أبوعبد الله الفرطاخ
صفحة 1 من اصل 1
أبوعبد الله الفرطاخ
أبو عبد الله الفرطاخ العالم المحدث
يقلم المرحوم:سعيد أعراب
يقلم المرحوم:سعيد أعراب
من الشيوخ الذين أعتز بمشيختهم، ولهم فضل كبير علي، أبو عبد الله الفرطاخ، محدث تطوان، وآخر مشيختها؟ وإذا كان من برور بهؤلاء الأشياخ الذين أفاضوا علينا من علمهم، وأعطونا من وقتهم الثمين، بدون مقابل مادي، وتلك ميزة أشياخنا الأقدمين، فعلى الأقل أن نقول فيهم كلمة نرسم فيها بعض مآثرهم، ونسجل لمحات من تاريخ حياتهم ؟ وهي لوحات ستبقى خالدة إلى الأبد، ما دام في الناس عرفان بالجميل، ويحدثنا القاضي عياض عن بعض شيوخه أنه كان يقول لهم : ما لكم تأخذون العلم عنا، وتستفيدون منا، ثم تذكروننا ولا تترحمون علينا (1)؟.
وهذا يعني أن الاعتراف بفضل هؤلاء الشيوخ دين يجب الوفاء به، وهو لسان صدق في الآخرين، وتلك أمنية تمناها الأنباء والرسل، ومن أرخ عالما، فكأنا أحيا أمة.
اسمه ونسبه :
هو أبو عبد الله محمد بن محمد من أحمد الفرطاخ، يتصل نسبه بالعارف الرباني أبي عبد الله محمد - فتحا - بن الحسن الجناتي الحياني (2). دفين جبل (تسا) - قرب وادي اللبن بقبيلة الحياينة – حوز فاس، ومن هناك انتقل أسلافه إلى مدشر الدردارة بقبيلة الأخماس، وأقاموا ثمة برهة من الزمن، ثم نزحوا إلى الدرادر، ببني ليت، وبعدها إلى ابن رثن، وبما موضع يسمى - إلى الآن - بخربة الحياني، ثم نأوا عنها إلى فج بنى يدر وسيعد، واستوطنوا هناك وتناسلوا، وكان فيهم علماء وقراء متنسكون، ومن بينهم العالم المشتهر بالفرطاخ (3)، وهو اللقب الذي التصق بهم منذ أحقاب السنين، ثم انتقلوا إلى جبل الحبيب، حيث نزلوا مدشر الخروب، ولم يلبث أن انتقل والد المترجم - بالأهل والأولاد - إلى مدينة تطوان، واستقر بها نهائيا، وكان وصولهم إليها في شهر رمضان عام تسعة وتسعين ومائتين وألف (1299 هـ) - حيث كان سكناهم بزنقة المقدم - درب سلامة - قرب جامح لوقش، ومن المترجم وقتئذ نحو عام ونصف عام، ويشير المترجم إلى هذا في بعض قصائده (4).
وهذا يعني أن الاعتراف بفضل هؤلاء الشيوخ دين يجب الوفاء به، وهو لسان صدق في الآخرين، وتلك أمنية تمناها الأنباء والرسل، ومن أرخ عالما، فكأنا أحيا أمة.
اسمه ونسبه :
هو أبو عبد الله محمد بن محمد من أحمد الفرطاخ، يتصل نسبه بالعارف الرباني أبي عبد الله محمد - فتحا - بن الحسن الجناتي الحياني (2). دفين جبل (تسا) - قرب وادي اللبن بقبيلة الحياينة – حوز فاس، ومن هناك انتقل أسلافه إلى مدشر الدردارة بقبيلة الأخماس، وأقاموا ثمة برهة من الزمن، ثم نزحوا إلى الدرادر، ببني ليت، وبعدها إلى ابن رثن، وبما موضع يسمى - إلى الآن - بخربة الحياني، ثم نأوا عنها إلى فج بنى يدر وسيعد، واستوطنوا هناك وتناسلوا، وكان فيهم علماء وقراء متنسكون، ومن بينهم العالم المشتهر بالفرطاخ (3)، وهو اللقب الذي التصق بهم منذ أحقاب السنين، ثم انتقلوا إلى جبل الحبيب، حيث نزلوا مدشر الخروب، ولم يلبث أن انتقل والد المترجم - بالأهل والأولاد - إلى مدينة تطوان، واستقر بها نهائيا، وكان وصولهم إليها في شهر رمضان عام تسعة وتسعين ومائتين وألف (1299 هـ) - حيث كان سكناهم بزنقة المقدم - درب سلامة - قرب جامح لوقش، ومن المترجم وقتئذ نحو عام ونصف عام، ويشير المترجم إلى هذا في بعض قصائده (4).
مولده ونشأته :
ولد أبو عبد الله الفرطاخ بمدشر الخروب - قبيلة جبل حبيب - في حدود أواخر ربيع الثاني عام ثمانية وتسعين ومائتين وألف (1298)، وانتقل به والده إلى تطوان - وهو ابن عام ونصف عام (5) - كما أسلفنا، وتعلم في الكتاب، ولكنه لم يكد يصل الحادية عشرة حتى توفيت والدته، وهو سابع سبعة إخوة - سبقوا أمهم - إلا هو، لأمر يعلمه الله ؟ فتزوج والده، وعانى من زوجة أبيه ما عانى، مما اضطره إلى الخروج من الكتاب، فأخذه والده معه إلى الدكان الذي كان يعمل به، وكانت مهنته الحدادة، فعالج نفخ الكير، وضرب الحديد ردحا من الزمن، حتى أتقن صنعة الحدادة، واستقل بنفسه، ولكنه كان يشعر دائما وكأن شيئا يدفعه إلى الخروج من تطوان، فانتقل إلى طنجة، وجعل يعمل مع المعلم حسين أبي طاهر السوسي وكان من مهرة الحدادين، وقد توسم في المترجم رغبة في الطلب، وحنينا متأججا إلى الدراسة والتعلم، فشجعه على الخروج إلى البادية لحفظ كتاب الله العزيز، وكان يمده من حين لآخر بكل ما يحتاج إليه، فالتحق بمدشر الخروب بقبيلة جبل الحبيب مسقط رأسه، والمقر الأول لأبيه وجده، ومكث هناك مدة حفظ فيها القرآن الكريم، ثم خرج إلى قبيلة بني يدر- وفيها جماعة من أبناء عمومته، فقرأ على بعض الشيوخ المختصين في علوم القرآن، وأتقن رسمه وضبطه، وحفظ بعض الروايات، ثم دفعته نفسه الطموح إلى تعلم العلم.
ولد أبو عبد الله الفرطاخ بمدشر الخروب - قبيلة جبل حبيب - في حدود أواخر ربيع الثاني عام ثمانية وتسعين ومائتين وألف (1298)، وانتقل به والده إلى تطوان - وهو ابن عام ونصف عام (5) - كما أسلفنا، وتعلم في الكتاب، ولكنه لم يكد يصل الحادية عشرة حتى توفيت والدته، وهو سابع سبعة إخوة - سبقوا أمهم - إلا هو، لأمر يعلمه الله ؟ فتزوج والده، وعانى من زوجة أبيه ما عانى، مما اضطره إلى الخروج من الكتاب، فأخذه والده معه إلى الدكان الذي كان يعمل به، وكانت مهنته الحدادة، فعالج نفخ الكير، وضرب الحديد ردحا من الزمن، حتى أتقن صنعة الحدادة، واستقل بنفسه، ولكنه كان يشعر دائما وكأن شيئا يدفعه إلى الخروج من تطوان، فانتقل إلى طنجة، وجعل يعمل مع المعلم حسين أبي طاهر السوسي وكان من مهرة الحدادين، وقد توسم في المترجم رغبة في الطلب، وحنينا متأججا إلى الدراسة والتعلم، فشجعه على الخروج إلى البادية لحفظ كتاب الله العزيز، وكان يمده من حين لآخر بكل ما يحتاج إليه، فالتحق بمدشر الخروب بقبيلة جبل الحبيب مسقط رأسه، والمقر الأول لأبيه وجده، ومكث هناك مدة حفظ فيها القرآن الكريم، ثم خرج إلى قبيلة بني يدر- وفيها جماعة من أبناء عمومته، فقرأ على بعض الشيوخ المختصين في علوم القرآن، وأتقن رسمه وضبطه، وحفظ بعض الروايات، ثم دفعته نفسه الطموح إلى تعلم العلم.
تعلمه ومشيخته :
قلنا إن المترجم لم يتعلم إلا بعد أن كبر، وكان له من العمر نحو (17) سنة، ومن شيوخه في العلم :
1 - الفقيه الأندلسي، أخذ عنه بجبل الحبيب (جبيلة)، ويقال إنه أقرا مع الطلبة نحو مائة سلكة في العربية.
2 - ثم التحق بالفقيه ابن يرمق بسماثة، وأدركه شيخا كبيرا، وكان من العلماء، العاملين، له مؤلف في العربية، أسماه بعض منافسيه بـ (خربق)، لابن يرمق، وكانت له اليد الطولى في علم الجدول.
3 - وأنهى دراسته في العربية على عالم نحوي كبير – بمدشر القب بقبيلة اغزاوة - لم يحضرني اسمه الآن.
ثم عاد المترجم إلى تطوان - بعد غياب طويل، فصادف رجوع الفقيهين :
4 – 5 - أبوي العباس : أحمد بن الطاهر الزواقي، وأحمد الرهوني من فاس ، فجلس في دروسهما بضعة أشهر، وكانت الحرب قائمة بين أهالي تطوان وقبائل الجبل، بإيعاز من الاستعمار وأذنابه، عملا بمبدأ ( فرق تسد).
ثم شد الرحال إلى فاس عاصمة العلم، فأخذ عن جملة من علمائها ومشايخها، وكان في مقدمة من سمع منهم :
6 - أبو العباس أحمد بن الخياط الزكاري، وهو أول شيخ جلس بين يديه بفاس، وكان من الفقهاء المحدثين، والمفسرين المحققين، إلى زهد وورع ، وتواضع ودماثة أخلاق، له مؤلفات في التوحيد والفقه، والحديث والقراءات (ت 1343 هـ) (6) ذكره المترجم في الذيل، (7) وله فيه بعض قصائد (.
7 - ومن شيوخه بفاس - وهو عمدته - أبو عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، محدث مكثر، متضلع في علوم الحديث وفنونه، بصير بفقهه ومعانيه، دءوب على تدريسه وسرده، حسن النطق به، عارف بتراجم رجاله، مؤرخ، مطلع على أخبار صلحاء وعلماء فاس، وطبقات علماء المذهب، رحل إلى الحجاز غير مرة، وجاور بالمدينة المنورة مدة، ثم سكن دمشق إلى أواخر حياته، ثم عاد إلى المغرب فتوفى بفاس سنة (1345 هـ) (9). وله نحو 60 كتابا، أكثرها في الحديث وعلومه (10)، وقد تأثر به المترجم أيما تأثر، ولازمه في الحل والترحال، وظل في خدمته - يفيد من فيض علمه - إلى أن فرق الموت بينهما، ذكره في الذيل (11)، وله فيه القصائد الطوال (12)، ألف كتابا في سيرته ومناقبه لم يكمله (13).
8 - أبو عبد الله محمد - فتحا - بن قاسم القادري، الإمام النحوي النقاد، العلم الذي تتضاءل له الأوطاد، سلالة الأفاضل الأعلام، آية الله في التحرير والتقرير، إلى زهد وعفاف، وقناعة ورفق بالكفاف، طلق الدنيا بالبتات، ووأدها وأد البنات. (ت 1331 هـ) (14).
له حاشية على شرح الشيخ الطيب بن كيران على توحيد المرشد المعين في مجلدين، دلت على اطلاع واسع، وتحرير وتحقيق (15).
9 - أبو العباس أحمد بن الجيلالي الأمغاري، شيخ فقهاء الوقت، فمارس المعقول والمنقول، بقية العلماء العاملين، ولسان المناطقة المتكلمين (16)، في آخرين.
قلنا إن المترجم لم يتعلم إلا بعد أن كبر، وكان له من العمر نحو (17) سنة، ومن شيوخه في العلم :
1 - الفقيه الأندلسي، أخذ عنه بجبل الحبيب (جبيلة)، ويقال إنه أقرا مع الطلبة نحو مائة سلكة في العربية.
2 - ثم التحق بالفقيه ابن يرمق بسماثة، وأدركه شيخا كبيرا، وكان من العلماء، العاملين، له مؤلف في العربية، أسماه بعض منافسيه بـ (خربق)، لابن يرمق، وكانت له اليد الطولى في علم الجدول.
3 - وأنهى دراسته في العربية على عالم نحوي كبير – بمدشر القب بقبيلة اغزاوة - لم يحضرني اسمه الآن.
ثم عاد المترجم إلى تطوان - بعد غياب طويل، فصادف رجوع الفقيهين :
4 – 5 - أبوي العباس : أحمد بن الطاهر الزواقي، وأحمد الرهوني من فاس ، فجلس في دروسهما بضعة أشهر، وكانت الحرب قائمة بين أهالي تطوان وقبائل الجبل، بإيعاز من الاستعمار وأذنابه، عملا بمبدأ ( فرق تسد).
ثم شد الرحال إلى فاس عاصمة العلم، فأخذ عن جملة من علمائها ومشايخها، وكان في مقدمة من سمع منهم :
6 - أبو العباس أحمد بن الخياط الزكاري، وهو أول شيخ جلس بين يديه بفاس، وكان من الفقهاء المحدثين، والمفسرين المحققين، إلى زهد وورع ، وتواضع ودماثة أخلاق، له مؤلفات في التوحيد والفقه، والحديث والقراءات (ت 1343 هـ) (6) ذكره المترجم في الذيل، (7) وله فيه بعض قصائد (.
7 - ومن شيوخه بفاس - وهو عمدته - أبو عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، محدث مكثر، متضلع في علوم الحديث وفنونه، بصير بفقهه ومعانيه، دءوب على تدريسه وسرده، حسن النطق به، عارف بتراجم رجاله، مؤرخ، مطلع على أخبار صلحاء وعلماء فاس، وطبقات علماء المذهب، رحل إلى الحجاز غير مرة، وجاور بالمدينة المنورة مدة، ثم سكن دمشق إلى أواخر حياته، ثم عاد إلى المغرب فتوفى بفاس سنة (1345 هـ) (9). وله نحو 60 كتابا، أكثرها في الحديث وعلومه (10)، وقد تأثر به المترجم أيما تأثر، ولازمه في الحل والترحال، وظل في خدمته - يفيد من فيض علمه - إلى أن فرق الموت بينهما، ذكره في الذيل (11)، وله فيه القصائد الطوال (12)، ألف كتابا في سيرته ومناقبه لم يكمله (13).
8 - أبو عبد الله محمد - فتحا - بن قاسم القادري، الإمام النحوي النقاد، العلم الذي تتضاءل له الأوطاد، سلالة الأفاضل الأعلام، آية الله في التحرير والتقرير، إلى زهد وعفاف، وقناعة ورفق بالكفاف، طلق الدنيا بالبتات، ووأدها وأد البنات. (ت 1331 هـ) (14).
له حاشية على شرح الشيخ الطيب بن كيران على توحيد المرشد المعين في مجلدين، دلت على اطلاع واسع، وتحرير وتحقيق (15).
9 - أبو العباس أحمد بن الجيلالي الأمغاري، شيخ فقهاء الوقت، فمارس المعقول والمنقول، بقية العلماء العاملين، ولسان المناطقة المتكلمين (16)، في آخرين.
رحلاته :
رحل المترجم إلى بلاد الحجاز ثلاث رحلات،
1 - أولاها - وكانت صحبة شيخه أبي عبد الله محمد بن جعفر الكتاني، في حدود سنة (1325 هـ) وقضى هناك نحو سنة أدى خلالها مناسك الحج، وكانت له اتصالات بشيوخ العلم ورجال الحديث، ثم انتقل رفقة شيخه الكتاني إلى بلاد الشام، فزار في بيروت الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني (17)، وبعد تبادل الشيخين الإجازات والمناولات، قال الشيخ الكتاني للنبهاني : ادع لأولادي هؤلاء : محمد الزمزمي، ومحمد المكي وهما ولداي من صلبي، ومحمد الفرطاخ - وهو ولدي الروحي، فضمهم إليه، وأجازهم جميعا.
ثم عاد المترجم إلى المغرب في حدود أواخر سنة (1326هـ)، فتزوج بتطوان ولم يمض على زواجه إلا نحو عامين حتى توفيت الزوجة، فتزوج أختها، وولد له معها ولدان : محمد الزمزمي، ومحمد المكي.
2 - ثم رحل إلى الحجاز للمرة الثانية سنة (1325 هـ) ، واصطحب معه الأهل والأولاد، فالتحق بشيخه محمد بن جعفر الكتاني - وكان مجاورا بالمدينة المنورة، ولم يلبث أن توفيت زوجته الثانية ثم الولدان، فسافر مع السيد محمد الزمزمي ولد الشيخ الكتاني إلى القاهرة بقصد الاطلاع على أعمال الطبع في (الرسالة المستطرفة ) للشيخ، فاهتبلها المترجم فرصة لزيارة الأزهر، ومديره الشيخ الأكبر مصطفى المراغي، وكان على صلة بالشيخ الكتاني، جرت بينهما مراسلات في عدة مناسبات.
وفي طريق عودته عرج المترجم على الينبع، فقضى هناك مدة، تولى خلالها التدريس ببعض المؤسسات، وقد اختبره مشايخ الينبع، فاقترحوا عليه درسا في تفسير سورة البقرة، فألقى الدرس على المشايخ، وكان موفقا كل التوفيق، وكان أستاذه الكتاني يناديه بشيخ الينبع مباسطة له.
ثم عاد إلى المدينة، فجاوز مع شيخه - إلى أن قدم عليهم المولى عبد الحفيظ، وكان قد أدى فريضة الحج، فطلب من الشيخ أن يأذن للمترجم في العودة معه إلى المغرب ليعلم أولاده، فأذن له، فعاد ونزل طنجة في حدود سنة (1333 هـ)، وجعل يعلم أولاده، وفيهم المولى يونس الذي تولى - بعد - مناصب عليا في الدولة.
وفي هذه الأثناء، تزوج المترجم - للمرة الثالثة، وكان زواجه بكريمة الحاج عبد السلام العمازني - وهي من أسرة ريفية، استوطنت طنجة قديما، وأكثر أولاد المترجم من هذه الزوجة، وقد أنجب عدة أولاد ذكور، تعلموا على والدهم، ثم التحقوا بمدارس ومعاهد، وهم يعملون الآن في وظائف عمومية، وبعضهم يعمل في حقل التعليم الحر.
وقد قضى المترجم بطنجة بضع سنوات، تولى التدريس فيها ببعض المساجد والجوامع، منها : مسجد ابن ريسون، درس فيه العربية، والجامع الجديدة، وكان يدرس به موطأ مالك، ثم مسجد بوعبيد وكان به خطيبا.
ثم عاد إلى تطوان، فاستقبلته بالأحضان، وكان سكناه بالسويقة، وهي الدار التي قضى فيها أكثر حياته، فتفرغ للتدريس، والتف حوله أفواج الطلبة، فأقرأ بجامع القصبة، وكان به خطيبا، وأقرأ بجامع المصمدي عدة فنون، ثم بالجامع الكبير. وكان يدرس به مختصر خليل، ولما وصل إلى باب الجهاد عزم على إقرائه مع الطلبة. وكانت السلطة الحامية حظرت تدريسه بالمساجد والجوامع، فاتصل بالصدر الأعظم وهو وقتئذ ابن عزوز - وكان شهما نبيلا، فكلمه في الأمر، فقال له : سر على عملك ولا عليك، فواصل إقراءه مع الطلبة، وكان أول من خرق هذا الحاجز الموهوم، على أنه كلفه ذلك ثمنا غاليا !
وكانت دروسه في شهر ربيع الأول - كتاب الشمائل للترمذي، وبردة البوصيري، وبعض الموالد الخاصة، وله منظومة مطولة في هذا الباب، وفي شهر رمضان، كان يدرس شفاء عياض، ويتوسع في ذلك، فيملى ما في شروح الشفا، ويضيف إليها من المواهب اللدنية بشرح الزرقاني، وسيرة ابن سيد الناس، وسيرة الحلبي، وسواها من كتب السير والأثر.
رحل المترجم إلى بلاد الحجاز ثلاث رحلات،
1 - أولاها - وكانت صحبة شيخه أبي عبد الله محمد بن جعفر الكتاني، في حدود سنة (1325 هـ) وقضى هناك نحو سنة أدى خلالها مناسك الحج، وكانت له اتصالات بشيوخ العلم ورجال الحديث، ثم انتقل رفقة شيخه الكتاني إلى بلاد الشام، فزار في بيروت الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني (17)، وبعد تبادل الشيخين الإجازات والمناولات، قال الشيخ الكتاني للنبهاني : ادع لأولادي هؤلاء : محمد الزمزمي، ومحمد المكي وهما ولداي من صلبي، ومحمد الفرطاخ - وهو ولدي الروحي، فضمهم إليه، وأجازهم جميعا.
ثم عاد المترجم إلى المغرب في حدود أواخر سنة (1326هـ)، فتزوج بتطوان ولم يمض على زواجه إلا نحو عامين حتى توفيت الزوجة، فتزوج أختها، وولد له معها ولدان : محمد الزمزمي، ومحمد المكي.
2 - ثم رحل إلى الحجاز للمرة الثانية سنة (1325 هـ) ، واصطحب معه الأهل والأولاد، فالتحق بشيخه محمد بن جعفر الكتاني - وكان مجاورا بالمدينة المنورة، ولم يلبث أن توفيت زوجته الثانية ثم الولدان، فسافر مع السيد محمد الزمزمي ولد الشيخ الكتاني إلى القاهرة بقصد الاطلاع على أعمال الطبع في (الرسالة المستطرفة ) للشيخ، فاهتبلها المترجم فرصة لزيارة الأزهر، ومديره الشيخ الأكبر مصطفى المراغي، وكان على صلة بالشيخ الكتاني، جرت بينهما مراسلات في عدة مناسبات.
وفي طريق عودته عرج المترجم على الينبع، فقضى هناك مدة، تولى خلالها التدريس ببعض المؤسسات، وقد اختبره مشايخ الينبع، فاقترحوا عليه درسا في تفسير سورة البقرة، فألقى الدرس على المشايخ، وكان موفقا كل التوفيق، وكان أستاذه الكتاني يناديه بشيخ الينبع مباسطة له.
ثم عاد إلى المدينة، فجاوز مع شيخه - إلى أن قدم عليهم المولى عبد الحفيظ، وكان قد أدى فريضة الحج، فطلب من الشيخ أن يأذن للمترجم في العودة معه إلى المغرب ليعلم أولاده، فأذن له، فعاد ونزل طنجة في حدود سنة (1333 هـ)، وجعل يعلم أولاده، وفيهم المولى يونس الذي تولى - بعد - مناصب عليا في الدولة.
وفي هذه الأثناء، تزوج المترجم - للمرة الثالثة، وكان زواجه بكريمة الحاج عبد السلام العمازني - وهي من أسرة ريفية، استوطنت طنجة قديما، وأكثر أولاد المترجم من هذه الزوجة، وقد أنجب عدة أولاد ذكور، تعلموا على والدهم، ثم التحقوا بمدارس ومعاهد، وهم يعملون الآن في وظائف عمومية، وبعضهم يعمل في حقل التعليم الحر.
وقد قضى المترجم بطنجة بضع سنوات، تولى التدريس فيها ببعض المساجد والجوامع، منها : مسجد ابن ريسون، درس فيه العربية، والجامع الجديدة، وكان يدرس به موطأ مالك، ثم مسجد بوعبيد وكان به خطيبا.
ثم عاد إلى تطوان، فاستقبلته بالأحضان، وكان سكناه بالسويقة، وهي الدار التي قضى فيها أكثر حياته، فتفرغ للتدريس، والتف حوله أفواج الطلبة، فأقرأ بجامع القصبة، وكان به خطيبا، وأقرأ بجامع المصمدي عدة فنون، ثم بالجامع الكبير. وكان يدرس به مختصر خليل، ولما وصل إلى باب الجهاد عزم على إقرائه مع الطلبة. وكانت السلطة الحامية حظرت تدريسه بالمساجد والجوامع، فاتصل بالصدر الأعظم وهو وقتئذ ابن عزوز - وكان شهما نبيلا، فكلمه في الأمر، فقال له : سر على عملك ولا عليك، فواصل إقراءه مع الطلبة، وكان أول من خرق هذا الحاجز الموهوم، على أنه كلفه ذلك ثمنا غاليا !
وكانت دروسه في شهر ربيع الأول - كتاب الشمائل للترمذي، وبردة البوصيري، وبعض الموالد الخاصة، وله منظومة مطولة في هذا الباب، وفي شهر رمضان، كان يدرس شفاء عياض، ويتوسع في ذلك، فيملى ما في شروح الشفا، ويضيف إليها من المواهب اللدنية بشرح الزرقاني، وسيرة ابن سيد الناس، وسيرة الحلبي، وسواها من كتب السير والأثر.
تقلبه في بعض الوظائف :
لقي المترجم - بعد عودته إلى تطوان - بعض مضايقات من رفاقه في الطلب، الذين تولوا مناصب عليا في الإدارات الحكومية، حتى كاد يرجع من حيث أتى، وقد اضطر إلى قبول وظيف كان دون مقامه.
ومن الوظائف التي تقلب فيها : مستشار ثان بوزارة العدل، ثم قاضي القضاة بإقليم الريف من شمال المغرب، ومستشار شرعي بوزارة الأحباس، ثم أخيرا أستاذ مادة الحديث بالمعهد العالي بتطوان.
لقي المترجم - بعد عودته إلى تطوان - بعض مضايقات من رفاقه في الطلب، الذين تولوا مناصب عليا في الإدارات الحكومية، حتى كاد يرجع من حيث أتى، وقد اضطر إلى قبول وظيف كان دون مقامه.
ومن الوظائف التي تقلب فيها : مستشار ثان بوزارة العدل، ثم قاضي القضاة بإقليم الريف من شمال المغرب، ومستشار شرعي بوزارة الأحباس، ثم أخيرا أستاذ مادة الحديث بالمعهد العالي بتطوان.
رحلته الثالثة :
ثم حج الحجة الثالثة سنة (1356 هـ ) 518- - وكان قد باع قطعة أرض من غرسة لزوجه بحي السواني من طنجة، فركب سفينة إسبانية تدعى (ماركس دي كومياس ) وعندما أبحرت من سبتة، قال فيها قصيدته التي مطلعها :
فلك السنا ((ماركيس دي كومياس) وسناؤها للسفن كالنبراس
وكان اصطحب معه في هذه الرحلة ولده الأكبر محمد الزمزمي. ثم أرست بهم الباخرة في ميناء طرابلس ليبيا، فنزلوا إلى البر، وقضوا هناك بعض الوقت، فاتصل المترجم بكبار مشايخ العلم بطرابلس، وزار قبر الصحابي الجليل المنيذر الإفريقي - دفين قرية غريانة من ضواحي طرابلس (19) ووقف على جامع أحمد باشا، وهو مسجد كبير عامر بحلقات العلم، فحضر درس شيخ الجماعة مصطفى بن باكر الطرابسي، واستأذنه في إجازته والرواية عنه، فأجاز بكل ما لديه من معقول ومنقول، كتابة ومشافهة، وأخذ عنه الحديث المسلسل بالمصافحة وتشبيك الأصابع، والمعانقة، وقال له : أصافحك كما صافحني شيخي سيدي أحمد العطاس. وأورده بسنده المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأجازه في محيح البخاري إجازة مطلقة ذكر فيها سلسلة شيوخه وبعض أسانيده إلى الإمام البخاري، وكان المترجم يعتز بهذا السند. وربما كان أعلى سند له، وناوله المعجم الكبير، والصغير للطبراني، وعندما حلوا بجدة من أرض الحجاز، نظم قصيدة يقول فيها :
يا جدة جودي لنا بالوصل فالقلب انضنى
يا جدة حي الحشا بالقرب فالصبر انفنى
وهي طويلة (20).
ولما أدى المترجم مناسك الحج، وتهيأ للرجوع، وقف وقفة خشوع، وقد وخطه الشيب، ووقف على عتبة الستين - وهي مرحلة الشيخوخة والإنذار بالموت، فدعا الله - عز وجل - أن يجعله من أحبائه، ومن خدام سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ثم حج الحجة الثالثة سنة (1356 هـ ) 518- - وكان قد باع قطعة أرض من غرسة لزوجه بحي السواني من طنجة، فركب سفينة إسبانية تدعى (ماركس دي كومياس ) وعندما أبحرت من سبتة، قال فيها قصيدته التي مطلعها :
فلك السنا ((ماركيس دي كومياس) وسناؤها للسفن كالنبراس
وكان اصطحب معه في هذه الرحلة ولده الأكبر محمد الزمزمي. ثم أرست بهم الباخرة في ميناء طرابلس ليبيا، فنزلوا إلى البر، وقضوا هناك بعض الوقت، فاتصل المترجم بكبار مشايخ العلم بطرابلس، وزار قبر الصحابي الجليل المنيذر الإفريقي - دفين قرية غريانة من ضواحي طرابلس (19) ووقف على جامع أحمد باشا، وهو مسجد كبير عامر بحلقات العلم، فحضر درس شيخ الجماعة مصطفى بن باكر الطرابسي، واستأذنه في إجازته والرواية عنه، فأجاز بكل ما لديه من معقول ومنقول، كتابة ومشافهة، وأخذ عنه الحديث المسلسل بالمصافحة وتشبيك الأصابع، والمعانقة، وقال له : أصافحك كما صافحني شيخي سيدي أحمد العطاس. وأورده بسنده المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأجازه في محيح البخاري إجازة مطلقة ذكر فيها سلسلة شيوخه وبعض أسانيده إلى الإمام البخاري، وكان المترجم يعتز بهذا السند. وربما كان أعلى سند له، وناوله المعجم الكبير، والصغير للطبراني، وعندما حلوا بجدة من أرض الحجاز، نظم قصيدة يقول فيها :
يا جدة جودي لنا بالوصل فالقلب انضنى
يا جدة حي الحشا بالقرب فالصبر انفنى
وهي طويلة (20).
ولما أدى المترجم مناسك الحج، وتهيأ للرجوع، وقف وقفة خشوع، وقد وخطه الشيب، ووقف على عتبة الستين - وهي مرحلة الشيخوخة والإنذار بالموت، فدعا الله - عز وجل - أن يجعله من أحبائه، ومن خدام سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
تدريسه للحديث وعلومه - ومنهجه في ذلك :
تفرغ المترجم في أخريات حياته لتدريس الحديث وعلومه، وكان له درس خاص بصحيح البخاري بجامع للا فريجة من حومة السويقة، على بضع خطوات من دار مسكناه، وكان يلقيه بين العشاءين، يحضره نجباء الطلبة وعامة المومنين، وقد عشت هذه الدروس، وكنت السارد فيها مدة سنوات (21)، وكان المترجم لا يفضل على صحيح البخاري أي كتاب، مهما كان شأنه، ويرفض القول بأن المغاربة يفضلون صحيح مسلم على صحيح البخاري لمزايا عدوها، ويتول : «إن المزية لا تقتضي التفضيل، وكان له منهج خاص في تدريسه:.
1 - يفتتح الدرس بصلوات ودعوات، وتراتيل خاصة، ثم يتخلص لقراءة نص الحديث بسنده المتصل.
2 - يبحث وجه المناسبة بين الترجمة والتي قبلها – وهو موضوع ألف فيه بعض الأئمة، بوجه خاص (22)، ويقال : "إن فقه البخاري في تراجمه".
3 - ثم يرجع إلى رجال السند واحدا، واحدا إلى الصحابي راوي الحديث، فيورد ترجمة كل واحد، ويتسمع في ذلك أكثر من اللازم، حتى إنه يتراءى لك الراوي، وكأنك عشت معه، وعرفت أطوار حياته، والبلدان التي تجول فيها، والشيوخ الذين أخذ عنهم أو صحبهم، وما له من مدارك وخصوصيات - حتى الوفاة.
4 - ثم يشرح الكلمات الغريبة في الحديث، وهنا يرجع بك إلى معاجم الحديث، وقواميس اللغة، وأصول العربية - بتوسع مستفيض، وربما يختلف شراح الحديث في ضبط كلمة، أو إعراب جملة، فيكون المحكم فيها . سيبويه في كتابه، وابن جني في خصائصه، والزمخشري في مفصله، ويقول : دع عنك بنيات الطريق !
4 - ثم أخيرا - وليس أخيرا - ما يستنبط من الحديث : من أحكام فقهية، وفوائد علمية، وآداب، وأخلاق، إلى غير ذلك.
وكان الكتاب المسرود - عنده - إرشاد الساري على صحيح البخاري للإمام القسطلاني، أما الجو الذي يعيشه الطالب مع الحديث، فهو ما يمليه ابن حجر في الفتح من شروح وتوضيحات، وما يورده من روايات، وما يصححه من أسانيد، وما يستخرجه من حكم وفوائد، وحدث عن البحر ولا حرج ! وهنا يسمو الشيخ، ويعلق في أجواء ما كنا لنعرف ما هناك. ونحن حديثو العهد بهذا الفن! وكانت أحيانا تقع محاكمات بين العيني وابن حجر، فإنهما ربما اختلفا في فهم بعض العبارات، أو شرح إحدى الكلمات، أو ترجيح بعض الروايات، أو تبيين أحد المبهمات، فيقدم الشيخ ملفا ضخما يحتوي على وثائق ومستندات، وهكذا يعلن عن محاكمة الرجلين، ويدلي بحجج الطرفين، ويوضح حجة كل منهما، ثم يصدر حكمه، ويذكر ما فيه من حيثيات، ومستندات، وقد تطول هذه المحاكمة أو تقصر، ولكن الشيخ كان دائما مع الحافظ ابن حجر، ويقول : شتان ما بين الرجلين.
ولا أعرفه وقف - ولو مرة واحدة - إلى جانب العيني، وربما كان على حق في ذلك ؟
تفرغ المترجم في أخريات حياته لتدريس الحديث وعلومه، وكان له درس خاص بصحيح البخاري بجامع للا فريجة من حومة السويقة، على بضع خطوات من دار مسكناه، وكان يلقيه بين العشاءين، يحضره نجباء الطلبة وعامة المومنين، وقد عشت هذه الدروس، وكنت السارد فيها مدة سنوات (21)، وكان المترجم لا يفضل على صحيح البخاري أي كتاب، مهما كان شأنه، ويرفض القول بأن المغاربة يفضلون صحيح مسلم على صحيح البخاري لمزايا عدوها، ويتول : «إن المزية لا تقتضي التفضيل، وكان له منهج خاص في تدريسه:.
1 - يفتتح الدرس بصلوات ودعوات، وتراتيل خاصة، ثم يتخلص لقراءة نص الحديث بسنده المتصل.
2 - يبحث وجه المناسبة بين الترجمة والتي قبلها – وهو موضوع ألف فيه بعض الأئمة، بوجه خاص (22)، ويقال : "إن فقه البخاري في تراجمه".
3 - ثم يرجع إلى رجال السند واحدا، واحدا إلى الصحابي راوي الحديث، فيورد ترجمة كل واحد، ويتسمع في ذلك أكثر من اللازم، حتى إنه يتراءى لك الراوي، وكأنك عشت معه، وعرفت أطوار حياته، والبلدان التي تجول فيها، والشيوخ الذين أخذ عنهم أو صحبهم، وما له من مدارك وخصوصيات - حتى الوفاة.
4 - ثم يشرح الكلمات الغريبة في الحديث، وهنا يرجع بك إلى معاجم الحديث، وقواميس اللغة، وأصول العربية - بتوسع مستفيض، وربما يختلف شراح الحديث في ضبط كلمة، أو إعراب جملة، فيكون المحكم فيها . سيبويه في كتابه، وابن جني في خصائصه، والزمخشري في مفصله، ويقول : دع عنك بنيات الطريق !
4 - ثم أخيرا - وليس أخيرا - ما يستنبط من الحديث : من أحكام فقهية، وفوائد علمية، وآداب، وأخلاق، إلى غير ذلك.
وكان الكتاب المسرود - عنده - إرشاد الساري على صحيح البخاري للإمام القسطلاني، أما الجو الذي يعيشه الطالب مع الحديث، فهو ما يمليه ابن حجر في الفتح من شروح وتوضيحات، وما يورده من روايات، وما يصححه من أسانيد، وما يستخرجه من حكم وفوائد، وحدث عن البحر ولا حرج ! وهنا يسمو الشيخ، ويعلق في أجواء ما كنا لنعرف ما هناك. ونحن حديثو العهد بهذا الفن! وكانت أحيانا تقع محاكمات بين العيني وابن حجر، فإنهما ربما اختلفا في فهم بعض العبارات، أو شرح إحدى الكلمات، أو ترجيح بعض الروايات، أو تبيين أحد المبهمات، فيقدم الشيخ ملفا ضخما يحتوي على وثائق ومستندات، وهكذا يعلن عن محاكمة الرجلين، ويدلي بحجج الطرفين، ويوضح حجة كل منهما، ثم يصدر حكمه، ويذكر ما فيه من حيثيات، ومستندات، وقد تطول هذه المحاكمة أو تقصر، ولكن الشيخ كان دائما مع الحافظ ابن حجر، ويقول : شتان ما بين الرجلين.
ولا أعرفه وقف - ولو مرة واحدة - إلى جانب العيني، وربما كان على حق في ذلك ؟
مصطلح الحديث :
أما درسه في علوم الحديث، وإن شئت قلت : في مصطلح الحديث، فغالبا ما يكون في غير أوقات الدراسة النظامية كيومي الجمعة والأحد، وفي الساعات الأولى، كالتاسعة، أو العاشرة، أو الحادية عشرة صباحا، وكان الكتاب المقروء - شرح الترموسي على ألفية السيوطي - وكنا نستنسخه، لأنه نادر الوجود، لكن الشيخ لم يكن يقتصر على ذلك، بل يستوعب كل ما كتب في هذا الفن، من مثل مقدمة ابن الصلاح، وشروح ألفية العراقي، وطرفة الفاسي، ونخبة الفكر - بشرحها - لابن حجر، وسواها، ويخرج من كل ذلك بزوائد وإضافات، ثم ينظمها على الإثر، فتجمع لديه من ذلك مؤلف كبير، أسماه (الذيل)، وهو كذيل الطاووس، أناق على الأصل بعدة أبيات، وكان يحفظ كل ذلك عن ظهر قلب، لما يتمتع به من ذاكرة قوية رغم كبر سنه، والأمراض التي كانت تناب من حين لآخر، ويعاني من داء الفتق الأمرين حتى يكاد يسقط في محرابه، وهو في كل ذلك صابر محتسب لله تعالى.
أما درسه في علوم الحديث، وإن شئت قلت : في مصطلح الحديث، فغالبا ما يكون في غير أوقات الدراسة النظامية كيومي الجمعة والأحد، وفي الساعات الأولى، كالتاسعة، أو العاشرة، أو الحادية عشرة صباحا، وكان الكتاب المقروء - شرح الترموسي على ألفية السيوطي - وكنا نستنسخه، لأنه نادر الوجود، لكن الشيخ لم يكن يقتصر على ذلك، بل يستوعب كل ما كتب في هذا الفن، من مثل مقدمة ابن الصلاح، وشروح ألفية العراقي، وطرفة الفاسي، ونخبة الفكر - بشرحها - لابن حجر، وسواها، ويخرج من كل ذلك بزوائد وإضافات، ثم ينظمها على الإثر، فتجمع لديه من ذلك مؤلف كبير، أسماه (الذيل)، وهو كذيل الطاووس، أناق على الأصل بعدة أبيات، وكان يحفظ كل ذلك عن ظهر قلب، لما يتمتع به من ذاكرة قوية رغم كبر سنه، والأمراض التي كانت تناب من حين لآخر، ويعاني من داء الفتق الأمرين حتى يكاد يسقط في محرابه، وهو في كل ذلك صابر محتسب لله تعالى.
تلاميذه :
تخرج على المترجم أفواج عديدة من تلاميذه، فيهم القضاة والمفتون، والحكام والمدرسون، والقواد والمحتسبون، ولنقصر القول على الطبقة الأولى منهم، أو على الأصح، من ودعوا هذه الحياة.
ومن هؤلاء :
1 - الفقيه النابغة أبو عبد الله محمد الدردبي، وكان آية في فهم النصوص واستنباط الأحكام، وكان عضوا مستثارا بمحاكم الاستئناف بتطوان.
2 - الفقيه العدل أبو عبد الله محمد اللبادي، وكانت له اليد الطولى في علم الوثائق وفقهه، تولى قضاء تطوان مدة، وكان أستاذ مادة (المسطرة الشرعية) بالمعهد العالي بتطوان، وهي تجربة رائدة، لو طبقت بالمعاهد العليا للقضاء، لكان لها أثرها الفعال في تبسيط المسة القضائية ببلدنا، ولمكانته العلمية، وسلوكه الحميد، انتخب عضوا مستشارا بالمجلس الأعلى بالرباط.
3 -الفقيه المدرس النفاعة أبو عبد الله محمد الفحصي (أقلعي)، وكان صهر المترجم، أولا، تولى قضاء تطوان، والتدريس بالجامع الكبير، ثم عضوا مستشارا بمحكمة الاستناف.
4 - الفقيه أبو عبد الله الصباغ، تولى خلافة القاضي بتطوان، وكان يلقي بعض الدروس بالجامع الكبير.
5 - الفقيه أبو العباس الواجري، كان خليفة القاضي بتطوان.
6 -الفقيه القاسمي، تولى خلافة القافي بتطوان ونواحيها، وكان أستاذا بالمعهد الديني.
7 - الفقيه أبو عبد الله محمد الأمين بوخبزة ، تولى خلافة القاضي بتطوان، ثم خليفة الباشا.
8 – الفقيه الحكاك – له شرح على الأجرومية عن طريق الأسئلة والأجوبة، وهو مطبوع بين أيدي الناس.
9 - أخو المترجم أبو العباس أحمد الفرطاخ، كان كاتبا بالصدارة العظمى، ثم خطيبا بجامع القصبة، له كتابات عن الأسرة الفرطاخية.
10 - الفقيه المدرس أبو زيد عبد الرحمان الازمي، تولى خلافة القاضي بتطوان، وكان أستاذا بالمعهد الديني، له تأليف في التوقيت، وآخر في العروض، وسوى ذلك.
11 - الفقيه النوازلي أبو محمد عبد السلام بلقات، كان خليفة القاضي بتطوان، وتولى مشيخة المعهد الديني، ثم أستاذ مادة الفقه بالمعهد العالي، وهو آخرهم موتا، رحمة الله عليهم جميعا.
وهناك فوج ثان من نفس الطبقة، وهم لا زالوا على قيد الحياة أمد الله في عمرهم، ومتع بهم، وهم ثبت حافل، كان بودي أن أتحدث عنهم بإسهاب، لكني تراجعت عن ذلك لعدة أسباب.
وثمة فوج ثالث - وأعني بهم جيلنا - وهم لا يدخلون تحت حصر، فمنهم من جلسوا إليه في دروسه التطوعية، ومنهم من درسوا عليه بالمعهد العالي بصفة نظامية.
وهكذا قضى مترجمنا جل حياته في خدمة العلم، ما بين تلق من أفواه الرجال، وتطواف على مدارسه ومعاهده، وتدريس لمواده وفنونه، وتأليف في مختلف ميادينه ومجالاته، إلى أن أسلم الروح إلى بارئها بين جدران مكتبه، وحدثني أحد أولاده أنه لما ثقل عليه الأمر، وشعر بقرب أجل ، وقف على باب مكتبته، وألقى عليها نظرة - وكأنه يودعها الوداع الأخير، وقال له : تناول أحد أجزاء فتح الباري - وهو الكتاب المفضل عنده، واقرأ علي ما تجده فيه، قال : فوقع في يدي كتاب الرقاق، ففتحته فإذا فيه : باب ذهاب الصالحين عن مرداس الأسلمي، قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم : يذهب الصالحون الأول، فالأول. الحديث (23).
فقال : قضى الأمر، ارموا بهذه الأدوية، فاتجه إلى القبلة، وكان على وضوء فكبر وقرأ فاتحة الكتاب، فلم يكملها حتى لفظ أنفاسه الأخيرة رحمة الله عليه، وكان ذلك على الساعة الثامنة صباحا، 21 ذي الحجة عام تسعة وستين وثلاثمائة وألف، موافق 4 أكتوبر سنة (1950 م).
وكان قد نظم قصيدة يذكر فيها يوم قدومه على مولاه، ويرجو رحمته ورضاه ! وقد قدم لها بقوله : الحمد لله، كثيرا ما أتفكر في يوم قدومي على ربي، مع كثرة ذنوبي، وعيوبي، وقلة زادي، حتى تضيق بي الأرض بما رحبت، وأكاد أن يغشاني القنوط من رحمة الله تعالى. والعياذ بالله ! ثم أتفكر في سعة رحمة مولاي الكريم، وغناه عن كل العنيد، - فجرت يوما على لساني - هذه الأبيات، وأنا - لله عبد - آمر أهلي وأولادي، أن يجعلوها في قبري يوم موتي، وقدومي على ربي. عز وجل، وهي هذه :
يوم القدوم على الكريم ما مثله - والله – عيد
فيه مجاورة الرحيم فيه المثوبة والمزيد
فيه أنال من الحليم عفوا – ولو كنت – مريد
إني إذا ما أذكر قرب اللقا فرحي يزيد
لله يوم زارني فيه بشير لقاء المجيد
يوم أرى فيه البشير - لا ريب – لي يوم سعيد
هنوا الكئيب بقوكم بشراك فافرح يا شريد
قولوا لعبد قد أسا إن الغني مولى حميد
فالله ذو الفضل العظيم وعليه يعتمد العبيد
والرب جل جلاله رب رحيم لا يبيد
مولاي إني مسرف والقلب من ذنبي حديد
مولاي ذنبي لا يعد في نزره أخشى الوعيد
لكن رجائي فيك قد أوحى بفوزي يا مجيد
فاغفر عظيم جرائمي فلعبدك الظن الوطيد
وارحم عبيدا قد عصى بالجود والفضل المديد
فالفضل بحر زاخر يكفي الورى يوم المزيد
وامتن علي بتوبة قبل الرحيل إلى الصعيد
واختم بإيمان عسى آتي – غدا – وأنا سعيد
بالمصطفى طه الشفيع قد لذت فارحم ذا الشريد
ولدى السؤال فثبتن نطقي بفضلك يا مجيد
مولاي صل على الحبيب ما قد رجا عبد رشيد
ودم عليه تكرما أزكى سلامك يا حميد
والآل سادات الورى والصحب – ما قد لاح عيد (24)
وقد شيع بها إلى مقره الأخير في حفل رهيب، وعندما ووري التراب، وقف على قبره يؤبنه رئيس المجلس العلمي، أبو المكارم التهامي الوزاني، وقال : إن عقله الكبير، لم يقبل الكير، لأنه لم يخلق لذلك، وإنما خلق للعلم يلتهمه، وللمعرفة ينشرها، ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يبثها في صدور الناس، وقد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة ! فنم قرير العين، تنعم في جوار الله ورضوانه.
وعندما رآه شيخ الجماعة بتطوان أبو العباس الزواقي على أعواد نعشه، قال : الآن، مات علم الحديث بتطوان !
فرحمك الله - يا أبا عبد الله، وجازاك أحسن ما جازى به عباده الصالحين. هذا، وقد خلف المترجم آثارا علمية قيمة، وتراثا ضخما في علم الحديث، سنتحدث عن ذلك في أعداد قادمة بحول الله، وإلى اللقاء.
تخرج على المترجم أفواج عديدة من تلاميذه، فيهم القضاة والمفتون، والحكام والمدرسون، والقواد والمحتسبون، ولنقصر القول على الطبقة الأولى منهم، أو على الأصح، من ودعوا هذه الحياة.
ومن هؤلاء :
1 - الفقيه النابغة أبو عبد الله محمد الدردبي، وكان آية في فهم النصوص واستنباط الأحكام، وكان عضوا مستثارا بمحاكم الاستئناف بتطوان.
2 - الفقيه العدل أبو عبد الله محمد اللبادي، وكانت له اليد الطولى في علم الوثائق وفقهه، تولى قضاء تطوان مدة، وكان أستاذ مادة (المسطرة الشرعية) بالمعهد العالي بتطوان، وهي تجربة رائدة، لو طبقت بالمعاهد العليا للقضاء، لكان لها أثرها الفعال في تبسيط المسة القضائية ببلدنا، ولمكانته العلمية، وسلوكه الحميد، انتخب عضوا مستشارا بالمجلس الأعلى بالرباط.
3 -الفقيه المدرس النفاعة أبو عبد الله محمد الفحصي (أقلعي)، وكان صهر المترجم، أولا، تولى قضاء تطوان، والتدريس بالجامع الكبير، ثم عضوا مستشارا بمحكمة الاستناف.
4 - الفقيه أبو عبد الله الصباغ، تولى خلافة القاضي بتطوان، وكان يلقي بعض الدروس بالجامع الكبير.
5 - الفقيه أبو العباس الواجري، كان خليفة القاضي بتطوان.
6 -الفقيه القاسمي، تولى خلافة القافي بتطوان ونواحيها، وكان أستاذا بالمعهد الديني.
7 - الفقيه أبو عبد الله محمد الأمين بوخبزة ، تولى خلافة القاضي بتطوان، ثم خليفة الباشا.
8 – الفقيه الحكاك – له شرح على الأجرومية عن طريق الأسئلة والأجوبة، وهو مطبوع بين أيدي الناس.
9 - أخو المترجم أبو العباس أحمد الفرطاخ، كان كاتبا بالصدارة العظمى، ثم خطيبا بجامع القصبة، له كتابات عن الأسرة الفرطاخية.
10 - الفقيه المدرس أبو زيد عبد الرحمان الازمي، تولى خلافة القاضي بتطوان، وكان أستاذا بالمعهد الديني، له تأليف في التوقيت، وآخر في العروض، وسوى ذلك.
11 - الفقيه النوازلي أبو محمد عبد السلام بلقات، كان خليفة القاضي بتطوان، وتولى مشيخة المعهد الديني، ثم أستاذ مادة الفقه بالمعهد العالي، وهو آخرهم موتا، رحمة الله عليهم جميعا.
وهناك فوج ثان من نفس الطبقة، وهم لا زالوا على قيد الحياة أمد الله في عمرهم، ومتع بهم، وهم ثبت حافل، كان بودي أن أتحدث عنهم بإسهاب، لكني تراجعت عن ذلك لعدة أسباب.
وثمة فوج ثالث - وأعني بهم جيلنا - وهم لا يدخلون تحت حصر، فمنهم من جلسوا إليه في دروسه التطوعية، ومنهم من درسوا عليه بالمعهد العالي بصفة نظامية.
وهكذا قضى مترجمنا جل حياته في خدمة العلم، ما بين تلق من أفواه الرجال، وتطواف على مدارسه ومعاهده، وتدريس لمواده وفنونه، وتأليف في مختلف ميادينه ومجالاته، إلى أن أسلم الروح إلى بارئها بين جدران مكتبه، وحدثني أحد أولاده أنه لما ثقل عليه الأمر، وشعر بقرب أجل ، وقف على باب مكتبته، وألقى عليها نظرة - وكأنه يودعها الوداع الأخير، وقال له : تناول أحد أجزاء فتح الباري - وهو الكتاب المفضل عنده، واقرأ علي ما تجده فيه، قال : فوقع في يدي كتاب الرقاق، ففتحته فإذا فيه : باب ذهاب الصالحين عن مرداس الأسلمي، قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم : يذهب الصالحون الأول، فالأول. الحديث (23).
فقال : قضى الأمر، ارموا بهذه الأدوية، فاتجه إلى القبلة، وكان على وضوء فكبر وقرأ فاتحة الكتاب، فلم يكملها حتى لفظ أنفاسه الأخيرة رحمة الله عليه، وكان ذلك على الساعة الثامنة صباحا، 21 ذي الحجة عام تسعة وستين وثلاثمائة وألف، موافق 4 أكتوبر سنة (1950 م).
وكان قد نظم قصيدة يذكر فيها يوم قدومه على مولاه، ويرجو رحمته ورضاه ! وقد قدم لها بقوله : الحمد لله، كثيرا ما أتفكر في يوم قدومي على ربي، مع كثرة ذنوبي، وعيوبي، وقلة زادي، حتى تضيق بي الأرض بما رحبت، وأكاد أن يغشاني القنوط من رحمة الله تعالى. والعياذ بالله ! ثم أتفكر في سعة رحمة مولاي الكريم، وغناه عن كل العنيد، - فجرت يوما على لساني - هذه الأبيات، وأنا - لله عبد - آمر أهلي وأولادي، أن يجعلوها في قبري يوم موتي، وقدومي على ربي. عز وجل، وهي هذه :
يوم القدوم على الكريم ما مثله - والله – عيد
فيه مجاورة الرحيم فيه المثوبة والمزيد
فيه أنال من الحليم عفوا – ولو كنت – مريد
إني إذا ما أذكر قرب اللقا فرحي يزيد
لله يوم زارني فيه بشير لقاء المجيد
يوم أرى فيه البشير - لا ريب – لي يوم سعيد
هنوا الكئيب بقوكم بشراك فافرح يا شريد
قولوا لعبد قد أسا إن الغني مولى حميد
فالله ذو الفضل العظيم وعليه يعتمد العبيد
والرب جل جلاله رب رحيم لا يبيد
مولاي إني مسرف والقلب من ذنبي حديد
مولاي ذنبي لا يعد في نزره أخشى الوعيد
لكن رجائي فيك قد أوحى بفوزي يا مجيد
فاغفر عظيم جرائمي فلعبدك الظن الوطيد
وارحم عبيدا قد عصى بالجود والفضل المديد
فالفضل بحر زاخر يكفي الورى يوم المزيد
وامتن علي بتوبة قبل الرحيل إلى الصعيد
واختم بإيمان عسى آتي – غدا – وأنا سعيد
بالمصطفى طه الشفيع قد لذت فارحم ذا الشريد
ولدى السؤال فثبتن نطقي بفضلك يا مجيد
مولاي صل على الحبيب ما قد رجا عبد رشيد
ودم عليه تكرما أزكى سلامك يا حميد
والآل سادات الورى والصحب – ما قد لاح عيد (24)
وقد شيع بها إلى مقره الأخير في حفل رهيب، وعندما ووري التراب، وقف على قبره يؤبنه رئيس المجلس العلمي، أبو المكارم التهامي الوزاني، وقال : إن عقله الكبير، لم يقبل الكير، لأنه لم يخلق لذلك، وإنما خلق للعلم يلتهمه، وللمعرفة ينشرها، ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يبثها في صدور الناس، وقد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة ! فنم قرير العين، تنعم في جوار الله ورضوانه.
وعندما رآه شيخ الجماعة بتطوان أبو العباس الزواقي على أعواد نعشه، قال : الآن، مات علم الحديث بتطوان !
فرحمك الله - يا أبا عبد الله، وجازاك أحسن ما جازى به عباده الصالحين. هذا، وقد خلف المترجم آثارا علمية قيمة، وتراثا ضخما في علم الحديث، سنتحدث عن ذلك في أعداد قادمة بحول الله، وإلى اللقاء.
__________________
1 - أنظر ابن بشكوال، الصلة 2/446.
2 - وجاء في بعض تقاييد المترجم هكذا : الجناتي، الحياني، الحسني، وفي كناش ابن رحمون ورقة (56) : أن ممن صح نسبهم، أولا سيدي محمد بن عبد الله - وهم أولاد الفرطاخ بالملاح - بجبل (تسا).
وكتب المترجم بالهامش : يعنى أولاد الفرطاخ بمدشر الملاح - حيث الجد الأعلى لهذا الفرع. وهو سيدي محمد بن الحسن الحياني.
3 - وتذكر بعض الروايات أنه كان بدينا، فلقب بالفرطاخ، ولعله من فرطح الشيء. بالحاء المهملة. إذا صيره عريضا، ورأس مفرطح : عريض، فتحرف في العامية بالفرطاخ - بفاء معجمة - فيقال : فلان مفرطخ : إذا كان ناعم البدن ، كامل الجسم.
4 - أنظر قصيدته في الولي الصالح سيدي أحمد ثتوان - دفين بني يدر - الديوان، ورقة 56 (أ – ب).
5 – المرجع السابق.
6 - أنظر الجحوى، الفكر السامي ج 2 – ق 4/320 – 322، وعبد الحفيظ الفاسي، معجم الشيوخ 1/127-133، ومخلوف شجرة النور 436.
7 - أنظر ص 296.
8 - أنظر الديوان ورقة 64 (ب)، 87 (ب).
9 - أنظر عبد الحي الكتاني، فهرس الفهارس 1/388، ومحمد مخلوف، شجرة النور ص : 435، وعبد الحفيظ الفاسي، معجم الشيوخ ص 77 - 82، والزركلي الأعلام 6/300.
10 - المرجع السابق.
11 - ص 296.
12 - أنظر الديوان - ورقة 12 - (ب )، 13 (أ)، 22 (أ)، 23(ب )، 25(ب )، 36 (أ).
13 - أنظر مقدمة الرسالة المستطرفة - للمنتصر الكتاني ص (و).
14 - الفكر السامي ج 2 - ق 4/317 -318، فهرس الفهارس 2/292 -293، معجم الشيوخ 52 -55، شجرة النور ص 435.
15 - المرجع السابق.
16 - أنظر الفكر السامي – ج 2 - ق 4/ 322 – 323، ومعجم الشيوخ 1/145.
17 - ذكر ذلك في كتابه جواهر البحار، أنظر شجرة النور الزكية ص 436 -437.
18 - كان عين عضوا في الوفد الرسمي إلى البقاع المقدسة في السنة قبل هذه (1355هـ) فلم يتيسر السفر لسبب أو لآخر. فقال قصيدة مطلعها :
يا طائر بشرت بالإسعاد....
أنظر الديوان - ورقة 15. (1).
19 - قال أبو العباس أحمد النائب الأنصارى في نفحات النسرين ص (64 -65): وقبره بطرابلس لدى أهلها مشهور، يتبركون به، ولا يختلفون فيه. وانظر في ترجمته : الاستيعاب لابن عبد البر- ق 4 ص 1485، والإصابة لابن حجر 6/144.
20 - أنظر الديوان ورقة 12 (ب ).
21 - وكان شرع في هذه الدروس بعد عودته من الحجة الأخيرة في حدود سنة (1357 – 1938)، وحضوري بها كان في حدود (1362 هـ). ولا أعرفه تأخر عنها - ولو يوما واحدا - إلا لعذر قاهر رحمة الله عليه.
22 - منهم ابن رشيد السبتي (ت 721 هـ)، ألف فيه كتابه "ترجمار التراجم" وهو عمدة ابن حجر في الفتح، وغيره من شراح البخاري.
23 – أنظر ج 14/25.
24 – أنظر الديوان، ورقة 16 – (أ).
1 - أنظر ابن بشكوال، الصلة 2/446.
2 - وجاء في بعض تقاييد المترجم هكذا : الجناتي، الحياني، الحسني، وفي كناش ابن رحمون ورقة (56) : أن ممن صح نسبهم، أولا سيدي محمد بن عبد الله - وهم أولاد الفرطاخ بالملاح - بجبل (تسا).
وكتب المترجم بالهامش : يعنى أولاد الفرطاخ بمدشر الملاح - حيث الجد الأعلى لهذا الفرع. وهو سيدي محمد بن الحسن الحياني.
3 - وتذكر بعض الروايات أنه كان بدينا، فلقب بالفرطاخ، ولعله من فرطح الشيء. بالحاء المهملة. إذا صيره عريضا، ورأس مفرطح : عريض، فتحرف في العامية بالفرطاخ - بفاء معجمة - فيقال : فلان مفرطخ : إذا كان ناعم البدن ، كامل الجسم.
4 - أنظر قصيدته في الولي الصالح سيدي أحمد ثتوان - دفين بني يدر - الديوان، ورقة 56 (أ – ب).
5 – المرجع السابق.
6 - أنظر الجحوى، الفكر السامي ج 2 – ق 4/320 – 322، وعبد الحفيظ الفاسي، معجم الشيوخ 1/127-133، ومخلوف شجرة النور 436.
7 - أنظر ص 296.
8 - أنظر الديوان ورقة 64 (ب)، 87 (ب).
9 - أنظر عبد الحي الكتاني، فهرس الفهارس 1/388، ومحمد مخلوف، شجرة النور ص : 435، وعبد الحفيظ الفاسي، معجم الشيوخ ص 77 - 82، والزركلي الأعلام 6/300.
10 - المرجع السابق.
11 - ص 296.
12 - أنظر الديوان - ورقة 12 - (ب )، 13 (أ)، 22 (أ)، 23(ب )، 25(ب )، 36 (أ).
13 - أنظر مقدمة الرسالة المستطرفة - للمنتصر الكتاني ص (و).
14 - الفكر السامي ج 2 - ق 4/317 -318، فهرس الفهارس 2/292 -293، معجم الشيوخ 52 -55، شجرة النور ص 435.
15 - المرجع السابق.
16 - أنظر الفكر السامي – ج 2 - ق 4/ 322 – 323، ومعجم الشيوخ 1/145.
17 - ذكر ذلك في كتابه جواهر البحار، أنظر شجرة النور الزكية ص 436 -437.
18 - كان عين عضوا في الوفد الرسمي إلى البقاع المقدسة في السنة قبل هذه (1355هـ) فلم يتيسر السفر لسبب أو لآخر. فقال قصيدة مطلعها :
يا طائر بشرت بالإسعاد....
أنظر الديوان - ورقة 15. (1).
19 - قال أبو العباس أحمد النائب الأنصارى في نفحات النسرين ص (64 -65): وقبره بطرابلس لدى أهلها مشهور، يتبركون به، ولا يختلفون فيه. وانظر في ترجمته : الاستيعاب لابن عبد البر- ق 4 ص 1485، والإصابة لابن حجر 6/144.
20 - أنظر الديوان ورقة 12 (ب ).
21 - وكان شرع في هذه الدروس بعد عودته من الحجة الأخيرة في حدود سنة (1357 – 1938)، وحضوري بها كان في حدود (1362 هـ). ولا أعرفه تأخر عنها - ولو يوما واحدا - إلا لعذر قاهر رحمة الله عليه.
22 - منهم ابن رشيد السبتي (ت 721 هـ)، ألف فيه كتابه "ترجمار التراجم" وهو عمدة ابن حجر في الفتح، وغيره من شراح البخاري.
23 – أنظر ج 14/25.
24 – أنظر الديوان، ورقة 16 – (أ).
الزاهوية- عضو نشيط
- الجنس : عدد المساهمات : 62
درجة التقدير : 0
تاريخ الميلاد : 14/12/1976
تاريخ التسجيل : 16/09/2012
العمر : 47
مواضيع مماثلة
» حديث صلح الحديبية : قضية فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب - وليس يحسن يكتب - فكتب : هذا ما قاضى محمد بن عبد الله
» قصة الأعرابي الذي أبكى رسول الله صلى الله عليه و سلم
» حكمة تعدد الزوجات لرسول الله صلى الله عليه و سلم
» الابتهال الى الله للامام علي كرم الله وجهه
» مفتي الناتو يصدر فتوى ضد حزب الله بعدما اعترفت وسائل الإعلام الإسرائيلية بخطورة ما صورته طائرة حزب الله على أمن اسرائيل بقلم د . يحي أبوزكريا
» قصة الأعرابي الذي أبكى رسول الله صلى الله عليه و سلم
» حكمة تعدد الزوجات لرسول الله صلى الله عليه و سلم
» الابتهال الى الله للامام علي كرم الله وجهه
» مفتي الناتو يصدر فتوى ضد حزب الله بعدما اعترفت وسائل الإعلام الإسرائيلية بخطورة ما صورته طائرة حزب الله على أمن اسرائيل بقلم د . يحي أبوزكريا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى