السياسة والدين فى خلافة الراشدين: من موقع الدكتور السيد القمني
صفحة 1 من اصل 1
السياسة والدين فى خلافة الراشدين: من موقع الدكتور السيد القمني
السياسة والدين فى خلافة الراشدين
عندما تقرأ تاريخ الخلافة الراشدة باحثاً عن علاقة الدين بالدنيا، يمكنك أن ترى قرارات دنيوية مئة بالمئة ولا علاقة لها بالدين ولا بالشريعة، وأن ترى مواقف يتم فيها خلط الدينى بالدنيوى، أو القدسى بالسياسى،وربما ما هو أسوأ من الخلط، هو استغلال واستثمار الدين من أجل مكاسب سياسية دنيوية. وعندما حدث هذا الخلط تردت الخلافة الراشدة فى الفتن التى لا تتوقف من حروب مانعى الزكاة إلى حروب الردة إلى الفتنة الكبرى إلى رجم الكعبة بالمنجنيق إلى استباحة مدينة رسول الله ثلاثة أيام حملت فيها أكثر من ألف عذراء من بنات الصحابة الأكارم إلى كربلاء إلى صفين إلى اليوم.
عندما تدقق فى تاريخ الخلفاء الأربعة ستكتشف أنهم كانوا على دراية واضحة غير ملتبسة بما هو سياسى دنيوى وبما هو روحى دينى، وأنهم فى السياسي الدنيوى أباحوا الأخذ بأنظمة كفار البلاد المفتوحة من دواوين وهندسة معمارية وزراعية، لأن هذا كله لم يكن ضمن ما هو موحى به، فصلوا فى معظم المواقف بشكل واضح ما بين الصح والخطأ وبين الحلال والحرام، ولم يكن هذا الوعى بالفصل بين المجالين شيئاً محدثاً لأنهم رأوه فى نبيهم وفى قراراته، وقولته بشأن الدنيا “أنتم أدرى بشئون دنياكم” ، وقولته بشأن الدين “استفت قلبك وإن أفتوك…قالها ثلاثاً” لاغياً أى محاولة لركوب الضمير المسلم من قبل طائفة وظيفية تستثمر الدين والإفتاء سبيلاً للسيادة، ورغم ذلك فقد ركبوا الإسلام والمسلمين مبكرين.
النبى فى قراراتة الدنيوية كان يستشير خبراءها كالحباب بن المنذر فى بدر الكبرى، وأمر بتعيين أسامة بن زيد قائداً لجيش المسلمين لغزو الروم، كان أسامة ابن سبعة عشر عاماً وعينة النبى قائداً على جيش فيه الصحابة الأكارم مثل أبو بكر وعمر برتبة جنود.
كان النبى يحدد القرار الدنيوى السياسى حسب الصح والخطأ وليس الحلال والحرام، لأن موضوعه سياسى لا دينى، فأعطى الأولوية والقيادة لمن رآه جديراً بالثقة العسكرية، فلو كانت القيادة تقوم على التقوى لسلم القيادة لأحد الشيخين، إذن فالتقوى والتدين والقرب من الله ورسوله لم تكونا عند النبى مؤهلاً للقيادة فى الشأن السياسى.
إعمالاً لهذا المعنى فإنه عندما نحكم على أفعال الراشدين يجب أن نميز فيها بين التزامهم الدين حرامه وحلاله فى شئون الدين، أما على المستوى الإدارى والسياسى فلم نحاكمهم فيه لا بالحلال والحرام إنما بالصواب والخطأ.
اكتشف الخليفة عمر بن الخطاب أن عماله فى البلاد المفتوحة يعتصرون المواطنين وينهبون أرضهم وسوائمهم وأموالهم باسم الفيئ أو الجزية أو الخراج، وبينما يرسل الوالى إلى الخليفة نصيبه من هذا المال المنهوب، فإنه كان يحتفظ لنفسه بالجزء الأعظم من أطايب هذا النهب.
لو كنت مكان عمر ماذا كنت تفعل؟ لا هو يعرف كم حالات ظلم أو جرائم قتل قد وقعت بحق المصريين، لتحقيق هذة الجباية، ولا هو يعلم حجم المال الذى يجمعه الوالى، وقد علم بهذا الإفراط فى الجباية متأخراً وكان لابد له من قرار. لم تكن لدى عمر آليات رقابة محاسبية لضبط الجباية والإنفاق، ولا قوانين تضبط وتحكم العلاقة بين الخليفة وبين الوالى، وبين الوالى وبين الرعية.
كتب الخليفة من فوره إلى عماله “أكلتم الحرام وجبيتم الحرام“ وأن هذا الحرام نار فى بطونكم، ولإقامة العدل ناصفهم عمر فيما يملكون، أى أنه قد رضي أن يترك نصف النهب للوالى مقابل أن يحصل لبيت المال على النصف الآخر. عمر كان يعلم أنهم أكلوا الحرام وأنهم جبوا الحرام ومع ذلك ناصفهم فى الحرام، وبدلاً من أن يعيده إلى أصحابه فإنه وضعه فى بيت مال المسلمين الذى دخله المال الحرام ولم تقم على تأسيسه سنوات.
هنا استخدم عمر الأداتين :الدين وحلاله وحرامه، وسياسة الدنيا بصوابها وخطاءها حسب المصلحة الدنيوية، وهى المصلحة التى دعته للاستيلاء على الأموال وعدم ردها فوجودها بخزينة المسلمين قوة، وهى حسب الشرع حلال مباح وحسب السياسة أيضاً شرع مباح وعلى المهزوم أن يقبل بشروط المنتصر وأن يدفع ضريبة هزيمته.
موقف آخر بقدر ما هو مدهش قدر ما هو الوضوح والشفافية ذاتها مقابل الدهاء والأنتهازية ذاتها، الإمام على بن ابى طالب أمام لجنة الــ 6 التى شكلها عمر وهو يحتضر، رفض أن يستلم الحكم المشروط بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله، ووضع لنفسة شرطاً مخالفاً هو أنه سيتبع رأيه ويحدد مواقفه حسب المستجدات، ولأن الإمام على هو من يعلم أن “القرآن لا ينطق بلسان ولكن ينطق به الرجال” ، لذلك أمر رجاله ألا ينخدعوا بمن رفعوا لهم المصاحف على الرماح، “وأنهم مارفعوها لكم إلا مكراً وخديعة” وفى المرتين خسر الإمام، خسر حظه فى الخلافة بقبول عثمان الخلافة وأنه سيلتزم الكتاب والسنة وحدهما. رغم أن عثمان بدوره كان يعلم إشكالية الالتزام بالكتاب والسنة فى شئون السياسة، لكنه قبل الشروط وهو عالم أنه سيكسرها، وخسرها الإمام لشفافيته وصدقة مع الدين والسياسة، ولقوله الواضح لكل الصحابة آنذاك أنه الصواب وأن الشأن شأن سياسة لا قرآن ولا سُنة، لكنهم فضلوا الحلال والحرام، حتى انهزم رجاله أمام جيش معاوية برفع المصحف.
استخدم معاوية الإسلام من أجل جاه الدنيا وهو الأبعد عن الإسلام، ورفض على استخدام الإسلام فى شئون الدنيا وهو أقرب الصحابة إلى الإسلام. ومن يومها لا زال معاوية وسياستة موجودين فى استخدام الدين بانتهازية لتحقيق أغراض لا علاقة لها بالدين من جميع الملحتين ودون استثناء واحد. فكلهم تجار.
الإمام على رفض وعثمان قبل، إذن لو كانت الإمارة والحكم ونظمه من الدين لما اختلف الصحابيان الكبيران فى الاختبار وكلاهما من الأقربين للرسول، وكلاهما من أعلم الناس بالدين. إختلفاً لأنهما كانا عارفين أنه خلاف الدنيا وليس الدين.
عثمان الذى أدى يمين الولاء للقرآن والسنة رفع بنى أمية على أعناق الناس وجعلهم عماله وولاته على الأمصار ، واستولى على نفائس بيت المال المنهوبة من مصر وفارس. وهو بذلك لم يرتكب إثماً دينياً فلا يوجد نص دينى يمنعه من نهب بيت المال، لأن محتوى بيت المال نفسه هو مال منهوب من الشعوب المفتوحة. وقد تم إنشائه والعمل على ملئ خزائنه وفق شريعة “الإسلام أو الجزية أو القتال” وما يترتب عليها بالاستيلاء على كل ما يملك المهزوم دوراً أو مالاً أو حقولاً أو نساء أو أطفال.
لم يكن عند عثمان نصاً قرآنياً يمنعه من التصرف فى بيت المال، ولو وجد هذا النص فإن عثمان لاريب سيكون أول الطائعين لهذا الأمر المانع. وعليه فإن الخليفة لم يرتكب فى حق الدين والشرع ما يستحق عليه المصير المرعب. الذى أنتهى إليه ممزقاً بسيوف الصحابة مكسر الأضلاع والجمجمة مدفوناً بمدافن اليهود فى حش كوكب.
كان عثمان صحابياً عظيم الإيمان متين الاعتقاء يتهجد الليل، ورغم ذلك عندما اختار عماله على الأمصار اختار مارآه فى مصلحة الخلافة، لم يختر صحابة أتقاء لهذة المناصب إنما اختار ابن خالته عبد الله بن ابى سرح الذى لم يكره النبى شخصاَ مثلما كرهه، وحقق بن ابى سرح المطلوب، فقد جبى من مصر واشتد فى الجبايةحتى هلك الأطفال الرضع جوعاً، وهو ما عبر عنه لسان عمرو بن العاص “وقد هلكت فصالها”.
إن من قتل عثمان هم من أهله وصحابته وأبناء صحابة النبى مع لفيف من قبائل عربية أخرى، ليس لأنه خرج على الشرع ولا لأنه أساء للإسلام، إنما لأنه استباح لنفسه توزيع الفيئ على حريمه وقرابته دون المستحقين من الصحابه، وقام بتعيين الولاه من أقاربه وحدهم، أى أن من قتلوه لو حصلوا على نصيبهم من مناصب وأموال ما قتلوه. فى النهاية فإن كل هذا الصراع كان على دنيا وجاه وسياده ومناصب لا على دين. لأننا لو قلنا أنه كان صراعاً حول صحيح الإسلام، فإن فريقاً من الفريقين المتصارعين سيكون كافراً بينما هو من المبشرين بالجنة.
عثمان تمسك بمنصبه وقال : “والله لا أخلع قميصاً ألبسينه الله” لأنه يعلم وهم يعلمون أنه لم يخرج على كتاب الله وسنة رسوله حتى يخلع هذا القميص، وأن كل أفعاله لم تنكر معلوماً من الدين بالضرورة. إعتصم عثمان بالله وفعل ما فعل وهو يعرف أنه لا يخالف حلال الله، وأخذ من بيت المال وهو يعلم أنه ليس حراما ما فى الشريعة، بل أن الشريعة أسقطت حد السرقة عن سارق المال العام لأنه شريك فيه. وكان ذو النورين من اوائل المبشرين بالجنة الذين قرر الله على فعالهم ألا ترتكب ما يشوب أو يمنع تحقق هذه الإرادة الإلهية بدخوله الجنة.
عثمان كان يعلم أن الدين عبادات وقد أداها، أما الدنيا فلها نظام آخر تؤخد به الدنيا غلابا. كان مال المسلمين من حق الأمير التصرف فيه حسب الظروف، فقد أخذ النبى من هذا المال وأعطى أقاربه من المؤلفة قلوبهم مما أسخط الأنصار. وأصبحت من بعده سُنة. ولم يكن لدى أى من الصحابة قوانين واضحة وهيئات وظيفية تراتبية ولا جهات رقابية ومحاسبية لإدارة هذا الشاسع الهائل الذى فتحوه، وكانوا بالأمس جاهليين بدو متقاتلين فحكم كل حزب ما يرى وبضميره الشخصى كصحابى، لذلك فإن عثمان عندما عين أقاربه فى المناصب، لم يخرج على لوائح التعيينات ولا خالف أنظمة الميزانية لأنه لم تكن لدية لوائح ولا أنظمة، ولا نظام حكم ثابت واضح.
عندما تقرأ تاريخ الخلافة الراشدة باحثاً عن علاقة الدين بالدنيا، يمكنك أن ترى قرارات دنيوية مئة بالمئة ولا علاقة لها بالدين ولا بالشريعة، وأن ترى مواقف يتم فيها خلط الدينى بالدنيوى، أو القدسى بالسياسى،وربما ما هو أسوأ من الخلط، هو استغلال واستثمار الدين من أجل مكاسب سياسية دنيوية. وعندما حدث هذا الخلط تردت الخلافة الراشدة فى الفتن التى لا تتوقف من حروب مانعى الزكاة إلى حروب الردة إلى الفتنة الكبرى إلى رجم الكعبة بالمنجنيق إلى استباحة مدينة رسول الله ثلاثة أيام حملت فيها أكثر من ألف عذراء من بنات الصحابة الأكارم إلى كربلاء إلى صفين إلى اليوم.
عندما تدقق فى تاريخ الخلفاء الأربعة ستكتشف أنهم كانوا على دراية واضحة غير ملتبسة بما هو سياسى دنيوى وبما هو روحى دينى، وأنهم فى السياسي الدنيوى أباحوا الأخذ بأنظمة كفار البلاد المفتوحة من دواوين وهندسة معمارية وزراعية، لأن هذا كله لم يكن ضمن ما هو موحى به، فصلوا فى معظم المواقف بشكل واضح ما بين الصح والخطأ وبين الحلال والحرام، ولم يكن هذا الوعى بالفصل بين المجالين شيئاً محدثاً لأنهم رأوه فى نبيهم وفى قراراته، وقولته بشأن الدنيا “أنتم أدرى بشئون دنياكم” ، وقولته بشأن الدين “استفت قلبك وإن أفتوك…قالها ثلاثاً” لاغياً أى محاولة لركوب الضمير المسلم من قبل طائفة وظيفية تستثمر الدين والإفتاء سبيلاً للسيادة، ورغم ذلك فقد ركبوا الإسلام والمسلمين مبكرين.
النبى فى قراراتة الدنيوية كان يستشير خبراءها كالحباب بن المنذر فى بدر الكبرى، وأمر بتعيين أسامة بن زيد قائداً لجيش المسلمين لغزو الروم، كان أسامة ابن سبعة عشر عاماً وعينة النبى قائداً على جيش فيه الصحابة الأكارم مثل أبو بكر وعمر برتبة جنود.
كان النبى يحدد القرار الدنيوى السياسى حسب الصح والخطأ وليس الحلال والحرام، لأن موضوعه سياسى لا دينى، فأعطى الأولوية والقيادة لمن رآه جديراً بالثقة العسكرية، فلو كانت القيادة تقوم على التقوى لسلم القيادة لأحد الشيخين، إذن فالتقوى والتدين والقرب من الله ورسوله لم تكونا عند النبى مؤهلاً للقيادة فى الشأن السياسى.
إعمالاً لهذا المعنى فإنه عندما نحكم على أفعال الراشدين يجب أن نميز فيها بين التزامهم الدين حرامه وحلاله فى شئون الدين، أما على المستوى الإدارى والسياسى فلم نحاكمهم فيه لا بالحلال والحرام إنما بالصواب والخطأ.
اكتشف الخليفة عمر بن الخطاب أن عماله فى البلاد المفتوحة يعتصرون المواطنين وينهبون أرضهم وسوائمهم وأموالهم باسم الفيئ أو الجزية أو الخراج، وبينما يرسل الوالى إلى الخليفة نصيبه من هذا المال المنهوب، فإنه كان يحتفظ لنفسه بالجزء الأعظم من أطايب هذا النهب.
لو كنت مكان عمر ماذا كنت تفعل؟ لا هو يعرف كم حالات ظلم أو جرائم قتل قد وقعت بحق المصريين، لتحقيق هذة الجباية، ولا هو يعلم حجم المال الذى يجمعه الوالى، وقد علم بهذا الإفراط فى الجباية متأخراً وكان لابد له من قرار. لم تكن لدى عمر آليات رقابة محاسبية لضبط الجباية والإنفاق، ولا قوانين تضبط وتحكم العلاقة بين الخليفة وبين الوالى، وبين الوالى وبين الرعية.
كتب الخليفة من فوره إلى عماله “أكلتم الحرام وجبيتم الحرام“ وأن هذا الحرام نار فى بطونكم، ولإقامة العدل ناصفهم عمر فيما يملكون، أى أنه قد رضي أن يترك نصف النهب للوالى مقابل أن يحصل لبيت المال على النصف الآخر. عمر كان يعلم أنهم أكلوا الحرام وأنهم جبوا الحرام ومع ذلك ناصفهم فى الحرام، وبدلاً من أن يعيده إلى أصحابه فإنه وضعه فى بيت مال المسلمين الذى دخله المال الحرام ولم تقم على تأسيسه سنوات.
هنا استخدم عمر الأداتين :الدين وحلاله وحرامه، وسياسة الدنيا بصوابها وخطاءها حسب المصلحة الدنيوية، وهى المصلحة التى دعته للاستيلاء على الأموال وعدم ردها فوجودها بخزينة المسلمين قوة، وهى حسب الشرع حلال مباح وحسب السياسة أيضاً شرع مباح وعلى المهزوم أن يقبل بشروط المنتصر وأن يدفع ضريبة هزيمته.
موقف آخر بقدر ما هو مدهش قدر ما هو الوضوح والشفافية ذاتها مقابل الدهاء والأنتهازية ذاتها، الإمام على بن ابى طالب أمام لجنة الــ 6 التى شكلها عمر وهو يحتضر، رفض أن يستلم الحكم المشروط بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله، ووضع لنفسة شرطاً مخالفاً هو أنه سيتبع رأيه ويحدد مواقفه حسب المستجدات، ولأن الإمام على هو من يعلم أن “القرآن لا ينطق بلسان ولكن ينطق به الرجال” ، لذلك أمر رجاله ألا ينخدعوا بمن رفعوا لهم المصاحف على الرماح، “وأنهم مارفعوها لكم إلا مكراً وخديعة” وفى المرتين خسر الإمام، خسر حظه فى الخلافة بقبول عثمان الخلافة وأنه سيلتزم الكتاب والسنة وحدهما. رغم أن عثمان بدوره كان يعلم إشكالية الالتزام بالكتاب والسنة فى شئون السياسة، لكنه قبل الشروط وهو عالم أنه سيكسرها، وخسرها الإمام لشفافيته وصدقة مع الدين والسياسة، ولقوله الواضح لكل الصحابة آنذاك أنه الصواب وأن الشأن شأن سياسة لا قرآن ولا سُنة، لكنهم فضلوا الحلال والحرام، حتى انهزم رجاله أمام جيش معاوية برفع المصحف.
استخدم معاوية الإسلام من أجل جاه الدنيا وهو الأبعد عن الإسلام، ورفض على استخدام الإسلام فى شئون الدنيا وهو أقرب الصحابة إلى الإسلام. ومن يومها لا زال معاوية وسياستة موجودين فى استخدام الدين بانتهازية لتحقيق أغراض لا علاقة لها بالدين من جميع الملحتين ودون استثناء واحد. فكلهم تجار.
الإمام على رفض وعثمان قبل، إذن لو كانت الإمارة والحكم ونظمه من الدين لما اختلف الصحابيان الكبيران فى الاختبار وكلاهما من الأقربين للرسول، وكلاهما من أعلم الناس بالدين. إختلفاً لأنهما كانا عارفين أنه خلاف الدنيا وليس الدين.
عثمان الذى أدى يمين الولاء للقرآن والسنة رفع بنى أمية على أعناق الناس وجعلهم عماله وولاته على الأمصار ، واستولى على نفائس بيت المال المنهوبة من مصر وفارس. وهو بذلك لم يرتكب إثماً دينياً فلا يوجد نص دينى يمنعه من نهب بيت المال، لأن محتوى بيت المال نفسه هو مال منهوب من الشعوب المفتوحة. وقد تم إنشائه والعمل على ملئ خزائنه وفق شريعة “الإسلام أو الجزية أو القتال” وما يترتب عليها بالاستيلاء على كل ما يملك المهزوم دوراً أو مالاً أو حقولاً أو نساء أو أطفال.
لم يكن عند عثمان نصاً قرآنياً يمنعه من التصرف فى بيت المال، ولو وجد هذا النص فإن عثمان لاريب سيكون أول الطائعين لهذا الأمر المانع. وعليه فإن الخليفة لم يرتكب فى حق الدين والشرع ما يستحق عليه المصير المرعب. الذى أنتهى إليه ممزقاً بسيوف الصحابة مكسر الأضلاع والجمجمة مدفوناً بمدافن اليهود فى حش كوكب.
كان عثمان صحابياً عظيم الإيمان متين الاعتقاء يتهجد الليل، ورغم ذلك عندما اختار عماله على الأمصار اختار مارآه فى مصلحة الخلافة، لم يختر صحابة أتقاء لهذة المناصب إنما اختار ابن خالته عبد الله بن ابى سرح الذى لم يكره النبى شخصاَ مثلما كرهه، وحقق بن ابى سرح المطلوب، فقد جبى من مصر واشتد فى الجبايةحتى هلك الأطفال الرضع جوعاً، وهو ما عبر عنه لسان عمرو بن العاص “وقد هلكت فصالها”.
إن من قتل عثمان هم من أهله وصحابته وأبناء صحابة النبى مع لفيف من قبائل عربية أخرى، ليس لأنه خرج على الشرع ولا لأنه أساء للإسلام، إنما لأنه استباح لنفسه توزيع الفيئ على حريمه وقرابته دون المستحقين من الصحابه، وقام بتعيين الولاه من أقاربه وحدهم، أى أن من قتلوه لو حصلوا على نصيبهم من مناصب وأموال ما قتلوه. فى النهاية فإن كل هذا الصراع كان على دنيا وجاه وسياده ومناصب لا على دين. لأننا لو قلنا أنه كان صراعاً حول صحيح الإسلام، فإن فريقاً من الفريقين المتصارعين سيكون كافراً بينما هو من المبشرين بالجنة.
عثمان تمسك بمنصبه وقال : “والله لا أخلع قميصاً ألبسينه الله” لأنه يعلم وهم يعلمون أنه لم يخرج على كتاب الله وسنة رسوله حتى يخلع هذا القميص، وأن كل أفعاله لم تنكر معلوماً من الدين بالضرورة. إعتصم عثمان بالله وفعل ما فعل وهو يعرف أنه لا يخالف حلال الله، وأخذ من بيت المال وهو يعلم أنه ليس حراما ما فى الشريعة، بل أن الشريعة أسقطت حد السرقة عن سارق المال العام لأنه شريك فيه. وكان ذو النورين من اوائل المبشرين بالجنة الذين قرر الله على فعالهم ألا ترتكب ما يشوب أو يمنع تحقق هذه الإرادة الإلهية بدخوله الجنة.
عثمان كان يعلم أن الدين عبادات وقد أداها، أما الدنيا فلها نظام آخر تؤخد به الدنيا غلابا. كان مال المسلمين من حق الأمير التصرف فيه حسب الظروف، فقد أخذ النبى من هذا المال وأعطى أقاربه من المؤلفة قلوبهم مما أسخط الأنصار. وأصبحت من بعده سُنة. ولم يكن لدى أى من الصحابة قوانين واضحة وهيئات وظيفية تراتبية ولا جهات رقابية ومحاسبية لإدارة هذا الشاسع الهائل الذى فتحوه، وكانوا بالأمس جاهليين بدو متقاتلين فحكم كل حزب ما يرى وبضميره الشخصى كصحابى، لذلك فإن عثمان عندما عين أقاربه فى المناصب، لم يخرج على لوائح التعيينات ولا خالف أنظمة الميزانية لأنه لم تكن لدية لوائح ولا أنظمة، ولا نظام حكم ثابت واضح.
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 69
مواضيع مماثلة
» القمني يتساءل بالرباط: لماذا "تأخر الله" في إقامة دولة دينية؟
» قطوف من كتابات سيد القمني قبل ثورة الغضب المصرية 25 يناير 2011 المجيدة
» مفكرون يناقشون بطنجة "المجتمع والسلطة والدين" مغربا ومشرقاً
» بدرية السيد
» عبد الغني السيد
» قطوف من كتابات سيد القمني قبل ثورة الغضب المصرية 25 يناير 2011 المجيدة
» مفكرون يناقشون بطنجة "المجتمع والسلطة والدين" مغربا ومشرقاً
» بدرية السيد
» عبد الغني السيد
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى