جعجعة بلا طحين :الدعوة للإفطار علنًا في رمضان

من طرف محمد المُدني الإثنين يونيو 06, 2016 11:56 pm

جعجعة بلا طحين :الدعوة للإفطار علنًا في رمضان

ظهرت منذ سنوات ببلادنا دعوات اللادينيين أصحاب (ماصايمنش) في رمضان للإفطار العلني نهارًا خلال شهر رمضان و بحق عدم الصوم عن الأكل في الأماكن العمومية، بدلا من الاضطرار إلي تناول الطعام والشراب وغيرهما بعيدًا عن الأعين. ودشّن بعضهم محاولات للإفطار الجماعي بدعوى الدفاع عن الحريات الفردية،و تماشيا مع حرية التدين والعقيدة التي يكفلها لهم القانون والمواثيق الدولية .
فأما المسلم اللبيب ،فهومقتنعٌ أن الخالق لن يجمع على عبده عقوبتين،فتكون كفارته في الدنيا تخفيف عنه في الآخرة .إذْ ( ما من عبد ابتلي ببلية في الدنيا إلا بذنبه ) فكل عقاب يقع في الدنيا على أيدي الخلق فهو جزاء من الله إن كان أصحاب الغفلة ينسبونه إلى العوائد كما قالوا ( مس آباءنا الضراء والسراء ) ويضيفونه للمعتدي عليهم بزعمهم وإنما هو كما قال تعالى ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم )،( والله أكرم وأعظم عفوا من أن يسأله عن ذلك الذنب يوم القيامة ). فالبلاء في الدنيا دليل إرادة الله الخير بعبده حيث عجل له عقوبته في الدنيا ولم يؤخره للآخرة التي عقوبتها دائمة فهذه نعمة يجب على العبد شكرها1.
-أما اللاديني:فهو بمنأى عن الشرع،لذا تطبق عليه القوانين الوضعية،وتحديداً
الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي.والذي هو ملغى بعدم الاستعمال.لماذا؟
ينصّ الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي على ما يلي:" كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي، و تجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و غرامة من اثني عشر إلى مائة و عشرين درهما"2.
فمن الزاوية القانونية لا يمكن تطبيق هذا الفصل إلاّ إذا توفرت أربعة شروط للجناية،وهي:
-شهرة اعتناق الجاني للدين الاسلامي،و اللاديني معروف بعدم التزامه بشعائر الدين الإسلامي،بل بتكذيبه لكنه الدين عموماً من خلال سلوكه وعلاقته مع محيطه.
- أن يصدر أثناء نهار رمضان سلوك من الجاني يعد من مبطلات الصيام في شرع الإسلام ، كالأكل والشرب والتدخين والجماع.
- الإفطار في نهار رمضان، في مكان عام و وبشكل علني .
- غياب العذر الشرعي والرخصة في الإفطار كالمرض والسفر ، والحيض..
أما أصحاب الديانات الأخرى، فهم غير معنيين بهذا الفصل تماماً ، ولا يعتبر إفطارهم العلني وبدون مبرر شرعي في نهار رمضان جريمة طبقا لنص هذا الفصل، فلا تطبق عليهم العقوبة المقررة لهذه الجريمة. بل إن مفهوم المخالفة لنص هذا الفصل يكفل لهم حرية الإفطار وممارسة معتقداتهم.
فظهر أن الدعوة للإفطار علنًا في رمضان جعجعة بلا طحين و ضجة فارغة.أما وإن عدم الإيمان بالدين فمقبول،لكن خرق مواثيق المواطنة غير مقبول وبمنطقهم.
وخاتمة القول،لا إكراه في الدين وكلّ حرّ في معتقده دون استفزاز للآخر والجهر بالرذيلة أو الجريمة، فالمسالة بسيطة:من أراد أن يصوم فله ذلك، ومن ارتأى أن يفطر فهو حر.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن لكل مجتمع مجموعة أسس ونظام عام متعارف عليه.فمثلاً الملكية محظورة في النظام الاشتراكي، وعقوبة الإعدام ومنع تعدد الزوجات تعتبره بعض الدول من النظام العام،ولا بجوز مخالفته. فيكون عدم المجاهرة بالإفطار في رمضان في الدول الإسلامية من النظام العام3.
وخير ما اختم به،اللهم أمتنا على فطرة العجائز.وأراني أحوج الناس إلى تمثل ما روي عن فخر الدين الرازي أنه كان يمشي في طريق وخلفه تلاميذ له أكثر من مائة أو مائتين، فمروا على عجوز فاستغربته وقالت: من هذا؟ قالوا: هذا أبو عبد الله الرازي العالم الجليل يحفظ ألف دليل على وجود الله تعالى قالت العجوز : أفي الله شك و صدق الله إذ يقول ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾4، و قوله تعالى : ﴿ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾5 أي أيشك في الله حتى يطلب إقامة الدليل على وجوده؟ وأي دليل أصح وأظهر من هذا المدلول؟ فكيف يستدل على الأظهر بالأخفى؟3،أي أيُشكّ في الله حتى يُطلب الدليل.
فمتى غاب حتى نقيم عليه الدليل؟فاقت في جوابها الألف دليل للإمام الرازي.
------------------------------------------------
1- فيض القدير للمناوي : 491.
2-القانون الجنائي المغربي:الفصل 222.
3- يقول أحد دهاة العرب : ما غلبتني إلا جارية ، كانت تحمل طبق مُغطّى، فسألتها: ماذا يوجد في الطبق ؟ فقالت: ولمَ غطيناه إذاً ؟ فأحرجتني!
لا أقول حكمة اليوم بل حكمة العمر : " أي شيء مستور لا تحاول أن تكشفه" لا تحاول ان تبحث عن الوجه الآخر لأي شخص ، حتى لو كنت متأكد بأنه سيّء يكفي انه احترمك و أظهر لك الجانب الأفضل منه ، واجعل من إكتفائك قناعة ، فلكل مِنّا جانب سيّء يتحاشاه حتى مع نفسه. والإشتغال بسرائر الناس ، يفتح باب سوء الظن وظلم الخَلق
4- ابراهيم:10.
5- نفسها.
6- شرح العقيدة الطحاوية لابن جبرين: 1/314.

من طرف محمد المُدني الجمعة يونيو 10, 2016 8:43 pm

مقال نُشر في الجريدة الإلكترونية (هسبريس) اليوم( الجمعة 10 يونيوه 2016م)، تحت عنوان:

ناشطون مغاربة يطلقون حملة دولية تنتقد تجريم "وكالين رمضان"

أعلن نشطاء مغاربة، ينتمون إلى "مجموعة أقليات"، عن إطلاق "حملة دولية" طيلة شهر رمضان الجاري، تحت شعار: "222 برا .. مغاربة ماشي مسلمين"، في إشارة إلى رفضهم تفعيل الفصل 222 من القانوني الجنائي الحالي، الذي يجرم المجاهرة بالإفطار في نهار شهر الصيام.
الرابط: http://www.hespress.com/societe/309301.html

جعجعة بلا طحين :الدعوة للإفطار علنًا في رمضان

جعجعة بلا طحين :الدعوة للإفطار علنًا في رمضان

رد: جعجعة بلا طحين :الدعوة للإفطار علنًا في رمضان