( نبذة عن "الإمام محمد الهاشمي المستاري"منشئ الطريقة الهاشمية المدنية الشاذلية )

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على النبي الأمين

وعلى آل بيته الطيبين المصطفين

ورضي الله عن الصحب الميامين وأوليائه الصالحين والمختارين

وبعد

أبدأ الكلام عن هذا الولي الصالح فأقول إن هذا الولي بحر لا ساحل له و ميدان لا غاية له من رام حصر انواره عجز و إن فاق غيره عقل و برز. فكان والده الحاج الهاشمي من علماء قبيلة بن دلحة المستارية بأقصي المغرب و قبيلة بن دلحة نسبة إلي الولي الصالح و القطب الواضح سيدى عبد القادر بن دلحة المشهور بالولاية و الصلاح، حيث ولد للحاج الهاشمي ابنه محمد و الزهراء فقط سنة 1234 هـ فحفظ القرآن العظيم و هو في سن 7 سنوات علي حسب الروايات و بعد ذلك حببت إليه زيارة الصالحين و السياحة و استمر كذلك فترة فذهب يوما لسوق الإثنين ببني مستارة الخالي سنة 1239 هـ فلقي هناك المجذوب سيدى عبدالله بن علي كما ذكر ذلك الفقيه العلامة محمد بن العربي البقالي في كتابه اللمحة الصالحة المتوفي سنة 1377 هـ . و كان معه ابن عمه فأخذ المجذوب بيدهما معاً و ذهب للحوانيت (دكاكين للبيع) فأخذ من حانوت بلفة جيدة دفعها للولي المذكور كأنه يشير إليه بالسفر ففهم مراده و سافر إلي ضريح مولانا عبد السلام بن بشيش (أستاذ سيدى أبي الحسن الشاذلي امام الطائفة الشاذلية) و لزم هناك 9 أشهر فقط يخدم القربة لا تسع سنين كما يقول الناس، ثم انه رحل من ثمة إلي بني زروال فوجد ثمة سيدى الحاج أحمد من زاوية تجقان المنصورية الغمادية كان مريداً لمولاى العربي الدرقاوى (شيخ الطريقة الدرقاوية) فطلب منه الورد. فقال له إنك صغير ثم عاوده مرتين و في الثالثة اعطاه الورد، المعلوم عندهم. ثم إنه سافر إلي تونس فوجد فقيراً تعارف معه فلما لقي الفقير شيخه أخبره به فأرسله وراءه، فقدم معه إليه و هذا الشيخ هو السيد الحاج / أحمد عبد الوارث من تلامذة مولاى العربي أيضاً و ليس هو سيدى أحمد بن عبد الوارث المقبور ببني زوال المتوفي سنة 1021 هـ بل هو من ذريته فقط و سبب ذهابه إلي سيدى أحمد إلي تونس أن السيد الحاج مدني مقدم الروضة المشرفة ترسل إلي النبي – صلي الله عليه و آله و سلم – بأن يريه شيخاً مربياً فأراه القطب مولاى العربي الدرقاوى فأتي إليه و صحبه في عدة أصحاب فلما توفي القطب مولاى العربي سنة 1239 هـ في حجر سيدى الحاج مدني المذكور رجع لبلاده المشرق حيث إذا حلف السيد أحمد بن عبد الوارث أنها كانت في المغرب و انه لا يرجع إلا ان ردها للمغرب حيث جزموا بأن سيدى الحاج مدني ورثها و المراد بها القطبانيه لأن مولاى العربي قد ادرك القطبانية كما اخبرنا بذلك . مولاى عبد الرحمن أحد حفدته، و قد بر الحالف في يمينه بان ردها تلميذه سيدى الحاج محمد بن الحاج الهاشمي الدلحي للمغرب حسبما يأتي ان شاء الله. قال الرواى :- ثم ان سيدى الحاج محمد الهاشمي الدلحي لزم سيدى الحاج احمد ثمة أيام قلائل فراى في منامه أن باباً مفتوحاً في السماء و العرش و منادياً حوله يناديه و يقول :- ادعوني استجب لكم فقصها علي الشيخ فعبرها له بأن شيخك السيد الحاج أحمد الغمارى الذى تقدم قد توفي ولابد لك من تجديد الوسيلة. فأخذ عليه أمي الحاج. و أرخ ذلك اليوم و عن قريب أتاهم الخبر بوفاة السيد الحاج أحمد الغمارى في التاريخ المذكور و بعد ايام راى في منامه رؤية أخرى لم اعقلها الآن فقصها أيضاً علي شيخه فأولها له بأنه لابد ان يرجع الي المغرب و يعمل ثم زاوية عظيمة، قال الراوى ما بين تلك الرؤية و الرجوع الي المغرب أربعون سنة (هي التي قضاها بمصر) فلزمه الشيخ ثمان سنين ثم توفي بعد أن أخذ سيدى الحاج احمد المذكور عن سيدى الحاج مدني ثم انه لما توفي الشيخ (سيدى أحمد بن عبد الوارث) ارتحل إلي الشيخ الأكبر سيدى مدني فصحبه بأدب و نية و زوجه بالسيدة مسعودة التونسية. قال الراوى كان قبل تزويجه بها تهدى له البنات بأعز الشوار فلم يقربهن و لا ينظر إليهن، فلما توفي السيد الحاج مدني (توفي سنة 1263 هـ بمدينة مصراته – بليبيا – كتاب القطب الانور سيدى عبد السلام الاسمر. تأليف احمد القطعاني) ورقه و صار يعمل الزوايا و الفقراء و اولها زاوية بالضبعة و اشترى حوالي 42 فدان اعطاهم لعائلة الاخوان ليزرعوها و خصص 5 افدنه وقف للانفاق علي الزاوية كما حفر بجوارها بئر ثم اتجه إلي منطقة بهيج حيث اشترى 138 فداناً ليعمل ابناء الطريقة بها لأنه كان يحس علي العمل و أنشأ بها زاوية ايضاً ثم اتجه الي الإسكندرية بفكتوريا و أنشأ زاوية ثم اتجه الي بلقطر الغربية و أنشأ بها زاوية و في ليلة راى رسول الله صلي الله عليه و آله في رؤياه يأمره بالاتجاه ‘لي حوش عيسي و يتزوج من السيدة مباركة بنت مسعود عطية الدفراوى و اتجه في الصباح الي تلك البلده حيث وجد الشيخ مسعود عطية الدفراوى الذى اخبره الاخير انه راى نفس الرؤيا و انشأ زاويته المشهورة هناك في منطقة البوطة كما تزوج السيدة عائشة المصرية و هي من قرية قومبانية لوقين تبع كفر الدوار بحيرة من عائلة الجرم و استمر في نشر طريقته في ربوع مصر و لم يترك بلد و إلا زارها و قام بتربية المريدين فيها كما التقي بكبار اولياء الله الصالحين بمصر و منهم سيدى محمد المغازى الذى استضافه لمدة شهر بزاويته بقرية سيدى غازى و كذلك سيدى غيث بنفس المنطقة كما ذكر ذلك صاحب كتاب المنح الحسنية في شرح الوظيفة الشاذلية المشيشية لشارحها السيد حسن بن السيد محمد زيد العامدين بن السيد عبد القادر الشريف الحسني الشاذلي رضي الله عنه يصحب كبار العلماء الاولياء و منهم استاذ العارفين سيدى عبد القادر رضي الله عنه بن عبد الوهاب الشريف الحسني الشاذلي و الذى اتي الاخير من بلده زليتن محل مولده الشهيره بجده سيدى عبد السلام الاسمر و الغوث الاكبر التابعه لولايه طرابلس الغرب و قدم الي الديار المصرية براً و نشر الطريقه في طريقه علي قبائل العربان الي ان وصل الي مدينه الاسكندريه و اقام بها و ذلك في سنه 1263 هـ فتشرقت به البلاد و انتفعت بقدومه العباد و عمل علي انتشار الطريقة الشاذلية و العمل علي احياء الحقيقه الصوفية و صار يدعو الناس الي طاعة الله بالحكم البالغه المفيده و المواعظ النافعه الحميده حتي انتفع بإرشاداته الخاص و العام و قصده العلماء و العامه و الحكام و اقبل عليه خديو مصر الاقبال التام و كان يجله, الي ان انتقل الي رحمه مولاه في يوم واحد و عشرون شعبان سنة سنة 1297 هـ رخي الله عنه و نفعنا به و كان يؤمه اكابر الصوفية و افاضل الرجال من اقاصي البلاد مثل العارف بالله تعالي الشيخ محمد ظافر قبل اقامته بالاستانه و الولي الزاهد سيدى محمد الهاشمي الذى كان ملازماً له قبل سفره الي المغرب الاقصي و الولي الكامل الشيخ محمد الفاسي قبل اقامته بمكة المكرمة و غيرهم من الرجال رضي الله عنهم . ذكر د.فريد عبد الرحمن ديونج في كتابه تاريخ الطرق الصوفيه في مصر في القرن التاسع عشر مترجم ص 106 – ص 108. قال و الطريقة المدنية التي كان محمد بن محمد الفاسي خليفه ...... اصلاً قد اخذ اسمها من محمد حسن حمزة ظافر المدني (1263 : 1846) و هو تلميذ لمولاى العربي الدرقاوى (1239 : 1823) مؤسس الطريقة الدرقاوية المركشية. و لقد كان الخلفاء علي الطريقه المدنية نشطاء بالفعل في عهد علي البكرى. و كان من اشهر الداعيين الي هذه الطريقة : عبد القادر بن عبد السلام (1297 : 1880) و محمد الهاشمي و محمد يوسف المرزوقي و كان عبد القادر بن عبد السلام رجلا ليبيا و كان قد دخل هذه الطريقه بمساعدة مؤسسها الذى ارسله بعد ذلك الي الاسكندرية للدعاية للطريقة بهدف ضم اعضاء جدد اليها، فأدى مهمته علي خير وجه و يبدو أنه دعم نفسه في تلك المنطقة بدون ان ينتهز الفرصة لدى تدهور أدارى البكرى حيث لم يشرع في تجنيد اعضاء جدد في المناطق التي كانت مغلقة امام هذه الطريقة ثم قال و محمد الهاشمي و محمد يوسف المرزوقي اللذان كانا خليفتين لابن المدني محمد ظافر، فقد تصرفا بشكل مختلف ففي بادئ الامر كان محمد الهاشمي كداعية للطريقة المدنية نشيطاً في وسط و شمال و غرب الدلتا. الا انه اثناء حياته الصوفية قام بإدخال تعديلات علي الطريقة المدنية الاصلية و حولها الي طريقة متميزة خاصة به و راح ينشرها بنجاح ساحق في نفس المنطقة حتي انه تمكن من الحصول علي اعتراف البكرى به كرئيس علي طريقة مستقلة تعرف باسم الهاشمية.

نفعنا الله به آمين

نسألكم الدعاء

المصدر..كتاب اللمحة الصالحة في مآثرالسيد محمد بن الحاج الهاشمي (من ذرية عبدالقادر بن دلحه)..للفقيه العالم العلامة محمدالعربي البقالي المستاري الادريسي الحسني