرار.
التقينا، بعدَ ذلك، في رحاب الكلية دون أن يُثير أحدنا الموضوع. ربما نسي الحكاية أساساً، وربما أوهمتُ نفسي أنه نسيها. لذلك لم استشعر أي حرج أو ارتياب عندما عُيِّن عضواً في لجنة مناقشتي.
قبل المناقشة بشهور جاءتني منه رسالة. طلب أن ألتحق به في تطوان. حملَها الأستاذ أحمد ممنون الذي التقى به في كلية الآداب بالرباط. قال ممنون إن الأستاذَ غاضبٌ مني إلى درجة أنه ألحقني بحظيرة الحمير الذين علفهم في فاس فأصبحوا يركلونه في الرباط.
وكما يُمكن أن يقع لكل طالب يستدعيه أحد الفاحصين لرسالته على غرابة هذا السلوك فقد توقعتُ الأسوأَ، ولم استهن بالأمر. اغتنمتُ عطلةَ نهايةِ الأسبوع وأخذت الحافلة مباشرة من البيضاء إلى تطوان. ومن محطة الحافلة إلى منزله. وجدتُه، رحمه الله، وحيداً في زاوية من الصالون، أمامه آلة كاتبة عتيقة سلحفية اللون، مقوسة الظهر، لمسها مرة فرنت رنينا حادا فتنحى عنها. كان الجُزءُ الأولُ من أطروحتي فوق «السَّدَّاري» (الكنبة)، والجزء الثاني مفتوح بين يديه.
أحضر إبريقا من الشاي كروي الشكل متعدد الألوان. وقبل أن يناولني كأسا منه بادرني بالقول: «ذكرتَ أنك لم تتمكن من الاطلاع على نسختي الموجودة بمكتبة تطوان(؟) لقد وجدتُ أحدهم حافَ عليها. الآنَ هي مرقَّمةٌ مُسجَّلة، يجبُ أن تعود للاطلاع عليها..»
تخيلتُ أن العملية ستُوقف المناقشة حتى أرجعَ إلى نسخته وأعيدَ طبعَ الأطروحة، فأصابني شيء من القلق والحزن. ولكي استطلع ما يفكر فيه قلتُ له:
سآخذها إن شاء الله بعين الاعتبار عند المناقشة وحين طبع الكتاب. فلم يعلق، فحمدتُ الله. «بعضُ الشرِّ أهونُ مِن بعضِ». وعندما عدتُ إلى النسخة وجدتُها لا تقدم ولا تؤخر فنسيتها.
انبسطَ قليلاً، فتحدثَ عن مَجمع اللغة العربية بدمشق، وسلمني عددين من مجلته، وتحدثَ عن الجراري و((معرفته))، ومحمد الفاسي و((سطوته))..ولعن كل اللصوص الذين سرقوا جهوده في التعريف بالأدب المغربي والأندلسي..الخ
اعتقدتُ أننا عدنا إلى الصفاء، فسألته، عن انطابعه العام حول ما أنجزتُه، فقال: أنجزتَ خمسين في المائة فيما يخص التحقيق، أما مقدمتك فجيدة. وفيها ما لن يسر بعضهم، ومن هنا خرج، مرة أخرى، لمحاكمة اللصوص والمتطفلين في نظره على الأدبين المغربي والأندلسي.
حين هممت بتوديعه، قربَ الباب الخارجي، فاجأني بالسؤال التالي:
أنت درستَ عندي في فاس؟ أنت من تلاميذي؟
قلتُ: نعم... درسنا عندكم كتاب المغني..
قال: ما اسمي؟
قلت: الأستاذ محمد بن تاويت.
قال: إذن لماذا تقول في رسالتك: «ابن تاويت التطواني؟»
قلت: لغرض التمييز عن ابن تاويت الطنجي.
قال: اسمي لا يلتبس بأحد...
لطيفة: أخبرني أحد الأصدقاء، في مرحلة إعداد الدبلوم، أنه ينوي التسجيل مع الأستاذ ابن تاويت في موضوع القصة المغربية أو شيء من هذا القبيل. فنصحته بأن يسجل معه تحقيقاً، فهو مدقِّق في هذا المجال وسيُفيده. قال ضاحكا: أستاذنا في حاجة إلى من يُحققه. إذا قبلَ أن أحققَه تحت إشراف أحد غيره كان ذلك في غاية الفائدة.
رحمة الله عليه، لقد تعلمتُ من مناقشتِه لي مقدارَ الغبن والضيم الذي يمكن أن يُحسَّ به طالبٌ باحث أمامَ مناقش يسُد عينيه عن مزايا عَملٍ بُذِل فيه جهد مُخلِص، ساعياً، بكل الوسائل، إلى إرباكه لإيقاعه في الخطأ، ومنعه من التعبير عن رأيه. لقد خطأني في مسألة كنتُ فحصتُها بعناية مع الأستاذ المشرف، وعندما حاولتُ التوضيح رفضّ الاستماع، قال: «اركز (وهي عبارة إذلال يستعملها حفظة القرآن حين يخطئ أحدهم)، إن لم تسكت سأبقى معك هنا إلى الصباح». وفعلاً استمرت المناقشةُ من الثالثة مساءً إلى حوالي العاشرة ليلا، وحين جاء مرسول من العميد يستعجله صرفه بعنف.
***
hjouji- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 73
درجة التقدير : 0
تاريخ الميلاد : 12/06/1952
تاريخ التسجيل : 04/11/2009
العمر : 72
مواضيع مماثلة
» العلامة المجاهد الشريف العلمي سيدي محمد بن تاويت
» الجوق النسائي التطواني
» المغرب التطواني بطلا
» أطروحات الراحل محمد أركون الإصلاحية:محمد أركون...الناقد المزدوج:
» محمد مسا ر ي
» الجوق النسائي التطواني
» المغرب التطواني بطلا
» أطروحات الراحل محمد أركون الإصلاحية:محمد أركون...الناقد المزدوج:
» محمد مسا ر ي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى