طاغية نجدان يُعَيّنُ وزيرين جديدين
صفحة 1 من اصل 1
طاغية نجدان يُعَيّنُ وزيرين جديدين
طاغية نجدان يُعَيّنُ وزيرين جديدين
-----------------------------------
حدثنا أبو أحمد الطوسي عن الخطيم ، عن العتابي ، عن شيخنا أبي الحسن النجداني ، قال:
اجتمعنا يوما عند طاغية نجدان، و عنده مغنية ما رأيتُ أجمل منها وجهاً و لا سمعتُ أعذب منها صوتاً ، و هي تغني :
فما لبسَ العشاقُ منْ حُلَل الهوى = و لا خلعوا إلا الثياب التي أبْلي
و لا شربوا كأساً منَ الحبّ مُرةً = و لا حُلوةً إلا شرابهُمُ فَضْلي
فلما انتهت من غنائها ، التفت إليّ الطاغية و سألني :
- لِمَن الشعرُ يا أبا الحسن ؟
قلت:
- هو لعِشْرقَة المُحاربية ، أيها الطاغية .
فقال :
- أجلْ ، هو كذلك أيها الشيخ ، فانظر معي عذوبة َ هذا الشعر و رقته و طلاوته. و الله ما سمعتُ كلاماً في الحب مثل هذا.
ثم إنه دعا كبير وزرائه و خاطبه بقوله:
- اعلمْ أني عينتُ الشاعرة عشرقة المحاربية وزيرةً للحب في حكومة نجدان .
فلما سمع كبير الوزراء ذلك الكلام حاول أن يتماسك ، و قال للطاغية:
- يا سيدي، لقد أخبرتَني أنك ستُعَين اليوم وزيرا للحرب لا وزيرا للحب !
قال الطاغية ، و قد بدت عليه علامات الغضب :
- ويلك ! أوَ ليس في حكومتنا وزيرٌ للحرب ؟
قال كبير الوزراء:
- لقد كان الشيخ عبدالله الخزاعي هو وزيرك في الحرب، و لكنك سألتَه يوماً - و الحكومة كلها مجتمعة - عن قائل البيت الشعري ( إذا ما غَزَوا بالجيش حَلّقَ فوقهمْ / عصائبُ طيرٍ تَهتدي بعصائبِ) فلم يعرفه ، فغضبتَ عندئذ أيها الطاغية ، و كسرتَ أصيص الأزهار، الموضوع أمامك ، قبل أن تخاطبَ باقي وزرائك قائلا :" كيف يكون عندي وزيراً للحرب من لا يعرف أشعار العرب عن الجيوش و الحروب ؟ " ثم إنك أمرتَ صاحبَ شرطتك ، بعد ذلك، بتسيير الوزير الشيخ الخزاعي إلى الكثيب ، فهو هناك إلى اليوم يرسف في الأغلال.
قال الطاغية :
- و هل بنيتُ الكثيبَ إلا لأمثال هذا الشيخ ؟ قاتله الله ! يضطلع بوزارة الحرب و لا يعرف أن النابغة الذبياني هو صاحب ذلك البيت المشهور في وصف الجيش؟ و ما الذي كان سيفعل لو كنتُ سألتُه، مثلاً، عن قائل هذا البيت ( و نَبكي حين نَقْتلكمْ عليكمْ / و نَقتلكم كأنّا لا نُبالي ) ؟
قال الشيخ أبو الحسن النجداني:
فلما نطق الطاغية بذلك الكلام ، لم ينبس منا أحد، و بقينا كأنّ على رؤوسنا الطير، خوفاً أن يسألنا صاحبُ نجدان عن اسم ذلك الشاعر الذي يَبكي على قتلاه و يَقتلهم كأنه لا يبالي . و هكذا بقينا ننظر إلى بعضنا متوجسين ، ذلك أن قائل البيت المشؤوم غير مذكور في كتُب الأقدمين. و حتى في ديوان الحماسة ، اكتفى أبو تمام - غفر الله له - بالإشارة إلى أن صاحب البيت رجلٌ من عقيل. و الشارحون عموماً يكتفون بالقول حين يتحدثون عنه : " و قال الحماسي العقيلي."
فمالنا و لهذا الرجل المجهول ؟ و لكنّ الله سلّم ، إذ أطرق الطاغية صامتا ، دون أن يَسأل أحدا منا. ثم إنه قال لكبير الوزراء:
- لا أرى الآن سوى أديب واحد، يستحق أن يتولى وزارة الحرب في نجدان . إنه الشيخ أبو هلال العسكري ، مؤلف " كتاب الصناعتين ." فاخرج الآن فتوجه إليه مع بعض رجالك ، و أخبره بما قرّ قراري عليه .
قال الشيخ أبو الحسن :
فلما غادرنا المجلس، مال عليّ أبو أحمد الطوسي و قال لي بصوت لا يكاد يُسمع :" يا أبا الحسن ، هذا جزاء من يتسمى بالعسكري و هو رجل مدني ، لا يحسن في الدنيا سوى شؤون اللغة و الفقه و الأدب." غير أني أشرتُ إليه أن يكفّ ، فالحيطان لها آذان في بلاد نجدان .
بقلم :عبد القادر وساط أبو سلمى
-----------------------------------
حدثنا أبو أحمد الطوسي عن الخطيم ، عن العتابي ، عن شيخنا أبي الحسن النجداني ، قال:
اجتمعنا يوما عند طاغية نجدان، و عنده مغنية ما رأيتُ أجمل منها وجهاً و لا سمعتُ أعذب منها صوتاً ، و هي تغني :
فما لبسَ العشاقُ منْ حُلَل الهوى = و لا خلعوا إلا الثياب التي أبْلي
و لا شربوا كأساً منَ الحبّ مُرةً = و لا حُلوةً إلا شرابهُمُ فَضْلي
فلما انتهت من غنائها ، التفت إليّ الطاغية و سألني :
- لِمَن الشعرُ يا أبا الحسن ؟
قلت:
- هو لعِشْرقَة المُحاربية ، أيها الطاغية .
فقال :
- أجلْ ، هو كذلك أيها الشيخ ، فانظر معي عذوبة َ هذا الشعر و رقته و طلاوته. و الله ما سمعتُ كلاماً في الحب مثل هذا.
ثم إنه دعا كبير وزرائه و خاطبه بقوله:
- اعلمْ أني عينتُ الشاعرة عشرقة المحاربية وزيرةً للحب في حكومة نجدان .
فلما سمع كبير الوزراء ذلك الكلام حاول أن يتماسك ، و قال للطاغية:
- يا سيدي، لقد أخبرتَني أنك ستُعَين اليوم وزيرا للحرب لا وزيرا للحب !
قال الطاغية ، و قد بدت عليه علامات الغضب :
- ويلك ! أوَ ليس في حكومتنا وزيرٌ للحرب ؟
قال كبير الوزراء:
- لقد كان الشيخ عبدالله الخزاعي هو وزيرك في الحرب، و لكنك سألتَه يوماً - و الحكومة كلها مجتمعة - عن قائل البيت الشعري ( إذا ما غَزَوا بالجيش حَلّقَ فوقهمْ / عصائبُ طيرٍ تَهتدي بعصائبِ) فلم يعرفه ، فغضبتَ عندئذ أيها الطاغية ، و كسرتَ أصيص الأزهار، الموضوع أمامك ، قبل أن تخاطبَ باقي وزرائك قائلا :" كيف يكون عندي وزيراً للحرب من لا يعرف أشعار العرب عن الجيوش و الحروب ؟ " ثم إنك أمرتَ صاحبَ شرطتك ، بعد ذلك، بتسيير الوزير الشيخ الخزاعي إلى الكثيب ، فهو هناك إلى اليوم يرسف في الأغلال.
قال الطاغية :
- و هل بنيتُ الكثيبَ إلا لأمثال هذا الشيخ ؟ قاتله الله ! يضطلع بوزارة الحرب و لا يعرف أن النابغة الذبياني هو صاحب ذلك البيت المشهور في وصف الجيش؟ و ما الذي كان سيفعل لو كنتُ سألتُه، مثلاً، عن قائل هذا البيت ( و نَبكي حين نَقْتلكمْ عليكمْ / و نَقتلكم كأنّا لا نُبالي ) ؟
قال الشيخ أبو الحسن النجداني:
فلما نطق الطاغية بذلك الكلام ، لم ينبس منا أحد، و بقينا كأنّ على رؤوسنا الطير، خوفاً أن يسألنا صاحبُ نجدان عن اسم ذلك الشاعر الذي يَبكي على قتلاه و يَقتلهم كأنه لا يبالي . و هكذا بقينا ننظر إلى بعضنا متوجسين ، ذلك أن قائل البيت المشؤوم غير مذكور في كتُب الأقدمين. و حتى في ديوان الحماسة ، اكتفى أبو تمام - غفر الله له - بالإشارة إلى أن صاحب البيت رجلٌ من عقيل. و الشارحون عموماً يكتفون بالقول حين يتحدثون عنه : " و قال الحماسي العقيلي."
فمالنا و لهذا الرجل المجهول ؟ و لكنّ الله سلّم ، إذ أطرق الطاغية صامتا ، دون أن يَسأل أحدا منا. ثم إنه قال لكبير الوزراء:
- لا أرى الآن سوى أديب واحد، يستحق أن يتولى وزارة الحرب في نجدان . إنه الشيخ أبو هلال العسكري ، مؤلف " كتاب الصناعتين ." فاخرج الآن فتوجه إليه مع بعض رجالك ، و أخبره بما قرّ قراري عليه .
قال الشيخ أبو الحسن :
فلما غادرنا المجلس، مال عليّ أبو أحمد الطوسي و قال لي بصوت لا يكاد يُسمع :" يا أبا الحسن ، هذا جزاء من يتسمى بالعسكري و هو رجل مدني ، لا يحسن في الدنيا سوى شؤون اللغة و الفقه و الأدب." غير أني أشرتُ إليه أن يكفّ ، فالحيطان لها آذان في بلاد نجدان .
بقلم :عبد القادر وساط أبو سلمى
hammani- عضو نشيط
- الجنس : عدد المساهمات : 50
درجة التقدير : 0
تاريخ الميلاد : 24/09/1959
تاريخ التسجيل : 25/12/2011
العمر : 65
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى