مدينة تطوان وينابيعها الحضارية
صفحة 1 من اصل 1
مدينة تطوان وينابيعها الحضارية
ورد في كتاب " تاريخ تطوان " للأستاذ محمد داودبشئ من التصرف ما يلي :
" تطوان مدينة لم تندرج كغيرها من المدن الناشئة من مدشر الى قرية، ومن قرية الى مدينة ، وانما هي مدينة ولدت كاملة .
فمن أول يوم جدد بناؤها الخير كانت مركزا للحضارة الأندلسية ، ومهدا للرقي المهذب ، لأن المؤسسين كانوا من أرقى البشر الموجودين في ذلك العصر ، وقد وفدوا الى المغرب من ( كورة) غرناطة بشرق الأندلس ، وكانت جمعت - يومئذ - خلاصة الخلاصات من العلماء والفقهاء ، والصيادلة ، والطباء ، والصناع ، والمتفننين ، والفلاحين ، والمهندسين ، والأبطال من رجال الفكر ، وأهل النجدة الذين جاءوا اليها من كل بقعة خانها الحظ ووقعت تحت سيطرة الاسبان .
فلما اختل الأمر بين أمراء الحمراء الزاهرة ، وظهرت الخيانة والتكالب على الحكم بين أصحاب المطامع الغادرة ، واتحدت النصرانية ضد الاسلام بزواج ملك أراغون بملكة قشتالة ، ولعب القوم بمستقبل الأمة واستهانوا بحقوق الشعب ، بدأ المومنون ينظرون بنور الله ، يهاجرون بالدين والعرض والولد والمال والعلم والفن الى عدوة المغرب .
هاجروا ثم استقروا بسيف البحر بين مصب نهر " مجكصة " ونهر " هليلة " واستأذنوا فأذن لهم ، وجددوا المدينة في سفح " درسة " محافظين على اسمها القديم " تطاون " .
ولم يتم التسوير والتبريج والخندقة والتحصين حتى أوفد اليهم سلطان المغرب محمد الشيخ الوطاسي جماعة من أهل فاس ليعمروا معهم المدينة الجديدة . وكانت فاس يومئذ - وكما هي دائما - موطن العلم والمال ، والصناعة والفن ، والنبوغ والعبقرية ، والفكر والدقة .
وتأسست تطوان فكانت بنت غرناطة وفاس ، وهما - يومئذ - عاصمتا المغرب والأندلس اللتان انحصرت فيهما حضارة القرن القاسع الهجري بما فيها من متانة ودقة ، ولطافة ورقة .
وتكاتب أهل الأندلس مع بعضهم وتراسلوا ، فوفدت على تطوان الوفود وقصدها القصاد ، واصبحت مهجرا لأرقى مدنية عرفها التاريخ ، ومعقلا لأبطال الجهاد ، وحصنا من حصون الاسلام صمدت في وجه الاسبان والبرتغال والانجليز الذين عاثوا في شواطئ المغرب من شمال وغرب ، تصد الغارة وتبيد الهاجمين وتجيش الجنود في البر والبحر للغزو والدفاع والتطهير ، ورفع اسم المغرب عاليا بين الدول . فهي التي ( فتحت طنجة ) وطردت منها الانجليز ، وهي التي حمت شواطئ " مرتيل " من دنس الاحتلال وهي التي حصرت البرتغال ثم الاسبان في صخرة سبتة ، وهي التي أخرجت الأبطال المجاهدين كآل النقسيس وأضرابهم .
هذا الى تقييد مبادئ المدنية ، وتأصيل معالم الترقي من حسن التنسيق في المفروش والملبوس ، وكثرة التنويع في المطبوخ والمشروب ، ورقة التفنن في المنقوش وامخروز ، مع سلامة الذوق في العرض والدقة في الترتيب ..الى المحافظة على الموسيقى الأندلسية التي أتى بها مؤسسوها الأولون معهم من غرناطة ورندة وفاس .
فاذا أضفنا الى هذا كله ما كان لها من العلاقات السياسية والاقتصادية والفنية مع الجزائر ، نجد أنها كانت همزة وصل الحضارات المختلفة ، وتنصبغ باللون المحلي الأندلسي الفاسي ، ولكن في صورة تطوانية بحتة ، وذوق تطواني صميم " .
.......................مع تحيات العتيق .
" تطوان مدينة لم تندرج كغيرها من المدن الناشئة من مدشر الى قرية، ومن قرية الى مدينة ، وانما هي مدينة ولدت كاملة .
فمن أول يوم جدد بناؤها الخير كانت مركزا للحضارة الأندلسية ، ومهدا للرقي المهذب ، لأن المؤسسين كانوا من أرقى البشر الموجودين في ذلك العصر ، وقد وفدوا الى المغرب من ( كورة) غرناطة بشرق الأندلس ، وكانت جمعت - يومئذ - خلاصة الخلاصات من العلماء والفقهاء ، والصيادلة ، والطباء ، والصناع ، والمتفننين ، والفلاحين ، والمهندسين ، والأبطال من رجال الفكر ، وأهل النجدة الذين جاءوا اليها من كل بقعة خانها الحظ ووقعت تحت سيطرة الاسبان .
فلما اختل الأمر بين أمراء الحمراء الزاهرة ، وظهرت الخيانة والتكالب على الحكم بين أصحاب المطامع الغادرة ، واتحدت النصرانية ضد الاسلام بزواج ملك أراغون بملكة قشتالة ، ولعب القوم بمستقبل الأمة واستهانوا بحقوق الشعب ، بدأ المومنون ينظرون بنور الله ، يهاجرون بالدين والعرض والولد والمال والعلم والفن الى عدوة المغرب .
هاجروا ثم استقروا بسيف البحر بين مصب نهر " مجكصة " ونهر " هليلة " واستأذنوا فأذن لهم ، وجددوا المدينة في سفح " درسة " محافظين على اسمها القديم " تطاون " .
ولم يتم التسوير والتبريج والخندقة والتحصين حتى أوفد اليهم سلطان المغرب محمد الشيخ الوطاسي جماعة من أهل فاس ليعمروا معهم المدينة الجديدة . وكانت فاس يومئذ - وكما هي دائما - موطن العلم والمال ، والصناعة والفن ، والنبوغ والعبقرية ، والفكر والدقة .
وتأسست تطوان فكانت بنت غرناطة وفاس ، وهما - يومئذ - عاصمتا المغرب والأندلس اللتان انحصرت فيهما حضارة القرن القاسع الهجري بما فيها من متانة ودقة ، ولطافة ورقة .
وتكاتب أهل الأندلس مع بعضهم وتراسلوا ، فوفدت على تطوان الوفود وقصدها القصاد ، واصبحت مهجرا لأرقى مدنية عرفها التاريخ ، ومعقلا لأبطال الجهاد ، وحصنا من حصون الاسلام صمدت في وجه الاسبان والبرتغال والانجليز الذين عاثوا في شواطئ المغرب من شمال وغرب ، تصد الغارة وتبيد الهاجمين وتجيش الجنود في البر والبحر للغزو والدفاع والتطهير ، ورفع اسم المغرب عاليا بين الدول . فهي التي ( فتحت طنجة ) وطردت منها الانجليز ، وهي التي حمت شواطئ " مرتيل " من دنس الاحتلال وهي التي حصرت البرتغال ثم الاسبان في صخرة سبتة ، وهي التي أخرجت الأبطال المجاهدين كآل النقسيس وأضرابهم .
هذا الى تقييد مبادئ المدنية ، وتأصيل معالم الترقي من حسن التنسيق في المفروش والملبوس ، وكثرة التنويع في المطبوخ والمشروب ، ورقة التفنن في المنقوش وامخروز ، مع سلامة الذوق في العرض والدقة في الترتيب ..الى المحافظة على الموسيقى الأندلسية التي أتى بها مؤسسوها الأولون معهم من غرناطة ورندة وفاس .
فاذا أضفنا الى هذا كله ما كان لها من العلاقات السياسية والاقتصادية والفنية مع الجزائر ، نجد أنها كانت همزة وصل الحضارات المختلفة ، وتنصبغ باللون المحلي الأندلسي الفاسي ، ولكن في صورة تطوانية بحتة ، وذوق تطواني صميم " .
.......................مع تحيات العتيق .
العتيق- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 1509
درجة التقدير : 6
تاريخ الميلاد : 01/01/1951
تاريخ التسجيل : 17/04/2011
العمر : 73
الموقع : البريد أعلاه وكذا منتدى جبالة
مواضيع مماثلة
» تطوان مدينة المورسكيين
» أبواب تطوان
» مشاهد من تطوان
» احتلال تطوان وردة فعل التطوانيين
» تطوان خالدة في السماء
» أبواب تطوان
» مشاهد من تطوان
» احتلال تطوان وردة فعل التطوانيين
» تطوان خالدة في السماء
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى