الأصمعي يَمثل أمام الطاغية
صفحة 1 من اصل 1
الأصمعي يَمثل أمام الطاغية
الأصمعي يَمثل أمام الطاغية
---------------------------------
لما اقتيد عبدالملك بن قُرَيب الأصمعي إلى مجلس ابن علي ، نظر إليه الطاغية نظرة المتشفي ، ثم خاطبه قائلاً:
- يا أصمعي،إني أعرف أنك رجل مجبول على اللجاج و الخلاف. و على اختلاق الأحاديث و افتراء الأكاذيب. و إلا فأخبرْني : كيف تزعم أنك تحفظ اثني عشر ألف أرجوزة ؟ أهذا كلام يصدر عن العقلاء؟
قال الأصمعي :
- كيف ترميني بالكذب، أيها الطاغية ، وقد قال عني أبو الطيب اللغوي :" لمْ يرَ الناسُ أحضرَ جواباً و لا أصدقَ لهجةً من الأصمعي." و لو كنتُ كذابا، كما قلتَ ، لما روى عني أمثالُ أحمد بن محمد اليزيدي و إسحاق بن إبراهيم الموصلي و أبي حاتم السجستاني و أبي الفضل الرياشي و عبدالله بن الحسن بن إبراهيم الأنباري و أبي قلابة الرقاشي و غيرهم كثير. وهل كنتُ في حاجة للاختلاق و الافتراء و قد لقيتُ من العلماء عددا كثيراً ، و من الفقهاء كذلك و من الرواة و المحدثين ، و سمعتُ من الشعراء الفصحاء و من أولاد الشعراء : من رؤبة بن العجاج ، و من مشرد بن اللعين ، و من بلال و نوح ابني جرير ، ومن لبطة بن الفرزدق ، و من ابن ميادة ، و الحسين بن مطير، و ابن هرمة ، و ابن أذينة . كما أني لقيتُ ابن الدمينة و ابن الطثرية و أبا حية النميري . و أما الرجز فقد حفظتُ منه ما لا يَحفظه أحد ، لأنه كان هَمَّنا و سدَمَنا، في ذلك الزمن البعيد . على أنني لم أصرف اهتمامي إلى الرجز دون القصيد ، فقد جمعتُ من أشعار العرب مختارات ما زالت تُسمى باسمي إلى يومكم هذا. ثم لا تنس ، أيها الطاغية، أن أبا نواس نفسه قال عني: " الأصمعي بلبل يُطرب الناسَ بنغماته ."
فلما سمع الطاغية كلامه حدجه بنظرة نارية ، ثم قال له :
- ولكنك كنتَ مع ذلك تزخرف رديءَ الشعر و رديءَ الأخبار فيَسْمن لديك الغَثّ ، و يَحْسن عندك القبيح . و كنت تكتب كل ما يقوله الأعراب من جيد الكلام و ساقطه ، لا تدع شيئا إلا نمصْتَه. و تدعي مع ذلك أنك أتْقَنُ القوم للغة و أعلمهم بالشعر و أحضَرهم حفظاً . و كنتَ تُقَاوي العلماء ، وتسخر منهم . و قد بلغني أنك لقيتَ أبا زكريا الفراء ، يوماً على الجسر ببغداد ، فكلمتَه بطريقة لا تخلو من ازدراء و صلف. ثم قُيضَ لك من يسخر منك أمام الملأ دون أن تستطيع جوابا ، و هو أبو عمر الجرْمي . فلم تكن تجرؤ على النطق بكلمة أمامه ، لأنك تعرف أنه عالم لَسنٌ، قوي الحجة.
قال الأصمعي:
- إنما كنتُ أتجنب مناظرتَه ، لأنه كان عالي الصوت . و قد كان الناس يسمونه " النبّاج "، أي الشديد الصياح .
قال الطاغية :
- و لكنك كنت تناظر الآخرين و تتعالم عليهم .و لذلك هجاك إسحاق بن إبراهيم الموصلي ، فقال:
أليس من العجائب أنَّ شخصاً = أصَيْمعَ باهلياً يستطيلُ ؟
و يَزعم أنه قد كان يُفتي = أبا عمْرو و يسأله الخليلُ
فابتسم الأصمعي عند سماع ذلك الشعر ثم قال :
- لئن كان إسحاق الموصلي قد هجاني بهذين البيتين ، فإنه أشاد بي في مجلس من المجالس و قال عني :" عجائب الدنيا معروفة معدودة ، منها الأصمعي . " وأنت خير من يَعلم - أيها الطاغية - أن الأفاضل يُهْجَوْنَ و يُمدحون .و رحم الله الشاعرَ الذي قال:
هجوتُ ابنَ عبد القيس ثم مدحتهُ = و ما زالتِ الأشرافُ تُهْجى و تُمْدحُ
و قد هجاني آخرون غير إسحاق الموصلي - كما لا يخفى عليك - و منهم اليزيدي، الذي قال:
أبنْ لي دعيَّ بني أصْمع = أقَفْرٌ رباعك أم آهلَهْ ؟
و من أنتَ ، هل أنتَ إلا امرؤٌ = إذا صحَّ أصلك منْ باهلهْ ؟
قال الطاغية :
- و هجاك أيضا حُبيش بن عبدالرحمان الجرمي ، الذي مشى في جنازتك و هو يقول:
لَعَنَ اللهُ أعظماً حمَلوها = نحو دار البلى على خشَباتِ
فأجابه الأصمعي و قد عقد ما بين حاجبيه :
- لقد توفاني الله كما تعلم - أيها الطاغية - سنة سبع عشرة و مائتين ، و ذلك بمدينة البصرة ، بعد أن جاوزتُ الثمانين من العمر. و صلى عليّ الفضل بن إسحاق بن الحسن بن عباس ، رحمنا الله أجمعين . أما الهجاء الذي ذكرتَه ، فلعله من شاعر كان يحسدني على ذيوع صيتي و على علو مكانتي . و الحق أنه كان لي حساد كثيرون ، قبل موتي بزمن طويل، و ذلك منذ أن بلغتُ ما بلغته من حظوة عند الخليفة هارون الرشيد. فقد كنتُ ألازمه - أنا و الكسائي - نُقيم بمقامه و نظعن بظعنه . و كان الكسائي ، مع أنه أحد القراء السبعة - يخشاني و يتحاشاني . و قد حدث أن أفحمتُه يوما في مجلس الرشيد ، بعد أن اختلفنا حول بيت شعري ، فارتبك الكوفي المسكين و لم يدر كيف يجيب . فلما رأى الرشيد ارتباكه و ما هو فيه ، قال لي :" يا أصمعي ما تُطاق في الشعر."
قال الطاغية :
- ولكني أراك نسيتَ ما فعله بك هارون الرشيد نفسه ، يوم أمر باستقدامك في عز الليل، فلما جاء رجاله يطلبونك ، داخلك من ذلك رعب شديد. و عندما مثلتَ بين يديه، رأيتَ أمامه طستا مغطى بمنديل، فأمرَ بكشفه فكُشف، فإذا فيه رأس جعفر بن يحيى البرمكي ! ثم إنه قال لك بعد ذلك: " الحقْ بأهلك يابن قُرَيب ." فنهضتَ وغادرتَ المكان وقد انفطر قلبك من الرعب !
فأطرق الأصمعي كأنما يستعيد في ذهنه تلك اللحظة الرهيبة ، ثم خاطبَ الطاغيةَ بقوله :
- الحق أنه لم ينفطر قلبي من الرعب. بل إنني قلت في ذلك شعرا لا يخلو من جرأة على الخليفة ، و منه :
أيها المغرورُ هل لكْ = عبْرة في آل بَرْمَكْ ؟
عبرة لم ترها أنتَ و لا قبْل أبٌ لكْ
قال الطاغية :
- و هل نسيتَ، يا أصمعي، ما فعله بك هارون الرشيد ، يوم كنتَ في مجلسه ، فجاءت ابنة له صغيرة، فسألك :" من هذه يا أصمعي؟" فقلتَ :" لا أدري" فقال : " هذه مؤنسة ، ابنة أمير المؤمنين ، قُمْ فقَبّلْ رأسها " فخفتَ إن أنتَ فعلتَ ما أمرَك به أن يأخذه الغضب فيقتلك ، فقمتَ و ما تَعقل و وضعتَ كمك على رأس الطفلة ثم وضعتَ كفك على كمك و قبلتَ كفك ، فقال لك هارون الرشيد عندئذ :" أمَا والله لو أخطأتَها لقتلتُك !"
فأجابه الأصمعي:
- و ما عساني أفعل ؟ فهكذا أنتم معشر الطغاة ، جُبلتم على الظلم و الجبروت ، في كل زمان و مكان .
فالتفت الطاغية جانباً و قال كمن يحدث نفسَه :
يا أمَة الله ألمْ تَسمعي = ما قال عبدُالملك الأصمعي ؟
ثم استدار من جديد نحو الأصمعي و قال له :
-و كنتَ يا أصمعيّ بخيلاً، تجمع أحاديث البخلاء و تُحَدث بها و توصي بها ولدك . و كان جعفر بن يحيى يعيبك برثاثة الهيئة . وقد دخل منزلَك يوما ، و في نيته أن يعطيك ألف دينار ، فلما رأى سوءَ حالك و وسخ منزلك و رأى في دهليزك حَبّاً مكسورا ، عدل عن نيته ، لأن لسان النعمة أنطقُ من لسانك ، و لأنك لا تتزيّا بزي أهل المروءات. مع أنك أنت القائل:" ستٌّ يُضْنينَ ، بل يَقتلن : انتظار المائدة ، و دمدمة الخادم ، و السراج المظلم، و الركن من أول الليل إلى آخره، و خلاف من تحب، و النظر إلى بخيل." و ذات يوم ارتفعَتْ ضجة من دارك ،يا أصمعي، فبادرَ الناس ليعرفوا ما الأمر ، و كان معهم أبو عبيدة ، فقال لهم :" إنما يَفعلون ذلك في دار الأصمعي ، إذا فَقَدوا رغيفاً."
ثم إن الطاغية أشار إلى صاحب شرطته ، بعد لحظات من الصمت و التوجس، و خاطبه بقوله :"اجعله يبيت الليلة في أحد المخافر القريبة ، فإذا كان الصباح فتعال إلي لتسمع قراري النهائي بشأنه."
بقلم:عبد القادر وساط أبو سلمى
---------------------------------
لما اقتيد عبدالملك بن قُرَيب الأصمعي إلى مجلس ابن علي ، نظر إليه الطاغية نظرة المتشفي ، ثم خاطبه قائلاً:
- يا أصمعي،إني أعرف أنك رجل مجبول على اللجاج و الخلاف. و على اختلاق الأحاديث و افتراء الأكاذيب. و إلا فأخبرْني : كيف تزعم أنك تحفظ اثني عشر ألف أرجوزة ؟ أهذا كلام يصدر عن العقلاء؟
قال الأصمعي :
- كيف ترميني بالكذب، أيها الطاغية ، وقد قال عني أبو الطيب اللغوي :" لمْ يرَ الناسُ أحضرَ جواباً و لا أصدقَ لهجةً من الأصمعي." و لو كنتُ كذابا، كما قلتَ ، لما روى عني أمثالُ أحمد بن محمد اليزيدي و إسحاق بن إبراهيم الموصلي و أبي حاتم السجستاني و أبي الفضل الرياشي و عبدالله بن الحسن بن إبراهيم الأنباري و أبي قلابة الرقاشي و غيرهم كثير. وهل كنتُ في حاجة للاختلاق و الافتراء و قد لقيتُ من العلماء عددا كثيراً ، و من الفقهاء كذلك و من الرواة و المحدثين ، و سمعتُ من الشعراء الفصحاء و من أولاد الشعراء : من رؤبة بن العجاج ، و من مشرد بن اللعين ، و من بلال و نوح ابني جرير ، ومن لبطة بن الفرزدق ، و من ابن ميادة ، و الحسين بن مطير، و ابن هرمة ، و ابن أذينة . كما أني لقيتُ ابن الدمينة و ابن الطثرية و أبا حية النميري . و أما الرجز فقد حفظتُ منه ما لا يَحفظه أحد ، لأنه كان هَمَّنا و سدَمَنا، في ذلك الزمن البعيد . على أنني لم أصرف اهتمامي إلى الرجز دون القصيد ، فقد جمعتُ من أشعار العرب مختارات ما زالت تُسمى باسمي إلى يومكم هذا. ثم لا تنس ، أيها الطاغية، أن أبا نواس نفسه قال عني: " الأصمعي بلبل يُطرب الناسَ بنغماته ."
فلما سمع الطاغية كلامه حدجه بنظرة نارية ، ثم قال له :
- ولكنك كنتَ مع ذلك تزخرف رديءَ الشعر و رديءَ الأخبار فيَسْمن لديك الغَثّ ، و يَحْسن عندك القبيح . و كنت تكتب كل ما يقوله الأعراب من جيد الكلام و ساقطه ، لا تدع شيئا إلا نمصْتَه. و تدعي مع ذلك أنك أتْقَنُ القوم للغة و أعلمهم بالشعر و أحضَرهم حفظاً . و كنتَ تُقَاوي العلماء ، وتسخر منهم . و قد بلغني أنك لقيتَ أبا زكريا الفراء ، يوماً على الجسر ببغداد ، فكلمتَه بطريقة لا تخلو من ازدراء و صلف. ثم قُيضَ لك من يسخر منك أمام الملأ دون أن تستطيع جوابا ، و هو أبو عمر الجرْمي . فلم تكن تجرؤ على النطق بكلمة أمامه ، لأنك تعرف أنه عالم لَسنٌ، قوي الحجة.
قال الأصمعي:
- إنما كنتُ أتجنب مناظرتَه ، لأنه كان عالي الصوت . و قد كان الناس يسمونه " النبّاج "، أي الشديد الصياح .
قال الطاغية :
- و لكنك كنت تناظر الآخرين و تتعالم عليهم .و لذلك هجاك إسحاق بن إبراهيم الموصلي ، فقال:
أليس من العجائب أنَّ شخصاً = أصَيْمعَ باهلياً يستطيلُ ؟
و يَزعم أنه قد كان يُفتي = أبا عمْرو و يسأله الخليلُ
فابتسم الأصمعي عند سماع ذلك الشعر ثم قال :
- لئن كان إسحاق الموصلي قد هجاني بهذين البيتين ، فإنه أشاد بي في مجلس من المجالس و قال عني :" عجائب الدنيا معروفة معدودة ، منها الأصمعي . " وأنت خير من يَعلم - أيها الطاغية - أن الأفاضل يُهْجَوْنَ و يُمدحون .و رحم الله الشاعرَ الذي قال:
هجوتُ ابنَ عبد القيس ثم مدحتهُ = و ما زالتِ الأشرافُ تُهْجى و تُمْدحُ
و قد هجاني آخرون غير إسحاق الموصلي - كما لا يخفى عليك - و منهم اليزيدي، الذي قال:
أبنْ لي دعيَّ بني أصْمع = أقَفْرٌ رباعك أم آهلَهْ ؟
و من أنتَ ، هل أنتَ إلا امرؤٌ = إذا صحَّ أصلك منْ باهلهْ ؟
قال الطاغية :
- و هجاك أيضا حُبيش بن عبدالرحمان الجرمي ، الذي مشى في جنازتك و هو يقول:
لَعَنَ اللهُ أعظماً حمَلوها = نحو دار البلى على خشَباتِ
فأجابه الأصمعي و قد عقد ما بين حاجبيه :
- لقد توفاني الله كما تعلم - أيها الطاغية - سنة سبع عشرة و مائتين ، و ذلك بمدينة البصرة ، بعد أن جاوزتُ الثمانين من العمر. و صلى عليّ الفضل بن إسحاق بن الحسن بن عباس ، رحمنا الله أجمعين . أما الهجاء الذي ذكرتَه ، فلعله من شاعر كان يحسدني على ذيوع صيتي و على علو مكانتي . و الحق أنه كان لي حساد كثيرون ، قبل موتي بزمن طويل، و ذلك منذ أن بلغتُ ما بلغته من حظوة عند الخليفة هارون الرشيد. فقد كنتُ ألازمه - أنا و الكسائي - نُقيم بمقامه و نظعن بظعنه . و كان الكسائي ، مع أنه أحد القراء السبعة - يخشاني و يتحاشاني . و قد حدث أن أفحمتُه يوما في مجلس الرشيد ، بعد أن اختلفنا حول بيت شعري ، فارتبك الكوفي المسكين و لم يدر كيف يجيب . فلما رأى الرشيد ارتباكه و ما هو فيه ، قال لي :" يا أصمعي ما تُطاق في الشعر."
قال الطاغية :
- ولكني أراك نسيتَ ما فعله بك هارون الرشيد نفسه ، يوم أمر باستقدامك في عز الليل، فلما جاء رجاله يطلبونك ، داخلك من ذلك رعب شديد. و عندما مثلتَ بين يديه، رأيتَ أمامه طستا مغطى بمنديل، فأمرَ بكشفه فكُشف، فإذا فيه رأس جعفر بن يحيى البرمكي ! ثم إنه قال لك بعد ذلك: " الحقْ بأهلك يابن قُرَيب ." فنهضتَ وغادرتَ المكان وقد انفطر قلبك من الرعب !
فأطرق الأصمعي كأنما يستعيد في ذهنه تلك اللحظة الرهيبة ، ثم خاطبَ الطاغيةَ بقوله :
- الحق أنه لم ينفطر قلبي من الرعب. بل إنني قلت في ذلك شعرا لا يخلو من جرأة على الخليفة ، و منه :
أيها المغرورُ هل لكْ = عبْرة في آل بَرْمَكْ ؟
عبرة لم ترها أنتَ و لا قبْل أبٌ لكْ
قال الطاغية :
- و هل نسيتَ، يا أصمعي، ما فعله بك هارون الرشيد ، يوم كنتَ في مجلسه ، فجاءت ابنة له صغيرة، فسألك :" من هذه يا أصمعي؟" فقلتَ :" لا أدري" فقال : " هذه مؤنسة ، ابنة أمير المؤمنين ، قُمْ فقَبّلْ رأسها " فخفتَ إن أنتَ فعلتَ ما أمرَك به أن يأخذه الغضب فيقتلك ، فقمتَ و ما تَعقل و وضعتَ كمك على رأس الطفلة ثم وضعتَ كفك على كمك و قبلتَ كفك ، فقال لك هارون الرشيد عندئذ :" أمَا والله لو أخطأتَها لقتلتُك !"
فأجابه الأصمعي:
- و ما عساني أفعل ؟ فهكذا أنتم معشر الطغاة ، جُبلتم على الظلم و الجبروت ، في كل زمان و مكان .
فالتفت الطاغية جانباً و قال كمن يحدث نفسَه :
يا أمَة الله ألمْ تَسمعي = ما قال عبدُالملك الأصمعي ؟
ثم استدار من جديد نحو الأصمعي و قال له :
-و كنتَ يا أصمعيّ بخيلاً، تجمع أحاديث البخلاء و تُحَدث بها و توصي بها ولدك . و كان جعفر بن يحيى يعيبك برثاثة الهيئة . وقد دخل منزلَك يوما ، و في نيته أن يعطيك ألف دينار ، فلما رأى سوءَ حالك و وسخ منزلك و رأى في دهليزك حَبّاً مكسورا ، عدل عن نيته ، لأن لسان النعمة أنطقُ من لسانك ، و لأنك لا تتزيّا بزي أهل المروءات. مع أنك أنت القائل:" ستٌّ يُضْنينَ ، بل يَقتلن : انتظار المائدة ، و دمدمة الخادم ، و السراج المظلم، و الركن من أول الليل إلى آخره، و خلاف من تحب، و النظر إلى بخيل." و ذات يوم ارتفعَتْ ضجة من دارك ،يا أصمعي، فبادرَ الناس ليعرفوا ما الأمر ، و كان معهم أبو عبيدة ، فقال لهم :" إنما يَفعلون ذلك في دار الأصمعي ، إذا فَقَدوا رغيفاً."
ثم إن الطاغية أشار إلى صاحب شرطته ، بعد لحظات من الصمت و التوجس، و خاطبه بقوله :"اجعله يبيت الليلة في أحد المخافر القريبة ، فإذا كان الصباح فتعال إلي لتسمع قراري النهائي بشأنه."
بقلم:عبد القادر وساط أبو سلمى
hammani- عضو نشيط
- الجنس : عدد المساهمات : 50
درجة التقدير : 0
تاريخ الميلاد : 24/09/1959
تاريخ التسجيل : 25/12/2011
العمر : 65
مواضيع مماثلة
» صوت صغير البلبل للشاعر الأصمعي
» من يجلس أمام الكمبيوتر طويلا
» وزارة التربية تضع شروطا صارمة أمام "الأحرار"
» مديرو المؤسسات التعليمية في المغرب يحتجون أمام وزارة التربية الوطنية
» أب يقتحم حجرة دراسية و"يسلخ" أستاذا أمام التلاميذ وهذا هو السبب
» من يجلس أمام الكمبيوتر طويلا
» وزارة التربية تضع شروطا صارمة أمام "الأحرار"
» مديرو المؤسسات التعليمية في المغرب يحتجون أمام وزارة التربية الوطنية
» أب يقتحم حجرة دراسية و"يسلخ" أستاذا أمام التلاميذ وهذا هو السبب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى