حوار مع المؤرخ الإسرائيلي توم سيغِف عن الصراع الفلسطيني الإسرائيليالمؤرخ توم سيغِف: خرافة القدس الموحدة
صفحة 1 من اصل 1
حوار مع المؤرخ الإسرائيلي توم سيغِف عن الصراع الفلسطيني الإسرائيليالمؤرخ توم سيغِف: خرافة القدس الموحدة
حوار مع المؤرخ الإسرائيلي توم سيغِف عن الصراع الفلسطيني الإسرائيليالمؤرخ توم سيغِف: خرافة القدس الموحدة
يتحدث المؤرخ والكاتب الإسرائيلي البارز توم سيغِف لموقع قنطرة حول الحياة في القدس، المدينة التي يستحيل فيها صنع السلام. ويرى أن احتلال القدس الشرقية في عام 1967 كان أكبر خطأ اقترفه الإسرائيليون، ويذكر سبب ذلك في حواره التالي مع الصحفية الألمانية إنغة غونتر.لقد وُلدتَ في القدس وعِشتَ معظم وقتك فيها. فماذا تعني بالنسبة لك هذه المدينة؟
توم سيغف: كنت في السابق أحبُّ القدس أكثر بكثير، غير أنَّها في الواقع أصبحت إلى حدّ ما مدينةً لا تُحتَمل. يمتد عبر القدس خط من الخوف والكراهية والتنوُّع القومي، وهذا الخط يقسم المدينة. الكثيرون من الإسرائيليين الشباب يغادرون القدس وينتقلون إلى تل أبيب أو إلى أي مكان آخر. وكذلك يعيش الكثيرون من اليهود القوميين في الأحياء العربية بشكل استعراضي. والمدينة تزداد تديُّنًا باستمرار. كما أنَّها تتطلب دائمًا من الجميع أن يتَّخذوا موقفًا من الصراع.
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحدَّث حتى حول سحب تصاريح الإقامة من الفلسطينيين. يبدو أنَّه يُفكِّر في إزاحة الأحياء العربية، بحيث يجد سكَّانها أنفسهم خارج حدود المدينة...
توم سيغف: من طبيعة نتنياهو أنَّه يقول أشياء غير صحيحة. وفي هذه الحالة يوجد دستور (قانون أساسي) يناقض هذه الفكرة. سوف يتعيَّن في البداية تغيير هذا القانون، من أجل حرمان العرب من حقِّهم في الإقامة داخل القدس. وببساطة لا يمكن فعل ذلك. غير أنَّ فكرته هذه تُظهر أنَّ "القدس المُوحَّدة"، التي يرغب المرء في الاحتفال بها، ما هي إلا خرافة وطنية.
بات يدور الحديث في هذه الأثناء حول "انتفاضة ثالثة". ولكن أَلا تعتقد أنَّ الانتفاضة الثالثة بدأت بالفعل بعد فشل مبادرة جون كيري للسلام في شهر نيسان/أبريل 2014؟ فمنذ ذلك الحين تندلع أعمال العنف مرارًا وتكرارًا، بعمليات قتل ذات دوافع قومية وهجمات مثل عمليات الطعن في الوقت الراهن...
توم سيغف: أنا لا أعرف إن كانت هذه انتفاضة ثالثة. وهجمات السكاكين لا تصدُر كما هو معروف عن تنظيم ما. فبإمكان أي شخص أن يحمل سكينًا ويمضي. بعض المهاجِمين بالسكاكين يقومون بذلك بسبب اليأس أو التعصُّب الديني، الموجود لدينا نحن أيضًا، كما هو معروف. فالله لا يلعب دورًا حسنًا في هذا الصراع. ومن حين ولآخر يشتعل الصراع هكذا في موجات من العنف.
غير أنَّ هذا ليس بحكم الطبيعة. فاندلاع أعمال العنف الحالي يعود سببه إلى حقيقة أنَّ الفلسطينيين لا يتمتَّعون بحقوق متساوية في هذا البلد...
من عمليات الطعن بالسكاكين إلى انتفاضة ثالثة؟ منذ بداية شهر تشرين الأوَّل/أكتوبر 2015 قُتل عشرة إسرائيليين وأكثر من سبعين فلسطينيًا في هجمات السكاكين الفلسطينية وفي مواجهات. وقد لقي معظم القتلى الفلسطينيين مصرعهم برصاص قوَّات الأمن الإسرائيلية والمدنيين الإسرائيليين أثناء محاولاتهم القيام بهجمات. وقتل البقية في مواجهات مع قوَّات الاحتلال الإسرائلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية وعلى الحدود مع قطاع غزة.
توم سيغف: هذا صحيح. ولكن مع ذلك فإنَّ هذا صراع ما يزال مستمرًا منذ فترة طويلة. وهذا يتعلق بنحو خمسين عامًا من الانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان الفلسطيني، انتقلت خلالها أعداد متزايدة من المستوطنين الإسرائيليين إلى الأراضي الفلسطينية. ولنأخذ على سبيل المثال "جبل الهيكل" (الحرم القدسي): منذ عام 1967، أي بعدما انتهت حرب الأيَّام الستة، حاول الإسرائيليون إدارة الصراع حوله، ومن حين لآخر ينفجر الوضع. والآن يتكرَّر حدوث ذلك وعلى وجه التحديد بسبب استفزازات غير ضرورية من قبل مستوطنين متديِّنين قوميين، يذهبون إلى "جبل الهيكل" (الحرم القدسي) من أجل الصلاة هناك. وحتى لو تجنَّبنا ذلك، فسيبقى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من دون حلّ، ولكن على الأقل ستتم إدارته بشكل أفضل.
من المفترض الآن أن يتم -من أجل المساهمة في تهدئة الوضع- تركيب كاميرات مراقبة في حرم المسجد الأقصى، الذي يتم تبجيله من قبل اليهود باعتباره جبل الهيكل. فهل يكفي هذا؟ ما يزال بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية مع قيام المستوطنين بزيارات إلى الحرم القدسي -تشمل أيضًا الصلاة فيه- وهو ثالث مكان مقدَّس في الإسلام. صحيح أنَّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهوقد أجبرهم على التراجع، غير أنَّه لا يستطيع السيطرة عليهم إلاَّ بشكل محدود. وكذلك تعمل القوى الفلسطينية على تأجيج الصراع، من أجل الضغط على إسرائيل.
توم سيغف: هناك متشدِّدون على كلا الجانبين. وفي إسرائيل بات يمكن القول تقريبًا إنَّ نتنياهو يمثِّل جناح اليسار في الحكومة الإسرائيلية. ولكن في الواقع لقد كان يتم دائمًا تحديد السياسة في هذا البلد من قبل المتطرِّفين. في الفترات الهادئة يمكن أن تكون الحياة في القدس جميلة جدًا. اليهود والعرب يعملون سويةً في المستشفيات. ومن النادر أن تجد صيدلية لا يعمل فيها شخص عربي. يذهب المرء إلى هناك وأحيانًا يكون لديه وهم بأنَّ التعايش يسير فيما يبدو على ما يرام. ولكن فيما بعد ينفجر الوضع باستمرار.
أَلا تعتقد أنَّ هذا الاندلاع الجديد لأعمال العنف قد جاء بسبب انعدام أي أفق دبلوماسي، أو أية آفاق تشير إلى أن شيئاً يتحسَّن؟
توم سيغف: حتى عملية السلام، التي كانت موجودة في السابق، لم تكن في الحقيقة عملية سلام. صحيح أنَّ نتنياهو قال ذات مرة إنَّه مع حلِّ الدولتين، ولكن ذلك في الواقع لم يكن مقصودًا بهذا المعنى. أنا لا أعرف ما الذي يريده نتنياهو في الحقيقة. وربما لا يهمه سوى عدد السنوات المتبقية لترأسه الحكومة. قبل خمسين عامًا كنت سأقول إنه سوف يكون لدينا سلام حتى عام 2015. واليوم أعتقد أنَّ اتفاقية السلام مستحيلة.
يحتل الحرم القدسي الشريف مع المسجد الأقصى المعروف عند اليهود باسم جبل الهيكل مكان الصدارة في الصراع العربي الإسرائيلي: أثارت مؤخرًا الخلافات على هذا المكان المقدَّس عند اليهود والمسلمين موجة من العنف لا تزال مستمرة منذ عدة أسابيع في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة وفي إسرائيل، قتل فيها العديد من الفلسطينيين والإسرائيليين.
هل يعود السبب إلى انعدام الاستعداد الضروري للتوصُّل إلى حلّ وسط؟
توم سيغف: أجل، وتحديدًا لدى كلا الطرفين. هذا الصراع لا يدور فقط حول الأرض والماء والأمن. بل يتعلق أيضًا بالهوية، لأنَّ كلا الشعبين يُعَرِّفان نفسيهما من خلال نفس الأرض. ولذلك فإنَّ كُلاً منهما في حاجة إلى حلّ وسط مع هويته الخاصة، التي تعتبر حتى غير واضحة المعالم. نحن نتجادل باستمرار حول تحديد مَنْ هو اليهودي ومَنْ هو الإسرائيلي. والفلسطينيون أيضًا منقسمون على أنفسهم بين فتح وحماس. هوياتنا غير متبلورة بوضوح، وهذا يزيد من صعوبة التوصُّل إلى حلّ وسط. زد على ذلك أنَّه لا توجد أغلبية في إسرائيل مع إخلاء المستوطنات في الضفة الغربية.
بهذا يصبح حلُّ الدولتين أكثر استحالة. هل تعتقد أنَّ الخيار الوحيد المتبقي هو دولة ثنائية القومية، تسير فيها الأمور مثلما هي الحال الآن في القدس؟
توم سيغف: الدولة الواحدة ثنائية القومية تخيفني بطبيعة الحال، لا سيما وأنَّها ربما لن تكون دولة ديمقراطية. الوضع بالنسبة للناس في المناطق العربية داخل القدس لا يزال أسوأ بكثير من وضع أفقر الفقراء اليهود هنا. وهذه الاختلافات يتم تكريسها منذ نحو خمسين عامًا تقريبًا - وذلك بسبب الغباء، على ما أعتقد. فإذا كنا نريد توحيد المدينة، يجب علينا من أجل المصلحة الوطنية جعل مستوى المعيشة متساويًا بين شطري المدينة الغربي والشرقي. ومن الناحية التاريخية أعتقد أنَّ احتلال القدس الشرقية في عام 1967 أكبر خطأ. وذلك لأنَّ الإسرائيليين قد قرَّروا من خلال ضمِّهم القدس الشرقية أنَّه لن يكون هناك في الواقع أي سلام. نحن لا يمكننا إعادة القدس الشرقية، والفلسطينيون لا يمكنهم أبدًا قبول ذلك.
"حنين كبير إلى قادة وزعماء مثل إسحق رابين وديفيد بن غوريون": تجمع نحو 100 ألف شخص يوم السبت بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2015 في وسط تل أبيب، في الساحة التي تم فيها اغتيال إسحق رابين بتاريخ 04 / 11 / 1995 من قبل يهودي يميني متطرِّف. ورابين في نظرهم هو رائد عملية السلام، إذ تم منحه جائزة نوبل للسلام اعترافًا بمساهمته في التوصُّل إلى اتِّفاق أوسلو مع الفلسطينيين.
هل أنت ممن يعتقدون أنَّ كلَّ شيء كان سيسير على نحو مختلف لو أنَّ إسحق رابين قد نجا من عملية اغتياله قبل عشرين عامًا؟
توم سيغف: لا يمكننا معرفة ذلك. فقد تم اغتياله قبل أن يتَّضح إلى أين ستؤدِّي اتِّفاقيات أوسلو للسلام. أنا أعتقد أنَّ هذا الاغتيال لم يخلق الوضع الحالي، بل لقد مثّل مِرآةً له. نحن مجتمع منقسم. وهذا الاغتيال كان تعبيرًا عن هذه الصراعات الداخلية.
لماذا يزداد منذ ذلك الحين باستمرار نفوذ القوى القومية الدينية وحدها في إسرائيل؟
توم سيغف: لأنَّ الإسرائيليين، وحتى الذين يعتبرون من جناح اليسار، لم يعودوا يؤمنون بالسلام مع الفلسطينيين. المجتمع الإسرائيلي انزاحَ كثيرًا جدًا نحو اليمين. والخطر الأكبر الذي يهدِّد إسرائيل ليس "انتفاضة السكاكين"، ولا حتى إيران. أنا خائف على الديمقراطية الداخلية، لأنَّها لم تكن بتاتًا ضعيفة إلى هذا الحدّ مثلما أصبحت اليوم.
المحاولة الأولى والأساسية الهادفة إلى خلق اليهودي الجديد باءت بالفشل. ولذلك فإنَّ الإسرائيليين يشعرون بأنَّهم مرتبطون أكثر بالديانة اليهودية. هذه عملية بحث عن مضمون فكري، لم تعد دولة إسرائيل العلمانية قادرة على تقديمه. ولكن مع ذلك هناك حنين كبير إلى قادة وزعماء مثل إسحق رابين وديفيد بن غوريون. وتفسير ذلك هو بنيامين نتنياهو.
حاورته: إنغه غونتر
ترجمة: رائد الباش
حقوق النشر: موقع قنطرة 2015 ar.qantara.de
توم سيغِف هو واحد من أبرز "المؤرِّخين الجدد" في إسرائيل. له كتب عديدة عالج فيها بشكل نقدي الحركة الصهيونية وحرب الأيَّام الستة وموضوع دمج الهولوكوست في سياسة الذاكرة الوطنية الإسرائيلية. حازت أعماله على عدة جوائز وتمت ترجمتها إلى عدة لغات. وكذلك كان يكتب طيلة أعوام عديد عمودًا في صحيفة "هآرتس". ولد سيغف في القدس في عام 1945، قبل فترة قصيرة من نهاية الحرب العالمية. هاجر والداه في عام 1933 من ألمانيا النازية إلى فلسطين تحت الانتداب البريطاني.
♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠♠
كلمة حق في زمن النفاق
يجب أن تقال
يجب أن تقال
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 69
مواضيع مماثلة
» الصراع الإسرائيلي الفلسطينيإسرائيل لا يمكن أن تنتصر
» حوار مع الناشط الحقوقي الفلسطيني راجي الصوراني في غزة
» شكر على قبول العضوية
» عيطة القدس
» تضامن الشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان مع مجاهدي حرب الريف
» حوار مع الناشط الحقوقي الفلسطيني راجي الصوراني في غزة
» شكر على قبول العضوية
» عيطة القدس
» تضامن الشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان مع مجاهدي حرب الريف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى