غزو الاسبان للريف بشمال المغرب يطال بلاد جبالة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
غزو الاسبان للريف بشمال المغرب يطال بلاد جبالة
" تفاوض برنكر مع عبد المالك أحد الشيوخ الأجلاء ، كان يثق في قدراته لمنع زحف فتيل
الثورة الى بلاد جبالة . فأعطى عبد المالك كلمكته لبرنكر ووعده بالضغط على الشيوخ
الأخرين دون أن يقدم له وعدا بالاخلاص ( وضع على المحك ساعة وفاته عند الخنادق
الاسبانية في عزيب ميضار في صيف 1924 م ) . وعند منتصف شهر غشت بعث برنكر
الى عبد المالك بخمسين ألف بسيطة ، بهدف وأد حركة غمارة التي تتكون ضده ، وكذلك
لاستمالة الضمائر حتى لا يذهب الريفيون في ذلك الاتجاه (1) . لكن هذا المال وصل متأخرا .
قررت قبيلة بني يسف التي كانت بمثابة حلقة وصل بين جنوب بني عروس ( التي ينتمي اليها
الريسوني ) ووزان ( التابعة للنفوذ الفرنسي ) ، والتي تحوي أفضل المقاتلين ، اعلان تمردها
وعصيانها . ولتفجير مكنونات غضبها ، اختارت عقبة القلة في ربوة معزولة . كان يعسكر عندها
نصف طابور ثيوداد رودريكو ، وكان يقوده التنينتي كولونيل اسيدرو فالكارثل بلايا الذي كان على
مائة وتسعة وتسعين رجلا . كما أن الثكنة كانمت تضم أربع قطع حربية من نوع سان شاموند ،
وعيار 75 مليمتر ، لكن وقبل يومين سرق منها مدفعان . كانت الدوريات والحراسة تتم بالمنطقة
بطريقة روتينية واعتيادية ، وكان ما يجري في الريف لا يمت لهذا العالم بصلة .
وليلتي السابع والعشرين والثامن والعشرين من غشت ، اقتربت حشود من قبيلة بني يسف في
صمت من عقبة القلة ، كان المعسكر يغط في نوم عميق ، الجنود ركنوا الى الراحة ، وتبعثر الحرس
الليلي في كل مكان . فحل الخطر والموت في آن واحد . وبما أن الدفاع بالمدافع كان مستحيلا ،
فان الاسبان ارتأوا تكوين اطارات دفاعية عنيدة ، تلتف حول ثلة من الضباط ، فممات الواحد منهم تلو
الآخر .
وفي الدقائق الأخيرة من القتال ، اتخذ الملازم اغناثيو غومس دي غيفارا الذي كان على رأس المدفعية
قرارا وحشيا تمثل في تفجير مستودع البارود والدخيرة ، الذي كان يتواجد بداخله ، وفي اللحظة التي
تدفقت فيها أفواج وجموع جبالة ، شغل احدى المفجرات ، فسمع ذوي انفجار هائل وضع حدا للصراع ،
وتوفي كل ما تبقى من الضباط (2) ، ومعهم فالكارثيل . في حين كتبت النجاة لأحد ضباط المورو وهو
سيدي علي ساحلي (3) الذي تمكن من الوصول الى الخطوط الاسبانية . أما الجيش فلم ينج منهم سوى
أربعة وعشرون شخصا ، خمسة عشر منهم من الأهالي ، كان معظمهم مثخنا بالجراح ، أما الآخرون
( مائة وخمسة وسبعون ) فقد لقوا حتفهم ، والائحة طويلة ممن بترت وقطعت أعضاؤهم .
ويوم الثلاثين من غشت وصلت قوات دفاعية من العرائش الى المعسكر الذي لحقه الدمار والخراب ،
فاستولت على المراكز الأمامية فقط ، لأن القشلة برمتهاكانت مكسوة بجثث القتلى والجيفة .واستغل
برنكر هذا الوضع ليخبر لاثيربا بما يلي : " بعد الاستماع الى الأنباء السالفة الذكر أظن أنه تمت
السيطرة على الوضع ، انني قد هنأت القائد العام السيد باريرا " ، لم يتغير برنكر فهاهو الآن يكرر
أثناء أحداث عقبة القلة ، ما ذكره بعد أيام أبران .
ولم تكد تمر أربعة وعشرون ساعة أخرى حتى حلت مصيبة جديدة أزاحت الوشاح عن هذا الاصلاح
العسكري ، الذي لم يكن في الأصل سوى افتراء ، ، وجاءت الضربة الثانية هذه المرةو من الشمال
الأقصى ، بالقرب من نوادر . وعلى هذا المنوال جرت فصول النكبة كالعادة ، كان فيلق من العساكر
ينزل كل يوم الى الواد ( واد المخازن ) بغية الارتواء ، وهناك كان في انتظارهم ما يناهز أربعمائة
كمين نصبه أناس من سمــــــاتـــــــة ، كانوا بارعين في استخدام البنادق والاختباء والتربص للعدو من
داخل الغابات . ترك أهل سمــــــاتــــــة لكل الأشخاص والدواب فرصة الوصول الى مورد الماء ،
دون أن يضايقوهم أو يزعجوا حرسهم . وما أن وصلوا حتى فتحوا عليهم نيرانا كثيفة خلفت ثمانية
وعشرين قتيلا في صفوفهم ، وأربعة عشر جريحا ، علاوة على خسائر تزيد عن الأربعين من
المواشي (3) كل هذا حسب تقرير أعده برنكر الى لاثيربا الذي اندهش من جديد وثارث ثائرته .
لم يجد الوزير من بد سوى التصريح بما يلي : " انه من غير الضروري أن أذكرك لأنك بالتأكيد قد
فعلت هذا ، بدافع تحذير الكل من مكايد وحيل العدو ، الذي أظهر من خلال أحداث اليوم أنه يبستعغل
أي غفلة لينقض علينا " .
وهكذا انشغل الوزير بتذكير المقيم العام بمهامه العسكرية ، بغية أن يلفت هذا الأخير انتباه أتعباعه الى
ضرورة اتخاذ احتياطات لازمة .
شعر لاثيربا بالتعاسة ، اذ تلقى لتوه ، وقبل بضع دقائق خبر انسحاب حاميته من احدى الحصون الخشبية
الصغيرة الواقعة على جنبات الكوروكو والمعروفة ب" تكلمانين " فكان لا بد من اتخاذ تدابير صارمة ضد
قائد هذه الحامية ، حسب قرارات برنكر .
* الهوامش :
1 - رتبة قبطان : رامون غارسيا بلانكو ، ومانويل مورالس ألونصو .
- رتبة تلنتي : رامون شانشيا أورانطيس ، وبوليكاربو مورسيانو غوميس ، ورفاييل بريث سولر .
- رتبة ملازم ثان : اسحاق لوبيث غالان ، وخوليو سولا فونط .. في تاريخ الحملات ....ج3ص 205
، وكذا في السجل العسكري السنوي 1921 م .
2 - الاقامة العامة الاسبانية بالمغرب . قوات التدخل السريع ، الأوامر العامة ل9 أكتوبر 1922 م حول
لحكم المنافي لمنح الوسام الشرفي للقائد ايمليانو برناشرا مولفيدرو الذي توفي في الحادث ، وكان الجواب
بالنفي بعلة عدم توفر كل الدلائل .
3 - أرشيف مؤسسة أنطونيو ماورا ، المجموعو 1 / 364 في محادثة هاتفية بين لاثيربا وبرنكر بتاريخ
31/8/1921 م على الساعة 21 : 00.
* المرجع : التاريخ السري لحرب الريف ( المغرب الحلم المزعج ) لخوان باندو ، ترجمة سناء الشعيري
- منشورات الزمن 2008 .
.... مع تحيات العتيق .
الثورة الى بلاد جبالة . فأعطى عبد المالك كلمكته لبرنكر ووعده بالضغط على الشيوخ
الأخرين دون أن يقدم له وعدا بالاخلاص ( وضع على المحك ساعة وفاته عند الخنادق
الاسبانية في عزيب ميضار في صيف 1924 م ) . وعند منتصف شهر غشت بعث برنكر
الى عبد المالك بخمسين ألف بسيطة ، بهدف وأد حركة غمارة التي تتكون ضده ، وكذلك
لاستمالة الضمائر حتى لا يذهب الريفيون في ذلك الاتجاه (1) . لكن هذا المال وصل متأخرا .
قررت قبيلة بني يسف التي كانت بمثابة حلقة وصل بين جنوب بني عروس ( التي ينتمي اليها
الريسوني ) ووزان ( التابعة للنفوذ الفرنسي ) ، والتي تحوي أفضل المقاتلين ، اعلان تمردها
وعصيانها . ولتفجير مكنونات غضبها ، اختارت عقبة القلة في ربوة معزولة . كان يعسكر عندها
نصف طابور ثيوداد رودريكو ، وكان يقوده التنينتي كولونيل اسيدرو فالكارثل بلايا الذي كان على
مائة وتسعة وتسعين رجلا . كما أن الثكنة كانمت تضم أربع قطع حربية من نوع سان شاموند ،
وعيار 75 مليمتر ، لكن وقبل يومين سرق منها مدفعان . كانت الدوريات والحراسة تتم بالمنطقة
بطريقة روتينية واعتيادية ، وكان ما يجري في الريف لا يمت لهذا العالم بصلة .
وليلتي السابع والعشرين والثامن والعشرين من غشت ، اقتربت حشود من قبيلة بني يسف في
صمت من عقبة القلة ، كان المعسكر يغط في نوم عميق ، الجنود ركنوا الى الراحة ، وتبعثر الحرس
الليلي في كل مكان . فحل الخطر والموت في آن واحد . وبما أن الدفاع بالمدافع كان مستحيلا ،
فان الاسبان ارتأوا تكوين اطارات دفاعية عنيدة ، تلتف حول ثلة من الضباط ، فممات الواحد منهم تلو
الآخر .
وفي الدقائق الأخيرة من القتال ، اتخذ الملازم اغناثيو غومس دي غيفارا الذي كان على رأس المدفعية
قرارا وحشيا تمثل في تفجير مستودع البارود والدخيرة ، الذي كان يتواجد بداخله ، وفي اللحظة التي
تدفقت فيها أفواج وجموع جبالة ، شغل احدى المفجرات ، فسمع ذوي انفجار هائل وضع حدا للصراع ،
وتوفي كل ما تبقى من الضباط (2) ، ومعهم فالكارثيل . في حين كتبت النجاة لأحد ضباط المورو وهو
سيدي علي ساحلي (3) الذي تمكن من الوصول الى الخطوط الاسبانية . أما الجيش فلم ينج منهم سوى
أربعة وعشرون شخصا ، خمسة عشر منهم من الأهالي ، كان معظمهم مثخنا بالجراح ، أما الآخرون
( مائة وخمسة وسبعون ) فقد لقوا حتفهم ، والائحة طويلة ممن بترت وقطعت أعضاؤهم .
ويوم الثلاثين من غشت وصلت قوات دفاعية من العرائش الى المعسكر الذي لحقه الدمار والخراب ،
فاستولت على المراكز الأمامية فقط ، لأن القشلة برمتهاكانت مكسوة بجثث القتلى والجيفة .واستغل
برنكر هذا الوضع ليخبر لاثيربا بما يلي : " بعد الاستماع الى الأنباء السالفة الذكر أظن أنه تمت
السيطرة على الوضع ، انني قد هنأت القائد العام السيد باريرا " ، لم يتغير برنكر فهاهو الآن يكرر
أثناء أحداث عقبة القلة ، ما ذكره بعد أيام أبران .
ولم تكد تمر أربعة وعشرون ساعة أخرى حتى حلت مصيبة جديدة أزاحت الوشاح عن هذا الاصلاح
العسكري ، الذي لم يكن في الأصل سوى افتراء ، ، وجاءت الضربة الثانية هذه المرةو من الشمال
الأقصى ، بالقرب من نوادر . وعلى هذا المنوال جرت فصول النكبة كالعادة ، كان فيلق من العساكر
ينزل كل يوم الى الواد ( واد المخازن ) بغية الارتواء ، وهناك كان في انتظارهم ما يناهز أربعمائة
كمين نصبه أناس من سمــــــاتـــــــة ، كانوا بارعين في استخدام البنادق والاختباء والتربص للعدو من
داخل الغابات . ترك أهل سمــــــاتــــــة لكل الأشخاص والدواب فرصة الوصول الى مورد الماء ،
دون أن يضايقوهم أو يزعجوا حرسهم . وما أن وصلوا حتى فتحوا عليهم نيرانا كثيفة خلفت ثمانية
وعشرين قتيلا في صفوفهم ، وأربعة عشر جريحا ، علاوة على خسائر تزيد عن الأربعين من
المواشي (3) كل هذا حسب تقرير أعده برنكر الى لاثيربا الذي اندهش من جديد وثارث ثائرته .
لم يجد الوزير من بد سوى التصريح بما يلي : " انه من غير الضروري أن أذكرك لأنك بالتأكيد قد
فعلت هذا ، بدافع تحذير الكل من مكايد وحيل العدو ، الذي أظهر من خلال أحداث اليوم أنه يبستعغل
أي غفلة لينقض علينا " .
وهكذا انشغل الوزير بتذكير المقيم العام بمهامه العسكرية ، بغية أن يلفت هذا الأخير انتباه أتعباعه الى
ضرورة اتخاذ احتياطات لازمة .
شعر لاثيربا بالتعاسة ، اذ تلقى لتوه ، وقبل بضع دقائق خبر انسحاب حاميته من احدى الحصون الخشبية
الصغيرة الواقعة على جنبات الكوروكو والمعروفة ب" تكلمانين " فكان لا بد من اتخاذ تدابير صارمة ضد
قائد هذه الحامية ، حسب قرارات برنكر .
* الهوامش :
1 - رتبة قبطان : رامون غارسيا بلانكو ، ومانويل مورالس ألونصو .
- رتبة تلنتي : رامون شانشيا أورانطيس ، وبوليكاربو مورسيانو غوميس ، ورفاييل بريث سولر .
- رتبة ملازم ثان : اسحاق لوبيث غالان ، وخوليو سولا فونط .. في تاريخ الحملات ....ج3ص 205
، وكذا في السجل العسكري السنوي 1921 م .
2 - الاقامة العامة الاسبانية بالمغرب . قوات التدخل السريع ، الأوامر العامة ل9 أكتوبر 1922 م حول
لحكم المنافي لمنح الوسام الشرفي للقائد ايمليانو برناشرا مولفيدرو الذي توفي في الحادث ، وكان الجواب
بالنفي بعلة عدم توفر كل الدلائل .
3 - أرشيف مؤسسة أنطونيو ماورا ، المجموعو 1 / 364 في محادثة هاتفية بين لاثيربا وبرنكر بتاريخ
31/8/1921 م على الساعة 21 : 00.
* المرجع : التاريخ السري لحرب الريف ( المغرب الحلم المزعج ) لخوان باندو ، ترجمة سناء الشعيري
- منشورات الزمن 2008 .
.... مع تحيات العتيق .
العتيق- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 1509
درجة التقدير : 6
تاريخ الميلاد : 01/01/1951
تاريخ التسجيل : 17/04/2011
العمر : 73
الموقع : البريد أعلاه وكذا منتدى جبالة
رد: غزو الاسبان للريف بشمال المغرب يطال بلاد جبالة
شكرا على الإفادة ومعها دقة التوثيق والمرجع
جبلي- عضو أساسي بالمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 278
درجة التقدير : 0
تاريخ الميلاد : 31/12/1966
تاريخ التسجيل : 12/03/2011
العمر : 57
مواضيع مماثلة
» معهد المواهب بشمال المغرب
» أقدم دعوة الى تعليم الفتاة بشمال المغرب / رحيمو المدني
» اعرف أجدادك / أعضاء المجلس العلمي الاستشاري للثورة على الاستعمار بشمال المغرب غداة فرض الحماية
» منطقة جبالة جزء لا يتجزء من المغرب
» وشهد شاهد من أهل الأندلس الاسبان
» أقدم دعوة الى تعليم الفتاة بشمال المغرب / رحيمو المدني
» اعرف أجدادك / أعضاء المجلس العلمي الاستشاري للثورة على الاستعمار بشمال المغرب غداة فرض الحماية
» منطقة جبالة جزء لا يتجزء من المغرب
» وشهد شاهد من أهل الأندلس الاسبان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى