نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط](1)
جريدة الاتحاد الاشتراكي : 15/07/2013
جريدة الاتحاد الاشتراكي : 15/07/2013
مصطفى النّحال
كثيرةٌ هي الكتابات والتعليقاتُ والحَواشي التي أُلّفَتْ عن الرّسُول وزوْجاته: كمْ عددهنّ، وهلْ كلهنّ مسْلمات؟ وهل تزوّج عائشة حقّا وهي بنْت تسع سنين؟ وهلْ كانتْ له علاقة خارج الزّواج، أوْ ما كان يُطلق عليه اسم «أمّ الولد»، وما سببُ ذلك؟ إلى غيرها من الأسئلة. يمكنُ تقسيم هذه الكتابات والتعليقات، عُمُوما، إلى نوْعيْن اثنيْن: نوْع تمجيديّ لا يعمل سوى على تكْرار ما قاله القدماء، أوْ على الأصَحّ كتابات معيّنة للقدماء. وهو تكرار ينطلقُ من رؤْية تقديسيّة للتاريخ، بلْ وتجْهَلُ حقيقة التاريخ الإسلامي، ومختلف سياقاته السّياسية والقَبَليّة والدّينية والجهوية. هذه الحلقات ستكون عرْضا موضوعيا لما دوّنته السير النبوية وكتب الأخبار الأولى، القريبة جدا من عصر الرسول، قبْل أنْ تظهر كتب التفسير والتأويلات الإضافية.« وإنّ فضلَ عائشة عن النّساء كفضْل الثّريد على الطعام» من حديث نبويّ.
الحديث عن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الزّوجة الثالثة للرسول، له دائما نكهة خاصّة، فالأمْر يتعلّق بأقرب زوجات [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]إليه، التي يفضّلها على باقي نسائه، للأسباب التي سنذكرها بعد قليل. فهي الوحيدة بينهنّ البكر، تزوّجها الرّسول عن حبّ، ورأى أنه تزوّجها في المنام، صورتُها جاء بها جبريل من السماء في قطعة من الحرير الأخضر، وهي من أجمل نسائه، والوحيدة التي رأت جبريل راكبا على فرس والرسول يكلّمه ويختلي به، والوحيدة التي كان جبريل يأتي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]بالوحْي وهو معها في لحاف واحد؛ والوحيدة التي كانتْ لهل الجرأة من بيْن نسائه على الرّدّ عليه، وعلى مواجهة محيطه، وهي التي نزلتْ في حقّها آيات قرآنية تبرّئها من إتيان الفاحشة الخ.
لا بُدّ، في البداية، من المرور سريعا على نقطة تفصيلية أسالتْ مدادا كثيرا، يثير بعضُه الشفقة والسخرية أحيانا. وهو الأمْر المتعق بالسنّ الذي كانت تبلغه عائشة حين تزوّجها الرسول، إلى درجة أننا رأينا بعض فقهائنا وهم يقومون، لسذاجتهم وبعيدا عن أيّ منطق علميّ حول عمر الإنسان، بعمليات حسابية يرمي من ورائها أنْ يقنعنا، أو ربما يقنع نفسه، بأنّ سنّ التاسعة في بداية الدعوة الإسلامية يماثله سنّ الثامنة عشرة اليوم، وهي السنّ الموضوعية للزواج!! رآها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]على أرجوحة تلعب فأعجبته، فأتى منزل أبي بكر ولم يكن حاضراً، فقالت له أم رُومان: ما حاجتك يا رسول الله؟ قال: جئت أخطب [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]قالت: إنّ عندنا يا رسول الله من هي أكبر منها قال: إنما أريد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ثم خرج ودخل أبو بكر رضي الله عنه، فأخبرته أمها بما. فخرج، فزوّجها إياه، وأمر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]بقطع الأراجيح.
ما ترويه كلّ السير وكتب الأخبار والتاريخ، وما ترويه عائشة نفسها من تفاصيل سنوردها هنا، هو أنّ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]تقدّم لخطبة عائشة وهي بنت ستّ(6 سنين)، وتزوّجها وهي بنت تسْع(9) سنين. هذه حقيقة لا ينغي النظر إليْها نظرة غريبة ولا شاذّة، فقد أوضحتُ، في الحلقات الأولى من هذه السلسلة أنّ التحوّل الدّيني الذي عرفته شبه الجزيرة العربية لمْ يُلْغ بصفة قطعية ونهائية عددا من عادات ما قبْل الإسلام، ومنها عادة الزواج، سواء من حيث تعدّد الزوجات، أو من حيث الزواج ممّا نعتبره اليوم «قاصر». لكننا نستغرب للرسول وننسى أنّ صحابته وغير صحابته قاموا بالشيء نفسه، وأبرزهم عمر بن الخطاب الذي تزوّج بحفيدة الرسول!!
يروي البلاذري في (أنساب الأشراف، المجلد الأول، ص. 346 ) قائلا: «عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة ست سنين، وبنى بي وأنا ابنة تسع ينين، وقال الواقدي والكلبي: تزوّجها في شوال، وأدخلت عليه في شوال، فكانت تستحب أن تتزوج نساؤها في شوال، وتقول: أية امرأة كانت أحظى عند زوج مني؟». « لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبتني بعائشة، خرجت إليها أمها، أم رُومان، وهي تلعب مع الجواري في النخل، فأخذت بيدها فأدخلتها على النبيّ صلى الله عليه وسلم في شوال بعد قدومه المدينة بعام، وهي ابنة تسع. وتوفي عنها وهي ابنة ثماني عشرة سنة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبها حين خطب سودة».
يروي برهان الدين الحلبي، في «السيرة الحلبية» قائلا:»عن عائشة قالت تزوجني النبيّ وأنا بنت ست سنين وبنى بي وأنا بنت تسع سنين أتتني أمي وإني لفي أرجوحة مع صواحب لي فصرخت بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت بعض ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار.. أصلحن من شأني فلم يرعى إلا النبي ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين وقال بعضهم دخل صلعم بعائشة ولعبتُها معها..»
الشيء نفسه يثبته الواقدي، في سيرته، عن ابن أبي الرجال، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة قالت: «تزوّجني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بثلاث سنين في شوال سنة عشرة من النبوة، وقدم المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، وأعرسَ بي في شوال على رأس ثمانية أشهر من المهاجر. وكنتُ يوم تزوجني ابنة ستّ ويوم دخل عليّ ابنة تسع» .من هنا نقرأ في النصوص القديمة أخبارا متواترة تقول فيها عائشة بأنّ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]تزوّجها وهي طفلة تلعب مع الجواري بالبنات، أيْ بالدمى، وأنه لمّا كان يدخل بيت والديْها، كانت الطفلات يخجلْن منه ويخرجن. فيخرج ليطمئنهنّ. ثمّ إنه دخل على عائشة يوما وهي تلعب بالدمى، فسألها: ما هذا؟ فأجابتْ: خيل سليمان، فضحك الرسول.
حدثني عمرو بن محمد الناقد، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي سعد، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه قال، قالت عائشة: ما تزوّجني النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتاه جبريل بصورتي، وقال: هذه زوجتك، فتزوّجني وإني لجارية عليّ حوَف. فلما تزوّجني، وقع عليّ الحياء وإني لصغيرة. وقال سفيان: « الحَوف « هو الذي يكون في وسط الصبيّ».
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
ساءُ الرسول 9: عائشة، الزوجة المفضّلة (2)
مصطفى النّحال
ومن شدّة حبّ عائشة للرسول، وغيرتها الكبيرة، كانتْ دائما تفتخر بكوْنها المرأة الوحيدة التي تزوّجها الرسول وهي بكْر لم يسْبقْ لها الزواج من قبلُ. ومما ترويه النصوص الأولى أنّهُ «دخلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على عائشة، فقالتْ له: أين كنتَ؟ قال: عند أمّ سلمة. فقالت: «وما تصنع بأمّ سلمة؟ وإنك نزلتَ بعدْوَتين، إحداهما عافية لم تُرْعَ، والأخرى قد رُعيتْ؛ في أيهما كنتَ تَرْعى؟ « « قال النبي صلى الله عليه وسلم: « في التي لم تُرْعَ «، وتبسّم صلى الله عليه وسلم». (أنساب الأشراف، ص.351). [«العُدْوة هي جانب الوادي، و»عافية» معناها «الأرض التي غطّاها النبات]. يتّضحُ من هذه الاستعارة كيف كانتْ عائشة توصل خطابها ليكون فعّالا.
كانَتْ عائشة تعرفُ ما نسمّيه اليوم «نقطة ضعف» الرسول، وهي حبّه الكبير لها، لذلك نلاحظ أنّ جميع ما يُروى عنها أو عن نسائه الأخريات إنّما يَرِدُ على لسانها، ولمْ يسْبق لأيّ جامع للأحاديث أنْ وقف عند هذا الأمْر المثير للاهتمام. ولعلّ تفسير ذلك، كما تقول جاكلينْ الشّابي، في كتابها الهامّ «النبيّ والقبيلة»، هو أنّ أهل الحديث «كانوا منشغلين بمتْن الحديث أكثر من انشغالهم بالسّنَد». ومن ذلك ما يتردّد أنه «عن عائشة رضي الله عنها قالتْ أنّ أزواجَ النبيّ صلعم أرْسلن إليه فاطمة فجاءتْ فقالتْ: «يا رسول الله أرسلني إليك أزواجك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، والنبيّ نائم». فقال يا بنيّة أتحبّين ما أحبّ قالت «نعم»، قال فأحبّي هذه فرجعتْ إليهنّ، فأخبرتهنّ بذلك، فقلن ما أغنيت عنّا شيئا فأرسلنَ زينب بنت جحش، قالت: وهي التي كانتْ تُساميني في الحبّ فجاءتْ فقالتْ بنت أبي بكر وبنْت أبي بكْر، فما زالتْ تذكرني وأنا أنتظر أنْ يأذنَ لي رسول الله صلعم في الجواب فأذن لي فسببتها حتى جفّ لساني فقال النبيّ صلعم كلاّ إنها بنْت أبي بكْر». انظر: «صحيح مسلم»، من حديث عائشة، «إحياء علوم الدين» لأبي حامد الغزالي، «باب كتاب ذمّ الغضب والحقد والحسد». ويُروى عن أنس أنه قال: قال النبيّ: يا أمّ سلمة لا تؤذوني في عائشة». وعنْها دائما أنها قالت: «قال النبيّ يا عائشة إني أعرف غضبك مني ورضاءك عني، فقلتُ: «كيف؟»، قال: «إذا كنت منّي غضْبَى تقولين: «لا وربّ إبراهيم»، وإذا كنت عنّي راضية: «تقولين: «لا وربّ محمد»، تقول عائشة :»لمْ أهْجر إلا اسْمك فقط». (صحيح مسلم بشرح النووي باب «فضْل عائشة»).
ونأتي الآن إلى واحد من أبرز الأحداث في علاقة الرسول بعائشة، وهو ما يُطلق عليه «حادثة الإفك»، (وليْس «حديث»)، والذي كاد أنْ يعصف بعلاقتهما. لا بدّ أوّلاً من مُلاحظة هامّة، وهي مَسْألة العلاقة بين المتن والسّند التي أشرتُ إليها سابقا. فبخصوص سند حادثة الإفك، يتبيّن، في الصحاح وكتب السّيرة والتاريخ والتفْسير أنه لم تَرْوِهِ إلاّ عائشة فقط، مع أن مثل هذه الحادثة التي نزلتْ فيها أكثر من عشر آيات من القرآن كانَ يُنتظر أنْ تُروى فيها رواية واحدة على الأقلّ عن صَحَابيّ آخر يوافق فيها عائشة في أنها هي المرأة المقذوفة بالزّنا، ولكنّا لمْ نرَ أيّ رواية منْ هذا القَبيل. القصّةُ الكاملة اختُرتها عن قصْد من البُخاري، الذي يبْدو أنّ كثيرا من إسلاميّينا، الذين يرفضون هذه القصّة، لمْ يقرؤوه، مع أنهم يذكرونه بعد القرآن كمصدر أساسيّ. يقول البخاري أنّ عائشة «قالت: كان رسول الله إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه، فأيتهنّ خرج سهمها خرج بها رسول الله معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي، فخرجت مع رسول الله بعدما نزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله من غزوته تلك، وقفل، ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيتُ حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحْلي، فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع، فالتمستُ عقدي، وحَبَسَني ابتغاؤه، وأقبل الرّهط الذين كانوا يرحلون لي، فاحتملوا هوْدجي فرحلوه على بعيري الذي كنتُ ركبتُ، وهم يحسبون أني فيه، وكانَ النساء إذْ ذاك خفافا لم يثقلهن اللّحم، إنما تأكل العلقة من الطّعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه، وكنت جارية حديثة السّنّ، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدتُ عقدي بعدما استمرّ الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فأمّمت منزلي الذي كنت به، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إليّ.
فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمْتُ، وكان صفوان بن المعطل السلمي من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فَعَرَفني حين رآني، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، ووالله ما كلمني كلمة، ولا سمعتُ منه كلمة غير استرجاعه، حتى أناخ راحلته، فوطئ على يديْها فركبتها، فانطلق يقودُ بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحْر الظهيرة، فهلك من هلك، وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي بن سلول، فقدمنا المدينة، فاشتكيتُ حين قدمت شهرا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعرُ بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله اللطفَ الذي كنتُ أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل عليّ رسول الله فيسلم، ثمّ يقول: كيف تَيْكُم ثمّ ينصرف، فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشّرّ، حتى خرجتُ بعدما نقهت، فخرجتْ معي أمّ مسطح، وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليْل، وذلك قبل أنْ نتّخذ الكنف قريبا من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأوّل في التبرز قبل الغائط، فكنا نتأذّى بالكنف أنْ نتخذها عند بيوتنا، فانطلقتُ أنا وأمّ مسطح، وقد فرغنا من شأننا، فعثرت أمّ مسطح في مرطها، فقالت: تَعس مسطح، فقلتُ لها: بئس ما قلت، أتسبّين رجلا شهد بدرا؟! قالتْ: أيْ هنتاه، أولم تسمعي ما قال؟ قالت: قلت: وما قال؟ فأخبرتني بقول أهْل الإفك؛ فازددتُ مَرَضا على مَرَضي، فلما رجعتُ إلى بيتي ودخل عليّ رسول سلّم - ثم قال: كيف تيكم، فقلت: أتأذن لي أنْ آتي أبويَّ؟ قالت: وأنا حينئذ أريد أنْ أسْتيقن الخبر من قِبَلِهما، قالتْ: فأذن لي رسول الله. فجئت أبويّ فقلت لأمّي: يا أمّتاه، ما يتحدث الناس؟ قالت: يا بنيّة، هوّني عليك، فوالله لقلّما كانتْ امرأة قط وضيئة عند رجل يحبّها ولها ضرائر إلا أكْثرن عليها، قالتْ: فقلت: سبحان الله أو لقدْ تحدث الناس بهذا؟! قالتْ: فبكيتُ تلك الليلة حتى أصبحتُ لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحلُ بنوْم حتى أصبحتْ أبكي، فدعا رسول الله عليّا بن أبي طالب وأُسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله، قالت: فأمّا أسامة بن زيد فأشار على رسول الله بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الودّ، فقال: يا رسول الله، أهلك ولا نعلم إلا خيرا.
عدل سابقا من قبل محمد الورياكلي في الأحد يوليو 21, 2013 12:21 am عدل 1 مرات
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
ساءُ الرسول 10 : الإفْك، سببُ حقْد عائشة على عليّ بن أبي طالب
مصطفى النّحال
كثيرةٌ هي الكتابات والتعليقاتُ والحَواشي التي أُلّفَتْ عن الرّسُول وزوْجاته: كمْ عددهنّ، وهلْ كلهنّ مسْلمات؟ وهل تزوّج عائشة حقّا وهي بنْت تسع سنين؟ وهلْ كانتْ له علاقة خارج الزّواج، أوْ ما كان يُطلق عليه اسم «أمّ الولد»، وما سببُ ذلك؟ إلى غيرها من الأسئلة. يمكنُ تقسيم هذه الكتابات والتعليقات، عُمُوما، إلى نوْعيْن اثنيْن: نوْع تمجيديّ لا يعمل سوى على تكْرار ما قاله القدماء، أوْ على الأصَحّ كتابات معيّنة للقدماء. وهو تكرار ينطلقُ من رؤْية تقديسيّة للتاريخ، بلْ وتجْهَلُ حقيقة التاريخ الإسلامي، ومختلف سياقاته السّياسية والقَبَليّة والدّينية والجهوية. هذه الحلقات ستكون عرْضا موضوعيا لما دوّنته السير النبوية وكتب الأخبار الأولى، القريبة جدا من عصر الرسول، قبْل أنْ تظهر كتب التفسير والتأويلات الإضافية.يتابع البخاري قصّة الإفك، التي كانتْ لها آثار أليمة على التاريخ العربي الإسلامي، قائلا: «وأما عليّ بن أبي طالب فقال: يا رسول الله، لمْ يضيّق الله عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصْدُقْك، قالت: فدعا رسول الله بريرة، فقال: أيْ بريرة، هل رأيتِ من شيء يريبك؟ قالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق، إنْ رأيت عليها أمرا أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السنّ تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله، فقام رسول الله فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي بن سلول، قالت: فقال رسول الله وهو على المنبر: «يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهْل بيتي؟ فوالله، ما علمتُ على أهلي إلا خيْرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي» .فقام سعد بن معاذ الأنصاري، فقال: «يا رسول الله، أنا أعذرك منه، إنْ كان من الأوْس ضربت عنقه، وإنْ كانَ من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك»، قالت: فقام سعد بن عبادة، وهو سيّد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد: كذبت لعمر الله، لا تقتله ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عمّ سعد بن معاذ، فقال لسعد بن عبادة: «كذبت لعمر الله، لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين»، فتثاور الحيان - الأوس والخزرج - حتى همّوا أن يقتتلوا، ورسول الله قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله يخفضهم حتى سكتوا وسكتَ. قالت: فبكيتُ يومي ذلك لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، قالت: فأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتيْن ويوما لا أكتحل بنوم، ولا يرقأ لي دمع يظنان أنّ البكاء فالق كبدي، قالت: فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنتْ عليّ امرأة من الأنصار فأذنت لها، فجلستْ تبكي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله، فسلّم ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني، قالت: فتشهد رسول الله حين جلس، ثم قال: أما بعد، يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرّئك الله، وإن كنت ألممتِ بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإنّ العبد إذا اعترف بذنبه ثمّ تابَ إلى الله تاب الله عليه.
قالت: فلما قضى رسول الله مقالته قلص دمعي حتى ما أحسّ منه قطرة، فقلت لأبي: أجب رسول الله فيما قال، قال: والله، ما أدري ما أقول لرسول الله، فقلت لأمّي: أجيبي رسول الله، قالت: ما أدري ما أقول لرسول الله، قالت: فقلت - وأنا جارية حديثة السنّ، لا أقرأ كثيرا من القرآن: إنّي والله لقدْ علمت، لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة، والله يعلم أني بريئة، لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر، والله يعلم أني منه بريئة، لتصدقني، والله ما أجد لكم مثلا إلا قول أبي يوسف قال:»فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون»، (سورة يوسف، 18).
قالت: ثم تحوّلت فاضطجعت على فراشي، قالت: وأنا حينئذ أعلم أني بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرئني الله بها، قالت: فوالله، ما رام رسول الله ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه، قالت: فلما سري عن رسول الله سري عنه وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها: يا عائشة، أما الله - عز وجل - فقد برأك، فقالت أمي: قومي إليه، قالت: فقلت: لا والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجل، فأنزل الله عز وجل[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه (النور، 11) العشر الآيات كلها، فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه - وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: والله، لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال، فأنزل الله[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبّون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم (النور، 22)، قال أبو بكر: بلى والله إني أحبّ أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا، قالت عائشة: وكان رسول الله يسأل زينب ابنة جحش عن أمري، فقال: «يا زينب ماذا علمت أو رأيت؟، فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ما علمت إلا خيرا، قالت: وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله فعصمها الله بالوَرَع، وطفقتْ أختها حمنة تحارب لها فهلكتْ فيمن هلك من أصْحاب الإفك«. وتوفيت عائشة دونَ أنْ تلد للرسول، ولا اشتملتْ على حمل. وكانت وفاتها سنة ثمان وخمسين، وهي ابنة ستّ وستّين سنة، وأوصتْ بأنْ تُدفن من ليلتها!!.
غدا: غزيّة بنت دودانْ تهبُ نفسها للرسول
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
نساءُ الرسول غزيّة بنت دُودان تهبُ نفسها للرسول
يرتبط كلّ هذا الكلام بالزّوْجة الرّابعة، غزيّة بنت دُودان بن عوف بن عمرو، المعروفة بأمّ شريك، والتي كانتْ واحدة من النساء اللواتي وهبْنَ أنفسهنّ للنبيّ. وكلّ ما نجده مبْثوثا في التراث هو أنّ غزيّة هذه كانتْ، كانتْ قبل الرّسول عند أبي العكر، واسمه مسلم بن سمي بن الحارث الأزدي، من بني ميْدعان. وهو حليف بني عامر بن لؤي، فولدتْ له شريك بن أبي العكر، فكنيتْ به. وأنها كانت تدخل على النساء بمكة، فتدعوهنّ إلى الإسلام. وبعد طلاقها على وجْه الخصوص، تفرّغت لدعوة النساء خاصّة للدخول في الدين الجديد. وإذا كانت بعض الروايات، مثل رواية البلاذري، تقرّ بأنّ الرسول قبل بها واتخذها زوجة له، فإن البعض الآخر، يعتبر أنّ غزيّة وهبت نفسها للرسول، غير أنه لم يتزوّجها، ولم يردّها. لتردّد كان عنده من الأنصاريات. وفي هذا الشأن يذكر الحاكم في «المستدرك عن قتادة: «أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إني أحبّ أنْ أتزوّج في الأنصار، ثم إنّي أكره غيرتهنّ، قال: فلم يدخل بها».
فلإعْجابها بالدين الجديد، إذنْ، والذي دعتْ النساء إلى الدخول فيه، وإعجابها بصاحب الدّعوة «عرضت نفسها على النبيّ، وكانت امرأة جميلة فقبلها» فقالتْ عائشة: «ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير»، قالت أمّ شريك: «فأنا تلك»(...) فقال «وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحِيمًا (الأحزاب، 50). فلما نزلتْ هذه الآية قالت عائشة :»إنّ الله يسارع لك في هواك»، (انظر: أسباب النزول، للسيوطي، والطبقات لابن سعد، والكشاف للزمخشري).
وبرغْم الآية والوحْي النازل، قالتْ عائشة: «كنتُ أغار على اللاتي وهبْن أنفسهنّ للنبيّ وأقول أتهبُ المرأة نفسها للرّجل؟، فلما أنْزل الله ترجي من تشاء منهنّ وتأوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك(سورة الأحزاب، الآية 51) . وعن أبى جعفر عليه السلام قال: «جاءتْ امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلعم، فدخلتْ عليه وهو في منزل حفصة، والمرأة متلبّسة متمشّطة، فدخلتْ على رسول الله صلعم، فقالت: «يا رسول الله إنّ المرأة لا تـخْطب الزّوج، وأنا امرأة أيّم لا زوْج لي منذ دهر ولا ولد، فهلْ لك من حاجة ؟ فإنْ تكُ فقد وهبتُ نفسي لك أن قبلتني»، فقال لها رسول الله صلعم: «خيْرا»، ودعا لها». وكانت هذه الدعوة جزْءا لا يتجزّأ من القدسيّ الذي يرتبط بالدنيوي، في علاقة الرسول بنسائه: علاقات الزواج والتزويج تتمّ دائما بمباركة من السماء. من هنا، كما تورد كتب الأخبار والسير، كان الرسول دائما ما يردّد العبارة التالية: «ما تزوّجت شيئاً من نسائي ولا زوّجت شيئاً من بناتي إلا بوحْي جاءني به جبريل عن ربّي عز وجلّ. («عيون الأثر في المغازي والسير» لابن سيد الناس، باب أزواجه صلعم).
غدا: حفصة بنت عمر بن الخطاب،
الوجه الآخر لعائشة
__________________
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
مصطفى النّحال
تنقسمُ المصادر القديمة وكتب السّير والأخبار، في مسْألة ترتيب مختلف زوْجات الرّسول: فهناك من يرتّبهنّ بحسب تسلْسلهنّ في الارتباط بالرّسول، بغضّ النظر عمّا إذا هو من اختار الارتباط بهنّ أمْ لا، كما نجد عند البلاذريّ في «أنساب الأشراف»، على سبيل المثال، وهناكَ من يتّبع تسلسل النّساء اللواتي اختارهنّ بنفسه، ثم يعمدُ في النهاية إلى إفْراد باب من قبيل «عدد النّسوة اللائي وهبْن أنفسهنّ»، كما هو الحال عند ابن إسحاق في «سيرته»، أو عنْد ابن سعد في «طبقاته»، حيث يخصّص بابا يسمّيه «ذكْر من خُطب النبيّ (ص) من النساء فلم يتمّ نكاحه، ومن وهبتْ نفسها من النساء لرسول الله»، بعد أنْ يخصّص بابا آخر لستّ نساء سمّاه «ذكر من تزوّج رسول الله من النساء فلم يجمعهنّ، ومن فارق منهنّ، وسبب مفارقته إيّاهنّ». وعوض هذا التّرْتيب الثاني، المبنيّ على «طبيعة» و»ظروف» زواج الرّسول، آثرْتُ أنْ أتّبع التسلسل الزّمنيّ، أوّلاً لارتباط زيجات الرّسول بسياقات تاريخيّة وسياسيّة وقَبَليَة متتالية، وثانيا للتفاعُل اللحظيّ والآني لباقي الزوجات مع «الوافدة الجديدة» سلْبا أو إيجابا.يرتبط كلّ هذا الكلام بالزّوْجة الرّابعة، غزيّة بنت دُودان بن عوف بن عمرو، المعروفة بأمّ شريك، والتي كانتْ واحدة من النساء اللواتي وهبْنَ أنفسهنّ للنبيّ. وكلّ ما نجده مبْثوثا في التراث هو أنّ غزيّة هذه كانتْ، كانتْ قبل الرّسول عند أبي العكر، واسمه مسلم بن سمي بن الحارث الأزدي، من بني ميْدعان. وهو حليف بني عامر بن لؤي، فولدتْ له شريك بن أبي العكر، فكنيتْ به. وأنها كانت تدخل على النساء بمكة، فتدعوهنّ إلى الإسلام. وبعد طلاقها على وجْه الخصوص، تفرّغت لدعوة النساء خاصّة للدخول في الدين الجديد. وإذا كانت بعض الروايات، مثل رواية البلاذري، تقرّ بأنّ الرسول قبل بها واتخذها زوجة له، فإن البعض الآخر، يعتبر أنّ غزيّة وهبت نفسها للرسول، غير أنه لم يتزوّجها، ولم يردّها. لتردّد كان عنده من الأنصاريات. وفي هذا الشأن يذكر الحاكم في «المستدرك عن قتادة: «أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إني أحبّ أنْ أتزوّج في الأنصار، ثم إنّي أكره غيرتهنّ، قال: فلم يدخل بها».
فلإعْجابها بالدين الجديد، إذنْ، والذي دعتْ النساء إلى الدخول فيه، وإعجابها بصاحب الدّعوة «عرضت نفسها على النبيّ، وكانت امرأة جميلة فقبلها» فقالتْ عائشة: «ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير»، قالت أمّ شريك: «فأنا تلك»(...) فقال «وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحِيمًا (الأحزاب، 50). فلما نزلتْ هذه الآية قالت عائشة :»إنّ الله يسارع لك في هواك»، (انظر: أسباب النزول، للسيوطي، والطبقات لابن سعد، والكشاف للزمخشري).
وبرغْم الآية والوحْي النازل، قالتْ عائشة: «كنتُ أغار على اللاتي وهبْن أنفسهنّ للنبيّ وأقول أتهبُ المرأة نفسها للرّجل؟، فلما أنْزل الله ترجي من تشاء منهنّ وتأوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك(سورة الأحزاب، الآية 51) . وعن أبى جعفر عليه السلام قال: «جاءتْ امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلعم، فدخلتْ عليه وهو في منزل حفصة، والمرأة متلبّسة متمشّطة، فدخلتْ على رسول الله صلعم، فقالت: «يا رسول الله إنّ المرأة لا تـخْطب الزّوج، وأنا امرأة أيّم لا زوْج لي منذ دهر ولا ولد، فهلْ لك من حاجة ؟ فإنْ تكُ فقد وهبتُ نفسي لك أن قبلتني»، فقال لها رسول الله صلعم: «خيْرا»، ودعا لها». وكانت هذه الدعوة جزْءا لا يتجزّأ من القدسيّ الذي يرتبط بالدنيوي، في علاقة الرسول بنسائه: علاقات الزواج والتزويج تتمّ دائما بمباركة من السماء. من هنا، كما تورد كتب الأخبار والسير، كان الرسول دائما ما يردّد العبارة التالية: «ما تزوّجت شيئاً من نسائي ولا زوّجت شيئاً من بناتي إلا بوحْي جاءني به جبريل عن ربّي عز وجلّ. («عيون الأثر في المغازي والسير» لابن سيد الناس، باب أزواجه صلعم).
غدا: حفصة بنت عمر بن الخطاب،
الوجه الآخر لعائشة
__________________
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
نساءُ الرسول 13 : حفصة بنت عمر، الضرّة المتواطئة
تواصلُ عائشة قائلة: «فدخل عن إحدانا، فقالت له: فقال: « بلى شربتُ عسلا عند زينب بنت جحش، ولن أعود له» وحرّمه، وقالت عاشة لحفصة: «ما أرانا إلا قد أتيْنا عظيماً، منعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً كان يشتهيه. فنزلت: « يا أيها النبّي لم تحرم ما أحل الله لك»، (الطبقات الكبرى لابن سعد، و»أسد الغابة في معرفة الصحابة، لابن الأثير). وقال الواقدي: أمر الجارية هو المعروف بالمدينة. «. وبعْد أنْ طفح به الكيْل، وتكرّر أمْر التواطؤ، قرّر الرسول اعتزال نسائه، إلى درجة أنّ الناس أشاعوا خبَر تطليقه لهنّ. وكان ممّن قامَ ردّة فعل والد حفصة، فدخل على عائشة فوبّخها، غيْر أنها ردّت عليه بجرأة: مالي ولك يا ابن الخطاب، عليك بغيري. ثمّ دخلت على حفصة، فقال لها: «يا حفصة أَبَلَغَ من شأنك أنْ تؤذيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والله علمتُ أنه لا يحبك، فلوْلا أنا لطلقك. قال: فبكت أشدّ البكاء. فقلت: أين رسول الله؟ قالت: في مشربة. قال: وإذا أنا برباح، غلامُه، قاعدا على سكفة المشربة وقد دلّى رجْليه على نقير من خشب. وهو جذع يرقى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وينحدر. فقلت: يا رَباح، استأذن لي. فنظر إلى الغرفة، ثم نظر إليّ، ولم يقل شيئاً. فرفعت صوتي وقلت: يا رباح، استأذن لي، فإني أظنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى أني جئتُ من أجل حفصة؛ والله لئن أمرني بضرب عنقها، لأضربنّ عنقها. فأومأ إليّ بيده أن أرْقَ. فرقيتُ فقلت: يا رسول الله: أَطَلَّقْتُهُن؟ فقال: لا . وذكر بعد ذلك كلاما»ً.
لا تذكر النصوص ما طبيعة هذا الكلام الذي قاله الرسول لعُمر، غير أنه يمكننا أنْ نحْدس بما يمكن أنْ يقول أو يعترفَ به رجل لرجل بشأْن «كيْد» النساء.
بلْ إنّ الأخبار تري بأنّ الرسول قدْ طلّق حفصة بالفعل تطليقة، تماما كما فعل مع سوْدة، غيْر أنه لمْ يطلّق حفصة لطعونها في السنّ ، وإنما لشغبها. يفصّل ابن سعد في «الكبقات، الجزء السادس، ص. 106، قائلا: «فدخل عليها (أيْ على حفصة) خالاها: عثمان وقدامة ابنا مظعون، فبكتْ وقالت: والله ما طلقني رسول الله صلى الله عليه وسلم من شنع. ثم دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فتجلببت. فقال صلى الله عليه وسلم: إن جبريل أتاني، فقال لي: راجع حفصة، فإنها صوَامة قوّامة، وهي زوجتك في الجنة. وقال بعضهم: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم هم بطلاق حفصة، فأتاه جبريل، فقال: إنها صوّامة قوّامة.
وحدثني محمد بن سعد، عن الواقدي، عن أبي معشر، عن ابن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة: أنه أهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها، فأرسل إلى كل امرأة من نسائه منها شيئاَ، وأرسل إلى زينب بنصيبها. فلم ترض به. فزادها، فلم ترض به، وزادها. فقالت عائشة: لقد أقمأت وجهك حين تردُ عليك الهديةَ، فقال صلى الله عليه وسلم: « لأنتنّ أهون على الله من أن تقمئني؛ والله لا أدخل عليكن شهرا « . فلما تمت تسع وعشرون ليلة، دخل عليهن، وقال: « إن الشهر كذا وكذا وكذا، ثم قبض إبهامه في الثالثة « .
« اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه للحديث الذي أفشته حفصةُ إلى عائشة تسعاً وعشرين ليلة. قال الزهري، وقالت عائشة: وأنزل الله آية التخيير، فبدأني به، فقلت: إني أريد الله ورسوله. وقال له جميع أزواجه مثل ذلك».
«عن مسروق، عن عائشة قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاخترناه، أفكان طلاقاً؟ حدثنا محمد بن حاتم، ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير قال: كان لأم سلمة نسيب بالطائف أهدى لها عسلا، فقلن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك. وروي عن عمر أنه قال لابنته حفصة: لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه ليس لك جمال زينب ولا حظوة عائشة.
وتُوفيت حفصة رضي الله تعالى عنها في سنة خمس وأربعين، وصلى عليها مروان بن الحكم في إمرته الأولى على المدينة. ونزل في قبرها عبد الله بن عمر، وعاصم بن عمر، وحمزة بن عبد الله بن عمر، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر، ودفنت بالبقيع، وحملت في نعش على سرير. وتبعها مروان إلى البقيع، وجلس حتى فرغ من دفنها، ثم أرسل إلى ابن عمر بعزيمة في الصحف التي كانت عندها، فيها القرآن على ما نسخ في أيام أبي بكر. فأخذها ومحاها».
__________________
مصطفى النحال
ومع ذلك، فقد تواصَلّ تواطؤُها مع عائشة فيما يُسمّى حادث العسل، التي ترويه جلّ الكتب القديمة، والذي مفاده أنّ الرّسول كان يقضي وقتا كثيرا عند زينب بنت جحش، ويشرب عندها عَسَلا. فتواطأتْ عائشة وحفصة على أنه عندما يدخل الرسول عند إحداهما تقول له: «إني لأجد منك ريح مغافير، وبالتالي تسأله:»أأكلتَ مغافير؟ [«مغافير»، مفرده «مغفار»، وهو صمغ حلو يسيل من شجر العرفط (ما يُشبه شجرAcacia اليوم)، يؤكل أو يوضع في ثوب ينضح بالماء فيشرب ورائحته كريهة، انظر «المعجم الوسيط].تواصلُ عائشة قائلة: «فدخل عن إحدانا، فقالت له: فقال: « بلى شربتُ عسلا عند زينب بنت جحش، ولن أعود له» وحرّمه، وقالت عاشة لحفصة: «ما أرانا إلا قد أتيْنا عظيماً، منعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً كان يشتهيه. فنزلت: « يا أيها النبّي لم تحرم ما أحل الله لك»، (الطبقات الكبرى لابن سعد، و»أسد الغابة في معرفة الصحابة، لابن الأثير). وقال الواقدي: أمر الجارية هو المعروف بالمدينة. «. وبعْد أنْ طفح به الكيْل، وتكرّر أمْر التواطؤ، قرّر الرسول اعتزال نسائه، إلى درجة أنّ الناس أشاعوا خبَر تطليقه لهنّ. وكان ممّن قامَ ردّة فعل والد حفصة، فدخل على عائشة فوبّخها، غيْر أنها ردّت عليه بجرأة: مالي ولك يا ابن الخطاب، عليك بغيري. ثمّ دخلت على حفصة، فقال لها: «يا حفصة أَبَلَغَ من شأنك أنْ تؤذيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والله علمتُ أنه لا يحبك، فلوْلا أنا لطلقك. قال: فبكت أشدّ البكاء. فقلت: أين رسول الله؟ قالت: في مشربة. قال: وإذا أنا برباح، غلامُه، قاعدا على سكفة المشربة وقد دلّى رجْليه على نقير من خشب. وهو جذع يرقى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وينحدر. فقلت: يا رَباح، استأذن لي. فنظر إلى الغرفة، ثم نظر إليّ، ولم يقل شيئاً. فرفعت صوتي وقلت: يا رباح، استأذن لي، فإني أظنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى أني جئتُ من أجل حفصة؛ والله لئن أمرني بضرب عنقها، لأضربنّ عنقها. فأومأ إليّ بيده أن أرْقَ. فرقيتُ فقلت: يا رسول الله: أَطَلَّقْتُهُن؟ فقال: لا . وذكر بعد ذلك كلاما»ً.
لا تذكر النصوص ما طبيعة هذا الكلام الذي قاله الرسول لعُمر، غير أنه يمكننا أنْ نحْدس بما يمكن أنْ يقول أو يعترفَ به رجل لرجل بشأْن «كيْد» النساء.
بلْ إنّ الأخبار تري بأنّ الرسول قدْ طلّق حفصة بالفعل تطليقة، تماما كما فعل مع سوْدة، غيْر أنه لمْ يطلّق حفصة لطعونها في السنّ ، وإنما لشغبها. يفصّل ابن سعد في «الكبقات، الجزء السادس، ص. 106، قائلا: «فدخل عليها (أيْ على حفصة) خالاها: عثمان وقدامة ابنا مظعون، فبكتْ وقالت: والله ما طلقني رسول الله صلى الله عليه وسلم من شنع. ثم دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فتجلببت. فقال صلى الله عليه وسلم: إن جبريل أتاني، فقال لي: راجع حفصة، فإنها صوَامة قوّامة، وهي زوجتك في الجنة. وقال بعضهم: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم هم بطلاق حفصة، فأتاه جبريل، فقال: إنها صوّامة قوّامة.
وحدثني محمد بن سعد، عن الواقدي، عن أبي معشر، عن ابن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة: أنه أهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها، فأرسل إلى كل امرأة من نسائه منها شيئاَ، وأرسل إلى زينب بنصيبها. فلم ترض به. فزادها، فلم ترض به، وزادها. فقالت عائشة: لقد أقمأت وجهك حين تردُ عليك الهديةَ، فقال صلى الله عليه وسلم: « لأنتنّ أهون على الله من أن تقمئني؛ والله لا أدخل عليكن شهرا « . فلما تمت تسع وعشرون ليلة، دخل عليهن، وقال: « إن الشهر كذا وكذا وكذا، ثم قبض إبهامه في الثالثة « .
« اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه للحديث الذي أفشته حفصةُ إلى عائشة تسعاً وعشرين ليلة. قال الزهري، وقالت عائشة: وأنزل الله آية التخيير، فبدأني به، فقلت: إني أريد الله ورسوله. وقال له جميع أزواجه مثل ذلك».
«عن مسروق، عن عائشة قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاخترناه، أفكان طلاقاً؟ حدثنا محمد بن حاتم، ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير قال: كان لأم سلمة نسيب بالطائف أهدى لها عسلا، فقلن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك. وروي عن عمر أنه قال لابنته حفصة: لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه ليس لك جمال زينب ولا حظوة عائشة.
وتُوفيت حفصة رضي الله تعالى عنها في سنة خمس وأربعين، وصلى عليها مروان بن الحكم في إمرته الأولى على المدينة. ونزل في قبرها عبد الله بن عمر، وعاصم بن عمر، وحمزة بن عبد الله بن عمر، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر، ودفنت بالبقيع، وحملت في نعش على سرير. وتبعها مروان إلى البقيع، وجلس حتى فرغ من دفنها، ثم أرسل إلى ابن عمر بعزيمة في الصحف التي كانت عندها، فيها القرآن على ما نسخ في أيام أبي بكر. فأخذها ومحاها».
__________________
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
نساءُ الرسولهنْد أمّ سلمة، زواجُ الحُسْنييْن
14.هذه الزوجة اشتهرتْ باسم «أمّ سلمة»، لقب أحد أبنائها. أمّ اسمها الحقيقيّ فهو: هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. كانت امرأة فائقة الجمال تنحدر من قبيلة بني مخزوم. ولشدة جمالها، تقدّم لخطبتها، بعد انقضاء عدّتها، أبو بكر الصديق ورفضته، وعمر بن الخطاب ورفضته هو كذلك. وكانت، قبل أنْ يطلبها الرسول لنفسه، متزوّجة منْ أبي سلمة، وهو عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وقد هاجرت معه إلى أرض الحبشة. أما والدة أمّ سلمة فهي عاتكة بنت عامر بن ربيعة، أحد بني غَنْم بن مالك بن كنانة. وكان أبو سلمة بن عبد الأسد، وأمه برَّة بنت عبد المطلب، رُمي يوم أحد بسهم رماه به أبو أسامة الجشمي، فانتقض عليه فمات منه.. فلما انقضت عدتها، تزوّجها الرسول بعد أربعة أشهر، وأعرس بها في شوال سنة أربع. فيقال إنه خطبها إلى نفسها، فجعلت أمرها إليه. ويقال إنه قال: مُرى ابنك سلمة يزوّجك. فزوّجها وهو غلام.. وكانتْ أمّ سلمة قدْ خلّفتْ لأبي سلمة: عمر، وسلمة، وزينب، ودرة. فمسألة الزواج بهنّد أمّ سلمة لا تتعلّق بجمالها فقط، بلْ يمتدّ ذلك ليشمل الانتماء القّبَليّ ومكانة أسرة الزوج والزوجة. وكعادة كتب الأخبار والسيرة والتاريخ والتفسير في الجمع بين «القدسيّ والدنيوي»، في إيجاد مبرّرات «دينية» لزواج الرسول، فإنّ أمّ سلمة كانت قد قالت لأبي سلمة: «بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها وهو من أهل الجنة وهي من أهل الجنة ثم لم تزوّج بعده إلا جَمَع الله بينهما في الجنة، وكذلك إذا ماتت المرأة وبقي الرّجل بعدها، فتَعالَ أعاهدْكَ ألا تتزوّج بعدي ولا أتزوّج بعدك». قال «أتطيعيني؟»، قلت «ما استأمرتك إلا وأنا أريد أن أطيعك»، قال «فإذا متّ فتزوّجي»، ثم قال «اللهم ارزق أمّ سلمة بعدي رجلا خيْرا مني لا يحزنها ولا يؤذيها قال فلمّا مات أبو سلمة قلت: مَنْ هذا الفتى الذي هو خير لي منْ أبي سلمة؟» فلبثت ما لبثت ثمّ جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام على الباب فذكر الخطبة»!!
ويروي ابن سعد، في «طبقاته»، أنّ أمّ سلمة قالت: «لمّا انقضتْ عدّتي من أبي سلمة أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني بيني وبينه حجاب، فخطب إليّ نفسي فقلتُ: «أيْ رسولَ الله، وما تريد إليّ؟ ما أقولُ هذا إلاّ رغبة لك عن نفسي، إنّي امرأة قد أَدْبَرَ مني سنّي، وإني أمّ أيتام، وأنا امرأة شديدة الغيرة، وأنتَ يا رسول الله تجمع النساء». فقال رسول الله فلا يمنعك ذلك أما ما ذكرت من غيرتك فيذهبها الله وأما ما ذكرت من سنك فأنا أكبر منك سنا وأما ما ذكرت من أيتامك فعلى الله وعلى رسوله فأذنت له في نفسي فتزوجني فلما كانت ليلة واعدنا البناء قمت من النهار إلى رحاي وثفالي فوضعتهما وقمت إلى فضلة شعير لأهلي فطحنتها وفضلة من شحم فعصدتها لرسول الله فلما أتانا رسول الله قدم إليه الطعام فأصاب منه وبات تلك الليلة فلما أصبح قال قد أصبح بك على أهلك كرامة ولك عندهم منزلة فإن أحببت أن تكون ليلتك هذه ويومك هذا كان وإن أحببت أن أسبع لك سبعت وإن سبعت لك سبعت لصواحبك قالت: «يا رسول الله افعل ما أحببت».
ومن شدّة غيرتها أنها كانتْ رفقة الرسول في بعض أسفاره، ومعه في ذلك السفر صفية بنت حيّي، إحدى زوجاته التي سنتحدّث عنها لاحقا، فأقبل الرسول إلى هودج صفية بنت حيي وهو يظنّ أنه هودج أمّ سلمة، وكان ذلك اليوم يوم أمّ سلمة فبدأ الرسول يتحدث مع صفية، فغارتْ أمّ سلمة، وعلم الرسول فيما بعد بأنها صفية، فجاء إلى أمّ سلمة، فقالت: «تتحدثُ مع ابنة اليهوديّ في يومي وأنتَ رسول الله؟ قالت: «ثمّ ندمتُ على تلك المقالة فكانت تستغفر منها قالت يا رسول الله استغفر لي فإنما حملني على هذا الغيرة».(انظر التفاصيل في: (أسد الغابة، وسيرة ابن هشام، والطبقات الكبرى).
وكانتْ عائشة، حين اتخذ الرسول أمّ سلمة زوجة له، قدْ قالت: «لما تزوّج النبيّ صلى الله عليه وسلم أمّ سلمة، حزنتُ حزنا شديدا لما ذكر لنا من جمالها. فتلطّفتُ حتى رأيتها فكان في عينيّ على أضعاف ما وُصفت لنا. فذكرتُ ذلك لحفصة، وكنّا يدا واحدة. فقالت: لا والله إن هذا إلا غيرة، وما هي كما تقولين. قالت: ثم رأيتها بعد ذلك، فكانت كما قالت حفصة».
«إن لعائشة مني شعبة ما نزلها أحد»، فلما تزوّج أم سلمة، سئل عن الشعبة، فسكت فعُرف أنّ أمّ سلمة قد نزلت عنده بمنزلة لطيفة.
وتوفيت أم سلمة في شهر شوال سنة تسع وخمسين للهجرة.
غدا: زينبُ بنت جحش أو رهان الشرعيّة
مصطفى النّحال
كثيرةٌ هي الكتابات والتعليقاتُ والحَواشي التي أُلّفَتْ عن الرّسُول وزوْجاته: كمْ عددهنّ، وهلْ كلهنّ مسْلمات؟ وهل تزوّج عائشة حقّا وهي بنْت تسع سنين؟ وهلْ كانتْ له علاقة خارج الزّواج، أوْ ما كان يُطلق عليه اسم «أمّ الولد»، وما سببُ ذلك؟ إلى غيرها من الأسئلة. يمكنُ تقسيم هذه الكتابات والتعليقات، عُمُوما، إلى نوْعيْن اثنيْن: نوْع تمجيديّ لا يعمل سوى على تكْرار ما قاله القدماء، أوْ على الأصَحّ كتابات معيّنة للقدماء. وهو تكرار ينطلقُ من رؤْية تقديسيّة للتاريخ، بلْ وتجْهَلُ حقيقة التاريخ الإسلامي، ومختلف سياقاته السّياسية والقَبَليّة والدّينية والجهوية. هذه الحلقات ستكون عرْضا موضوعيا لما دوّنته السير النبوية وكتب الأخبار الأولى، القريبة جدا من عصر الرسول، قبْل أنْ تظهر كتب التفسير والتأويلات الإضافية.14.هذه الزوجة اشتهرتْ باسم «أمّ سلمة»، لقب أحد أبنائها. أمّ اسمها الحقيقيّ فهو: هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. كانت امرأة فائقة الجمال تنحدر من قبيلة بني مخزوم. ولشدة جمالها، تقدّم لخطبتها، بعد انقضاء عدّتها، أبو بكر الصديق ورفضته، وعمر بن الخطاب ورفضته هو كذلك. وكانت، قبل أنْ يطلبها الرسول لنفسه، متزوّجة منْ أبي سلمة، وهو عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وقد هاجرت معه إلى أرض الحبشة. أما والدة أمّ سلمة فهي عاتكة بنت عامر بن ربيعة، أحد بني غَنْم بن مالك بن كنانة. وكان أبو سلمة بن عبد الأسد، وأمه برَّة بنت عبد المطلب، رُمي يوم أحد بسهم رماه به أبو أسامة الجشمي، فانتقض عليه فمات منه.. فلما انقضت عدتها، تزوّجها الرسول بعد أربعة أشهر، وأعرس بها في شوال سنة أربع. فيقال إنه خطبها إلى نفسها، فجعلت أمرها إليه. ويقال إنه قال: مُرى ابنك سلمة يزوّجك. فزوّجها وهو غلام.. وكانتْ أمّ سلمة قدْ خلّفتْ لأبي سلمة: عمر، وسلمة، وزينب، ودرة. فمسألة الزواج بهنّد أمّ سلمة لا تتعلّق بجمالها فقط، بلْ يمتدّ ذلك ليشمل الانتماء القّبَليّ ومكانة أسرة الزوج والزوجة. وكعادة كتب الأخبار والسيرة والتاريخ والتفسير في الجمع بين «القدسيّ والدنيوي»، في إيجاد مبرّرات «دينية» لزواج الرسول، فإنّ أمّ سلمة كانت قد قالت لأبي سلمة: «بلغني أنه ليس امرأة يموت زوجها وهو من أهل الجنة وهي من أهل الجنة ثم لم تزوّج بعده إلا جَمَع الله بينهما في الجنة، وكذلك إذا ماتت المرأة وبقي الرّجل بعدها، فتَعالَ أعاهدْكَ ألا تتزوّج بعدي ولا أتزوّج بعدك». قال «أتطيعيني؟»، قلت «ما استأمرتك إلا وأنا أريد أن أطيعك»، قال «فإذا متّ فتزوّجي»، ثم قال «اللهم ارزق أمّ سلمة بعدي رجلا خيْرا مني لا يحزنها ولا يؤذيها قال فلمّا مات أبو سلمة قلت: مَنْ هذا الفتى الذي هو خير لي منْ أبي سلمة؟» فلبثت ما لبثت ثمّ جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام على الباب فذكر الخطبة»!!
ويروي ابن سعد، في «طبقاته»، أنّ أمّ سلمة قالت: «لمّا انقضتْ عدّتي من أبي سلمة أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني بيني وبينه حجاب، فخطب إليّ نفسي فقلتُ: «أيْ رسولَ الله، وما تريد إليّ؟ ما أقولُ هذا إلاّ رغبة لك عن نفسي، إنّي امرأة قد أَدْبَرَ مني سنّي، وإني أمّ أيتام، وأنا امرأة شديدة الغيرة، وأنتَ يا رسول الله تجمع النساء». فقال رسول الله فلا يمنعك ذلك أما ما ذكرت من غيرتك فيذهبها الله وأما ما ذكرت من سنك فأنا أكبر منك سنا وأما ما ذكرت من أيتامك فعلى الله وعلى رسوله فأذنت له في نفسي فتزوجني فلما كانت ليلة واعدنا البناء قمت من النهار إلى رحاي وثفالي فوضعتهما وقمت إلى فضلة شعير لأهلي فطحنتها وفضلة من شحم فعصدتها لرسول الله فلما أتانا رسول الله قدم إليه الطعام فأصاب منه وبات تلك الليلة فلما أصبح قال قد أصبح بك على أهلك كرامة ولك عندهم منزلة فإن أحببت أن تكون ليلتك هذه ويومك هذا كان وإن أحببت أن أسبع لك سبعت وإن سبعت لك سبعت لصواحبك قالت: «يا رسول الله افعل ما أحببت».
ومن شدّة غيرتها أنها كانتْ رفقة الرسول في بعض أسفاره، ومعه في ذلك السفر صفية بنت حيّي، إحدى زوجاته التي سنتحدّث عنها لاحقا، فأقبل الرسول إلى هودج صفية بنت حيي وهو يظنّ أنه هودج أمّ سلمة، وكان ذلك اليوم يوم أمّ سلمة فبدأ الرسول يتحدث مع صفية، فغارتْ أمّ سلمة، وعلم الرسول فيما بعد بأنها صفية، فجاء إلى أمّ سلمة، فقالت: «تتحدثُ مع ابنة اليهوديّ في يومي وأنتَ رسول الله؟ قالت: «ثمّ ندمتُ على تلك المقالة فكانت تستغفر منها قالت يا رسول الله استغفر لي فإنما حملني على هذا الغيرة».(انظر التفاصيل في: (أسد الغابة، وسيرة ابن هشام، والطبقات الكبرى).
وكانتْ عائشة، حين اتخذ الرسول أمّ سلمة زوجة له، قدْ قالت: «لما تزوّج النبيّ صلى الله عليه وسلم أمّ سلمة، حزنتُ حزنا شديدا لما ذكر لنا من جمالها. فتلطّفتُ حتى رأيتها فكان في عينيّ على أضعاف ما وُصفت لنا. فذكرتُ ذلك لحفصة، وكنّا يدا واحدة. فقالت: لا والله إن هذا إلا غيرة، وما هي كما تقولين. قالت: ثم رأيتها بعد ذلك، فكانت كما قالت حفصة».
«إن لعائشة مني شعبة ما نزلها أحد»، فلما تزوّج أم سلمة، سئل عن الشعبة، فسكت فعُرف أنّ أمّ سلمة قد نزلت عنده بمنزلة لطيفة.
وتوفيت أم سلمة في شهر شوال سنة تسع وخمسين للهجرة.
غدا: زينبُ بنت جحش أو رهان الشرعيّة
7/22/2013
__________________
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
نساءُ الرسول 15 : زينبُ بنت جحش أو رهان الشرعيّة
مصطفى النّحال
كثيرةٌ هي الكتابات والتعليقاتُ والحَواشي التي أُلّفَتْ عن الرّسُول وزوْجاته: كمْ عددهنّ، وهلْ كلهنّ مسْلمات؟ وهل تزوّج عائشة حقّا وهي بنْت تسع سنين؟ وهلْ كانتْ له علاقة خارج الزّواج، أوْ ما كان يُطلق عليه اسم «أمّ الولد»، وما سببُ ذلك؟ إلى غيرها من الأسئلة. يمكنُ تقسيم هذه الكتابات والتعليقات، عُمُوما، إلى نوْعيْن اثنيْن: نوْع تمجيديّ لا يعمل سوى على تكْرار ما قاله القدماء، أوْ على الأصَحّ كتابات معيّنة للقدماء. وهو تكرار ينطلقُ من رؤْية تقديسيّة للتاريخ، بلْ وتجْهَلُ حقيقة التاريخ الإسلامي، ومختلف سياقاته السّياسية والقَبَليّة والدّينية والجهوية. هذه الحلقات ستكون عرْضا موضوعيا لما دوّنته السير النبوية وكتب الأخبار الأولى، القريبة جدا من عصر الرسول، قبْل أنْ تظهر كتب التفسير والتأويلات الإضافية.ربّما يُعتبر هذا الزواج، بعد الجدل الذي أثاره زواج الرسول من عائشة وهي بعدُ لمْ تتجاوز التسع سنين، هو الأكثر إثارة للجدل من بين زيجاته، ليس فقط في المراحل التاريخية اللاحقة لزواجه، وإنما في الفترة نفسها من طرف معاصريه، إلى درجة أنّ اليهود، كما يروي القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن»، «عابوا على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الأزواج، وعيّرته بذلك وقالوا: ما نرى لهذا الرّجل همّة إلا النساء والنكاح، ولوْ كان نبيّا لشغله أمْرُ النبوّة عن النساء».
ويعود السبّب، كما هو معلوم، إلى مسألة دقيقة تتعلق برهان الانتقال من عادات سابقة على الإسلام إلى عادات أخرى مخالفة. فقدْ كانتْ مسألة تبنّي وَلَدٍ واعتباره بمثابة ابْن من طرف شخْص آخر، عادة معروفة وجار بها العمل بين عرب ما قبل الإسلام( يستعمل القرآن كلمة «الأدعياء» للحديث عن الأبناء بالتبني، أي للتمييز بين الأبناء البيولوجيّين والأبناء المتبنّين).
القصّة معروفة، وتتعلق بكلّ بزيد بن حارثة وبالرسول نفسه. فقد قام زيد، وهو ابن للرّسول بالتبني، بتطليق زوجته زينب، إحدى بنات عمّ الرسول. هذا الأخير سوف يتزوّجها بعد طلاقها من زيد، وفي الوقت ذاته سوف يتمّ الإعلان عن إلغاء التبنّي لكيْ يصبح هذا الزّواج مشروعا. لم يكن مسموحا أن يتخذ محمد زينب زوجة له، بالنظر لكونه ابنا له. وكان يتعيّن على الرسول أن يَشْرَع بنفسه في تطبيق هذا التغيير مع ابنه بالتبني.
كان زيد بن حارثة قد أسره قطّاعُ طرق حيث قاموا ببيْعه في سوق عكاظ. وقد اشتراه رجل اسمثه حكيم بن حزام لفائدة خديجة بنت خويلد. وبعد زواجها من الرّسول، سوف تهديه له ليقوم بخدمته. وبعد مرور وقْت ليس باليسير، انتهى إلى مسامع والديْ زيد بأنه لا يزال حيّا، وبأنه عند خديجة، فقدموا إلى بيتها (رواية أخرى تقول إن اللقاء كان في المسجد) بهدف دفْع الفدْية وأخذ ابنهما بحسب ما كانَ معمولا به يومها، غيْرَ أنّه فضّل البقاء مع الرّسول الذي أعلن أمامَ الحاضرين: «يَا مَنْ حَضَرَ، اشْهَدُوا أَنَّ زَيْدًا ابْنِي، يَرِثُنِي وَأَرِثُهُ»، ( ابن الأثير، أسد الغابة، الجزء الثاني، ص. 239.)
ومن ثمَّ، إذن، أُطلق عليه لقب «زيد بن محمّد». هذا الجزء من القصة جرى، بحسب ما ترويه كتب السير والأخبار، قبل مجيء الدعوة الإسلامية، وقبل النبوّة. أما الجانب المشهور منها فهو الذي جرى بعدها، وهو الذي يرويه النّص القرآني. كان زيد يعيش إذن عند خديجة بنت خويلد ومحمد إلى أنْ بلغ سنّ الزواج. وقد تزوّج من إحدى بنات عمّ الرسول، وهي زينب بنت جحش بن الرياب الأسدي، حفيدة عبد المطلب، سيّد قبيلة بني هاشم. غير أنّ هذا الزواج لم يتمّ بدون مقاومة وتردّد من طرف زينب التي لمْ تقبل أنْ تتزوج بعبْد، تصفه بعض الكتابات، التي نجهل درجة مصداقيتها، بكوْنه «كان قصير القامة، شديد السُّمْرة، في أنفِهِ فطَس، غير أنها رضختْ في النهاية وقبلتْ الزواج من عبْد على مضض. ثمّ إنّ زيدا كان يكبرها سنّا، فحين تمّ أسره كان شابّا بالغا في حوالي العشرين من عمره، ولا يكاد يكبره الرسول إلا بحوالي عشر سنوات، كما تورد كتب الأخبار والسير. فضْلا عن أنه سبق أن تزوّج من امرأتيْن قبلها، إحداهما أَمَة سوداء تنحدر من الحبشة، أنجب معها زيد ابنه أسامة الذي سيلمع اسمه في الحروب.
غير أنّ الخلافات ازدادتْ وتفاقمتْ بعد مرور سنة على زواجهما إلى درجة أنّ زيْدا جاء إلى الرسول مشتكيا إليه بما قامت به زوجته تُجاهه.
كانت زينب بنت جحش ممن هاجر مع الرسول إلى المدينة، وكانت امرأة جميلة، «فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على زيد بن حارثة فقالت يا رسول الله لا أرضاه لنفسي وأنا أيم قريش قال «فإني قد رضيته لك فتزوجها زيد بن حارثة [...] جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت زيد بن حارثة يطلبه، وكان زيد إنما يقال له زيد بن محمد فربما فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة فيقول «أين زيد»؟، فجاء منزله يطلبه فلم يجده، وتقوم إليه زينب بنت جحش زوجته فضلا فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقالت: «ليس هو هاهنا يا رسول الله، فادخل بأبي أنتَ وأمّي»، فأبى رسول الله أنْ يدخل، وإنما عجلت زينب أنْ تلبس لمّا قيل لها: «رسول الله صلى الله عليه وسلم على الباب»، فوثبتْ عجلى، فأعجبتْ رسولَ الله فولّى وهو يُهمْهم: «سبحانَ الله العظيم سبحان مقلّب القلوب». فجاء زيد إلى منزله، فأخبرته امرأته أنَّ رسول الله أتى منزله، فقال زيد «ألاَ قلت له أنْ يدخلَ؟»، قالت: «قد عرضتُ ذلك عليه فأبى»، قال» :فسمعتِ شيئا؟»، قالت: «سمعته حين ولّى تكلّم بكلام ولا أفهمه وسمعْته يقول: :سبحان الله العظيم سبحان مقلّب القلوب»، فجاء زيد حتّى أتى رسولَ الله فقال: «يا رسولَ الله، بلغني أنك جئتَ منزلي، فهلاّ دخلتَ بأبي أنتَ وأمي يا رسول الله، لعلّ زينب أعجبتك، فأفارقها، فيقول رسول الله: «أمسكْ عليك زوجك! فما استطاع زيد إليها سبيلا بعد ذلك اليوم، فيأتي إلى رسول الله فيخبره رسول الله أمسك عليك زوجك فيقول يا رسول الله أفارقها فيقول رسول الله احْبس عليك زوجك ففارقها زيد واعتزلها وحلّت يعني انقضت عدتها».
غدا: زينبُ بنت جحش
أو رهان الشرعيّة/2
7/23/2013
__________________
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
نساءُ الرسول 16 : زينبُ بنت جحش أو رهان الشرعيّة (2) مصطفى النّحال كثيرةٌ هي الكتابات والتعليقاتُ والحَواشي التي أُلّفَتْ عن الرّسُول وزوْجاته: كمْ عددهنّ، وهلْ كلهنّ مسْلمات؟ وهل تزوّج عائشة حقّا وهي بنْت تسع سنين؟ وهلْ كانتْ له علاقة خارج الزّواج، أوْ ما كان يُطلق عليه اسم «أمّ الولد»، وما سببُ ذلك؟ إلى غيرها من الأسئلة. يمكنُ تقسيم هذه الكتابات والتعليقات، عُمُوما، إلى نوْعيْن اثنيْن: نوْع تمجيديّ لا يعمل سوى على تكْرار ما قاله القدماء، أوْ على الأصَحّ كتابات معيّنة للقدماء. وهو تكرار ينطلقُ من رؤْية تقديسيّة للتاريخ، بلْ وتجْهَلُ حقيقة التاريخ الإسلامي، ومختلف سياقاته السّياسية والقَبَليّة والدّينية والجهوية. هذه الحلقات ستكون عرْضا موضوعيا لما دوّنته السير النبوية وكتب الأخبار الأولى، القريبة جدا من عصر الرسول، قبْل أنْ تظهر كتب التفسير والتأويلات الإضافية. كانت زينب بنت جحش، إذن، ممن هاجر مع الرسول إلى المدينة، وكانت امرأة جميلة، «فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على زيد بن حارثة فقالت يا رسول الله لا أرضاه لنفسي وأنا أيم قريش قال «فإني قد رضيته لك فتزوجها زيد بن حارثة [...] جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت زيد بن حارثة يطلبه، وكان زيد إنما يقال له زيد بن محمد فربما فقده رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعة فيقول «أين زيد»؟، فجاء منزله يطلبه فلم يجده، وتقوم إليه زينب بنت جحش زوجته فضلا فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقالت: «ليس هو هاهنا يا رسول الله، فادخل بأبي أنتَ وأمّي»، فأبى رسول الله أنْ يدخل، وإنما عجلت زينب أنْ تلبس لمّا قيل لها: «رسول الله صلى الله عليه وسلم على الباب»، فوثبتْ عجلى، فأعجبتْ رسولَ الله فولّى وهو يُهمْهم: «سبحانَ الله العظيم سبحان مقلّب القلوب». فجاء زيد إلى منزله، فأخبرته امرأته أنَّ رسول الله أتى منزله، فقال زيد «ألاَ قلت له أنْ يدخلَ؟»، قالت: «قد عرضتُ ذلك عليه فأبى»، قال» :فسمعتِ شيئا؟»، قالت: «سمعته حين ولّى تكلّم بكلام ولا أفهمه وسمعْته يقول: :سبحان الله العظيم سبحان مقلّب «. تضيف المصادر وكتب التفسير أنّ الرسول بعد ذلك، وبينما هو جالس يتحدث مع عائشة، أخذتْهُ غشية فسري عنه وهو يتبسّم ويقول: «من يذهب إلى زينب يبشّرها أنّ الله قد زوّجنيها من السماء، وتلا: «وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا. مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا. الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا. مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا.» (سورة الأحزاب، الآيات 37، 40). وما كانَ من عائشة إلاّ أنْ عقّبتْ قائلة: «يا رسول الله، إني أرى ربّك يسارع في هواك» (انظر التفاصيل في «الكشاف» للزمخشري، و»تاريخ الملوك والأمم» للطبري، و»المنتظم» لابن الجوزي، و»الطبقات الكبرى» لابن سعد). وهكذا، سوف يطلّق زيد زوجته زينب مفسحا المجال للرسول الذي سوف يتخذها بدوره زوجة له. وتورد النصوص القديمة الكثير من التفاصيل في هذا الشأن: ذلك أنه لما انقضت عدّة زينب بنت جحش، قال الرسول لزيد بن حارثة: «ما أجد أحدا آمن عندي أو أوثق في نفسي منك، ائْت إلى زينب فاخْطُبها عليّ»، قال: فانطلقَ زيد فأتاها وهي تخمر عجينها فلما رأيتها عظمت في صدري فلم أستطع أن أنظر إليها حين عرفت أن رسول الله قد ذكرها فوليتها ظهري ونكصت على عقبي وقلت يا زينب أبشري إنّ رسول الله يذكرك، ثم نزل الوحي بتزويجها له» (طبقات ابن سعد). وكانت زينب بنت جحش تردّد على مسامع الرسول: «يا رسول الله إني والله ما أنا كأحد من نسائك. ليست امرأة من نسائك إلا زوّجها أبوها أو أخوها وأهلها، غيْري زوّجنيك الله من السماء». وتُعتبر زينب بنت جحش هي التي ضُرب ابتداء منها «الحجاب» بصفة رسمية. ذلك أن ليلة زواجها، دعا الرسول إلى بيته عددا من المدعوين، من مختلف الشرائح، والذين قُدِّم إليهم اللحم والخبز. وبعد الانتهاء من الأكل خرج المدعوّون، وبقي البعض منهم جالسين يتحدثون بينما الرسول خرج ليسلّم على زوجاته. وهناك من يقول إنّ أيدي المدعوين كانتْ تلتقي بيديْ زينب أثناء الأكل. ومن ثمّ، يؤكّد أنس بن مالك بأنّ الحجاب تمّ التشريع له في هذا اليوم. (انظر: «تفسير ابن كثير»، الجزء الثالث، ص. 608). لكن ليْس المقصود بالحجاب هما ما نراه اليوم من تغطية جسم المرأة لرأسها ويديْها، وإنما كان الحجاب ستْرا وحاجزا يوضع بين «بعض» نساء الرسول وليس كلّهنّ، كما سنرى فيما بعد، وبيْن المدعوين إلى بين النبيّ. وحين تزوّجها الرسول لمْ تكن تتجاوز الثلاثين من عمرها، ووافتها المنيّة وهي في الخمسين. غدا: أمّ حَبيبة بنت أبي سفيان | ||
7/24/2013 | ||
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
نساءُ الرسول 17 [color:19d1=003366]أمّ حَبيبة بنت أبي سفيان مصطفى النّحال «ذلك الفحلُ لا يُرْدَعُ أنْفُه» أبو سفيان اسمُها الحقيقيّ رمْلة بنت أبي سفيان بن حرب، وأمّها صفية بنت أبي العاص عمة عثمان. وقد كانتْ قبل الرسول متزوجة من عبيد الله بن جحش، الذي هو الأخ الشقيق لزوجة الرسول الأخرى زينب بنت جحش وابن عمّته. ولدت له طفلة سُمّيتْ «حبيبة»، فكُنّيتْ بها. وكان عبيد الله بن جحش قد أسلم، وهاجر إلى أرض الحبشة، ومع زوْجته أم ّحبيبة، ثم إنه تنصّر وظلّتْ أمّ حبيبة على إسلامها، وكانت تقول: «فقحنا وصأصأتم»، أيْ «أبصرنا ولم تبصروا». وهذا مَثَل، يقال عن الجَرْو إذا فَتَحَ عينيْه، قيل: فقح؛ وإذا فتح ثم غَمْض من الضعف والصغر، قيل: صأصأ. وعندما علم الرسول بوفاة زوجها غرقا في البحر (وهناك من يجعله مات غرقا في الخمْر لكثرة شربه لها!!) راسلَ النجاشي في الحبشة بأنْ يتكلّف بخطبتها له، و»ما هو إلا أن انقضت عدتي فما شعرت إلا برسول النجاشي على بابي يستأذن فإذا جارية له يقال لها أبْرهة كانت تقوم على ثيابه ودهنه فدخلت علي فقالت إن الملك يقول لك إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب إلي أن أزوجكه». (انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، الجزء السادس، ص. 72). وخلافا لما تذْكره بعض الكتابات المتأخّرة حول حقيقية هذا الزواج، فإنّ الرسول قد تزوّجها وهي بالحبشة قبل إسلام أبي سُفْيان، ولم يختلف أهل السّير في ذلك. ذلك أنه بعث من قبله من المسلمين، جعفراً وأصحابه، إلى المدينة مع عمرو بن أمية الضمري. وهو كان رسوله بالكتابين. فأسلم النجاشي لما عرف من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفه وأوان مبعثه؛ ووجه إلى أم حبيبة، وقد وصف له عمرو موضعها وأمرها، جارية له يقال لها « أبرهة « ، لتُعلمها ذلك وتبشرّها به. فوهبت لها أم حبيبة حلياً كان عليها، وكستها».. وقال بعض الرواة: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه أبا عامر الأشعري، حين بلغه خطبة عمرو أم حبيبة وتزويج خالد إياها، فحملها إليه قبل قدوم أهل السفينتين؛ وأنّ أبا سفيان قال: أنا أبوها أمْ أبو عامر؟ قالوا: ولما بلغ أبا سفيان تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة، ابنته، قال: «ذلك الفحلُ لا يُرْدَعُ أنْفُه». وعن ابن عباس، في قول الله تبارك وتعالى: « عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة»، قال: «نزلتْ حين تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنتَ أبي سفيان بن حرب». وروي عن عائشة أنها قالت: «دعتني أمّ حبيبة عند وفاتها، فقالت: «إنْ قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك. فقلتُ: غفر الله ذلك كله، وتجاوز عنه، وحلّلك منه. فقالت: سررتيني، سرّك الله. وأرسلت إلى أم سلمة، فقالت لها مثل ذلك. وكانت وفاة أمّ حبيبة في سنة أربع وأربعين». وكان سبب حلف جحش بن رئاب بني عبد الشمس فيما أخبريه محمد بن الأعرابي عن هشام الكلبي عن أبيه والشرقي: أنّ رجلاً من بني أسد بن خزيمة يقال له فضالة بن عبدة بن مرارة، قتل رجلاً من خزاعة يقال له هلال بن أمية، فقتلت خزاعة فضالة بصاحبها، فاستغاثت بنو أسد بكنانة، فأبوا أن يعينوهم فحالفوا بني غطفان، فالحليفان أسد وغطفان، وقال جحش بن رئاب: والله لا حالفت إلا قريشاً، ولأدخلن مكة فلأحالفن أعزّ أهلها ولأتزوّجنّ بنت أكرمهم،وكان موسراً سيداً، فحالف حرب بن أمية، وتزوج أميمة بنت عبد المطلب، وأدخل جماعة من بني دودان مكة فدخلوا معه في الحلف. وقال ابن الأعرابيّ: قال بعض القريشيين: إن رئاب بن يعمر حالف حرباً، وقال لأزودهن جحشاً أكرم أهل مكة، فزوجه أميمة: وكان أراد أن يحالف من أسد بن عبد العزى، فقيل له: إنهم مشائيم فتركهم». ولمّا جاء أبو سُفْيان إلى المدينة قبل الفتح، وحينَ «أوقعت قريش بخزاعة، ونقضوا عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فخاف، فجاء إلى المدينة ليجدد العهد، فدخل على ابِنْته أمّ حبيبة، فلم تتركه يجلس على فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقالت: أنت مشرك»( أسد الغابة، الجزء الثالث ، ص 353). غدا: جويرية بنت الحارث: من أسيرة إلى زوجة | ||
7/25/2013 | ||
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
نساءُ الرسول 18 ... جويرية بنت الحارث: من أسيرة إلى زوجة
هي أسيرة من سبايا بني المصطلق، سباها الرّسول يوم المريسع، واسمها برّة بنت الحارث بن ضرار الخزاعي، والرسول هو الذي أطلق عليها اسم «جويْرية الذي هو اسْم تصغير لجارية. وقدْ كانت متزوجة قبله من مسافع بن صفوان بن سرح بن مالك الذي قٌتل يوم المريسع على يد المسلمين.
و»المُرَيْسيع»: ماء لبني خزاعة سُمّيتْ به هذه الغزْوة، المعروفة أيْضا ب»غزوة بني المصطلق»، وهم فرْع من قبيلة خزاعة. وقعتْ في السنة الخامسة للهجرة، سنة 626 م، وسببها أنّ الحارث بن ضرار الخزاعي كان قد أعدّ لمحاربة الرسول، الذي خرج ومعه كثير من المنافقين لم يخرجوا في غزوة قطّ مثلها، وكان معه ثلاثون من الخيل، عشرة للمهاجرين وعشرون للأنصار واستعمل على المدينة زيد بن حارثة، وخرجت معه عائشة وأمّ سلمة، وقَتَل الرسول جاسوسا للمشركين، وبلغ المُرَيْسيع وهاجم المسلمون المشركين، وقتلوا منهم عشرة وأسروا باقيهم، وكانوا أكثر من سبعمائة، وسبوا الرجال والنساء والذرية وساقوا النعم والشاء ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد وهو هشام بن صبابة.
وكان من جملة السّبي: «جُوَيرية» بنت الحارث بن أبي ضرار، رئيس بني المصطلق. اختارها الرسول زوجة له في السنة السادسة للهجرة بعد أنْ وقعتْ في سهْم احد رجاله، وكانت يوم سباها ابنة عشرين عاما (الطبقات الكبرى، باب جويرية بنت الحارث).
تروي عائشة، كالعادة، تفاصيل هذه العلاقة كما يلي: «لمّا قسم النبيّ سبايا بني المصطلق، وقعتْ جُويرية في سهم ثابت بن قيس فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فجاءت إلى النبي تستعينه قالت عائشة فوالله ما أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها وعرفت أنه( أيْ النبيّ) سيرى منها ما رأيتُ، فقالت: «أنا جويرية بنت الحارث سيّد قومه، وقعتُ في سهم ثابت بن قيس، فجئتكَ أستعينك على كتابتي». قال النبيّ: «فهل لك خير من ذلك؟ قالت: «ما هو يا رسول الله؟»، قال «أقضي عنك كتابك وأتزوّجك»، فقالت: «نعم يا رسول الله»، قال النبيّ: «قد فعلت». وكان شعار المسلمين يوم بني المصطلق يا منصور أمت أمت. (انظر:»سيرة ابن هشام»، غزوة بني المصطلق).
ويضيف ابن سعد في «الطبقات الكبرى، تفْصيلا آخر مفاده أنّ النبيّ «سبى جويرية بنت الحارث، فجاء أبوها إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال ّإنّ ابنتي لا يُسبى مثلها فأنا أكرم من ذاك، فخلّ سبيلها. قال: «أرأيتَ إنْ خيّرناها أليس قد أحسنا؟، قال «بلى وأدّيتَ ما عليك»، قال فأتاها أبوها فقال: إ»ن هذا الرجل قد خيّرك فلا تفضحينا»، فقالت: «فإني قد اخترت رسول الله صلى الله عليه وسلم»، قال: «قد والله فضحتنا». كان والدها يرى في زواجها من الرسول حطّا منه ومن قبيلته المنهزمة أمام إسلام منتصر باستمرار.
وكان ثابت بن قيس بن شماس بن أبي زهير الأنصاري أحد الخزرع، وأخوه - ويقال: ابن عمّ له - أصابها يوم المريسيع، فكاتباها على سبع أواق. فأتت النبيّ تطلب منه أن يساعدها على مكاتبتها [المكاتبة: معاملة بين عبْد، أو أسير، وسيّد، على أنْ يؤدّي مبلغا معيّنا من المال ويصبح حرّا بعد ذلك، وهي قسمان: مشروطة، ولا يتحرّر العبد إلا بدفع الكلّ، ومطلقة ويتحرّر من العبد بقدر ما يدفع كل مرة، وسميت الأولى مطلقة لعدم اشتراط الحرّية بدفع كلّ المال، وسُمّيت الثانية مشروطة لاشتراط ذلك].
وهي التي قيل فيها: «جعل صداقها عتقها وعتق أربعين من أهل بيتها». فلما عتقوا، انصرفوا. ولم يبق مصطلقية عند رجل من المسلمين إلا أعتقها صاحبها. فكانت أعظم امرأة، كما يقال، بَرَكة على قومها. وقال بعض الرواة: أعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل عتقها فقط صداقها.
وفي إطار الصراع بيْن ضرائر الرسول، جاءتْ جويرية يوْما تشتكي قائلة: «يا رسول الله: إنّ نساءك يفخرن عليّ ويقلن: لمْ يتزوّجك رسول الله»، فكانَ يجيبها:»أَلَمْ أعْظم صداقك؟ ألمْ أعتق أربعين من قومك؟ « وكانت جويرية ممن ضُرب عليها الحجاب. وتوفيتْ جويرية في شهر ربيع الأول سنة ستّ وخمسين، وصلى عليها مروان بن الحكم. وكان الرسول قد تزوّجها وهي في العشرين من عمرها.
غدا: صفية، يهودية
في بيْت النبيّ
مصطفى النّحال
كثيرةٌ هي الكتابات والتعليقاتُ والحَواشي التي أُلّفَتْ عن الرّسُول وزوْجاته: كمْ عددهنّ، وهلْ كلهنّ مسْلمات؟ وهل تزوّج عائشة حقّا وهي بنْت تسع سنين؟ وهلْ كانتْ له علاقة خارج الزّواج، أوْ ما كان يُطلق عليه اسم «أمّ الولد»، وما سببُ ذلك؟ إلى غيرها من الأسئلة. يمكنُ تقسيم هذه الكتابات والتعليقات، عُمُوما، إلى نوْعيْن اثنيْن: نوْع تمجيديّ لا يعمل سوى على تكْرار ما قاله القدماء، أوْ على الأصَحّ كتابات معيّنة للقدماء. وهو تكرار ينطلقُ من رؤْية تقديسيّة للتاريخ، بلْ وتجْهَلُ حقيقة التاريخ الإسلامي، ومختلف سياقاته السّياسية والقَبَليّة والدّينية والجهوية. هذه الحلقات ستكون عرْضا موضوعيا لما دوّنته السير النبوية وكتب الأخبار الأولى، القريبة جدا من عصر الرسول، قبْل أنْ تظهر كتب التفسير والتأويلات الإضافية.هي أسيرة من سبايا بني المصطلق، سباها الرّسول يوم المريسع، واسمها برّة بنت الحارث بن ضرار الخزاعي، والرسول هو الذي أطلق عليها اسم «جويْرية الذي هو اسْم تصغير لجارية. وقدْ كانت متزوجة قبله من مسافع بن صفوان بن سرح بن مالك الذي قٌتل يوم المريسع على يد المسلمين.
و»المُرَيْسيع»: ماء لبني خزاعة سُمّيتْ به هذه الغزْوة، المعروفة أيْضا ب»غزوة بني المصطلق»، وهم فرْع من قبيلة خزاعة. وقعتْ في السنة الخامسة للهجرة، سنة 626 م، وسببها أنّ الحارث بن ضرار الخزاعي كان قد أعدّ لمحاربة الرسول، الذي خرج ومعه كثير من المنافقين لم يخرجوا في غزوة قطّ مثلها، وكان معه ثلاثون من الخيل، عشرة للمهاجرين وعشرون للأنصار واستعمل على المدينة زيد بن حارثة، وخرجت معه عائشة وأمّ سلمة، وقَتَل الرسول جاسوسا للمشركين، وبلغ المُرَيْسيع وهاجم المسلمون المشركين، وقتلوا منهم عشرة وأسروا باقيهم، وكانوا أكثر من سبعمائة، وسبوا الرجال والنساء والذرية وساقوا النعم والشاء ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد وهو هشام بن صبابة.
وكان من جملة السّبي: «جُوَيرية» بنت الحارث بن أبي ضرار، رئيس بني المصطلق. اختارها الرسول زوجة له في السنة السادسة للهجرة بعد أنْ وقعتْ في سهْم احد رجاله، وكانت يوم سباها ابنة عشرين عاما (الطبقات الكبرى، باب جويرية بنت الحارث).
تروي عائشة، كالعادة، تفاصيل هذه العلاقة كما يلي: «لمّا قسم النبيّ سبايا بني المصطلق، وقعتْ جُويرية في سهم ثابت بن قيس فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فجاءت إلى النبي تستعينه قالت عائشة فوالله ما أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها وعرفت أنه( أيْ النبيّ) سيرى منها ما رأيتُ، فقالت: «أنا جويرية بنت الحارث سيّد قومه، وقعتُ في سهم ثابت بن قيس، فجئتكَ أستعينك على كتابتي». قال النبيّ: «فهل لك خير من ذلك؟ قالت: «ما هو يا رسول الله؟»، قال «أقضي عنك كتابك وأتزوّجك»، فقالت: «نعم يا رسول الله»، قال النبيّ: «قد فعلت». وكان شعار المسلمين يوم بني المصطلق يا منصور أمت أمت. (انظر:»سيرة ابن هشام»، غزوة بني المصطلق).
ويضيف ابن سعد في «الطبقات الكبرى، تفْصيلا آخر مفاده أنّ النبيّ «سبى جويرية بنت الحارث، فجاء أبوها إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال ّإنّ ابنتي لا يُسبى مثلها فأنا أكرم من ذاك، فخلّ سبيلها. قال: «أرأيتَ إنْ خيّرناها أليس قد أحسنا؟، قال «بلى وأدّيتَ ما عليك»، قال فأتاها أبوها فقال: إ»ن هذا الرجل قد خيّرك فلا تفضحينا»، فقالت: «فإني قد اخترت رسول الله صلى الله عليه وسلم»، قال: «قد والله فضحتنا». كان والدها يرى في زواجها من الرسول حطّا منه ومن قبيلته المنهزمة أمام إسلام منتصر باستمرار.
وكان ثابت بن قيس بن شماس بن أبي زهير الأنصاري أحد الخزرع، وأخوه - ويقال: ابن عمّ له - أصابها يوم المريسيع، فكاتباها على سبع أواق. فأتت النبيّ تطلب منه أن يساعدها على مكاتبتها [المكاتبة: معاملة بين عبْد، أو أسير، وسيّد، على أنْ يؤدّي مبلغا معيّنا من المال ويصبح حرّا بعد ذلك، وهي قسمان: مشروطة، ولا يتحرّر العبد إلا بدفع الكلّ، ومطلقة ويتحرّر من العبد بقدر ما يدفع كل مرة، وسميت الأولى مطلقة لعدم اشتراط الحرّية بدفع كلّ المال، وسُمّيت الثانية مشروطة لاشتراط ذلك].
وهي التي قيل فيها: «جعل صداقها عتقها وعتق أربعين من أهل بيتها». فلما عتقوا، انصرفوا. ولم يبق مصطلقية عند رجل من المسلمين إلا أعتقها صاحبها. فكانت أعظم امرأة، كما يقال، بَرَكة على قومها. وقال بعض الرواة: أعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل عتقها فقط صداقها.
وفي إطار الصراع بيْن ضرائر الرسول، جاءتْ جويرية يوْما تشتكي قائلة: «يا رسول الله: إنّ نساءك يفخرن عليّ ويقلن: لمْ يتزوّجك رسول الله»، فكانَ يجيبها:»أَلَمْ أعْظم صداقك؟ ألمْ أعتق أربعين من قومك؟ « وكانت جويرية ممن ضُرب عليها الحجاب. وتوفيتْ جويرية في شهر ربيع الأول سنة ستّ وخمسين، وصلى عليها مروان بن الحكم. وكان الرسول قد تزوّجها وهي في العشرين من عمرها.
غدا: صفية، يهودية
في بيْت النبيّ
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
نساءُ الرسول -19- صفية، يهودية في بيْت النبيّ
« ألا قلت: أبي هارون، وعمّي موسى، وزوْجي محمد، فهل فيكنّ مثلي؟»
صفيّة بنت حييّ، أسيرة أخرى، يهوديّة، امرأة جميلة من سبايا معركة خيْبر، وقعتْ في سهْم الرّسول في السنة السادسة من الهجرة، تزوّجها وهي لم تتجاوز سنّ 17 سنة؛ وكانَ زوْجها كنانة بن الربيع صاحب حصن خيبر قدْ قُتل خلال هذه المعركة، كما قٌتل أبوها حيّ ابن أحطب، وقُتل أخوها. ذلك أنه «لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وغنّمه الله أموالهم، سبى صفية بنت حيي وبنت عمّ لها من القموص، فأمر بلالا يذهب بهما إلى رَحْله، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صفيّ[أيْ من اختيار] من كلّ غنيمة، فكانت صفيّة مما اصطفى يوم خيبر وعرض عليها النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يعتقها إن اختارت الله ورسوله، فقالت: «أختار الله ورسوله»، وأسلمت فأعتقها وتزوّجها وجعل عتقها مهره». («الطبقات الكبرى، المجلد السادس، ص. 90)
كما يروي ابن هشام في «السيرة النبوية»، في «باب ذكر المسير إلى خيبر»، أنّه «أتي النبيّ بكنانة بن الربيع، زوج صفية بنت حييّ، وكان عنده كنز بني النضير فسأله عنه فَجَحَد(أيْ أنكر) أنْ يعرف مكانه، فأتى النبيّ برجل من يهود، فقال الرجل: «رأيت كنانة يطوف بهذه الخربة كلّ يوم»، فقال النبيّ لكنانة زوج صفية: «أرأيت إنْ وجدناه عندك أأقتلك؟»، قال: «نعمْ»، فأمر النبيّ بالخربة فحُفرتْ، فأخرج منها بعض كنزهم؛ ثمّ سأله عن الباقي فأبى أن يدّله، فأمر النبيّ الزبير بن العوام وقال: «عذّبه حتى يقرّ، فكان الزبير يقدح بزنْده في صدره حتى قاربَ الموت، ثمّ دفعه النبيّ إلى محمد بن مسلمة ليضرب عنقه، فضربها وكان أخو مسلمة قتل في هذه الحرب.».
تضيف نصوص أخرى أنّ الرسول لمْ تقع في سهْمه صفيّة فقط، بلْ حتى أخت لها، فوهبها لدحية من خليفة الكلبي. وجعل الرسولُ مهرَ صفيّة عتقها، وأعرس بها في طريقه بعد أنْ حاضتْ حيْضة، فسترت بكسائين. ومشطتها أم سليم - وهي أمّ أنس بن مالك وعطّرتها.
ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بها. بات أبو أيوب الأنصاري خالدُ بن زيد على باب الستارة، أو بقربها، شاهراً سيفه. فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم، رآه قال: يا أبا أيوب، مالك شهرت سيفك؟ فقال: يا رسول الله، جارية حديثة عهد بالعرس، وكنتَ قتلتَ أباها وزوجها، فلم آمنها. فضحك، وقال خيْراً». (أنساب الأشراف، البلاذري).
ولما وصلَ الرسول إلى المدينة، أنزل صفية بيتاً من بيوت الأنصار، فجاء نساء الأنصار ينظرن إليها. وانتقبتْ عائشة رضي الله تعالى عنها، وجاءت فنظرت. فعرفها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. فلما خرجت، اتبعها فقال: كيف رأيتها يا عائشة قالت: «رأيتها يهودية بنت يهوديّين»، فقال: «لا تقولي هذا يا عائشة، فإنه قد حسن إسلامها». وقالت زينب لجويرية: «ما أرى هذه الجارية إلاّ ستغلبنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فقالت جويرية: «كلاّ، إنها من نساء قلّما يحظين عند الأزواج»، وجرى بينها وبين عائشة ذات يوم كلام، فعيّرتها باليهودية، وفخرتْ عليها. فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: « ألا قلت: أبي هارون، وعمّي موسى، وزوْجي محمد، فهل فيكنّ مثلي؟». وتوفيت صفية بنت حييّ في سنة خمسين، وكان
عمر بن الخطاب قد فرض لنساء الرسول عشرة آلاف، وفضّل عائشة بألفين لقربها الكبير من الرسول، بينما فرض لكلّ من جويرية وصفية ستة آلاف ستة آلاف.
غدا: ميمونة بنت الحارث، آخر زوجة رسميّة للرسول
مصطفى النّحال
كثيرةٌ هي الكتابات والتعليقاتُ والحَواشي التي أُلّفَتْ عن الرّسُول وزوْجاته: كمْ عددهنّ، وهلْ كلهنّ مسْلمات؟ وهل تزوّج عائشة حقّا وهي بنْت تسع سنين؟ وهلْ كانتْ له علاقة خارج الزّواج، أوْ ما كان يُطلق عليه اسم «أمّ الولد»، وما سببُ ذلك؟ إلى غيرها من الأسئلة. يمكنُ تقسيم هذه الكتابات والتعليقات، عُمُوما، إلى نوْعيْن اثنيْن: نوْع تمجيديّ لا يعمل سوى على تكْرار ما قاله القدماء، أوْ على الأصَحّ كتابات معيّنة للقدماء. وهو تكرار ينطلقُ من رؤْية تقديسيّة للتاريخ، بلْ وتجْهَلُ حقيقة التاريخ الإسلامي، ومختلف سياقاته السّياسية والقَبَليّة والدّينية والجهوية. هذه الحلقات ستكون عرْضا موضوعيا لما دوّنته السير النبوية وكتب الأخبار الأولى، القريبة جدا من عصر الرسول، قبْل أنْ تظهر كتب التفسير والتأويلات الإضافية.« ألا قلت: أبي هارون، وعمّي موسى، وزوْجي محمد، فهل فيكنّ مثلي؟»
صفيّة بنت حييّ، أسيرة أخرى، يهوديّة، امرأة جميلة من سبايا معركة خيْبر، وقعتْ في سهْم الرّسول في السنة السادسة من الهجرة، تزوّجها وهي لم تتجاوز سنّ 17 سنة؛ وكانَ زوْجها كنانة بن الربيع صاحب حصن خيبر قدْ قُتل خلال هذه المعركة، كما قٌتل أبوها حيّ ابن أحطب، وقُتل أخوها. ذلك أنه «لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، وغنّمه الله أموالهم، سبى صفية بنت حيي وبنت عمّ لها من القموص، فأمر بلالا يذهب بهما إلى رَحْله، فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صفيّ[أيْ من اختيار] من كلّ غنيمة، فكانت صفيّة مما اصطفى يوم خيبر وعرض عليها النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يعتقها إن اختارت الله ورسوله، فقالت: «أختار الله ورسوله»، وأسلمت فأعتقها وتزوّجها وجعل عتقها مهره». («الطبقات الكبرى، المجلد السادس، ص. 90)
كما يروي ابن هشام في «السيرة النبوية»، في «باب ذكر المسير إلى خيبر»، أنّه «أتي النبيّ بكنانة بن الربيع، زوج صفية بنت حييّ، وكان عنده كنز بني النضير فسأله عنه فَجَحَد(أيْ أنكر) أنْ يعرف مكانه، فأتى النبيّ برجل من يهود، فقال الرجل: «رأيت كنانة يطوف بهذه الخربة كلّ يوم»، فقال النبيّ لكنانة زوج صفية: «أرأيت إنْ وجدناه عندك أأقتلك؟»، قال: «نعمْ»، فأمر النبيّ بالخربة فحُفرتْ، فأخرج منها بعض كنزهم؛ ثمّ سأله عن الباقي فأبى أن يدّله، فأمر النبيّ الزبير بن العوام وقال: «عذّبه حتى يقرّ، فكان الزبير يقدح بزنْده في صدره حتى قاربَ الموت، ثمّ دفعه النبيّ إلى محمد بن مسلمة ليضرب عنقه، فضربها وكان أخو مسلمة قتل في هذه الحرب.».
تضيف نصوص أخرى أنّ الرسول لمْ تقع في سهْمه صفيّة فقط، بلْ حتى أخت لها، فوهبها لدحية من خليفة الكلبي. وجعل الرسولُ مهرَ صفيّة عتقها، وأعرس بها في طريقه بعد أنْ حاضتْ حيْضة، فسترت بكسائين. ومشطتها أم سليم - وهي أمّ أنس بن مالك وعطّرتها.
ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بها. بات أبو أيوب الأنصاري خالدُ بن زيد على باب الستارة، أو بقربها، شاهراً سيفه. فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم، رآه قال: يا أبا أيوب، مالك شهرت سيفك؟ فقال: يا رسول الله، جارية حديثة عهد بالعرس، وكنتَ قتلتَ أباها وزوجها، فلم آمنها. فضحك، وقال خيْراً». (أنساب الأشراف، البلاذري).
ولما وصلَ الرسول إلى المدينة، أنزل صفية بيتاً من بيوت الأنصار، فجاء نساء الأنصار ينظرن إليها. وانتقبتْ عائشة رضي الله تعالى عنها، وجاءت فنظرت. فعرفها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. فلما خرجت، اتبعها فقال: كيف رأيتها يا عائشة قالت: «رأيتها يهودية بنت يهوديّين»، فقال: «لا تقولي هذا يا عائشة، فإنه قد حسن إسلامها». وقالت زينب لجويرية: «ما أرى هذه الجارية إلاّ ستغلبنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فقالت جويرية: «كلاّ، إنها من نساء قلّما يحظين عند الأزواج»، وجرى بينها وبين عائشة ذات يوم كلام، فعيّرتها باليهودية، وفخرتْ عليها. فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: « ألا قلت: أبي هارون، وعمّي موسى، وزوْجي محمد، فهل فيكنّ مثلي؟». وتوفيت صفية بنت حييّ في سنة خمسين، وكان
عمر بن الخطاب قد فرض لنساء الرسول عشرة آلاف، وفضّل عائشة بألفين لقربها الكبير من الرسول، بينما فرض لكلّ من جويرية وصفية ستة آلاف ستة آلاف.
غدا: ميمونة بنت الحارث، آخر زوجة رسميّة للرسول
7/27/2013
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
نساءُ الرسول 20 : ميمونة بنت الحارث، آخر زوجة رسميّة للرسول
مصطفى النّحال
كثيرةٌ هي الكتابات والتعليقاتُ والحَواشي التي أُلّفَتْ عن الرّسُول وزوْجاته: كمْ عددهنّ، وهلْ كلهنّ مسْلمات؟ وهل تزوّج عائشة حقّا وهي بنْت تسع سنين؟ وهلْ كانتْ له علاقة خارج الزّواج، أوْ ما كان يُطلق عليه اسم «أمّ الولد»، وما سببُ ذلك؟ إلى غيرها من الأسئلة. يمكنُ تقسيم هذه الكتابات والتعليقات، عُمُوما، إلى نوْعيْن اثنيْن: نوْع تمجيديّ لا يعمل سوى على تكْرار ما قاله القدماء، أوْ على الأصَحّ كتابات معيّنة للقدماء. وهو تكرار ينطلقُ من رؤْية تقديسيّة للتاريخ، بلْ وتجْهَلُ حقيقة التاريخ الإسلامي، ومختلف سياقاته السّياسية والقَبَليّة والدّينية والجهوية. هذه الحلقات ستكون عرْضا موضوعيا لما دوّنته السير النبوية وكتب الأخبار الأولى، القريبة جدا من عصر الرسول، قبْل أنْ تظهر كتب التفسير والتأويلات الإضافية.ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير، وأمها هند بنت عوف من حمير. وكانت ميمونة، قبل الرسول متزوّجة من أبي سبرة بن أبي وهم، فخلف عليها. وميمونة هذه هي أخت زوجة أخرى للرسول من أمّها، وهي زينب بنت خزيمة. كما أنّ ميمونة هي آخر امرأة تزوّجها الرسول زواجا مُعلنا ولفظيّا، أيْ رسميّا بلغة اليوم.
يُقال أنّ الرسول بعث أبا رافع مولاه، ورجلاً من الأنصار إلى مكة، فخطبا ميمونة عليه. وذلك قبل خروجه من المدينة. فلما قدم مكة في عمرة القضاء، ابتنى بها.
لا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّه كلّما تعلّق الأمْر بزواج الرسول من ميْمونة هذه، في كتب السّير والأخبار، إلاّ وكانَ السؤال المطروح دائما هو: هلْ تزوّجها الرّسول وهو مُحرم أمْ بعد إحرامه؟ وبالطبع، فإنّ الجواب ينقسم إلى مَنْ يُثبت الإحرام، من جهة، وبين مَنْ ينفيه من جهة أخرى.
وهو ما نجده بالحرْف عند الواقدي، الذي يروي «عن عمر، عن الزهري، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس قال: «تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو حلال. وقال الزهري: بلغ سعيدَ بن المسّب أنّ عكرمة قال: تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم، فقال: كذب عكرمة؛ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم، فلما حلّ تزوّجها». («طبقات» ابن سعد، و»أنساب» البلاذري).
وقد تولّى العباسُ بن عبد المطلب، وكان هو وليّ أمرها لأنها كانتْ أختا شقيقة لأمّ ولده أمّ الفضل بنت الحارث الهلاليّة، تزويجها للرسولَ. يقول اين هشام : «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد الخروج لعمرة القضاء، بعث أوس بن خولي الأنصاري وأبا رافع إلى العباس في أن يزوجه ميمونة. فأضلاّ بعيريهما، فأقاما أياماً ببطن رابغ حتى وافاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. فصارا معه حتى قدما مكة. فأرسل إلى العباس فزوّجه إياها». ويقال: تزوّجها على ما تركتْ زينبُ بنت خزيمة.
وحدّثني عمر بن بكير، حدثني الهيثم بن عدي، عن المجالد بن سعيد، عن الشعبي قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة حين خرج لعمرة القضاء ثلاثة أيام، فبعث إليه حويطب بن عبد العزى: إنّ أجلك قد مضى، وانقضى الشرط، فأخرج من بلدنا. فقال له سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: كذبتَ، البلد بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم وآبائه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلاً يا سعيد. فقال خويطب: أقسمتُ عليك لما خرجتَ. فخرج، وخلف أبا رافع، وقال الحقني بميمونة. فحملها على قلوص. فجعل أهل مكة ينفرون بها، ويقولون: لا بارك الله لك. فوافى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بميمونة بسرف. فكان دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم بها بسرف، وهو على أميال من مكة.
حدثنا علي علي بن المديني، عن رجل ، عن ابن جريح، عن عطاء ن ميمونة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، خالةَ بن عباس، تُوفيت. قال: فذهبتُ معه إلى سرف، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أم المؤمنين لا تزعزوا بها، ولا تزلزلوا، وارفقوا، فإنه كان عند نبي ا لله تسع نسوة فكان يقسم لثمان ولا يقسم لتاسعة يريد صفية بنت حيّي، قال: وكانت آخرهنّ موتاً.
وروي عن عكرمة أن ميمونة وهبت نفسها للرسول. وتوفيت ميمونة بسرف، وهي آخر نساء النبيّ موتاً. وكان وفاتها سنة إحدى وستين. فقال عبد الله بن عباس، وهي خالته، للذين حملوها: ارفقوا بها، ولا تزعزعوا فإنها أمّكم، وموضعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم موضعها»، ويقال إنها ماتت بمكة، فحملها إلى سرف، فدفنت بسرف، وصلى عليها عبد الله بن عباس، وبقي بعدها، ست ستين وتوفي في سنة ثمان وستين.
وروي عن سفيان، عن زكريا، عن الشعبي.
في قول: « ومن ابتغيتَ ممن عزلتَ « ، قال: «هنّ نساء وهبن أنفسهم للنبي صلى الله عليه وسلم، لم يدخل بهن، ولم يتزوجهن أحد بعدُ.»
غدا: مارية، مسيحية أمّ ولد الرسول(1)
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
نساءُ الرسول -21- ... مارية القبطيّة، أمّ ولد النبيّ (1)
مصطفى النّحال
كثيرةٌ هي الكتابات والتعليقاتُ والحَواشي التي أُلّفَتْ عن الرّسُول وزوْجاته: كمْ عددهنّ، وهلْ كلهنّ مسْلمات؟ وهل تزوّج عائشة حقّا وهي بنْت تسع سنين؟ وهلْ كانتْ له علاقة خارج الزّواج، أوْ ما كان يُطلق عليه اسم «أمّ الولد»، وما سببُ ذلك؟ إلى غيرها من الأسئلة. يمكنُ تقسيم هذه الكتابات والتعليقات، عُمُوما، إلى نوْعيْن اثنيْن: نوْع تمجيديّ لا يعمل سوى على تكْرار ما قاله القدماء، أوْ على الأصَحّ كتابات معيّنة للقدماء. وهو تكرار ينطلقُ من رؤْية تقديسيّة للتاريخ، بلْ وتجْهَلُ حقيقة التاريخ الإسلامي، ومختلف سياقاته السّياسية والقَبَليّة والدّينية والجهوية. هذه الحلقات ستكون عرْضا موضوعيا لما دوّنته السير النبوية وكتب الأخبار الأولى، القريبة جدا من عصر الرسول، قبْل أنْ تظهر كتب التفسير والتأويلات الإضافية.مع مارية، وهي مسيحيّة من أقْباط مصر، نصلُ إلى علاقة زواج لا يقْبلها الناس اليوم ولا يفهمونها، ويصل الأمْر إلى عدم تصديق أنّ الرسول انخرط فيها كما انخرط فيها آخرون من صحابته ومحيطه: يتعلق الأمْر بما كانَ يسمّى «أمّ الولد»، وهي الأَمَة[أي الجارية] التي يتخذها الرّجل «زوجة» له، وينجبُ منها، لكنْ بدون إعلان زواج رسميّ. هي، كما يقول ابن قُدامة في «المُغْني» : «الأمَة التي تلد من سيّدها». من هنا يستنتج ابنُ قدامة، ومعمّما الحُكْم على الأنبياء والصحابة، أنّه «لا خلافَ في إباحة التّسرّي ووطْء الإماء ؛ لقول الله تعالى : «والذين هم لفُرُوجهم حافظون إلاّ على أزْواجهم أو ما ملكتْ أيمانهم فإنهم غير ملومين». وقد كانت مارية القبطية أمّ ولد النبي صلى الله عليه وسلم وهي أمّ إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم التي قال فيها: «أَعتَقَها ولدُها»، وكانت هاجر أمّ إسماعيل عليه السلام سُرِّيَّة إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام، وكان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمهات أولاد أوصى لكلّ واحدة منهنّ بأربعمائة ، وكان لعليّ رضي الله عنه أمهات أولاد، ولكثير من الصحابة. وكان علي بن الحسين والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله من أمهات الأولاد . يعني أن هؤلاء الثلاثة علي والقاسم وسالم كانت أمهاتهم من الإماء .» المغني « ( الجزء العاشر /ص. 411 ) .
الأمْرُ نفسه مع ابن كثير، الذي يقول في «تفسيره» المشهور: «وكان التَّسَرّي على الزّوْجة مباحاً في شريعة إبراهيم عليه السلام، وقد فعله إبراهيم عليه السلام في هاجر لما تسرّى بها على سارة»، مدقّقا تفسير ابن كثير « ( الجزء الأول /ص. 383 ). منْ ثمّ يفسّر «آيةَ اليمين» كما يلي: «وقوله تعالى : { وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك } الأحزاب / 50، أيْ: وأباح لك التسرّي مما أخذتَ من المغانم، وقد ملك صفيّة وجويرية فأعتقهما وتزوّجهما، وملكَ ريحانة بنت شمعون النضرية، ومارية القبطية أمّ ابنه إبراهيم عليهما السلام وكانتا من السراري رضي الله عنهما». « تفسير ابن كثير « ( 3 / 500 ) .
وبقدْر ما كانتْ عادة جارية ومعمولا بها يوْمها بلا حرج، بقدْر ما راح المتأخّرون، كالعادة، يبحثون عن أعذار ومبرّرات «مريحة» تبتعد بالحدث من منطقة «المُدنَّس، لترفعه إلى مستوى «المُقدّس»، كقوْلهم: «إنّ مارية القبْطية آمنتْ بالرسول فتزوجّها ليكنْ ذلك رحمة للناس من باقي الأديان»، أو «أنَّ الحكمةَ من زواجه هذا هو أنْ يُسْلم أهلُها وقبيلُتها لأنّها كانتْ قبطيّة، فإذا أُعجبتْ بتعامله مع القبْطيّين فإنها ستدعو أهلها للإسلام وجميع القبطيية لذلك»!!.
تذكر المصادر أنّ الرسول، في السنة السابعة للهجرة، والإسلام في أوْج انتصاره، بعد صُلح الحديْبية مع المُشركين، بدأ الرّسول في الدّعوة إلى الإسلام. ومن ثمّ كتب الرسول رسائلَ إلى الملوك آنذاك يدْعوهم فيها إلى الإسلام، واهتمّ بذلك اهتماماً كبيراً، فاختار من أصحابه من لهم معرفة وخبْرة، وأرسلهم إلى الملوك، ومن بين هؤلاء الملوك هرقل ملك الروم، كسرى أبرويز ملك فارس، المقوْقس ملك مصر والنجاشي ملك الحبشة. وكان أنْ تلقّى هؤلاء الملوك الرّسائل، وردّوا بالموافقة، ما عدا كسرى، ملك فارس، الذي مزّق الرسالة النبوية.
وكانَ الذي كلّفه الرسول بإيصال كتاب الرسول إلى المقوقس، حاكم الإسكندرية والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر، رجُل اسْمه حاطب بن أبي بلتعة، وهو أحد المهاجرينَ الذين كانَ عمر بن الخطاب قدْ اتهمه بالرّدّة، وكادَ أنْ يضربَ عنقه حين قال: «ائذنْ لي يا رسول الله في قتله»، فردّ عليه الرسول قائلا: «لا، إنه شهد بدراً[أيْ قاتل في معركة بدْر]، وإنك لا تدري، لعلّ الله قد اطّلع على أهْل بدر فقال: اعملوا ما شئتمْ، فإني غافر لكمْ»!!!. (انظر التفاصيل في كتاب «الصحاح»). وكان «حاطب» معروفاً ببلاغته وفصاحته، فقدّم كتاب الرسول إلى المقوقس الذي اُُعْجب بكلامه فقال: « إنّي قد نظرت في أمر هذا النبيّ فوجدته لا يأمر بزهودٍ فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجدهُ بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار بالنجوى»، وأخذ المقوقس كتاب النبي وختم عليه، وكتب إلى الرسول: «بسم الله الرحمن الرحيم، لمحمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد، فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبياً بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك».
وكانت الهديّةُ... جاريتيْن هما: مارية بنت شمعون القبطيّة وأختها شيرين أو سيرين.
غدا: مارية القبطيّة، أمّ ولد النبيّ(2)
7/30/2013
__________________
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
نساءُ الرسول .. نساءٌ خطبهنّ الرسول ولمْ يجتمع بهنّ
ولنبْدأ، أوّلا، ب»الكلابية»، واسْمها فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابي، وهناك من يقول بأنها عمرة بنت يزيد، أو العالية بنت ظبيان. ويجْمع ابن سعْد جميع هذه الأسماء قائلا: «قال بعضُهم: بلْ كنّ جميعا، ولكلّ واحدة منهن قصّة غير قصّة صاحبتها، وقد بيّنا ذلك وكتبْنا كلّ ما سمعناه من ذلك». (الطبقات الكبرى، الجزء السادس). وقالَ الزهري هي فاطمة بنت الضحاك بن سفيان، كانَ الرسول قد تزوّجها فاستعاذتْ منه فطلّقها. وتزوّجها في السنة الثامنة من الهجرة. والخبرُ نفسه يردُ، كالعادة، على لسان عائشة التي قالت: «تزوّج رسولُ الله الكلابيّة فلمّا دخلتُ عليه فَدَنا منها قالتْ إنّي أعوذُ بالله منك فقال رسول الله: «لقد عذتِ بعظيم، الْحقي بأهْلك».
ويدقّقُ ابنُ سعد قائلا: «كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد دخل بها ولكنه لما خير نساءه اختارت قومها ففارقها». وقيلَ إنما طلّقها الرسول الله لبياض كان بها. أما البلاذري فيردّ سبب مفارقتها إلى «مشكل سلوكيّ»، حيث أنه إذا خرج الرسول «تطلّعتْ إلى أهل المسجد فأخبر بذلك رسول الله أزواجه فقال إنكن تبغين عليها فقلن نحن نريكها وهي تطلع فقال رسول الله نعم فأرينه إياها وهي تطلع ففارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم» (الأنساب».
أمّا المرأة الثانية، فهي أسماء بنت النعمان بن أبي الجون بن الأسود. كانَ النعمان قد جاء عند الرسول معلنا إسلامه، فقال: «يا رسول الله، ألا أزوّجك أجملَ أيّمٍ في العرب، كانتْ تحت [أيْ متزوّجة من] ابن عمّ لها، فتوفي عنها فتأيّمت، وقد رغبتْ فيك وحطّتْ إليك. فتزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم على اثنتي عشرة أوقية ونش. فقال: «يا رسول الله لا تقصّر بها في المهر»، فقال رسول الله: «ما أصْدَقْتُ أحدا من نسائي فوق هذا، ولا أصدّق أحدا من بناتي فوق هذا»، فقال النعمان: «ففيك الأسى»، قال: «فابعثْ يا رسول الله إلى أهلك من يحملهم إليك، فأنا خارج مع رسولك فمرسل أهلك معه». فبعث معه رجلا يسمّى «أبا أسيد الساعدي»، الذي جاء بأسْماء إلى المدينة، فأنزلَها في بني ساعدة، فدخلتْ عليها نساء الحي، فرحبن بها وسهلن وخرجن من عندها، فذكرن جمالها وشاع بالمدينة قدومها. وقيل لها: «إنك من الملوك، فإنْ كنت تريدين أن تحظيْ عند رسول الله صلى الله عليه و سلم، فإذا جاءك فاستعيذي منه فإنك تحظين عنده ويرغب فيك». وفي روايات أخرى أنه لما جاء بها أبو أسيد الساعدي، خرج الرسول يمشي على رجليه حتى جاءها «فأقعى على ركبتيه ثم أهوى إليها ليقبّلها، وكذلك كان يصنع إذا اجتلى النساء، فقالت: «أعوذ بالله منك»، فانحرف رسول الله عنها وقال لها لقد استعذت معاذا ووثب عنها»، ثم أمر السّاعدي فردّها إلى قومها».
كما خطبَ الرّسول الكنْدية في السنة التاسعة من الهجرة، ولم يبن بها. وحين شرع الرسول في جلب نساء من فضاءات بعيدة، أيْ حين توجه نحو «الغرائب»، قالتْ عائشة زوجته: « قد وضعَ يدَهُ في الغرائب يوشكْنَ أنْ يصْرِفْنَ وجْهه عنّا، وكان خَطَبها حين وفدتْ كندة عليه إلى أبيها، فلمّا رآها نساء النبي صلى الله عليه و سلم حسدنها. كما خطب أسماء بنت النعمان المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة فأراد عمر أن يعاقبهما فقالت والله ما ضرب علي الحجاب ولا سميت أم المؤمنين فكف عنها.
ويروي البخاري في «صحيحه»، وابن سعد في «طبقاته» أنه لمّا «استعاذتْ أسماء بنت النعمان من النبيّ صلى الله عليه وسلم، خرج والغضبُ يُعرف في وجهه فقال له الأشعث بنُ قيس: «لا يسُؤْك الله يا رسول الله، ألا أزوّجْكَ مَنْ ليْس دونها في الجَمال والحَسَب؟»، قال: «مَنْ؟»، قال: «أخْتي قتيلة»، قال: «قدْ تزوّجْتُها». ومن ثمّ انْصَرَفَ الأشعث إلى حضرموت، ثمّ حَمَلَها حتّى إذا فصل من اليمن بَلَغَهُ وفاة الرّسول، فردّها إلى بلاده، وارتدّ وارتدت معه فيمنْ ارتدّ. فلذلك تزوّجتْ لفَسَاد النّكاح بالارْتداد، فتزوجها بعد ذلك عكرمة بن أبي جهل، فوجد [تألّمَ] أبو بكر من ذلك وجْدًا شديدًا، فقال له عُمَر: «يا خليفة رسول الله، إنها والله ما هي من أزْواجه، ما خيّرها ولا حَجَبها. ولقدْ برّأها الله منه بالارتداد الذي ارتدّتْ مع قوْمها».
وتزوّج النبيّ مليكة بنت كعب الليثي، وكانت تذكر بجمال بارع، فدخلت عليها عائشة فقالت لها أما تستحيين أن تنكحي [أيْ تتزوّجي] قاتلَ أبيك، فاستعاذتْ من الرسول فطلّقها، فجاء قومها إلى الرسول فقالوا: «يا رسول الله، إنها صغيرة، وإنّها لا رأي لها، وإنها خُدِعَتْ فارْتَجعْها، فأبى الرسول، فاستأذنوه أن يتزوجها قريب لها من بني عذرة، فأذن لهم فتزوّجها العذري وكان أبوها قتل يوم فتح مكة، قتله خالد بن الوليد بالخندمة.
وتزوج الرسول سنا بنت الصلت بن حبيب السلمية، فماتت قبل أن يصل إليها أخبرنا هشام بن محمد حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي قال جاء رجل من بني سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لي ابنة من جمالها وعقلها ما إني لأحسد الناس عليها غيرك فهم النبي صلى الله عليه و سلم أن يتزوجها ثم قال وأخرى يا رسول الله لا والله ما أصابها عندي مرض قط فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا حاجة لنا في ابنتك تجيئنا تحمل خطاياها لا خير في مال لا يرزأ منه وجسد لا ينال منه» («تاريخ» الطبري و»طبقات» ابن سعد).
غدا: نساء الرسول وفرْض الحجاب/1
لم يكن سيدي عبد الحي القادري وهو يحاكم الحركة الوهابية يجاملها أو يطري أصحابها، ولو حتى في تلطيف العبارة، بل بدا ناقدا فاحصا لعثرات هذه الحركة وأخطائها فقد تمكن من أن يحصر تعاليم هذه الحركة في عشرة. وهو حين يعرض هذه التعاليم العشرة، يأتي على إبطالها ودمغها بالحجة والدليل مزاوجا بين العمليتين
التعاليم العشرة:
1» يمنع الوهابيون من استقبال قبر رسول الله عند الدعاء ولا حجة لهم شرعية من كتاب أو سنة. وإبطال هذا المنع ظاهر فقد بينا إشارة الإمام مالك رضي الله عنه للمنصور العباسي بقوله «ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله بل استقبله»
2 «يمنع الوهابيون زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم معرضين على الأحاديث الواردة في الحض على زيارة قبره عليه الصلاة والسلام كقوله « من حج ولم يزرني فقد جفاني» .... وكقوله « من زارني في قبري فكأنما زارني في حياتي» ... على أنهم لو كانوا صادقين في اتباع مذهب الإمام أحمد لأقروا بندب الزيارة لأن إمامهم نفسه رحمه الله يقول إن الزيارة يستحب تقديمها إن كان الحج تطوعا. أما الإمام مالك فهو عنده وجوب تقديم الزيارة ما وسع الوقت للحج»
3 « الوهابيون ينكرون على الإمام البوصيري قوله في التوسل والتشفع بالجناب النبوي
يا أكرم الخلق من لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
وكذا قول الإمام في نفس الموضوع
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
وكذا قوله : ومن علومك علم اللوح والقلم
ونرد على الوهابي لإبطال هذه التعاليم الفاسدة، والانتقاد الخائب، بأن التوسل والتشفع بالجناب النبوي جاء به الكتاب والسنة وقد سبق أن عرضنا لذلك قبل وسار بذلك عمل الصحابة والتابعين والسلف الصالح. وأن الإمام مالك يقول للمنصور العباس.
إعلانهم الحرب الهوان على من يقرأ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم مولده الشريف. وإننا نستعجب من حماقة هذه الطائفة التي حرمت حب هذا النبي الكريم الذي يشهد بعلو شأنه ومكانته الفضلى أعداء الدين ، كيف حرمت قراءة مولده الشريف والاجتماع على سرد مولده وهو المبعوث بالرحمة والإنسانية والأخلاق فذكراه ذكرى لكل الفضائل مع أن هذه السنة الحسنة أجمع علماء السلف المشارق والمغارب على ارتضائها وعمل بها ملوك الشرق والغربمنذ القرن الثالث الهجري فهي بدعة حسنة. فقد قال صلى الله عليه وسلم» من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة» وهل هناك أفضل من مثل هذه السنة الاجتماع على ذكر الرسول (ص) وذكر معجزاته ... والأغرب من تحريم الوهابية لإحياء مولد الرسول (ص) هو أنهم في نفس الوقت لايهملون ذكر حياة زعيمهم الوهابي وسرد حروبه والقضاء على المسلمين. فهم بهذا يريدون أن يبقى لهم المجال واسعا ليختص الوهابي بذكراه دون سيد العالمين
لقد جاء إلى المغرب بعد سنوات قضاها في مدغشقر ثم وهران بالجزائر، ليمارس مهام المقيم العام ل 14 سنة كاملة. وهي أطول فترة قضاها مقيم عام فرنسي بالمغرب. ليس هذا فقط، بل أهميتها التاريخية أنها كانت مرحلة تأسيسية لشكل الإستعمار الفرنسي في إمبراطورية لها منطقها الدولتي في التاريخ، في كل الشمال الغربي لإفريقيا، هي الإمبراطورية الشريفية المغربية. وأن كل أساسات الدولة الحديثة قد وضعت في تلك المرحلة، على مستوى إعداد التراب، أو التنظيم المالي، أو القضاء، أو التعليم أو الفلاحة. ومن خلال ما دونه في مذكراته نتتبع بدقة كيف ولدت كل تلك الترسانة التنظيمية للدولة المغربية الحديثة، بلغة صاحبها التي لا تتردد في وصف ذلك بالعمل الإستعماري، المغلف بالدور الحضاري. وهي شهادة فيها الكثير من جوانب الجرأة الأدبية التي تستحق الإحترام. ثم الأساسي، أنه كرجل سياسة كتب شهادته وأرخ للأحداث عبر مذكراته الخاصة، من وجهة نظره، ولم يلد بالصمت، بل كان له حس تاريخي، يتأسس على إدراكه أنه يسجل كلمته للتاريخ.
لقد صدرت هذه المذكرات أول ما صدرت سنة 1927، أي سنة واحدة بعد مغادرته المغرب (بقي مقيما عاما بالمغرب من 1912 إلى 1926). ثم أعيد نشرها سنة 1944، قبل أن يعاد نشرها من قبل كلية الآداب بالرباط منذ سنة إحياء للذكرى 100 لاختيار الرباط عاصمة للمغرب. لنستمع لصانع من صناع التاريخ المغربي الحديث والمعاصر، كيف يروي قصة الأحداث من وجهة نظره. أو كما قال الزعيم اليساري الفرنسي فرانسوا ميتران عن مذكراته الخاصة هو: «هذه هي الحقيقة من الجهة التي كنت أنظر منها». أي أن للحقيقة دوما جهات أخرى للرؤية والنظر، يكملها عمليا المؤرخون.
باريس: 14 مارس 1917. (تتمة 1).
[خطاب كان مقررا أن يلقى أمام مجلس النواب، لكنه تم توقيفه عند السطر 14].
.... سأتوقف إذن عند تلخيص التنظيم الذي أنوي تحقيقه والأسس التي اعتمدت عليها لتحقيقه. فكل المهتمين بالطيران العسكري قد عبروا عن تخصيص إدارة مستقلة لها ضمن وحدات الجيش، حتى يتحقق التواصل التقني السلس بين كل أطرافها. وحاولت أن ألغي كل الحواجز المحبطة، فتحققت وحدة العمل المنظم. بل إنه مستقبلا ستتم العمليات كلها في إطار تكاملي دقيق، أستطيع أن أؤكد لكم ذلك. هذا التنظيم الجديد، لا يزال في بداياته، وعلينا أن نمنحه الوقت الكافي ليبرز حنكته ونتائجه الباهرة. علما أنه منذ وصولي طلبت الحصول على وضعية الطيران.
أول ما انتبهت إليه، كحقيقة مادية متحققة، هو كفاءة طيارينا المتميزة. أي كل هؤلاء الشبان المنخرطين في اكتشاف السماء والذين اكتسبوا خبرة فيها بحنكة وشجاعة وإيمان ونكران للذات وروح للتضحية نحييها عاليا. أما في ما يخص متطلبات العمل، فهنا وقفت على خيبات ومشاكل ومتبطات، التي تعود أسبابها، إلى غياب تلك الوحدة الإدارية المستقلة التي أردت خلقها وترسيمها. وأنا متأكد أن ذلك نفسه ما يشغل الكثيرين.
أكيد، أن الذين من بينكم، يهتمون بهذه الأمور بحمية وكفاءة أحييهم عليها عاليا، يدركون أكثر مني أنه في مجال مماثل، من الوهم انتظار النتائج بسرعة، بل لا بد من استثمار في الزمن. وأن الإنتصار على التخلف والتأخر في مجال مماثل لا يتحقق بسرعة، بل إن ذلك يتحقق بفضل الطاقات التي تبدل بشكل متواصل. وهاكم الخطوط الكبرى للتنظيم الذي نؤسسه له.
لتقييم الحاجيات الواجبة للعمل ميدانيا، وكذا تنسيق العمل داخليا، فإن الإدارة العامة المستقلة [للطيران الحربي]، ملزمة بتنسيق العمل للبحث عن الصناع وتحديد الحاجيات على المدى البعيد، وبرنامج التصنيع الواجب، بالشكل الذي يحقق تراكما في العمل بين الموجود والمنتظر تطويره من خلال إنتاج صناعي فعال وسريع. والقسم المكلف بالتصنيع قد انخرط فعليا في الإنتاج من خلال صانع محترف. فيما مهام القسم التقني، التي أعيدت لمهامها الطبيعية كمكتب دراسات وتجميع للمعلومات قد حددت بشكل واضح، مما سيسمح بوضع حد للتداخل السابق بين كونها مستهلكا ومنتجا في الآن نفسه. لقد توجهت الإدارة العامة الجديدة بحماسة صوب تعزيز قوة ضرباتنا الجوية والعمل على توفير كل الأسباب للنجاح بفعالية في ذلك.
مثلما أن توحيد مصالح التلغراف والبرق مع الطيران، التي صدمت بالتنافس القائم بينهما بكل ما يحلبه ذلك من سلبيات، سوف يتحقق بالشكل الذي يستجيب لانتظارت الكل. مثلما أن التنسيق مع البحرية قد انطلق من خلال عمليات ميدانية منجزة. مثلما أن ترسيم مكتب للربط بين الحلفاء قد انطلق العمل به، ولقد انخرطت فيه ثلاث قوات حليفة حتى الآن. (1)
لا يمكنني تقديم تفاصيل أكثر حتى لا أدخل في باب المحظور، لكن مكاتب الإدارة العامة ورؤساء الوحدات جاهزون لمن له الكفاءة ليطلعوه على المنجزات المتحققة في الميدان حتى يتسنى لنا كسب دعمكم الحاسم. من واجبي أن أستعرض أمامكم الخطوط العامة، لكن لي يقين أنه بدون تبجح، وبدون ادعاء فانطازي في مجال خصب سري مماثل، فإنه بدون هذه الإصلاحات، التي لا نريد بها ربح إعجاب العامة، لا يمكن أن نقبل إرضاء للبعض، باتباع طريق الخطأ، لهذا فقد اتخدنا إجراءات حاسمة ومفيدة. ولقد اتخدت تلك القرارات، بالتنسيق الكامل والشامل مع قائد قواتنا العسكرية العام، الذي ألتزم أمامكم بالعمل تحت إمرته بكل شغف الواجب ونزاهته، ما دمت مواصلا لمهامي [الوزارية]. وأهتبل هذه المناسبة لأعترف لكم أن التواصل متحقق بيننا بشكل سلس، بثقة، وفي احترام كامل لمسؤولياتنا المشتركة. لقد ترسخت لدينا القناعة معا، أنه من المستحيل قبول استمرار أسباب العطب بين مصالحنا. أن نترك للقيادة الميدانية المتقدمة حرية الحركة والتصرف، لكن من خلال انضباط لآليات مؤسساتية منظمة ودقيقة تسمح بإزالة كل أسباب العمل غير المنظم. وأن يسمح للحكومة بحق المراقبة والتتبع، تبعا لما تفرضه مهامها. لقد قررنا معا، أنا هو، أن لا نسمح قط بأي خدش للثقة بيننا، ولا لأي شقوق أن تتسرب لحائط الثقة بيننا، وأن لا نعير كثير اهتمام للأفواه المشوشة هنا وهناك. ومن خلال اعترافي هذا، أسعى أن أنقل إليكم يقين وحدة العمل بين فرعي مصالح الدفاع الوطني وهذا هو الضمانة للفوز والنجاح.
يمكنني التوقف هنا، والإكتفاء بهذه الرسالة، لكنني أطمع في رحابة صدركم، وأطلب منكم مزيدا من الإنصات لي بضع دقائق إضافية.
نحن في مرحلة حاسمة من الحرب، ونحن في حاجة إلى أن نترك للعمل براحة مزاج أمام عدو نواجهه وجها لوجه، لما فيه المصلحة العليا لوطننا. وأنا أخاطبكم بشغف العاطفة، من القلب إلى القلب، وأود أن أؤكد لكم، بصوت عال ما نهمس به بين بعضنا البعض هنا، هو أنه علينا تغيير أشكال اشتغالنا [عسكريا]. لنقلها بصراحة، إن الشعب، سواء الذي أبناؤه يحاربون في الجبهات بنكران هائل للذات، بشجاعة وبدل وتضحية، أو أبناؤه في الداخل الذين يدعمونهم من خلال الإبقاء على دورة الإنتاج، أن هذا الشعب قد مل الخطابات وهو متعطش للأفعال والقرارات والقيادة الصارمة والسلطة القوية. ونحن من لهم واجب اتخاد القرارات وممارسة السلطة. ولا يمكننا القيام بذلك، إلا بضمير مرتاح وبدون ضغط وباستثمار للزمن.
·هامش:
(1) كانت في الحقيقة، هذه هي البداية الجنينية الأولى لقيام الحلف الأطلنتي، الذي انطلق عمليا بتنسيق ميداني عسكري بين كل من إنجلترا وفرنسا وبلجيكا، في السنوات الأخيرة من الحرب العالمية الثانية. ومخطط الماريشال ليوطي مخطط استراتيجي جد متقدم وذكي، يعكس اتساع أفق رؤية الرجل المستقبلية. لكن المفارقة هي أنه حورب بشراسة في بلده فرنسا، ما جعله لم يستمر في منصب وزير الحرب سوى 3 أشهر ودفع دفعا إلى الإستقالة. بل تم أيضا الدفع نحو مغادرته باريس والعودة إلى المغرب لإبعاده عن التأثير في القرار السياسي والعسكري الميداني هناك.
أثار احتلال الضفة الغربية و خاصة القدس الشرقية بأماكنها المقدسة، حماسا كبيرا في إسرائيل، وسط الساكنة اليهودية العلمانية منها أو الدينية المطبقة.و بالنسبة لعدد من المؤمنين، فإن نصر يونيه 1967 كان «معجزة»، و أن إعادة بناء مملكة سليمان ذات جوهر إلهي و مقدمة لعودة المسيح. كانت البلاد تقدم للعالم مشهدا لا يُنسى: جنرالات و مسؤولون سياسيون من كافة التيارات، حوالي 250 ألف مواطن، من ضمنهم عشرات الآلاف من الجنود ببدلاتهم العسكرية، يهرعون للوقوف خشوعا أمام حائط المبكى، و هو حسب المُعتقد، طلل من أطلال محراب سليمان. كان العديد منهم يبكون تأثرا، يُصلون، و يضعون قطع ورق صغيرة في ثغرات الحائط، تتضمن رغباتهم و أمانيهم. كان الجنرال «شلومو غورين» الحاخام الأكبر للقوات المسلحة، مُحاطا بمؤمنين منتشين، يحمل لفافة مخطوطة من التوراة، و يُمسك «الشوفار» (قرن الكبش و هو أداة موروثة منذ القديم) الذي ينفخ فيه بيد و بالأخرى قنينة خمر. و بنفخه في «الشوفار»، كان يعلن بأن «تحرير» القدس الشرقية يُساوي في الأهمية أكثر أعياد اليهود قداسة «روش هاشانا» و «يوم كيبور». و كانت جماهير الزائرين تحتفل بالحدث و هي تغني في جوقة واحدة النشيد الوطني، الهاتيكفاه. و في اليوم نفسه، دعا الحاخام «غورين» القيادة العليا إلى نسف المسجد الأقصى، ثالث الأماكن المقدسة في الإسلام بعد المدينة و مكة، التي عرج منها النبي محمد (عليه السلام.م) إلى السماء. كان الحاخام يصيح «لنهدمه الآن و إلا فلن يُهدم» دون أن ينجح في إقناع العسكريين.
و في المقابل، تم هدم 135 منزلا بالجرافات من أجل تهيئة فضاء شاسع للتجمع قُبالة حائط المبكى، فطُرد سكان هذه البيوت ليلا دون سابق إنذار. فيما تم إسكان آلاف العائلات اليهودية في المنازل التي سكنوها في وقت من الأوقات، قبل حرب 1948 ، بينما الفلسطينيون الذين نزحوا من القدس الغربية في الفترة نفسها لم تتم إعادة إسكانهم و لا تعويضهم . و ستتضاعف مساحة القدس الشرقية فيما بعد، كي تمر من 70 إلى 134 كيلومترا مربعة، و ذلك نتيجة إلحاق 28 قرية فلسطينية ، مما أتاح بناء أحياء سكنية مُخصصة لليهود فقط، ستُطوق السكان الفلسطينيين و تفصلهم عن جيرانهم في بقية الضفة الغربية. و تم حل المجلس البلدي العربي للمدينة و أُقيل العُمدة المنتخب شرعيا بعد الضم الفعلي للقدس الشرقية، في 27 يونيه، أي بعد حوالي خمسة عشر يوما على نهاية الحرب. و بعد توحيد المدينة المقدسة بهذا الشكل، تم إعلانها «عاصمة أبدية» للدولة اليهودية. و هكذا تم تنصيب واحد من أكبر العوائق أمام مُصالحة عربية-إسرائيلية دون أن تقوم المجموعة الدولية بأي رد فعل باستثناء رفض أفلاطوني - من خلال قرارات بالأمم المتحدة خصوصا- بالاعتراف بالأمر الواقع. فيما سيحول الفيتو الأمريكي مرارا دون تبني المجموعة لأي عقوبة زجرية ضد إسرائيل، و هي الممارسة التي ستظل مستمرة حتى اليوم.
أما حكومة «ليفي أشكول» فستتصرف بشكل آخر حيال ما تبقى من الضفة الغربية، إذ لم يتم ضم هذه الأخيرة رسميا لإسرائيل، لسبب وجيه هو عدم رغبة الدولة اليهودية في استيعاب مليون فلسطيني إضافيين. و هكذا أُخضعت الضفة المحتلة لحُكم عسكري يتعامل بقسوة نادرة، مُحيلا الكثير من القرى و المراكز الحضرية إلى رماد ? قلقيلية مثلا دُمرت بالجرافات و المتفجرات- لأسباب «أمنية»، و مُجبرا أكثر من 350 ألفا من السكان على الرحيل. و سيتم إبعاد هؤلاء إلى الأردن حيث سيلتحقون بالآلاف من لاجئي 1948 . و لم يتخذ الحاكم العسكري أي تدبير لوقف عمليات النهب الواسعة التي يقوم بها الجنود، بما فيها تلك التي طالت المقرات الدبلوماسية ومقرات المنظمات الدولية، دون أن يتعرض الجُناة لأي عقاب.
و بعد يومين فقط على نهاية الحرب، تم اجتثات ثلاث قُرى غنية بكرومها ذات الجودة العالية، على الطريق بين تل أبيب و القدس، في اللطرون. و تم ترحيل أربعة آلاف شخص من سكانها بالقوة من دورهم قبل هدمها و إحالتها إلى ركام و رماد. و خلال تنقلاتي، فيما بعد، بواسطة سيارة الأجرة الجماعية، سينظر الركاب الإسرائيليون بجانبي بلامبالاة كاملة إلى السهل الواسع المجروف جيدا و الذي كان يحتضن القرى الثلاث، و فاجأني أنهم لا يجهلون فقط كل شيء عن هذه الفترة المأساوية ، بل يُنكرون حدوثها بالمرة. و قد كان رد الفعل المتشابه يُحاول إقناعي بأني «ضحية للدعاية العربية».
هذا بالرغم من أن «أموس كينان»، الروائي الشهير و الصحفي في يومية «يديعوت أحرونوت» واسعة الانتشار، و كان شاهد عيان على عملية «التطهير» التي خاضتها وحدة الجيش التي كان واحدا من أفرادها، قد كتب : «كان من بين المطرودين شيوخ يتمكنون بالكاد من المشي، و رُضع في أحضان أمهاتهم، و أطفال صغار يبكون طالبين الماء... و قد مات عدد من اللاجئين عطشا و جوعا بينما كان آخرون يتمنون الموت من كل قلبهم». و ذكر «كينان» أيضا أن كثيرا من الجنود الذين يحرسون موكب النازحين كانوا يبكون غضبا لأنهم لا يستطيعون مد يد العون لهم ، كانوا يغضبون ضد الأوامر الصادرة لهم ، لكنهم كجنود منضبطين، كانوا يطبقونها بحذافيرها بأسف و أسى مُمضين. و حسب المؤرخ الإسرائيلي «طوم سيغيف»، فإن الجنرال «موشي دايان» قد برر هدم القرى الثلاث و ترحيل سكانها في اجتماع لكبار الضباط بقوله : «هذه الأعمال تشكل جزءا من المظاهر السيئة و اللاشعبية التي تضمن نجاح المشروع الصهيوني».
لن تعود إسرائيل أبدا، ما كانته قبل حرب يونيه 1967 .فبعد أن تضاعفت مساحتها ثلاث مرات،فإن التغيرات التي ستعرفها ستطال المستويات جميعها: السياسي و الاقتصادي و الثقافي و الديني و الأخلاقي. و كما حصل في العالم العربي، فإن الأصولية الدينية ستنتشر في البلاد.و سيُسيطر المستوطنون و الحاخامات بمدارسهم التلمودية (يشيفوت) تدريجيا على جزء مهم من الأراضي المحتلة، و سيُشكلون مجموعة ضغط قوية نادرا ما تجرأت الحكومات المتعاقبة على مواجهتها و تحديها. فبعد 37 عاما، في 5 ماي 2004 ستعترف صحيفة «هاارتز» بألم في افتتاحية لها بأن « المستوطنين يُملون برنامجهم على دولة إسرائيل...فلا شيء يوقفهم. ليس هناك أية حركة، برلمانية أو خارج البرلمان، قادرة على مواجهتهم».
و كان بإمكان اليومية أن تضيف أن طبقة العسكريين قد أصبحت الركن الثاني للدولة، و الحليف فيما بعد مع لوبي المستوطنين. و تعود شعبية الجيش إلى نجاحاته الحربية، لكن أيضا إلى قدرته، التي يُفترض أنها لامحدودة، في الدفاع عن إسرائيل ضد جيرانها الذين يريدون خرابها. و قد ظهرت المعالم الأولى لهذه السلطة الموازية غداة حرب 1967 إذ دخل ثمانية أعضاء من القيادة العليا للجيش إلى البرلمان، بينما عُين العشرة الباقون في مناصب أساسية في الإدارة العمومية و في المنظمات الموازية للدولة. فسيُعين الجنرال «إسحق رابين» مثلا سفيرا في واشنطن، و هو أعلى منصب في التراتبية الدبلوماسية، قبل أن يحتل مناصب أخرى بالغة الأهمية ? على غرار عدد من الجنرالات ? داخل الحكومات اليمينية أو اليسارية، قبل أن يبلغ رئاسة الحكومة. و هكذا شهدت الممارسة السياسية، استقرار «لوبيين» قويين في قلب السلطة السياسية دون توقفهما أبدا عن التأثير على السياسة الإسرائيلية بل توجيهها.
فالمنعطف الذي أخذته البلاد مع حرب الأيام الستة كان مُذهلا. فتدفقت موجة من الصوفية المسيحية و أخرى من الصهيونية المتحمسة على الأرض المقدسة. و طفق انزلاق الرأي العام و الحكومات نحو اليمين يتقوى عاما بعد عام، جاعلين إبرام السلام مع الفلسطينيين أمرا مستحيلا. ففي نهاية 1969 ،فقد الحزب العمالي أغلبيته في البرلمان للمرة الأولى منذ إنشاء الدولة، مسجلا بذلك بداية الانحدار الذي سيؤول إلى انطفائه. و في المقابل شرع «ليكود» مناحيم بيغن، الذي لم يكُف بن غوريون عن نعته ب»الفاشي»، في التقدم إلى درجة أنه ضاعف عدد أعضائه ثلاث مرات في الحكومة التي سترأسها غولدا مايير، «السيدة الحديدية» حتى 1973.
و بدأت صورة إسرائيل في التراجع تدريجيا في أعين الرأي العام العالمي. فالدولة التي كانت تُعتبر قبل الحرب دولة مهددة بالدمار من طرف «جالوت» العربي المُتعطش للدم، أحرزت الآن موقع قوة عسكرية لا تُقهر، قوة احتلال تقمع سكانا يطمحون إلى حياة عادية داخل دولة كان ينبغي أن تكون دولتهم. أما الإسرائيليون، الذين لا يُشاطرون هذه الصورة، فقد انتهوا إلى الاعتقاد بأن العالم أجمع يعاديهم، كما تشهد بذلك التصويتات المتتالية داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذين كانت أغلبية أعضائها تقريبا تعارض سياسة الدولة الصهيونية.
و غداة تبني القرار 242، ساد بعض التفاؤل في الأوساط الدبلوماسية، في مصر، بخصوص دنو اتفاق، إن لم يكن اتفاق سلام فسيكون على الأقل اتفاق تعايش بين إسرائيل و جيرانها. و على مدار التحقيق الذي قمت به، فإن الشخصية الوحيدة التي كانت على حق، من بين العديد من الشخصيات التي حاورتها بشكل منهجي بالقاهرة، هو «إيفغيني بريماكوف»، مراسل البرافدا، الذي كان في نظر الصحفيين، يشكل الناطق شبه الرسمي للسفارة السوفياتية. و قد قال لي هذا الذي سيرأس الحكومة الروسية في عهد «بوريس إلتسين»، في نهاية التسعينات، بالحرف الواحد : «سأستغرب كثيرا إذا ما أعادت إسرائيل الضفة الغربية خلال الثلاثين عاما القادمة». أخطأ فقط في تحديد المدة القصوى للاحتلال.
الحلقة المقبلة: دايان أو «امبراطور الأراضي المحتلة»
قيل وقتها، حينما نددت القطاعات الحزبية وغير الحزبية بهذا التحجيم المقصود في مكانة المرأة وموقعها، قيل اٍن هناك اٍرادة لاحقة لتصحيح الاختلال على مستوى القطاعات الاٍدارية المختلفة، المناط بها اتخاد القرار، لكن لا شيء من ذاك تحقق، وبدا أن التراجع ليس حادثة سير صغيرة يمكن ترميم نتائجها، ولكنها اختيار بالقصد المقصود، يعكس ايديولوجيا معينة، ويعكس اختيارا مرجعيا قارا، وأسلوبا في التعاطي مع ملف القضية النسائية، ومرة أخرى ثبت بالملموس أن نقطة البدء عند المحافظين في مشاريعهم باتجاه إعادة هيكلة الحقل الاجتماعي والثقافي، هي ملف القضايا النسائية الذي يجري تهميشه و تقزيمه وسط خطاب وصخب «فقهي» سياسوي موروث من عصور الانحطاط.
اٍن المثل المغربي الرائع الذي يقول: «النهار المزيان باين من صباحو»، ينطبق تماما على حال التعاطي الحكومي الحالي بقيادة العدالة والتنمية مع موضوع النساء، ويحق لنا والحالة هذه، أن نطرح شكوكنا في رغبة الحزب الحاكم في تنزيل مقتضيات الدستور في موضوع المناصفة. والحقيقة أن ما يزيد شكوكنا هو الصمت المريب الذي وظفته الآلة الدعوية والأيديولوجية للحزب الحاكم وبعض وزرائه النافذين، حينما كان المجتمع كله بكل قواه منشغلا ببعض الحالات المأساوية، التي عرفها المشهد الوطني خلال السنة الماضية في موضوع معاناة النساء ،والذي كان أبرزها قضية أمينة الفيلالي.
ونعود اٍلى السؤال الأساسي هل يملك حزب الأغلبية حقا مشروعا في مجال المناصفة، يمكنه تقديمه جهارا والدفاع عنه والإقناع به؟ وإذا كان الأمر كذلك فما الذي ينتظر هذا الحزب الحاكم للإعلان عنه؟
كل المؤشرات تبين أنه لا يتوفر حقا على مثل هذا المشروع، وليست لأقطابه أية نية لحد الآن في برمجته، لا في إطار مشروع قانون تنظيمي ولا في اٍطار قوانين عادية تعمل على ملاءمة ما هو موجود من تشريعات مع المرجعيات الكونية، ولا حتى الجهر بطرح تصوره في نقاش عمومي، تشارك فيه الفعاليات النسائية لهذا الحزب، بالمكشوف وليس وراء ستار أو وراء أصوات الرجال. يحق لنا فعلا أن نتساءل لا فقط عما قدمته حكومة بنكيران لجماهير النساء خلال هذه المدة الطويلة من ممارستها للشأن العام، ولكن كذلك هل بإمكانها حقا أن تقدم شيئا على هذا الصعيد غير ترديد عموميات لا معنى لها ولا طعم؟ وسيكون من باب المجازفة بالنسبة للقوى النسائية الديمقراطية، أن تنتظر شيئا ما على هذا الصعيد من حزب أغلبية لا ينفك يعادي في الممارسة العملية مبدأ المناصفة نصا وروحا، سيكون من المجازفة بالنسبة للحركات النسائية الديمقراطية، انتظار استجابة فورية أو غير فورية من طرف الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، وبالتالي فلا مناص من تعبئة شاملة، تمكن حقا من بلورة مشروع تقدمي طموح في موضوع المناصفة، اعتمادا على التراكمات الايجابية، واعتمادا على الكفاءات النسائية الموجودة في كل مرافق العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي في بلادنا.
مصطفى النّحال
فضْلا عنْ نساء الرّسول، اللواتي خطبهنّ لنفسه، وتزوّج بهنّ بصفة «رَسْميّة»، وعن ماريّة القبْطية، أمّ ولده إبراهيم، هناك نساء خطبهنّ ولكنه لمْ يجتمع بهنّ للأسباب التي سنوردها عنْد ذكْر كلّ واحدة منهنّ. ومثلما فعلْنا مع النساء اللواتي تزوّجهنّ الرسول بصفة رسمية، فإننا سننقلُ نقْلا موضوعيّا ما تورده النصوص السيرية والتاريخية والأخبارية في هذا الشّأْن. المُلاحظة التي يمكن الخروج بها من الروايات القديمة هي أنها تكرّر نفس السبب الذي جعل الرسول يطلّق، أو لا يرغب، في في الجميلات من هذه العيّنة من النساء. هذا السبب هو أن الزوجة كانت، عندما تدخل بيته، تستعيذ منه. فهل يتعلق الأمر بتداخل للأخبار أم بالمرأة نفسها في بعض الحالات؟ولنبْدأ، أوّلا، ب»الكلابية»، واسْمها فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابي، وهناك من يقول بأنها عمرة بنت يزيد، أو العالية بنت ظبيان. ويجْمع ابن سعْد جميع هذه الأسماء قائلا: «قال بعضُهم: بلْ كنّ جميعا، ولكلّ واحدة منهن قصّة غير قصّة صاحبتها، وقد بيّنا ذلك وكتبْنا كلّ ما سمعناه من ذلك». (الطبقات الكبرى، الجزء السادس). وقالَ الزهري هي فاطمة بنت الضحاك بن سفيان، كانَ الرسول قد تزوّجها فاستعاذتْ منه فطلّقها. وتزوّجها في السنة الثامنة من الهجرة. والخبرُ نفسه يردُ، كالعادة، على لسان عائشة التي قالت: «تزوّج رسولُ الله الكلابيّة فلمّا دخلتُ عليه فَدَنا منها قالتْ إنّي أعوذُ بالله منك فقال رسول الله: «لقد عذتِ بعظيم، الْحقي بأهْلك».
ويدقّقُ ابنُ سعد قائلا: «كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد دخل بها ولكنه لما خير نساءه اختارت قومها ففارقها». وقيلَ إنما طلّقها الرسول الله لبياض كان بها. أما البلاذري فيردّ سبب مفارقتها إلى «مشكل سلوكيّ»، حيث أنه إذا خرج الرسول «تطلّعتْ إلى أهل المسجد فأخبر بذلك رسول الله أزواجه فقال إنكن تبغين عليها فقلن نحن نريكها وهي تطلع فقال رسول الله نعم فأرينه إياها وهي تطلع ففارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم» (الأنساب».
أمّا المرأة الثانية، فهي أسماء بنت النعمان بن أبي الجون بن الأسود. كانَ النعمان قد جاء عند الرسول معلنا إسلامه، فقال: «يا رسول الله، ألا أزوّجك أجملَ أيّمٍ في العرب، كانتْ تحت [أيْ متزوّجة من] ابن عمّ لها، فتوفي عنها فتأيّمت، وقد رغبتْ فيك وحطّتْ إليك. فتزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم على اثنتي عشرة أوقية ونش. فقال: «يا رسول الله لا تقصّر بها في المهر»، فقال رسول الله: «ما أصْدَقْتُ أحدا من نسائي فوق هذا، ولا أصدّق أحدا من بناتي فوق هذا»، فقال النعمان: «ففيك الأسى»، قال: «فابعثْ يا رسول الله إلى أهلك من يحملهم إليك، فأنا خارج مع رسولك فمرسل أهلك معه». فبعث معه رجلا يسمّى «أبا أسيد الساعدي»، الذي جاء بأسْماء إلى المدينة، فأنزلَها في بني ساعدة، فدخلتْ عليها نساء الحي، فرحبن بها وسهلن وخرجن من عندها، فذكرن جمالها وشاع بالمدينة قدومها. وقيل لها: «إنك من الملوك، فإنْ كنت تريدين أن تحظيْ عند رسول الله صلى الله عليه و سلم، فإذا جاءك فاستعيذي منه فإنك تحظين عنده ويرغب فيك». وفي روايات أخرى أنه لما جاء بها أبو أسيد الساعدي، خرج الرسول يمشي على رجليه حتى جاءها «فأقعى على ركبتيه ثم أهوى إليها ليقبّلها، وكذلك كان يصنع إذا اجتلى النساء، فقالت: «أعوذ بالله منك»، فانحرف رسول الله عنها وقال لها لقد استعذت معاذا ووثب عنها»، ثم أمر السّاعدي فردّها إلى قومها».
كما خطبَ الرّسول الكنْدية في السنة التاسعة من الهجرة، ولم يبن بها. وحين شرع الرسول في جلب نساء من فضاءات بعيدة، أيْ حين توجه نحو «الغرائب»، قالتْ عائشة زوجته: « قد وضعَ يدَهُ في الغرائب يوشكْنَ أنْ يصْرِفْنَ وجْهه عنّا، وكان خَطَبها حين وفدتْ كندة عليه إلى أبيها، فلمّا رآها نساء النبي صلى الله عليه و سلم حسدنها. كما خطب أسماء بنت النعمان المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة فأراد عمر أن يعاقبهما فقالت والله ما ضرب علي الحجاب ولا سميت أم المؤمنين فكف عنها.
ويروي البخاري في «صحيحه»، وابن سعد في «طبقاته» أنه لمّا «استعاذتْ أسماء بنت النعمان من النبيّ صلى الله عليه وسلم، خرج والغضبُ يُعرف في وجهه فقال له الأشعث بنُ قيس: «لا يسُؤْك الله يا رسول الله، ألا أزوّجْكَ مَنْ ليْس دونها في الجَمال والحَسَب؟»، قال: «مَنْ؟»، قال: «أخْتي قتيلة»، قال: «قدْ تزوّجْتُها». ومن ثمّ انْصَرَفَ الأشعث إلى حضرموت، ثمّ حَمَلَها حتّى إذا فصل من اليمن بَلَغَهُ وفاة الرّسول، فردّها إلى بلاده، وارتدّ وارتدت معه فيمنْ ارتدّ. فلذلك تزوّجتْ لفَسَاد النّكاح بالارْتداد، فتزوجها بعد ذلك عكرمة بن أبي جهل، فوجد [تألّمَ] أبو بكر من ذلك وجْدًا شديدًا، فقال له عُمَر: «يا خليفة رسول الله، إنها والله ما هي من أزْواجه، ما خيّرها ولا حَجَبها. ولقدْ برّأها الله منه بالارتداد الذي ارتدّتْ مع قوْمها».
وتزوّج النبيّ مليكة بنت كعب الليثي، وكانت تذكر بجمال بارع، فدخلت عليها عائشة فقالت لها أما تستحيين أن تنكحي [أيْ تتزوّجي] قاتلَ أبيك، فاستعاذتْ من الرسول فطلّقها، فجاء قومها إلى الرسول فقالوا: «يا رسول الله، إنها صغيرة، وإنّها لا رأي لها، وإنها خُدِعَتْ فارْتَجعْها، فأبى الرسول، فاستأذنوه أن يتزوجها قريب لها من بني عذرة، فأذن لهم فتزوّجها العذري وكان أبوها قتل يوم فتح مكة، قتله خالد بن الوليد بالخندمة.
وتزوج الرسول سنا بنت الصلت بن حبيب السلمية، فماتت قبل أن يصل إليها أخبرنا هشام بن محمد حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي قال جاء رجل من بني سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لي ابنة من جمالها وعقلها ما إني لأحسد الناس عليها غيرك فهم النبي صلى الله عليه و سلم أن يتزوجها ثم قال وأخرى يا رسول الله لا والله ما أصابها عندي مرض قط فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا حاجة لنا في ابنتك تجيئنا تحمل خطاياها لا خير في مال لا يرزأ منه وجسد لا ينال منه» («تاريخ» الطبري و»طبقات» ابن سعد).
غدا: نساء الرسول وفرْض الحجاب/1
لم يكن سيدي عبد الحي القادري وهو يحاكم الحركة الوهابية يجاملها أو يطري أصحابها، ولو حتى في تلطيف العبارة، بل بدا ناقدا فاحصا لعثرات هذه الحركة وأخطائها فقد تمكن من أن يحصر تعاليم هذه الحركة في عشرة. وهو حين يعرض هذه التعاليم العشرة، يأتي على إبطالها ودمغها بالحجة والدليل مزاوجا بين العمليتين
التعاليم العشرة:
1» يمنع الوهابيون من استقبال قبر رسول الله عند الدعاء ولا حجة لهم شرعية من كتاب أو سنة. وإبطال هذا المنع ظاهر فقد بينا إشارة الإمام مالك رضي الله عنه للمنصور العباسي بقوله «ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله بل استقبله»
2 «يمنع الوهابيون زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم معرضين على الأحاديث الواردة في الحض على زيارة قبره عليه الصلاة والسلام كقوله « من حج ولم يزرني فقد جفاني» .... وكقوله « من زارني في قبري فكأنما زارني في حياتي» ... على أنهم لو كانوا صادقين في اتباع مذهب الإمام أحمد لأقروا بندب الزيارة لأن إمامهم نفسه رحمه الله يقول إن الزيارة يستحب تقديمها إن كان الحج تطوعا. أما الإمام مالك فهو عنده وجوب تقديم الزيارة ما وسع الوقت للحج»
3 « الوهابيون ينكرون على الإمام البوصيري قوله في التوسل والتشفع بالجناب النبوي
يا أكرم الخلق من لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
وكذا قول الإمام في نفس الموضوع
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
وكذا قوله : ومن علومك علم اللوح والقلم
ونرد على الوهابي لإبطال هذه التعاليم الفاسدة، والانتقاد الخائب، بأن التوسل والتشفع بالجناب النبوي جاء به الكتاب والسنة وقد سبق أن عرضنا لذلك قبل وسار بذلك عمل الصحابة والتابعين والسلف الصالح. وأن الإمام مالك يقول للمنصور العباس.
إعلانهم الحرب الهوان على من يقرأ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم مولده الشريف. وإننا نستعجب من حماقة هذه الطائفة التي حرمت حب هذا النبي الكريم الذي يشهد بعلو شأنه ومكانته الفضلى أعداء الدين ، كيف حرمت قراءة مولده الشريف والاجتماع على سرد مولده وهو المبعوث بالرحمة والإنسانية والأخلاق فذكراه ذكرى لكل الفضائل مع أن هذه السنة الحسنة أجمع علماء السلف المشارق والمغارب على ارتضائها وعمل بها ملوك الشرق والغربمنذ القرن الثالث الهجري فهي بدعة حسنة. فقد قال صلى الله عليه وسلم» من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة» وهل هناك أفضل من مثل هذه السنة الاجتماع على ذكر الرسول (ص) وذكر معجزاته ... والأغرب من تحريم الوهابية لإحياء مولد الرسول (ص) هو أنهم في نفس الوقت لايهملون ذكر حياة زعيمهم الوهابي وسرد حروبه والقضاء على المسلمين. فهم بهذا يريدون أن يبقى لهم المجال واسعا ليختص الوهابي بذكراه دون سيد العالمين
لقد جاء إلى المغرب بعد سنوات قضاها في مدغشقر ثم وهران بالجزائر، ليمارس مهام المقيم العام ل 14 سنة كاملة. وهي أطول فترة قضاها مقيم عام فرنسي بالمغرب. ليس هذا فقط، بل أهميتها التاريخية أنها كانت مرحلة تأسيسية لشكل الإستعمار الفرنسي في إمبراطورية لها منطقها الدولتي في التاريخ، في كل الشمال الغربي لإفريقيا، هي الإمبراطورية الشريفية المغربية. وأن كل أساسات الدولة الحديثة قد وضعت في تلك المرحلة، على مستوى إعداد التراب، أو التنظيم المالي، أو القضاء، أو التعليم أو الفلاحة. ومن خلال ما دونه في مذكراته نتتبع بدقة كيف ولدت كل تلك الترسانة التنظيمية للدولة المغربية الحديثة، بلغة صاحبها التي لا تتردد في وصف ذلك بالعمل الإستعماري، المغلف بالدور الحضاري. وهي شهادة فيها الكثير من جوانب الجرأة الأدبية التي تستحق الإحترام. ثم الأساسي، أنه كرجل سياسة كتب شهادته وأرخ للأحداث عبر مذكراته الخاصة، من وجهة نظره، ولم يلد بالصمت، بل كان له حس تاريخي، يتأسس على إدراكه أنه يسجل كلمته للتاريخ.
لقد صدرت هذه المذكرات أول ما صدرت سنة 1927، أي سنة واحدة بعد مغادرته المغرب (بقي مقيما عاما بالمغرب من 1912 إلى 1926). ثم أعيد نشرها سنة 1944، قبل أن يعاد نشرها من قبل كلية الآداب بالرباط منذ سنة إحياء للذكرى 100 لاختيار الرباط عاصمة للمغرب. لنستمع لصانع من صناع التاريخ المغربي الحديث والمعاصر، كيف يروي قصة الأحداث من وجهة نظره. أو كما قال الزعيم اليساري الفرنسي فرانسوا ميتران عن مذكراته الخاصة هو: «هذه هي الحقيقة من الجهة التي كنت أنظر منها». أي أن للحقيقة دوما جهات أخرى للرؤية والنظر، يكملها عمليا المؤرخون.
باريس: 14 مارس 1917. (تتمة 1).
[خطاب كان مقررا أن يلقى أمام مجلس النواب، لكنه تم توقيفه عند السطر 14].
.... سأتوقف إذن عند تلخيص التنظيم الذي أنوي تحقيقه والأسس التي اعتمدت عليها لتحقيقه. فكل المهتمين بالطيران العسكري قد عبروا عن تخصيص إدارة مستقلة لها ضمن وحدات الجيش، حتى يتحقق التواصل التقني السلس بين كل أطرافها. وحاولت أن ألغي كل الحواجز المحبطة، فتحققت وحدة العمل المنظم. بل إنه مستقبلا ستتم العمليات كلها في إطار تكاملي دقيق، أستطيع أن أؤكد لكم ذلك. هذا التنظيم الجديد، لا يزال في بداياته، وعلينا أن نمنحه الوقت الكافي ليبرز حنكته ونتائجه الباهرة. علما أنه منذ وصولي طلبت الحصول على وضعية الطيران.
أول ما انتبهت إليه، كحقيقة مادية متحققة، هو كفاءة طيارينا المتميزة. أي كل هؤلاء الشبان المنخرطين في اكتشاف السماء والذين اكتسبوا خبرة فيها بحنكة وشجاعة وإيمان ونكران للذات وروح للتضحية نحييها عاليا. أما في ما يخص متطلبات العمل، فهنا وقفت على خيبات ومشاكل ومتبطات، التي تعود أسبابها، إلى غياب تلك الوحدة الإدارية المستقلة التي أردت خلقها وترسيمها. وأنا متأكد أن ذلك نفسه ما يشغل الكثيرين.
أكيد، أن الذين من بينكم، يهتمون بهذه الأمور بحمية وكفاءة أحييهم عليها عاليا، يدركون أكثر مني أنه في مجال مماثل، من الوهم انتظار النتائج بسرعة، بل لا بد من استثمار في الزمن. وأن الإنتصار على التخلف والتأخر في مجال مماثل لا يتحقق بسرعة، بل إن ذلك يتحقق بفضل الطاقات التي تبدل بشكل متواصل. وهاكم الخطوط الكبرى للتنظيم الذي نؤسسه له.
لتقييم الحاجيات الواجبة للعمل ميدانيا، وكذا تنسيق العمل داخليا، فإن الإدارة العامة المستقلة [للطيران الحربي]، ملزمة بتنسيق العمل للبحث عن الصناع وتحديد الحاجيات على المدى البعيد، وبرنامج التصنيع الواجب، بالشكل الذي يحقق تراكما في العمل بين الموجود والمنتظر تطويره من خلال إنتاج صناعي فعال وسريع. والقسم المكلف بالتصنيع قد انخرط فعليا في الإنتاج من خلال صانع محترف. فيما مهام القسم التقني، التي أعيدت لمهامها الطبيعية كمكتب دراسات وتجميع للمعلومات قد حددت بشكل واضح، مما سيسمح بوضع حد للتداخل السابق بين كونها مستهلكا ومنتجا في الآن نفسه. لقد توجهت الإدارة العامة الجديدة بحماسة صوب تعزيز قوة ضرباتنا الجوية والعمل على توفير كل الأسباب للنجاح بفعالية في ذلك.
مثلما أن توحيد مصالح التلغراف والبرق مع الطيران، التي صدمت بالتنافس القائم بينهما بكل ما يحلبه ذلك من سلبيات، سوف يتحقق بالشكل الذي يستجيب لانتظارت الكل. مثلما أن التنسيق مع البحرية قد انطلق من خلال عمليات ميدانية منجزة. مثلما أن ترسيم مكتب للربط بين الحلفاء قد انطلق العمل به، ولقد انخرطت فيه ثلاث قوات حليفة حتى الآن. (1)
لا يمكنني تقديم تفاصيل أكثر حتى لا أدخل في باب المحظور، لكن مكاتب الإدارة العامة ورؤساء الوحدات جاهزون لمن له الكفاءة ليطلعوه على المنجزات المتحققة في الميدان حتى يتسنى لنا كسب دعمكم الحاسم. من واجبي أن أستعرض أمامكم الخطوط العامة، لكن لي يقين أنه بدون تبجح، وبدون ادعاء فانطازي في مجال خصب سري مماثل، فإنه بدون هذه الإصلاحات، التي لا نريد بها ربح إعجاب العامة، لا يمكن أن نقبل إرضاء للبعض، باتباع طريق الخطأ، لهذا فقد اتخدنا إجراءات حاسمة ومفيدة. ولقد اتخدت تلك القرارات، بالتنسيق الكامل والشامل مع قائد قواتنا العسكرية العام، الذي ألتزم أمامكم بالعمل تحت إمرته بكل شغف الواجب ونزاهته، ما دمت مواصلا لمهامي [الوزارية]. وأهتبل هذه المناسبة لأعترف لكم أن التواصل متحقق بيننا بشكل سلس، بثقة، وفي احترام كامل لمسؤولياتنا المشتركة. لقد ترسخت لدينا القناعة معا، أنه من المستحيل قبول استمرار أسباب العطب بين مصالحنا. أن نترك للقيادة الميدانية المتقدمة حرية الحركة والتصرف، لكن من خلال انضباط لآليات مؤسساتية منظمة ودقيقة تسمح بإزالة كل أسباب العمل غير المنظم. وأن يسمح للحكومة بحق المراقبة والتتبع، تبعا لما تفرضه مهامها. لقد قررنا معا، أنا هو، أن لا نسمح قط بأي خدش للثقة بيننا، ولا لأي شقوق أن تتسرب لحائط الثقة بيننا، وأن لا نعير كثير اهتمام للأفواه المشوشة هنا وهناك. ومن خلال اعترافي هذا، أسعى أن أنقل إليكم يقين وحدة العمل بين فرعي مصالح الدفاع الوطني وهذا هو الضمانة للفوز والنجاح.
يمكنني التوقف هنا، والإكتفاء بهذه الرسالة، لكنني أطمع في رحابة صدركم، وأطلب منكم مزيدا من الإنصات لي بضع دقائق إضافية.
نحن في مرحلة حاسمة من الحرب، ونحن في حاجة إلى أن نترك للعمل براحة مزاج أمام عدو نواجهه وجها لوجه، لما فيه المصلحة العليا لوطننا. وأنا أخاطبكم بشغف العاطفة، من القلب إلى القلب، وأود أن أؤكد لكم، بصوت عال ما نهمس به بين بعضنا البعض هنا، هو أنه علينا تغيير أشكال اشتغالنا [عسكريا]. لنقلها بصراحة، إن الشعب، سواء الذي أبناؤه يحاربون في الجبهات بنكران هائل للذات، بشجاعة وبدل وتضحية، أو أبناؤه في الداخل الذين يدعمونهم من خلال الإبقاء على دورة الإنتاج، أن هذا الشعب قد مل الخطابات وهو متعطش للأفعال والقرارات والقيادة الصارمة والسلطة القوية. ونحن من لهم واجب اتخاد القرارات وممارسة السلطة. ولا يمكننا القيام بذلك، إلا بضمير مرتاح وبدون ضغط وباستثمار للزمن.
·هامش:
(1) كانت في الحقيقة، هذه هي البداية الجنينية الأولى لقيام الحلف الأطلنتي، الذي انطلق عمليا بتنسيق ميداني عسكري بين كل من إنجلترا وفرنسا وبلجيكا، في السنوات الأخيرة من الحرب العالمية الثانية. ومخطط الماريشال ليوطي مخطط استراتيجي جد متقدم وذكي، يعكس اتساع أفق رؤية الرجل المستقبلية. لكن المفارقة هي أنه حورب بشراسة في بلده فرنسا، ما جعله لم يستمر في منصب وزير الحرب سوى 3 أشهر ودفع دفعا إلى الإستقالة. بل تم أيضا الدفع نحو مغادرته باريس والعودة إلى المغرب لإبعاده عن التأثير في القرار السياسي والعسكري الميداني هناك.
أثار احتلال الضفة الغربية و خاصة القدس الشرقية بأماكنها المقدسة، حماسا كبيرا في إسرائيل، وسط الساكنة اليهودية العلمانية منها أو الدينية المطبقة.و بالنسبة لعدد من المؤمنين، فإن نصر يونيه 1967 كان «معجزة»، و أن إعادة بناء مملكة سليمان ذات جوهر إلهي و مقدمة لعودة المسيح. كانت البلاد تقدم للعالم مشهدا لا يُنسى: جنرالات و مسؤولون سياسيون من كافة التيارات، حوالي 250 ألف مواطن، من ضمنهم عشرات الآلاف من الجنود ببدلاتهم العسكرية، يهرعون للوقوف خشوعا أمام حائط المبكى، و هو حسب المُعتقد، طلل من أطلال محراب سليمان. كان العديد منهم يبكون تأثرا، يُصلون، و يضعون قطع ورق صغيرة في ثغرات الحائط، تتضمن رغباتهم و أمانيهم. كان الجنرال «شلومو غورين» الحاخام الأكبر للقوات المسلحة، مُحاطا بمؤمنين منتشين، يحمل لفافة مخطوطة من التوراة، و يُمسك «الشوفار» (قرن الكبش و هو أداة موروثة منذ القديم) الذي ينفخ فيه بيد و بالأخرى قنينة خمر. و بنفخه في «الشوفار»، كان يعلن بأن «تحرير» القدس الشرقية يُساوي في الأهمية أكثر أعياد اليهود قداسة «روش هاشانا» و «يوم كيبور». و كانت جماهير الزائرين تحتفل بالحدث و هي تغني في جوقة واحدة النشيد الوطني، الهاتيكفاه. و في اليوم نفسه، دعا الحاخام «غورين» القيادة العليا إلى نسف المسجد الأقصى، ثالث الأماكن المقدسة في الإسلام بعد المدينة و مكة، التي عرج منها النبي محمد (عليه السلام.م) إلى السماء. كان الحاخام يصيح «لنهدمه الآن و إلا فلن يُهدم» دون أن ينجح في إقناع العسكريين.
و في المقابل، تم هدم 135 منزلا بالجرافات من أجل تهيئة فضاء شاسع للتجمع قُبالة حائط المبكى، فطُرد سكان هذه البيوت ليلا دون سابق إنذار. فيما تم إسكان آلاف العائلات اليهودية في المنازل التي سكنوها في وقت من الأوقات، قبل حرب 1948 ، بينما الفلسطينيون الذين نزحوا من القدس الغربية في الفترة نفسها لم تتم إعادة إسكانهم و لا تعويضهم . و ستتضاعف مساحة القدس الشرقية فيما بعد، كي تمر من 70 إلى 134 كيلومترا مربعة، و ذلك نتيجة إلحاق 28 قرية فلسطينية ، مما أتاح بناء أحياء سكنية مُخصصة لليهود فقط، ستُطوق السكان الفلسطينيين و تفصلهم عن جيرانهم في بقية الضفة الغربية. و تم حل المجلس البلدي العربي للمدينة و أُقيل العُمدة المنتخب شرعيا بعد الضم الفعلي للقدس الشرقية، في 27 يونيه، أي بعد حوالي خمسة عشر يوما على نهاية الحرب. و بعد توحيد المدينة المقدسة بهذا الشكل، تم إعلانها «عاصمة أبدية» للدولة اليهودية. و هكذا تم تنصيب واحد من أكبر العوائق أمام مُصالحة عربية-إسرائيلية دون أن تقوم المجموعة الدولية بأي رد فعل باستثناء رفض أفلاطوني - من خلال قرارات بالأمم المتحدة خصوصا- بالاعتراف بالأمر الواقع. فيما سيحول الفيتو الأمريكي مرارا دون تبني المجموعة لأي عقوبة زجرية ضد إسرائيل، و هي الممارسة التي ستظل مستمرة حتى اليوم.
أما حكومة «ليفي أشكول» فستتصرف بشكل آخر حيال ما تبقى من الضفة الغربية، إذ لم يتم ضم هذه الأخيرة رسميا لإسرائيل، لسبب وجيه هو عدم رغبة الدولة اليهودية في استيعاب مليون فلسطيني إضافيين. و هكذا أُخضعت الضفة المحتلة لحُكم عسكري يتعامل بقسوة نادرة، مُحيلا الكثير من القرى و المراكز الحضرية إلى رماد ? قلقيلية مثلا دُمرت بالجرافات و المتفجرات- لأسباب «أمنية»، و مُجبرا أكثر من 350 ألفا من السكان على الرحيل. و سيتم إبعاد هؤلاء إلى الأردن حيث سيلتحقون بالآلاف من لاجئي 1948 . و لم يتخذ الحاكم العسكري أي تدبير لوقف عمليات النهب الواسعة التي يقوم بها الجنود، بما فيها تلك التي طالت المقرات الدبلوماسية ومقرات المنظمات الدولية، دون أن يتعرض الجُناة لأي عقاب.
و بعد يومين فقط على نهاية الحرب، تم اجتثات ثلاث قُرى غنية بكرومها ذات الجودة العالية، على الطريق بين تل أبيب و القدس، في اللطرون. و تم ترحيل أربعة آلاف شخص من سكانها بالقوة من دورهم قبل هدمها و إحالتها إلى ركام و رماد. و خلال تنقلاتي، فيما بعد، بواسطة سيارة الأجرة الجماعية، سينظر الركاب الإسرائيليون بجانبي بلامبالاة كاملة إلى السهل الواسع المجروف جيدا و الذي كان يحتضن القرى الثلاث، و فاجأني أنهم لا يجهلون فقط كل شيء عن هذه الفترة المأساوية ، بل يُنكرون حدوثها بالمرة. و قد كان رد الفعل المتشابه يُحاول إقناعي بأني «ضحية للدعاية العربية».
هذا بالرغم من أن «أموس كينان»، الروائي الشهير و الصحفي في يومية «يديعوت أحرونوت» واسعة الانتشار، و كان شاهد عيان على عملية «التطهير» التي خاضتها وحدة الجيش التي كان واحدا من أفرادها، قد كتب : «كان من بين المطرودين شيوخ يتمكنون بالكاد من المشي، و رُضع في أحضان أمهاتهم، و أطفال صغار يبكون طالبين الماء... و قد مات عدد من اللاجئين عطشا و جوعا بينما كان آخرون يتمنون الموت من كل قلبهم». و ذكر «كينان» أيضا أن كثيرا من الجنود الذين يحرسون موكب النازحين كانوا يبكون غضبا لأنهم لا يستطيعون مد يد العون لهم ، كانوا يغضبون ضد الأوامر الصادرة لهم ، لكنهم كجنود منضبطين، كانوا يطبقونها بحذافيرها بأسف و أسى مُمضين. و حسب المؤرخ الإسرائيلي «طوم سيغيف»، فإن الجنرال «موشي دايان» قد برر هدم القرى الثلاث و ترحيل سكانها في اجتماع لكبار الضباط بقوله : «هذه الأعمال تشكل جزءا من المظاهر السيئة و اللاشعبية التي تضمن نجاح المشروع الصهيوني».
لن تعود إسرائيل أبدا، ما كانته قبل حرب يونيه 1967 .فبعد أن تضاعفت مساحتها ثلاث مرات،فإن التغيرات التي ستعرفها ستطال المستويات جميعها: السياسي و الاقتصادي و الثقافي و الديني و الأخلاقي. و كما حصل في العالم العربي، فإن الأصولية الدينية ستنتشر في البلاد.و سيُسيطر المستوطنون و الحاخامات بمدارسهم التلمودية (يشيفوت) تدريجيا على جزء مهم من الأراضي المحتلة، و سيُشكلون مجموعة ضغط قوية نادرا ما تجرأت الحكومات المتعاقبة على مواجهتها و تحديها. فبعد 37 عاما، في 5 ماي 2004 ستعترف صحيفة «هاارتز» بألم في افتتاحية لها بأن « المستوطنين يُملون برنامجهم على دولة إسرائيل...فلا شيء يوقفهم. ليس هناك أية حركة، برلمانية أو خارج البرلمان، قادرة على مواجهتهم».
و كان بإمكان اليومية أن تضيف أن طبقة العسكريين قد أصبحت الركن الثاني للدولة، و الحليف فيما بعد مع لوبي المستوطنين. و تعود شعبية الجيش إلى نجاحاته الحربية، لكن أيضا إلى قدرته، التي يُفترض أنها لامحدودة، في الدفاع عن إسرائيل ضد جيرانها الذين يريدون خرابها. و قد ظهرت المعالم الأولى لهذه السلطة الموازية غداة حرب 1967 إذ دخل ثمانية أعضاء من القيادة العليا للجيش إلى البرلمان، بينما عُين العشرة الباقون في مناصب أساسية في الإدارة العمومية و في المنظمات الموازية للدولة. فسيُعين الجنرال «إسحق رابين» مثلا سفيرا في واشنطن، و هو أعلى منصب في التراتبية الدبلوماسية، قبل أن يحتل مناصب أخرى بالغة الأهمية ? على غرار عدد من الجنرالات ? داخل الحكومات اليمينية أو اليسارية، قبل أن يبلغ رئاسة الحكومة. و هكذا شهدت الممارسة السياسية، استقرار «لوبيين» قويين في قلب السلطة السياسية دون توقفهما أبدا عن التأثير على السياسة الإسرائيلية بل توجيهها.
فالمنعطف الذي أخذته البلاد مع حرب الأيام الستة كان مُذهلا. فتدفقت موجة من الصوفية المسيحية و أخرى من الصهيونية المتحمسة على الأرض المقدسة. و طفق انزلاق الرأي العام و الحكومات نحو اليمين يتقوى عاما بعد عام، جاعلين إبرام السلام مع الفلسطينيين أمرا مستحيلا. ففي نهاية 1969 ،فقد الحزب العمالي أغلبيته في البرلمان للمرة الأولى منذ إنشاء الدولة، مسجلا بذلك بداية الانحدار الذي سيؤول إلى انطفائه. و في المقابل شرع «ليكود» مناحيم بيغن، الذي لم يكُف بن غوريون عن نعته ب»الفاشي»، في التقدم إلى درجة أنه ضاعف عدد أعضائه ثلاث مرات في الحكومة التي سترأسها غولدا مايير، «السيدة الحديدية» حتى 1973.
و بدأت صورة إسرائيل في التراجع تدريجيا في أعين الرأي العام العالمي. فالدولة التي كانت تُعتبر قبل الحرب دولة مهددة بالدمار من طرف «جالوت» العربي المُتعطش للدم، أحرزت الآن موقع قوة عسكرية لا تُقهر، قوة احتلال تقمع سكانا يطمحون إلى حياة عادية داخل دولة كان ينبغي أن تكون دولتهم. أما الإسرائيليون، الذين لا يُشاطرون هذه الصورة، فقد انتهوا إلى الاعتقاد بأن العالم أجمع يعاديهم، كما تشهد بذلك التصويتات المتتالية داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذين كانت أغلبية أعضائها تقريبا تعارض سياسة الدولة الصهيونية.
و غداة تبني القرار 242، ساد بعض التفاؤل في الأوساط الدبلوماسية، في مصر، بخصوص دنو اتفاق، إن لم يكن اتفاق سلام فسيكون على الأقل اتفاق تعايش بين إسرائيل و جيرانها. و على مدار التحقيق الذي قمت به، فإن الشخصية الوحيدة التي كانت على حق، من بين العديد من الشخصيات التي حاورتها بشكل منهجي بالقاهرة، هو «إيفغيني بريماكوف»، مراسل البرافدا، الذي كان في نظر الصحفيين، يشكل الناطق شبه الرسمي للسفارة السوفياتية. و قد قال لي هذا الذي سيرأس الحكومة الروسية في عهد «بوريس إلتسين»، في نهاية التسعينات، بالحرف الواحد : «سأستغرب كثيرا إذا ما أعادت إسرائيل الضفة الغربية خلال الثلاثين عاما القادمة». أخطأ فقط في تحديد المدة القصوى للاحتلال.
الحلقة المقبلة: دايان أو «امبراطور الأراضي المحتلة»
قيل وقتها، حينما نددت القطاعات الحزبية وغير الحزبية بهذا التحجيم المقصود في مكانة المرأة وموقعها، قيل اٍن هناك اٍرادة لاحقة لتصحيح الاختلال على مستوى القطاعات الاٍدارية المختلفة، المناط بها اتخاد القرار، لكن لا شيء من ذاك تحقق، وبدا أن التراجع ليس حادثة سير صغيرة يمكن ترميم نتائجها، ولكنها اختيار بالقصد المقصود، يعكس ايديولوجيا معينة، ويعكس اختيارا مرجعيا قارا، وأسلوبا في التعاطي مع ملف القضية النسائية، ومرة أخرى ثبت بالملموس أن نقطة البدء عند المحافظين في مشاريعهم باتجاه إعادة هيكلة الحقل الاجتماعي والثقافي، هي ملف القضايا النسائية الذي يجري تهميشه و تقزيمه وسط خطاب وصخب «فقهي» سياسوي موروث من عصور الانحطاط.
اٍن المثل المغربي الرائع الذي يقول: «النهار المزيان باين من صباحو»، ينطبق تماما على حال التعاطي الحكومي الحالي بقيادة العدالة والتنمية مع موضوع النساء، ويحق لنا والحالة هذه، أن نطرح شكوكنا في رغبة الحزب الحاكم في تنزيل مقتضيات الدستور في موضوع المناصفة. والحقيقة أن ما يزيد شكوكنا هو الصمت المريب الذي وظفته الآلة الدعوية والأيديولوجية للحزب الحاكم وبعض وزرائه النافذين، حينما كان المجتمع كله بكل قواه منشغلا ببعض الحالات المأساوية، التي عرفها المشهد الوطني خلال السنة الماضية في موضوع معاناة النساء ،والذي كان أبرزها قضية أمينة الفيلالي.
ونعود اٍلى السؤال الأساسي هل يملك حزب الأغلبية حقا مشروعا في مجال المناصفة، يمكنه تقديمه جهارا والدفاع عنه والإقناع به؟ وإذا كان الأمر كذلك فما الذي ينتظر هذا الحزب الحاكم للإعلان عنه؟
كل المؤشرات تبين أنه لا يتوفر حقا على مثل هذا المشروع، وليست لأقطابه أية نية لحد الآن في برمجته، لا في إطار مشروع قانون تنظيمي ولا في اٍطار قوانين عادية تعمل على ملاءمة ما هو موجود من تشريعات مع المرجعيات الكونية، ولا حتى الجهر بطرح تصوره في نقاش عمومي، تشارك فيه الفعاليات النسائية لهذا الحزب، بالمكشوف وليس وراء ستار أو وراء أصوات الرجال. يحق لنا فعلا أن نتساءل لا فقط عما قدمته حكومة بنكيران لجماهير النساء خلال هذه المدة الطويلة من ممارستها للشأن العام، ولكن كذلك هل بإمكانها حقا أن تقدم شيئا على هذا الصعيد غير ترديد عموميات لا معنى لها ولا طعم؟ وسيكون من باب المجازفة بالنسبة للقوى النسائية الديمقراطية، أن تنتظر شيئا ما على هذا الصعيد من حزب أغلبية لا ينفك يعادي في الممارسة العملية مبدأ المناصفة نصا وروحا، سيكون من المجازفة بالنسبة للحركات النسائية الديمقراطية، انتظار استجابة فورية أو غير فورية من طرف الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، وبالتالي فلا مناص من تعبئة شاملة، تمكن حقا من بلورة مشروع تقدمي طموح في موضوع المناصفة، اعتمادا على التراكمات الايجابية، واعتمادا على الكفاءات النسائية الموجودة في كل مرافق العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي في بلادنا.
1/8/2013
__________________
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
اخي الرخصي اتمنى ان لا يكون لموضوع علاقة بما تثيره الاتحادية فاطمة المرتيسي في كتاباتها حول هدا الموضوع
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
نساءُ الرسول 24 : نساء الرسول وفرْض الحجاب/1
«يا نساء النبيّ لستنّ كأحد من النساء»،
سورة الأحزاب
لا بدّ من الإشارة، أوّلا، إلى أنّ الحديث عن نساء الرسول والحجاب، الوارد فى الآيات القرآنية لا علاقة له مُطلقا بالخِمار الذى يوضع على الشعر أو الوجه اليوم، وهو الإسقاط المغلوط الذي يقوم به الكثير من معاصرينا، نساء ورجالا. لكنه يعني الستار الذى يمنع الرؤية، ويحول بين الرجال المؤمنين وبين زوجات النبىّ. وبخصوص الفرْق بين متْن الحديث وسَنَده، نلاحظ، هنا أيْضا، أنّ معظم ما تورده الكتب من أحاديث الحجاب ينتهي سنده إلى راو واحد هو أنس بن مالك، حيث يبدو كشاهد رئيسيّ على «تحجيب» الرسول لنسائه، بدافع و»إصرار» من عمر بن الخطاب بطبيعة الحال.
وقدْ كان أوّل ما نزل الحجاب حين تزوّج الرسول بزينب بنت جحش في السنة الخامسة من الهجرة. تروي كتب التاريخ والسير أسباب الحجاب، عن أنس بن مالك، أنه لما أصبح رسول الله عروسا بزينب «دعا القوم فأصابوا من الطعام، ثمّ خرجوا وبقيَ منهم رهْط عند النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأطالوا عنده القعود، فقام رسول الله فخرجَ وخرجتُ معه حتى جئنا عتبة حُجْرة عائشة، ثمّ ظنّ أنهم قد خرجوا فرجع ورجعتُ معه حتى دخل بيتَ زينب، فإذا همْ قُعُود فرجع ورجعتُ معه حتى بلغ عتبة حجرة عائشة ثم ظنّ أنهم قد خرجوا فرجع ورجعت معه، فإذا هُمْ قد خرجوا فضرب بيني وبينه ستْرا ونزل الحجابُ» (انظر التفاصيل في «الطبقات الكبرى»، الجزء السادس).
رواية أخرى لأنس بن مالك أيضا مختلفة، غير أنها تصبّ في الاتجاه نفسه: قال «نزل الحجاب مبتنى رسول الله بزينب بنت جحش قال أهدت له أم سليم حيسا في تور من حجارة فقال اذهب فادع لي من لقيت من المسلمين قال: فخرجت فدعوت من لقيت من المسلمين فجعلوا يدخلون فيأكلون ويخرجون ووضع رسول الله يده على الطعام فدعا فيه وبقي طائفة منهم فجعلوا يتحدثون فاستحيا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يقول لهم شيئا فخرج وتركهم في البيت». من هنا نزلتْ ما يُسمى «آية الحجاب»: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا». (سورة الأحزاب، الآية 53).
إذا كان السياق لا يختلف، فإنّ الدوافع يمكن أن تكون مختلفة. فحسب مصادر تعتبر موثوقة، فإن هذه الآية تنسجم مع كلام عمر بن الخطاب، الذي من المحتمل أن يكون قد قال للرسول: «يا رسول الله، يدخل عليك البَرُّ والفاجر، فلو أمرتَ أمّهات المؤمنين بالحجاب». (انظر: الأجهوري، «إرشاد الرحمان لأسباب النزول»، الجزء الثاني، ص. 579).? هنا بالضبط يتدخّل زواجه من زينب، والذي يعتبر لحظة النزول، وبالضبط صبيحة عرس الرسول. هناك رواية أخرى مفيدة للتحليل هنا، هي التي ينفرد بها البخاري، حيث يقول: و»بُني على النبيّ بزينب بنت جحش بخبز ولحم، فأرسلت على الطعام داعيا، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون، ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرُجون، فدعوتُ حتى ما أجد أحدا أدعوه، فقلت: يا نبي الله، ما أجد أحدا أدعوه، قال: »ارفعوا طعامكم«.
وبقي ثلاثة رهْط يتحدثون في البيت، فخرج النبيّ، فانطلق إلى حجرة عائشة، فقال: »السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته«، قالت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، كيف وجدتَ أهلك بارك الله لك؟ فتقرَّى حجر نسائه كلهنّ، ويقول لهنّ كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة.
ثم رجع النبي، فإذا رهط ثلاثة في البيت يتحدثون، وكان النبيّ شديد الحياء، فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة، فما أدري أخبرته أم أخبر أنّ القوم خرجوا، فخرَجَ حتى إذا وضع رجله في أسكفة الباب، وأخرى خارجه أرخى الستر بيني وبينه، وأنزِلتْ آية الحجاب». وفي رواية أخرى، فإنّ أَنَسًا بن مالك كان داخل الغرفة، وشاهدا على الوحْي.
إذا كان أنس بن مالك شاهدا على مجريات الوحْي، أيْ شاهدا على الرّبط الذي تمّ بيْن القدسيّ والدنيويّ، فإنّ هناكَ اسْما آخر كانَ هو الحافز والدافع والمؤثر على تسريع التشريع، وهو عمر بن الخطاب. لا نعرف على وجه التدقيق سبب إصرار عمر بن الخطاب على أنْ يحجّبَ الرسول نساءه!! ولماذا كانَ هو بالضبط من يقتفي آثارهنّ ليس في النهار، وإنما ليْلا!!
غدا: نساء الرسول
وفرْض الحجاب/2
مصطفى النّحال
كثيرةٌ هي الكتابات والتعليقاتُ والحَواشي التي أُلّفَتْ عن الرّسُول وزوْجاته: كمْ عددهنّ، وهلْ كلهنّ مسْلمات؟ وهل تزوّج عائشة حقّا وهي بنْت تسع سنين؟ وهلْ كانتْ له علاقة خارج الزّواج، أوْ ما كان يُطلق عليه اسم «أمّ الولد»، وما سببُ ذلك؟ إلى غيرها من الأسئلة. يمكنُ تقسيم هذه الكتابات والتعليقات، عُمُوما، إلى نوْعيْن اثنيْن: نوْع تمجيديّ لا يعمل سوى على تكْرار ما قاله القدماء، أوْ على الأصَحّ كتابات معيّنة للقدماء. وهو تكرار ينطلقُ من رؤْية تقديسيّة للتاريخ، بلْ وتجْهَلُ حقيقة التاريخ الإسلامي، ومختلف سياقاته السّياسية والقَبَليّة والدّينية والجهوية. هذه الحلقات ستكون عرْضا موضوعيا لما دوّنته السير النبوية وكتب الأخبار الأولى، القريبة جدا من عصر الرسول، قبْل أنْ تظهر كتب التفسير والتأويلات الإضافية.«يا نساء النبيّ لستنّ كأحد من النساء»،
سورة الأحزاب
لا بدّ من الإشارة، أوّلا، إلى أنّ الحديث عن نساء الرسول والحجاب، الوارد فى الآيات القرآنية لا علاقة له مُطلقا بالخِمار الذى يوضع على الشعر أو الوجه اليوم، وهو الإسقاط المغلوط الذي يقوم به الكثير من معاصرينا، نساء ورجالا. لكنه يعني الستار الذى يمنع الرؤية، ويحول بين الرجال المؤمنين وبين زوجات النبىّ. وبخصوص الفرْق بين متْن الحديث وسَنَده، نلاحظ، هنا أيْضا، أنّ معظم ما تورده الكتب من أحاديث الحجاب ينتهي سنده إلى راو واحد هو أنس بن مالك، حيث يبدو كشاهد رئيسيّ على «تحجيب» الرسول لنسائه، بدافع و»إصرار» من عمر بن الخطاب بطبيعة الحال.
وقدْ كان أوّل ما نزل الحجاب حين تزوّج الرسول بزينب بنت جحش في السنة الخامسة من الهجرة. تروي كتب التاريخ والسير أسباب الحجاب، عن أنس بن مالك، أنه لما أصبح رسول الله عروسا بزينب «دعا القوم فأصابوا من الطعام، ثمّ خرجوا وبقيَ منهم رهْط عند النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأطالوا عنده القعود، فقام رسول الله فخرجَ وخرجتُ معه حتى جئنا عتبة حُجْرة عائشة، ثمّ ظنّ أنهم قد خرجوا فرجع ورجعتُ معه حتى دخل بيتَ زينب، فإذا همْ قُعُود فرجع ورجعتُ معه حتى بلغ عتبة حجرة عائشة ثم ظنّ أنهم قد خرجوا فرجع ورجعت معه، فإذا هُمْ قد خرجوا فضرب بيني وبينه ستْرا ونزل الحجابُ» (انظر التفاصيل في «الطبقات الكبرى»، الجزء السادس).
رواية أخرى لأنس بن مالك أيضا مختلفة، غير أنها تصبّ في الاتجاه نفسه: قال «نزل الحجاب مبتنى رسول الله بزينب بنت جحش قال أهدت له أم سليم حيسا في تور من حجارة فقال اذهب فادع لي من لقيت من المسلمين قال: فخرجت فدعوت من لقيت من المسلمين فجعلوا يدخلون فيأكلون ويخرجون ووضع رسول الله يده على الطعام فدعا فيه وبقي طائفة منهم فجعلوا يتحدثون فاستحيا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يقول لهم شيئا فخرج وتركهم في البيت». من هنا نزلتْ ما يُسمى «آية الحجاب»: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا». (سورة الأحزاب، الآية 53).
إذا كان السياق لا يختلف، فإنّ الدوافع يمكن أن تكون مختلفة. فحسب مصادر تعتبر موثوقة، فإن هذه الآية تنسجم مع كلام عمر بن الخطاب، الذي من المحتمل أن يكون قد قال للرسول: «يا رسول الله، يدخل عليك البَرُّ والفاجر، فلو أمرتَ أمّهات المؤمنين بالحجاب». (انظر: الأجهوري، «إرشاد الرحمان لأسباب النزول»، الجزء الثاني، ص. 579).? هنا بالضبط يتدخّل زواجه من زينب، والذي يعتبر لحظة النزول، وبالضبط صبيحة عرس الرسول. هناك رواية أخرى مفيدة للتحليل هنا، هي التي ينفرد بها البخاري، حيث يقول: و»بُني على النبيّ بزينب بنت جحش بخبز ولحم، فأرسلت على الطعام داعيا، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون، ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرُجون، فدعوتُ حتى ما أجد أحدا أدعوه، فقلت: يا نبي الله، ما أجد أحدا أدعوه، قال: »ارفعوا طعامكم«.
وبقي ثلاثة رهْط يتحدثون في البيت، فخرج النبيّ، فانطلق إلى حجرة عائشة، فقال: »السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته«، قالت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، كيف وجدتَ أهلك بارك الله لك؟ فتقرَّى حجر نسائه كلهنّ، ويقول لهنّ كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة.
ثم رجع النبي، فإذا رهط ثلاثة في البيت يتحدثون، وكان النبيّ شديد الحياء، فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة، فما أدري أخبرته أم أخبر أنّ القوم خرجوا، فخرَجَ حتى إذا وضع رجله في أسكفة الباب، وأخرى خارجه أرخى الستر بيني وبينه، وأنزِلتْ آية الحجاب». وفي رواية أخرى، فإنّ أَنَسًا بن مالك كان داخل الغرفة، وشاهدا على الوحْي.
إذا كان أنس بن مالك شاهدا على مجريات الوحْي، أيْ شاهدا على الرّبط الذي تمّ بيْن القدسيّ والدنيويّ، فإنّ هناكَ اسْما آخر كانَ هو الحافز والدافع والمؤثر على تسريع التشريع، وهو عمر بن الخطاب. لا نعرف على وجه التدقيق سبب إصرار عمر بن الخطاب على أنْ يحجّبَ الرسول نساءه!! ولماذا كانَ هو بالضبط من يقتفي آثارهنّ ليس في النهار، وإنما ليْلا!!
غدا: نساء الرسول
وفرْض الحجاب/2
2/8/2013
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
نساءُ الرسولنساء الرسول وفرْض الحجاب/2
قيل من كان يدخل عليهن يعني أزواج النبي صلى الله عليه و سلم فقال كل ذي رحم محرم من نسب أو رضاع قيل فسائر الناس قال كن يحجبن منهم حتى إنهن ليكلمنهم من وراء حجاب وإنما كان سترا واحدا.
«عن أمّ سلمة أنها كانت عند النبيّ صلى الله عليه وسلم هي وميمونة، قالت: «فبينا نحن عنده [أيْ عند الرسول] أقبل بن أمّ مكتوم فدخل عليه، وذلك بعد أن أمر بالحجاب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «احْتجبا منه»، قلْنَ: «يا رسول الله، أليْس هو أعمى لا يبصر ولا يعرفنا؟» قال: «أفعُمْياوان أنتُما؟ ألستما تبْصرانه؟
هناك رواية تعتبر أنه نساء الرسول كنّ يخرجْن بالليل لحاجتهن، وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين فشكوا ذلك فقيل ذلك للمنافقين فقالوا إنما نفعله بالإماء فنزلت هذه الآية «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين». أخبرنا محمد بن عمر عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن في قوله يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين قال إماء كن بالمدينة يتعرض لهن السفهاء فيؤذين فكانت الحرة تخرج فتحسب أنها أمة فتؤذى فأمرهن الله أن يدنين عليهن من جلابيبهن أخبرنا محمد بن عمر عن بن أبي سبرة عن أبي صخر عن بن كعب القرظي قال كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن فإذا قيل له قال كنت أحسبها أمة فأمرهن الله أن يخالفن زي الإماء ويدنين عليهن من جلابيبهن تخمر وجهها إلا إحدى عينيها يقول ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين يقول ذلك أحرى أن يعرفن أخبرنا محمد بن عمر حدثني مسلم بن خالد عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا يقول بغير ما عملوا أخبرنا محمد بن عمر عن عمر بن حبيب عن صالح بن أبي حسان عن عبيد بن حنين في قوله لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم إلى قوله ولن تجد لسنة الله تبديلا قال عرف المنافقون بأعيانهم في هذه الآية والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة قال هم المنافقون جميعا أخبرنا محمد بن عمر عن أسامة بن زيد بن أسلم عن بن كعب في قوله لئن لم ينته المنافقون يعني المنافقين بأعيانهم والذين في قلوبهم مرض شك يعني المنافقين أيضا. ومع ذلك، ورغْم شرط دخول كل ذي رحم محرم من نسب أو رضاع على نساء الرسول، فقد كان يُسمح للمملوكين والمكاتبين برأيتهنّ، حيث لمْ يكنّ يحتجبْن منهم. يتعلّق الأمر، في حقيقة الأمر بحُرمة وحَصانة فضاء النبوّة، الفضاء القدسيّ. فانطلاقا من الآية 53 من سورة الأحزاب، أصبح دخول بيت الرسول خاضعا لطلب الإذْن والترخيص.
مصطفى النّحال
نقرأ في «أنساب الأشراف» للبلاذري، و»أسباب النزول» للواحدي وغيرهما أنّ نساء الرسول كنّ «يخرجْن بالليل إلى حوائجهنّ بالمناصع، فكان عمر يقول لرسول الله: «احْجُبْ نساءك»، فلمْ يكن يفعل. فخرجتْ سودة ليلةً من الليالي، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر بصوته الأعلى: «قد عرفناك يا سودة» حرصا على أن ينزل الحجاب». نفس الحادث ترويه عائشة قائلة: «كنت أنا وسودة بعدما ضرب الحجاب خرجنا لحاجتنا عِشاءً، فرآها عمر فعرفها قالت عائشة: «وكانت امرأة طويلة بائنة الطول، فناداها عمر إنك والله ما تخفين علينا يا سودة فرجعت إلى رسول الله فذكرتْ له ذلك وفي يد رسول الله عرق يأكل منه قالت قال رسول الله قد أذن الله لكن أن تخرجن لحاجتكن».قيل من كان يدخل عليهن يعني أزواج النبي صلى الله عليه و سلم فقال كل ذي رحم محرم من نسب أو رضاع قيل فسائر الناس قال كن يحجبن منهم حتى إنهن ليكلمنهم من وراء حجاب وإنما كان سترا واحدا.
«عن أمّ سلمة أنها كانت عند النبيّ صلى الله عليه وسلم هي وميمونة، قالت: «فبينا نحن عنده [أيْ عند الرسول] أقبل بن أمّ مكتوم فدخل عليه، وذلك بعد أن أمر بالحجاب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «احْتجبا منه»، قلْنَ: «يا رسول الله، أليْس هو أعمى لا يبصر ولا يعرفنا؟» قال: «أفعُمْياوان أنتُما؟ ألستما تبْصرانه؟
هناك رواية تعتبر أنه نساء الرسول كنّ يخرجْن بالليل لحاجتهن، وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين فشكوا ذلك فقيل ذلك للمنافقين فقالوا إنما نفعله بالإماء فنزلت هذه الآية «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين». أخبرنا محمد بن عمر عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن في قوله يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين قال إماء كن بالمدينة يتعرض لهن السفهاء فيؤذين فكانت الحرة تخرج فتحسب أنها أمة فتؤذى فأمرهن الله أن يدنين عليهن من جلابيبهن أخبرنا محمد بن عمر عن بن أبي سبرة عن أبي صخر عن بن كعب القرظي قال كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن فإذا قيل له قال كنت أحسبها أمة فأمرهن الله أن يخالفن زي الإماء ويدنين عليهن من جلابيبهن تخمر وجهها إلا إحدى عينيها يقول ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين يقول ذلك أحرى أن يعرفن أخبرنا محمد بن عمر حدثني مسلم بن خالد عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا يقول بغير ما عملوا أخبرنا محمد بن عمر عن عمر بن حبيب عن صالح بن أبي حسان عن عبيد بن حنين في قوله لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم إلى قوله ولن تجد لسنة الله تبديلا قال عرف المنافقون بأعيانهم في هذه الآية والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة قال هم المنافقون جميعا أخبرنا محمد بن عمر عن أسامة بن زيد بن أسلم عن بن كعب في قوله لئن لم ينته المنافقون يعني المنافقين بأعيانهم والذين في قلوبهم مرض شك يعني المنافقين أيضا. ومع ذلك، ورغْم شرط دخول كل ذي رحم محرم من نسب أو رضاع على نساء الرسول، فقد كان يُسمح للمملوكين والمكاتبين برأيتهنّ، حيث لمْ يكنّ يحتجبْن منهم. يتعلّق الأمر، في حقيقة الأمر بحُرمة وحَصانة فضاء النبوّة، الفضاء القدسيّ. فانطلاقا من الآية 53 من سورة الأحزاب، أصبح دخول بيت الرسول خاضعا لطلب الإذْن والترخيص.
3/8/2013
__________________
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
رد: نساءُ الرسول .. عائشة، الزوجة المفضّلة (1)
ما هو العدد الكامل لنساء الرسول؟ :
كانت أول امرأة ّ تزوّج بها الرسول قبل النبوّة، هي خديجة بنت خُويلد، وكانت قبله متزوّجة من عتيق بن عابد المخزومي، فولدتْ له ابنة سمّتها هندا، ثم تزوّجها بعد عتيق أبو هالة بن النباش بن زُرارة، فولدت له ابْنا سمّته هندا كذلك، ثم تزوّجها الرّسول، وهو يومئذ بن خمس وعشرين سنة، وخديجة ابنة أربعين سنة. فولدت له القاسم والطاهر، توفّيا قبل النبوة، وولدت له من البنات زينب، التي تزوّجها أبو العاص بن الربيع، وكانت أكبر بنات النبيّ، ثم رقيّة، تزوّجها عتيبة بن أبي لهب، فطلّقها، فتزوجّها عثمان بن عفان بعد النبوّة، ثمّ ولدتْ أمّ كلثوم التي سيتزوّجها عثمان بعد وفاة رقيّة. ثم ولدتْ فاطمة فتزوجّها عليّ بن أبي طالب. وتوفيت خديجة في السنة العاشرة من النبوة قبل الهجرة بثلاث سنوات وهي بنت خمس وستين سنة.
ثمّ تزوج الرسول بعدها سوْدة بنت زمعة، وكانت قبله متزوجة بالسكران بن عمرو، وكان قد هاجر بها إلى أرض الحبشة ثم رجع إلى مكة فمات بها، فتزوجها الرسول في شهر رمضان، في السنة العاشرة من النبوة قبل أنْ يقدم المدينة.
ثم تزوّج عليْها بعائشة بنت أبي بكر بمكة وهي ابنة ست سنين، في شوال سنة عشر من النبوّة، وبَنَى بها بالمدينة وهي ابنة تسع سنين. وتوفي عنها وهي ابنة ثماني عشرة سنة.
ثم تزوّج حفصة بنت عمر بن الخطاب، وكانت قبله متزوجة من خنيس بن حذافة، فتوفي عنها ولم تلد منه، فتزوجها الرسول في شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة، قُبيْل معركة أُحُد بشهرين.
ثم تزوّج أمّ سلمة، ابنة أبي أمية بن المغيرة، وكانتْ قبله عند أبي سلمة بن عبد الأسد، ولها منه أربعة أبناء هم: عمر وسلمة وزينب وبرّة. فتوفي أبو سلمة عنها بالمدينة بعد أُحُد.
ثم تزوج جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار من بني المصطلق. وكانت قبله متزوجة من ابن عمّ لها يقال له صفوان ذو الشفر بن مالك، فقُتل يوم المريسيع، فكانتْ جوْيرية منْ نصيب الرسول من الفيْء، فأعتقها وتزوّجها في السنة الخامسة من الهجرة.
ثم تزوّج زينب ابنة جحش الأسدية، وأمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم. وكانت قبله متزوجة زيد بن حارثة، ابن الرسول بالتبنّي، ولمْ يكن له منها ولد، وتزوجها الرسول الله في السنة الخامسة من الهجرة.
ثمّ تزوّج الرسول بزيْنب بنت خزيمة الهلالية، أمّ المساكين، فتوفيت عنده بعد ثمانية اشهر من الزواج، وكانت قبله متزوجة بالطفيل بن الحارث بن المطلب.
ثم تزوّج ريْحانة بنت زيد بن عمرو، وكانت قبله متزوّجة من رجل من بني النضير يقال له الحكم، فتوفيّ الحكم. وقدْ ماتتْ ريحانة في حياة الرسول الله حي وكانت غزوة بني قريظة في السنة الخامسة للهجرة.
ثم تزوج أمّ حبيبة ابنة أبي سفيان بن حرب في الهدنة وهي بأرض الحبشة بعث إلى النجاشي يزوجه فزوجها إياه وولي يومئذ تزويجها خالد بن سعيد بن العاص وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم عند عبيد الله بن جحش وكان قد أسلم وهاجر إلى أرض الحبشة مع من هاجر من المسلمين ثم ارتد وتنصر فمات هناك على النصرانية.
ثم تزوّج صفية بنت حيي بن أخطب، وكانت من ملك يمينه، فأعتقها وتزوجها. وكانتْ قبله متزوّجة منْ سلام بن مشكم، ففارقها فتزوجها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، فقُتل عنْها يوم خيْبر، ولم تكنْ ولدت لأحد منهم شيئا. وكانتْ سُبيَتْ من القموص، وبنى بها الرسول بالصهباء في السنة السابعة من الهجرة.
ثم تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية سنة سبع في ذي القعدة وهي سنة القضية [السنة التي قاضى فيها الرسول قريشا سنة الحديبية]. وكانت قبله عند أبي رهم بن عبد العزّى العامري فتوفي عنها ولم تلد له شيئا.
وتزوّج فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابية، فاستعاذت منه ففارقها فكانت تدخل على أزواج النبي صلى الله عليه و سلم فتقول أنا الشقية ويقال إنما فارقها لبياض كان بها وكان تزوجه إياها في ذي القعدة سنة ثمان منصرفه من الجعرانة وتوفيت سنة ستين.
وتزوج أسماء بنت النعمان الجونية ولم يدخل بها. وهي التي استعاذت منه وكان تزوجه إياها في شهر ربيع الأول سنة تسع من الهجرة وتوفيت في خلافة عثمان بن عفان عند أهلها بنجد.
يقول ابن سعد مستخلصا: «وينكرونَ كلّ من ذكر سوى هؤلاء أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوّج غيرهنّ. ينكرون قتيلة بنت قيس أخت الأشعث بن قيس وينكرون الكنانية وغيرها ممن ذكر أنه تزوجها سوى من سمينا في صدر هذا الحديث وقالوا: «إنما تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة امرأة، ستّ منهن قرشيّات لا شكّ فيهن: «خديجة بنت خويلد بن أسد، وعائشة بنت أبي بكر، من بني تميم، وسودة بنت زمعة من بني عامر بن لؤي، وأمّ سلمة بنت أبي أمية من بني مخزوم، وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية من بني أمية، وحفصة بنت عمر بن الخطاب من بني عدي بن كعب»، ومن العرب: زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية، وأسماء بنت النعمان الجونية ولم يدخل بها، وفاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابية، وزينب بنت خزيمة الهلالية أمّ المساكين، وتزوج ريحانة بنت زيد من بني النضير، وكانت مما جاء من نصيبه في الفيء، وتزوج صفية بنت حيي بن أخطب وكانت مما أفاء الله عليه».
لذلك، فإنّ: «المجتمع عليه أنّ رسول الله تزوج الأربع عشرة المرأة اللاتي سمّينا في الحديث الأول، ففارق منهنّ الجونية والكلابية، وماتت عنده خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة الهلالية وريحانة بنت زيد النضرية، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع لا اختلافَ فيهنّ، وهنّ: عائشة بنت أبي بكر الصديق وحفصة بنت عمر بن الخطاب وأمّ سلمة بنت أبي أمية بن عمر بن مخزوم وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب وسودة بنت زمعة وزينب بنت جحش وميمونة بنت الحارث الهلالية وجويرية بنت الحارث المصطلقية وصفية بنت حيي بن أخطب النضرية».
انتهى
مصطفى النّحال
من خلال كلّ المعطيات السابقة، التي استقيْناها بصورة موضوعيّة من كتب التاريخ والتفسير والسير والأخبار القديمة، والتي يتّفق الجميع على حجّيّتها، يمْكنُ أنْ نُجْملَ كلّ ما سبق فيما يلي:كانت أول امرأة ّ تزوّج بها الرسول قبل النبوّة، هي خديجة بنت خُويلد، وكانت قبله متزوّجة من عتيق بن عابد المخزومي، فولدتْ له ابنة سمّتها هندا، ثم تزوّجها بعد عتيق أبو هالة بن النباش بن زُرارة، فولدت له ابْنا سمّته هندا كذلك، ثم تزوّجها الرّسول، وهو يومئذ بن خمس وعشرين سنة، وخديجة ابنة أربعين سنة. فولدت له القاسم والطاهر، توفّيا قبل النبوة، وولدت له من البنات زينب، التي تزوّجها أبو العاص بن الربيع، وكانت أكبر بنات النبيّ، ثم رقيّة، تزوّجها عتيبة بن أبي لهب، فطلّقها، فتزوجّها عثمان بن عفان بعد النبوّة، ثمّ ولدتْ أمّ كلثوم التي سيتزوّجها عثمان بعد وفاة رقيّة. ثم ولدتْ فاطمة فتزوجّها عليّ بن أبي طالب. وتوفيت خديجة في السنة العاشرة من النبوة قبل الهجرة بثلاث سنوات وهي بنت خمس وستين سنة.
ثمّ تزوج الرسول بعدها سوْدة بنت زمعة، وكانت قبله متزوجة بالسكران بن عمرو، وكان قد هاجر بها إلى أرض الحبشة ثم رجع إلى مكة فمات بها، فتزوجها الرسول في شهر رمضان، في السنة العاشرة من النبوة قبل أنْ يقدم المدينة.
ثم تزوّج عليْها بعائشة بنت أبي بكر بمكة وهي ابنة ست سنين، في شوال سنة عشر من النبوّة، وبَنَى بها بالمدينة وهي ابنة تسع سنين. وتوفي عنها وهي ابنة ثماني عشرة سنة.
ثم تزوّج حفصة بنت عمر بن الخطاب، وكانت قبله متزوجة من خنيس بن حذافة، فتوفي عنها ولم تلد منه، فتزوجها الرسول في شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة، قُبيْل معركة أُحُد بشهرين.
ثم تزوّج أمّ سلمة، ابنة أبي أمية بن المغيرة، وكانتْ قبله عند أبي سلمة بن عبد الأسد، ولها منه أربعة أبناء هم: عمر وسلمة وزينب وبرّة. فتوفي أبو سلمة عنها بالمدينة بعد أُحُد.
ثم تزوج جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار من بني المصطلق. وكانت قبله متزوجة من ابن عمّ لها يقال له صفوان ذو الشفر بن مالك، فقُتل يوم المريسيع، فكانتْ جوْيرية منْ نصيب الرسول من الفيْء، فأعتقها وتزوّجها في السنة الخامسة من الهجرة.
ثم تزوّج زينب ابنة جحش الأسدية، وأمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم. وكانت قبله متزوجة زيد بن حارثة، ابن الرسول بالتبنّي، ولمْ يكن له منها ولد، وتزوجها الرسول الله في السنة الخامسة من الهجرة.
ثمّ تزوّج الرسول بزيْنب بنت خزيمة الهلالية، أمّ المساكين، فتوفيت عنده بعد ثمانية اشهر من الزواج، وكانت قبله متزوجة بالطفيل بن الحارث بن المطلب.
ثم تزوّج ريْحانة بنت زيد بن عمرو، وكانت قبله متزوّجة من رجل من بني النضير يقال له الحكم، فتوفيّ الحكم. وقدْ ماتتْ ريحانة في حياة الرسول الله حي وكانت غزوة بني قريظة في السنة الخامسة للهجرة.
ثم تزوج أمّ حبيبة ابنة أبي سفيان بن حرب في الهدنة وهي بأرض الحبشة بعث إلى النجاشي يزوجه فزوجها إياه وولي يومئذ تزويجها خالد بن سعيد بن العاص وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم عند عبيد الله بن جحش وكان قد أسلم وهاجر إلى أرض الحبشة مع من هاجر من المسلمين ثم ارتد وتنصر فمات هناك على النصرانية.
ثم تزوّج صفية بنت حيي بن أخطب، وكانت من ملك يمينه، فأعتقها وتزوجها. وكانتْ قبله متزوّجة منْ سلام بن مشكم، ففارقها فتزوجها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، فقُتل عنْها يوم خيْبر، ولم تكنْ ولدت لأحد منهم شيئا. وكانتْ سُبيَتْ من القموص، وبنى بها الرسول بالصهباء في السنة السابعة من الهجرة.
ثم تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية سنة سبع في ذي القعدة وهي سنة القضية [السنة التي قاضى فيها الرسول قريشا سنة الحديبية]. وكانت قبله عند أبي رهم بن عبد العزّى العامري فتوفي عنها ولم تلد له شيئا.
وتزوّج فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابية، فاستعاذت منه ففارقها فكانت تدخل على أزواج النبي صلى الله عليه و سلم فتقول أنا الشقية ويقال إنما فارقها لبياض كان بها وكان تزوجه إياها في ذي القعدة سنة ثمان منصرفه من الجعرانة وتوفيت سنة ستين.
وتزوج أسماء بنت النعمان الجونية ولم يدخل بها. وهي التي استعاذت منه وكان تزوجه إياها في شهر ربيع الأول سنة تسع من الهجرة وتوفيت في خلافة عثمان بن عفان عند أهلها بنجد.
يقول ابن سعد مستخلصا: «وينكرونَ كلّ من ذكر سوى هؤلاء أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوّج غيرهنّ. ينكرون قتيلة بنت قيس أخت الأشعث بن قيس وينكرون الكنانية وغيرها ممن ذكر أنه تزوجها سوى من سمينا في صدر هذا الحديث وقالوا: «إنما تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة امرأة، ستّ منهن قرشيّات لا شكّ فيهن: «خديجة بنت خويلد بن أسد، وعائشة بنت أبي بكر، من بني تميم، وسودة بنت زمعة من بني عامر بن لؤي، وأمّ سلمة بنت أبي أمية من بني مخزوم، وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية من بني أمية، وحفصة بنت عمر بن الخطاب من بني عدي بن كعب»، ومن العرب: زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية، وأسماء بنت النعمان الجونية ولم يدخل بها، وفاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابية، وزينب بنت خزيمة الهلالية أمّ المساكين، وتزوج ريحانة بنت زيد من بني النضير، وكانت مما جاء من نصيبه في الفيء، وتزوج صفية بنت حيي بن أخطب وكانت مما أفاء الله عليه».
لذلك، فإنّ: «المجتمع عليه أنّ رسول الله تزوج الأربع عشرة المرأة اللاتي سمّينا في الحديث الأول، ففارق منهنّ الجونية والكلابية، وماتت عنده خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة الهلالية وريحانة بنت زيد النضرية، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع لا اختلافَ فيهنّ، وهنّ: عائشة بنت أبي بكر الصديق وحفصة بنت عمر بن الخطاب وأمّ سلمة بنت أبي أمية بن عمر بن مخزوم وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب وسودة بنت زمعة وزينب بنت جحش وميمونة بنت الحارث الهلالية وجويرية بنت الحارث المصطلقية وصفية بنت حيي بن أخطب النضرية».
انتهى
5/8/2013
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 70
مواضيع مماثلة
» وصايا تخص الزوجة
» الزوجة النكدية
» أوصاف الزوجة الثيب 21/11/11
» عائشة أم المؤمنين ( ض )
» مسابقات جديدة 16/5/11
» الزوجة النكدية
» أوصاف الزوجة الثيب 21/11/11
» عائشة أم المؤمنين ( ض )
» مسابقات جديدة 16/5/11
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى