آيات الموت في القرآن الكريم والإحتضار
صفحة 1 من اصل 1
آيات الموت في القرآن الكريم والإحتضار
صدق الله تعالى في قوله (كل نفس ذائقة الموت) وصدق في قوله تعالى (ويحذّركم الله نفسه) وصدق في قوله على لسان عيسى uفي أواخر سورة المائدة (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك). والذي يجب قوله لحسم ادّعاء هؤلاء المستشرقين أن الخلاف بدأ مع بداية إنزال القرآن وتفرّق لمذاهب وفرق وما يجري الآن ما هو إلا استكمال لمحاولات سابقة فاشلة جاء بها المستشرقون وغيرهم كالمجسّمة إزاء وقوف أهل السنّة والجماعة مع صحيح القرآن فالمجسّمة مثلاً كانوا يقولون في قوله تعالى (يد الله فوق أيديهم) أن لله يدٌ حاشاه وكل هذه الأمورباء أصحابها بالفشل منذ زمن بعيد. لذا يجب علينا أن نأخذ العِبرة في القرآن ونأخذه كله جزءاً واحداً لا يتجزّأ من أوله إلى آخره. والمؤمن الحقّ لا يسمع لهؤلاء ولإذا سمع كلمة (الله) وضعها في إطار (ليس كمثله شيء) فالله تعالى هو الذي أنزل القرآن وهو يُعبّر بما شاء كيف شاء. ونسأل هؤلاء المتطاولين ها آمنتم بالقرآن حتى تتكلمون فيه؟ وهل عندما نسمع (ويحذركم اله نفس) فهل لله نفس كأي نفس؟ حاشاه وعندما سُئل رسول الله r إذا رأى ربه في المعراج فقال: نورٌ أنّى أراه؟ وبعض الناس يظنون أنهم إذا رأوا الله تعالى سيرون يداً وعينين وغيره وحاشاه أن يكون كذلك وإنما علينا إذا سمعنا كلمة (الله) أن نأخذها باعتبار أنه ليس كمثله شيء. ويد الله تختلف باختلاف متلقّيها فهي للمؤمن الرحمة وللكلفر البطش. ونقول لهؤلاء أنهم لو فهموا الآية (كل نفس ذائقة الموت) وفهموا أن الله تعالى وضع فيها الحكم القاطع بالموت الذي هو فرع لكل فناء وهلاك وموت وحين خلق الله تعالى الخلق كتب لكل مخلوق أجله وحين نسمع (ذائقة الموت) فهي تعني أن النفس قد تكون باقية لأن من يذوق يجب أن يكون حيّاً ليذوق الطعم وهذا يرد كلام المستشرقين والمتطاولين على آيات الله فكلامهم مردرد عليهم. وأوجّه كل الشباب الذين قد يسمعون مثل هذه الأقوال أو يقرأونها على الإنترنت أن يلجأ إلى رجل علم يردعلى ذلك وقبل هذا عليه أن يُرجع الأمر إلى أنه تعالى ليس كمثله شيء. وصدق الله تعالى في قوله (ما قدروا الله حق قدره) حتى أن رجلاً قال قبل أن أسلم : لا يستطيع مخلوق لله أن يقول في الله الحق كلّ الحق حت إن صادفه قوله الحق لا يدري هو إنه صدق الحق.
(كل نفس ذائقة الموت) هذه الآية قضى الله تعالى على كل خلقه من إنس وجنّ ونبات وشجر وحيوان الهلاك والفناء والموت فالهلاك للجماد والفناء لما على الأرض والموت للإنسان. سمعت الملائكة قوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) فكأنها فرحت بهذا وقالت هذا لأهل الأرض فسمعوا قوله تعالى (كل من عليها فان) فأدركوا أنهم هيّتون لا محالة وسلّموا بذلك. بعد كل ذكر لهذه الكلمات التي يقطع بها الله تعالى بها يردفها بإثبات وجوده لعظمة الله (كل شيء هالك إلا وجهه) وقوله (كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) (قل إن الموت الذي تفرون فإنه ملاقيكم ثم تُردون إلى عالم الغيب والشهادة) فالآية إذن (كا نفس ذائقة الموت) هي إثبات أن الله تعالى كتب الموت والفناء والهلاك على كل مخلوق حتى ملك الموت والموت نفسه وهذا كله ليكون الله تعالى آخراً كما كان أولاً وحتى يتحقق هذا الإسم وهذا الصفة (الآخر) كما هو (الأول) وحتى تتحقق هذه الصفة كان لا بد أن يكتب الموت والفناء والهلاك على كل المخلوقات.
(كل نفس ذائقة الموت) النفس ستذوق الموت يعني أن النفس باقية لأن النفس الذي تذوق الموت لا تموت وهذا تعبير هنا عن الروح بالنفس فالذي يموت هو البدن والروح تبقى ولذلك فخروج الروح بانفصالها موت للبدن وليس للنفس. ولمّا يُعبر عن الروح بالنفس حتى نفهم هذه الجزئية (الله يتوفّى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) ولم يقل الأرواح لأن بين هذه الأنفس نفس النائم فلو خرجت الروح مات فكل موت وفاة وليست كل وفاة موت,.
(كل نفس ذائقة الموت) النفس تذوق فيحدث بعد الذوق إما الموت وإما الإعادة بهذا تبقى الروح سرٌ من أسرار الله تعالى لا يمكن لأحد أن يتكلم عنها وعندما نسمع الحديث نفهم القرآن. حتى الرسول r عبّر عن الروح بالنفس (إذا خرجت روح العبد المؤمن يصعد بها ملكان إلى السماء ومن طيب الريح والمسك عند صعود هذه الروح إلى السماء تتكلم الملائكة الآخرين فيقولون روح طيّبة جاءت من قِبل الأرض صلّى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه، فاستبشر الرسول r أما روح الكافر تصعد وذكر r أنه من نتنها (كأنه يشمها وضع شاله على أنفه). فعندما كانت الروح في الجسد كان اسمها نفس والنفس قد يُعبّر عنها بالروح فلما يقول تعالى (كل نفس ذائقة الموت) تخرج الروح ويبقى البدن للبلاء أما أجساد الأنبياء والصالحين والشهداء فلا تبلى كما قال r في الحديث (حرّم الله تعالى على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء والصالحين والشهداء. فالآية تؤكّد أن البقاء والديمومة لم ولن يكون إلا لله تعالى سبحانه وعندما يُعبّر تعالى عن نفسه باستخدام كلمة النفس يجب أن نعلم أن نفسه تعالى ليس كمثله شيء. وعندما نسمع هذه الآية يجب أن نعرف أن المولى تعالى لا يدخل في هذه الآية حاشاه.
سؤال: يسأل المقدم أنه في الكثير من المحاضرات لبعض العلماء يتحدثون عن ملائكة بيض وملائكة سود عند خروج الروح من الجسد فما مدى صحة هذا الكلام؟
هذا الكلام لا اصل له فالملك ملك ولا توصف الملائكة بانها سود او بيض إنما الاختلاف هو بما تحمله الملائكة معها للمتوفّي هل تحمل الحنوط من الجنة والحرير والإستبرق أو غيره.
واجبات المريض في حالة الإحتضار أو المرض الشديد:
نعود إلى حوار الحلقة في قوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) الكل سيموت وما دام الكل سيموت فمن رحمة الله تعالى بنا أن المرض السابق للوفاة أو حالة الإحتضار وهذا في وجهة نظري وأنا أنقل وجهة نظر السلق فضل كبير من الله تعالى بعكس موت الفجأة لأن الإنسان لا يستعد فإذا سبق الموت مرض يكون من رحمة الله تعالى فعلى كل مريضأن يُجهّز نفسه في أمور معينة لأن المرض أقرب للموت من الصحة ولا فرق بين صغير وكبير ونقول هذا الكلام بمحاذير معينة فلو أن أحداً عنده 70 سنة وهو يحتضر يوجهونه إلى القبلة لأنهم يقولون أنه يوجد حديث يقول هذا، وهذا خطأ كبير وللأسف توجد أمور نُسبت إلى الرسول r ولم يثبت فيها حديث صحيح ويقول آخر اقرأوا يس على موتاكم وهذا ليس في السنّة وفيما يلي ما على المريض أو المحتضر عمله:
- على المريض أن يُكثر من ذكر الله تعالى هذا الذكر يجب أن يكون له مواصفات وأفضل الذكر أن يردد لا إله إلا الله محمد رسول الله ولا إله إلا الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله. وحتى يكون الذكر يجب أن يكون المرض أو المحتضر على طهارة أو وضوء دائم أو تيمم إذا كان لا يستطيع الوضوء وهكذا يكون على طهارة حسّية وطهارة موضوعية هي التي تجعل الذكر رطباً وسهلاً. ونصيحة لكل من دخل في المرض أو في حالة إحتضار أن يتوضأ أو يتيمم ولهذا سميت الأمة المسلمة أمة طاهرة. والتيمم من وجهة نظري ما شرعه الله إلا تيسيراً لفقد الماء ولفت النظر لما في الوضوء من قيمة. وإذا سألنا هل الوضوء طهارة أو نظافة؟ يتردد في الإجابة والتيمم كما هو معروف بالتراب فهل إذا كنت مغتسلاً ونظافتي 100% أتيمم بالتراب؟ غير منطقي فالتيمم يكون فقط عن طريق مسح الوجه والكفين وليس للبدن فالتيمم إذن للفت النظر إلى ما في الوضوء من قيمة مصداقاً لحيث الرسول r (تخرج الذنوب من الأعضاء مع آخر قطر الماء) فأي مريض عليه أن يعود إلى الله والفطنة لمسألة سئل فيها الرسول r وعلّمنا أهم قضايا الإيمان وهي الوضوء. خرج رسول الله r على أصحابه فقال: يا بلال ما فعلت جعلك تسبقني إلى الجنة؟ ففرح بلال فقال الرسول r ما رأيت الجنة إلا وسمعت خشخشتك فيها (وفي رواية خشفك أو دفك) وأضاف الرسول r إني رأيت في الجنة قصراً من ذهب قلت لمن هذا القصر؟ قالت الملائكة لرجل من العرب قال الرسول أنا عربي لمن هذا القصر قالوا لرجل من قريش قال أنا قرشي لمن هذا القصر قالوا لرجل من أمة محمد قال أنا نحمد لمن هذا القصر قالوا لعمر بن الخطاب. فضحك الرسول r فقال بلال ما أذّنت إلا صلّيت ركعتين وما أحدثت إلا توضأت ورأيت أن لله عليّ ركعتين فيقول الرسول r بهما يا بلال. وهنا نقف عند ما قد يتبادر إلى ذهن البعض أن الرسول في حواره مع الملائكة أن يقصد أنه يريد أن يكون صاحب القصر كلا وإنما المراد من سؤاله r أنه عربي قرشي سيعرفه إذا قالوا اسمه. ثم إن هناك أمراً آخر وهو أن كل عمل يعمله الإنسان هو عند الله كبير كما فعل بلال. حتى إن بلال لم يقل شعرت أن لله عليّ ركعتين بل قال رأيت فكأنه متيقن من هذا الأمر يراه رؤية العين. وإذا كان الوضوء يجب على كل مسلم أن يحافظ عليه في كل الأوقات فالأولى أن يحافظ عليه وهو في حالة المرض أو الإحتضار. وعلينا أن ننصح بعضنا البعض بالوضوء وهذا من باب الدين النصيحة وباب وتواصوا بالحق لأن النصيحة كما سئل الرسول r لله ورسوله وكتابه ولعامة المسلمين وأئمتهم. ولا ننسى أن الوضوء يجرّنا إلى معية الله ومعية الملائكة ثم إن المحتضر أو المريض يجب أن يكون على وضوء فهو لا يعلم متى يقبضه ملك الموت فعليه أن يكون مستعداً كما أن عليه.
- الإكثار من ذكر الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا)لأن الذكر والتسبيح سينقل المسلم إلى شبه أنبياء ورسل بدليل الآية (هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور) وقال تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) والنبي r جدير بهذا وبإمكاننا أن نكون في معيّة النبي r فالله تعالى والملائكة يصلون من مع النبي r ومَن مِن المؤمنين لا يحب ذلك؟ فعلى المريض والمحتضر أن يسبح الله تعالى ويذكره فما بالكم برجل صلّى الله عليه أو صلّت الملائكة عليه وما بالنا برجل يلقى الله تعالى على هذا؟.
وهنا أقف عند من يقول جزءاّ من حديث الرسول r ولا يُكمله: ورد في صحيح مسلم في رواية : عن ابن شريح بن هانئ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r" من أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" فأتيت عائشة فقلت : يا أم المؤمنين سمعت أبا هريرة يذكر عن رسول الله r حديثاً إن كان كذلك فقد هلكنا فقالت إن الهالك من هلك بقوله رسول الله r وما ذاك؟ قال: قال رسول الله r " من أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " وليس منا أحد إلا ويكره الموت؟ فقالت: قد قاله رسول الله r وليس بالذي تذهب إليه ولكن إذا شخص البصر وحشرج الصدر واقشعرّ الجلد وتشجنت الأصابع فعند ذلك: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" (أخرجه مسلم 2685، وأخرجه البخاري 6507) والموت قبل لقاء الله والرسول r يتكلم من واقع الحديث القدسي ( إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه وإن كره عبدي لقائي كرهت لقاءه) . الآن أُحب الموت أو أكرهه أمر يجب مناقشته. ونسأل من يحب الموت ومن يكره الموت وهل أكره الموت خائفاً أو أحب الموت خائفاً؟ وإذا سألنا أحداً هل تحب الموت أو تكرهه فماذا سيكون جوابه؟ سيقول بالطبع أكرهه بدليل قوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) أي أن النفس لا تريد ولكنها تتذوق برغم عنها ولذلك قال تعالى في حديث قدسي مخاطباً النفس اخرجي قالت لا أخرج إلا وأنا كارهة قال تعالى اخرجي وإن كرهت. وحينما دخل الرسول r على ابن عباس في مرضه تمنّى ابن عباس الموت في حضرة الرسول r قال يا عم لا تتمنى الموت فإن كنت محسناً فإن في بقائك تزدد إحساناً وإن كنت مسيئاً فتُستعتب فتستغفر فتتوب فهذا خير لك. فإن كان ولا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحييني ما دامت الحياة خيراً لي وتوفّني ما دام الموت راحة لي.
نعود لقصة بلال رضي الله عنه ومنها نأخذ العبرة أن علينا التقرب إلى الله تعالى بالنوافل كما في الحديث القدسي: ما تقرب إلى عبدي بشيء أحبّ إلي مما افترضته عليه وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنّه.
ونعود اما ذكرنا إلى الآن من واجبات المحتضر أو المريض وقلنا أن أولها كان الوضوء أو التيمم الدائم والإكثار من ذكر الله تعالى (تحيتهم يوم يلقونه سلام) فلو فعلت هذا فأنا على استعداد للقاء الله تعالى ولا بأس أن أتدرب على لقاء الله وأوطّن نفسي على أن الموت آت لا محالة. وقلنا أن الرسول r رفض تمني الموت لكن ماذا نعتبر من تمنى الموت: محسن أو مسيء؟ عادة يكون محسناً لأنه ما من مسيء سيتمنى الموت أبداً كما جاء في قوله تعالى (قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {94} وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ {95} البقرة) وفي آية أخرى (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {6} وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ {7} الجمعة) والفرق بين (لا يتمنونه ولن يتمنوه هو في الإعراب (لن) ناصبة ويتمنوه من الأفعال الخمسة التي هي كل فعل مضارع اتصلت به ألف الإثنين أو واو الجماعة أو ياء المتكلم . في الإعراب يأخذ الفعل المضارع من الأفعال الخمسة حكماً غير الأفعال غير المتصلة وعلى هذا فإن إعراب (لن يتمنوه: لن ناصبة ويتمنوه فعل مضارع منصوب وعلامة نصبه حذف النون نيابة عن الفتحة لأنه من الأفعال الخمسة) فلا اختلاف بينهما إلا في الإعراب. ونكمل ما على المحتضر عمله:
- كثرة الإستغفار والتوبة والندم على ما قدّم.
- الرضى بقضاء الله تعالى والصبر على قدر الله تعالى وحُسن الظنّ بالله تعالى. وقد جاء في الحديث عن رسول الله r: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا المؤمن إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له." ففي الحالتين يأخذ المؤمن الحسنات والدرجات. ففي المرض يصبر المريض فإذا شُفي شكر وحمد الله تعالى ثم إذا اشتد المرض عليه أم يُحسن الظنّ بالله تعالى وقد جاء في الحديث القسي: أنا عند ظنّ عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئه وإذا تقرب إلى شبراً تقربت إليه ذراعاً وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعا وإذا جائني يمشي جئته مهرولا. فأقل المسألة كما جاء في الحديث القدسي أن يذكرني الله تعالى في سره والواحد منا يتمنى أن يذكره الله تعالى في سرّه وهذا أقل الأمر وقد يموت واحدنا دون هذه المسألة. ثم يوجهنا الرسول r بعد هذا الحديث القدسي بحديثه : " عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت النبي r قبل وفاته بثلاث يقول: " لا يموتن أحدكم إلا وهو يُحسن الظنّ بالله" (أخرجه مسلم 2877). ومهما قدّم الإنسان في حياته فعليه عند الموت أن يُحسن الظنّ بالله تعالى لأنه أوجب وآكد على فراش الموت وعلينا أن لا ننسى أن الله تعالى كتب فوق عرشه (إن رحمتي سبقت غضبي) وأنه وسعت رحمته كل شيء، وعلى من يعود مريضاً أن يعلمه هذا وخاصة يعلمه الصبر والرضى وحسن الظنّ بالله ولا يستمع للشيطان الذي سيحاول إلى آخر لحظة أن يقنّطه من رحمة الله تعالى ولنعلم أنه لا يأس مع رحمة الله الواسعة وكفانا فخراً أننا مسلمين وأن أول صفة لله تعالى في القرآن هي صفة الرحمن.
- أن يبتعد عن الملاهي وكل ما يلهيه عن ذكر الله كالتلفزيون واللعب واللهو ويحرص أن يبقى مع كتاب الله والسنة والصلاة وقراءة القرآن. فالمرض نوع من كرم الله تعالى بنا وفي الموت أكون أقرب إلى الموت فإذا وقع لي حادث سيارة فلا يكون همي أن أتفقد السيارة لأرى ما حصل بها ولكن عليّ أن أحمد الله تعالى وأستغفره وأسبحه فربما تكون هذه اللحظات آخر العهد بالدنيا فعلينا التعجيل بالتسبيح والإستغفار وكم رأينا أناساً ماتوا في حوادث وجدناهم يرفعون أصابعهم بالشهادة. فيجب علينا أن نضع في حسابننا الإحتضار ونتحضّر في كل لحظة للموت.
- سداد الديون: على المريض أو المحتضر أن يسدد ديونه ويوصي بما للناس عليه وهذه مسألة مهمة وأن يتعهد أمام أهله أن يردّ الدين إلى أصحابه وفي حديث للرسول r: الدين دينان فمن كان ينوي أن يقضي دينه فأنا وليّه يوم القايمة ومن مات ولا ينوي قضاء دينه فثم لا دينار ولا درهم قالوا فماذا قال الحسنات والسيئات. وفي حديث المفلس ما معناه أن الرسول r سأل أصحابه أتدرون من المفلس قالوا المفلس من لا درهم له ولا دينار قال بل المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا فيأخذ هذ من حسناته وهذا من حسناته فإذا انتهت حسناته يؤخذ من سيئاتهم فتطرح عليه ثم يُلقى في النار والعياذ بالله. ولهذا على المريض أو المحتضر أن يكتب ما للناس عنده حتى تبرأ ذمته.
- الوصيّة: نهى الرسول r أن يبيت المؤمن ليلتين بدون وصية وهذا للذي عنده ما يوصي به من أموال وغيره وآيات الميراث رفعت الوصية للأهل وللإنسان حق التصرف بثلث ماله ليتصرف به في الوصية لكن الأهم في الوصية هي أن يوصي كل مسلم أهله بأن يغسّل ويُكفّن ويُدفن على شرع الله وسنة رسوله r وهذا هو الأهم . قال تعالى (فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز) فكأنما الأصل في الأعمال إلى النار ومن رحمة الله تعالى وبالتقوى والإيمان والإحسان والإسلام كون أحدنا من أهل الجنة بدليل الحديث الشريف عن رسول الله r: لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته. وإذا عدنا إلى الآية نجد أنه تعالى قال فيه فمن زحزح عن النار ولم يقل زحزح عن الجنة. وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول أنا لا آمن مكر ربي ولو كانت إحدى قدمي في الجنة. فول أحسنا الظن بالله يمكن لنا أن نكون مثل أبي بكر وعمر والقصر الذي ذكرناه في الجنة لعمر لم يلأتي هكذا فهو الفاروق رضي الله عنه وكان ابن عباس يقول أكثروا من ذكر عمر لأن في ذكر عمر ذكر للعدل وذكر العدل ذكر لله تعالى. وفي حديث الجارية التي نذرت أن تضرب على الدف إذا انتصر الرسول r فأذن لها الرسول لأنها نذرت فبدأت تضرب بالدف أمام الرسول r ودخل ابو بكر وعثمان وعلي وهي تضرب فلما سمعت أن عمر قادم أخفت الدف وجلست عليه فقال رسول الله r إن الشيطان يخافك يا عمر وهذا لا يعني أن الشيطان يخاف من عمر ولا يخاف من الرسول r أو أن الجارية تخاف من عمر ولا تخاف من الرسول r لكن عمر كان شديداً والرسول r كان لين القلب في شدة عمر كما قال فيه تعالى (فبما رحمت من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) (وإنك لعلى خلق عظيم).
عائشة البربية- عضو أساسي بالمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 120
درجة التقدير : 1
تاريخ الميلاد : 01/01/1970
تاريخ التسجيل : 29/09/2010
العمر : 54
مواضيع مماثلة
» ما يجب مراعاته عند تلاوة القرآن الكريم
» القرآن الكريم:التفاسير
» دعاء حفظ القرآن الكريم
» قواعد هامة لحفظ القرآن الكريم
» ما يكنى به الجماع في القرآن الكريم
» القرآن الكريم:التفاسير
» دعاء حفظ القرآن الكريم
» قواعد هامة لحفظ القرآن الكريم
» ما يكنى به الجماع في القرآن الكريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى