لماذا تتفوق المرأة على الرجل في ادارة الأعمال ؟

" ... في دراسة علمية أجريت مؤخرا ، تبين أن هناك فروقا فــــي هيكلية

الدماغ لدى كل من المرأة والرجل ، ومع أن دماغ الرجل أثقل بنسبـة عشر

في المائة ، فان دماغ المرأة يمتلك كمية أكبر من الخلايا العصبية في بعض

المواقع الحساسة . والجسم الجاسي ( كتلة ألياف عصبية مهمة ) في دماغ

المرأة أكبر منه لدى الرجل / ما يجعل حواء أقـــــــــدر على نقل البيانات

والمعلومات بين النصف الأيسر للدماغ ، المختص بالعمليات الحسابيــــــــة

والحركية ، والنصف الأيمن المتعلق باحدس والمعاينة البصرية . 

وبينما يعتمد الرجل المدير على النصف الأيسر من دماغه ، ويحسب أموره

اعتمادا على قدرات ذلك النصف أساسا ، فان قرارات المرأة تكون ثمــــرة

مزيج من الحسابات المحسوسة والحدسية والمنطقية والعاطفية معا .

وللتنشئة أيضا دورها الكبير في تعزيز مهارات المرأة القياديـــــــة ، فالولد

والبنت في الأسرة لا يتعرضان للتربية نفسها ، وان عاشا في كنف أسـرة

واحدة . وعلى خط مواز للدراسات العلمية والمخبرية ، يقول باحثــــون

اقتصاديون : ان سر نجاح المرأة في ادارة الأعمال يكمن في أنها تسعى

- وبشكل عفوي - الى تحقيق أكبر  قدر ممكن من التوافق فــــي الآراء

وتسترشد بوجهات نظر زملائها ، بصرف النظر عن مكانتهم الوظيفيـــة

ومن هذه الصفة ينشأ حوار متواصل في مناخ العمل يرتقي بمستواه على

نحو لافت . أما بالنسبة للرجل المدير ، فهو قلما يستطيع التخلي عــــن

صفة القاء الأوامر ، وحتى اذا ما كان هنالك حوار ، فان الفوقية التي

يتعامل بها الرجل المدير يمنع حدوث ذلك النوع من الحوار البناء الذي

تحرص المرأة عليه .

ويعاني الرجل المدير من عقدة نفسية خفية تتمثل في اعتقاده أنه اذا ما

التمس آراء الآخرين في المسائل اليومية التي تواجــه العمل ، فهنالك

خشية من أن يظهر كالمهزوز في نظرهم ، بينما لا تفكر المرأة كثيرا

في هذا الأمر ، ولا يهمها كيف ينظر اليها الآخرون ان هـــي طلبت

المساعدة من من الصغير والكبير في المكتب أو الشركة .

ومن الأمور الأخرى التي تجعل المرأة أكثر كفاءة في ادارة العمــل

ما يلي :

- المرأة أقدر على حشد الطاقات وتعبئة العاملين لتقديم أقصى ما لديهم

وصولا الى مستوات عليا من الانجاز ، وفي حال حدوث خلافات بين

طاقم العاملين ، فلدى المرأة مهارة فائقة في تليين المواقف المتشنجــة

واحداث الانسجام المطلوب .

- الشركة التي تديرها امرأة هي مكان قليل الحواجــز ( النفسيـــــــة

والمادية ) ، فالمرأة المديرة تشجع على الانفتاح ، ولا تعير كثير انتباه

للفوارق في المكانة الوظيفية ، وغالبا ما يتجرأ العاملون على طــرق

بابها أكثر مما يجرؤون على مراجعة الرجل المدير   في شـــــــؤون

العمل وغيرها .

- تطلب المرأة المساعدة على نحو أســرع من الرجل ، الذي يمنعه

كبرياؤه الجامح من اللجوء الى من هم دونه في مقر العمل .

- المرأة المديرة أكثر استيعابا للفروق الفردية مــن الرجل الذي يحلو

له وضع كل الموظفين لديه تحت مسطرة واحــــدة ، والمعروف أن

استيعاب الفروق الفردية من أهم شروط النجاح بالنسبة لأي مسؤول

يتعامل مع العنصر البشري مباشرة .

- تتيح القدرات الذهنية للمرأة التعرف الى المشكلات وتشخيصها بدقة

أعلى من الرجل ، ناهيك عن المسارعى الى حلها من دون تعجل أو

ابطاء . واذا كان الرجل أسرع من المرأة على وجه العموم في حل

المشكلات العملية ، فان ذلك يعد في الحقيقة من عيوب الرجل ، لا من

مزاياه ، ذلك بأنه يثب الى الحل السريع بدافع تأكيد سلطته ، ومن دون

استعراض المعطيات بشكل مترو ، وأخذ النصيحة من العارفين والزملاء .

* الحوار والتواصل *

وهناك صفة مهمة للغاية تتميز بها المرأة وهي التواصل القائـــــم على

الحوار السلس ، وقد لا يرى الرجل في هذه الصفة أهميـــــــة قصوى

بالمقارنة مع ما يمتلك هو من مؤهلات تحليلية ربما تكون أكبر مما لدى

المرأة ، لكن الواقع يشير الى أن العمل القائــــم على التواصل اليومي

والحوار عند كل منعطف ، يكون أكثر ربحية وقدرة على التطور ، ففي

عالم " البزنس" المعاصر ، حيث يمكن لمؤسسة صغيرة أن تنافس شركة

كبرى في السوق المربوطة شبكيا ، يعد فيها التواصل والتعبئـة النفسيــة

والحماس والسرعة في الانجاز عوامل ذات أهميى أكبر من أهميـــــــة

القدرات التحليلية والدراسات الرقمية .

وثمة سؤال يشغل بال الاقتصاديين في الدول ذات الأسواق الاحترافية

وهو :

لماذا تفشل شركات بينما تنجح أخرى مع أن الجميع يعمل وفق أسس

اقتصادية مدروسة ومعتمدة ؟ 

والواقع أن الأمر يعتمد على الموهبة بأكثر مما يعتمد على الدراســـة

والمعرفة ، ولعل المرأة تتفوق غريزيا في هذا المجال ، فهي فـــــي

الأصل مديرة في بيتها ، وبينما كان الرجل على الدوام يجلب المال

كانت هي تنشئ الأطفال على القيم التي تضمن لهم مستقبلا ناجحا .

* أسئلة وأجوبة *

ويقول أحد الاقتصاديين البارزين : ان الفرق بين الشركــــــة الناجحة

والأخرى الآيلة للتعثر ، هو أن الأولى تقوم على فريق عمل متجانس

ومتفاهم ، وفي هذا السياق يلخص الكاتب " تيري لافين " الفرق بين

ادارة كل من الرجل والمرأة بالقول : المرأة تحب طرح الأسئلة أما

الرجل فيعشق الاجابة عنها .

وفي العام 1996 م أجرى الباحثون دراسة ميدانية على ستــة آلاف

مدير من الجنسين ، توصلوا من خلالها الى معرفة الكثير من أسرار

الفرق بين ادارة كل من الرجل والمرأة ، واشتملت الدراســــة على

جوانب عدة منها القيادة ومهارة حل المشكلات ، والادارة والعلاقات

العامة ، وفنون الحوار والتواصل ، وجاء في نتائج الدراسة ما يلي :

- تبين أن المرأة متفوقة أكثر في المهارات المتعلقة بجانبي الدماغ

( اليمين واليسار ) وليس في الجانب اليسار فقط كما كان معروفا .

- تفوقت المرأة في 28 من أصل 31 مهارة فردية متعلقة بالقيادة

بينما تفوق الرجل في ثلاث مهارات فقط .

- ومن النتائج الأكثر لفتا للنظر ، أن المرأة أحرزت أسوأ النتائــج

في بند ادارة الذات ، بينما نجحت في بند تخفيف أحزان واحباطات

الآخرين ، فيما فشلت فشلا ذريعا في كيفية حل مشكلاتها الخاصة في

هذا السياق ، اذ أسرع ما تقع المرأة فريسة الكآبة ، وما أصعب أن

تجد مخرجا منها .

المرجع : مجلة الصدى السنة الرابعة عدد 183 72-73 بتاريخ

9 شتمبر 2002 م

.........مع تحيات العتيق .