ثعلب قبيلة "جبالة"
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ثعلب قبيلة "جبالة"
الأجداد والجدات في شمال المغرب يفرقون بين الصلوات الخمس العادية وصلاة برّيسول. والصلاة العادية هي أن يتوضأ الإنسان ثم يصلي، وصلاة برّيسول هي أن يصلي الإنسان وبعد ذلك يتوضأ، وليس في هذا الأمر أية مبالغة... وهذه هي الحكاية:
حين كان مولاي أحمد الريسوني، المعروف باسم بن ريسون أو برّيسول، يفرض سطوته وهيبته على أجزاء واسعة من ضواحي طنجة وباقي المدن المجاورة بداية القرن العشرين، كان يفرض نظاما صارما على أتباعه وعلى سكان القبائل، من بينها الحضور للصلاة جماعة في المساجد، خصوصا صلاة الفجر. والصلاة التي كان يحضرها برّيسول بنفسه، خصوصا صلاة الفجر، كان من الصعب أن يتخلف عنها أحد، وإلا سيتهم في دينه وكرامته وولائه، وكان الكثيرون يستيقظون من النوم مذعورين ويهرعون إلى المسجد وهم يوصون زوجاتهم بتدفئة الماء للوضوء بعد العودة من الصلاة، أي أنهم يصلون بعد النوم مباشرة في المسجد بحضور برّيسول، ثم يعودون إلى منازلهم ويتوضؤون ويؤدون الصلاة كما هي، وبذلك كان الفرق بين الصلاة العادية وصلاة برّيسول.
هذه الحكاية تشير إلى مدى القوة التي بلغها ذلك الرجل، كان صارما في تطبيق شعائر الدين، ومقاتلا شرسا ومحاربا داهية دوخ الإسبان والإنجليز والأمريكان، وجعل الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت يعض على لسانه من الغضب وهو يتوعده بالويل والثبور وعظائم الأمور، بينما برّيسول يسخر من الجميع ويمرغ أنوف القوى العظمى في التراب.
المصادر التاريخية التي تتحدث عن برّيسول تخلط ما بين الأسطورة والحقيقة، لكن المشكلة أن طبيعة ذلك الرجل وصرامته وجرأته، وبطشه أيضا، جعلت منه شخصا أسطوريا، حتى وإن كانت قلعة نفوذه محدودة لفترة معينة من الزمن.
المؤرخون الغربيون يصفون مولاي أحمد بكونه قاطع طريق وجبارا ومختطفا، والمصادر المغربية تصفه بالخائن ومروع الآمنين، والمتعاطفون معه يصفونه بالرجل الوطني الذي وقف ضد تهاون السلطان مولاي عبد العزيز وتردي الأمن في نواحي طنجة والمدن الجبلية الأخرى.
كان برّيسول طفلا عاديا تربى في حضن والدته بعد أن مات والده في سن مبكرة في قرية الزينات القريبة من طنجة. كانت أمه تريد أن يكون عالم دين يفتي الناس في أمور دينهم ويؤم بهم الصلوات، لكنه تحول إلى قائد عسكري يقود الناس نحو الحرب والقتال، وهذا التحول فرض عليه ولم يختره بنفسه.
قائد رغم إنفه
في بداية القرن العشرين كان المغرب مشتتا بين سلطان لاه أغرقه الأوربيون باللعب، وبين فتنة في عموم البلاد وظهور متمردين هنا وهناك، من بينهم بوحمارة، وشيوع السيبة والقتل والسلب والنهب، وكان برّيسول واحدا من الذين انتفضوا ضد السيبة، فقال الكثيرون إن هذا الرجل قاوم السيبة، وآخرون قالوا إنه ساهم في السيبة وكرسها.
حين كان مولاي أحمد الريسوني، المعروف باسم بن ريسون أو برّيسول، يفرض سطوته وهيبته على أجزاء واسعة من ضواحي طنجة وباقي المدن المجاورة بداية القرن العشرين، كان يفرض نظاما صارما على أتباعه وعلى سكان القبائل، من بينها الحضور للصلاة جماعة في المساجد، خصوصا صلاة الفجر. والصلاة التي كان يحضرها برّيسول بنفسه، خصوصا صلاة الفجر، كان من الصعب أن يتخلف عنها أحد، وإلا سيتهم في دينه وكرامته وولائه، وكان الكثيرون يستيقظون من النوم مذعورين ويهرعون إلى المسجد وهم يوصون زوجاتهم بتدفئة الماء للوضوء بعد العودة من الصلاة، أي أنهم يصلون بعد النوم مباشرة في المسجد بحضور برّيسول، ثم يعودون إلى منازلهم ويتوضؤون ويؤدون الصلاة كما هي، وبذلك كان الفرق بين الصلاة العادية وصلاة برّيسول.
هذه الحكاية تشير إلى مدى القوة التي بلغها ذلك الرجل، كان صارما في تطبيق شعائر الدين، ومقاتلا شرسا ومحاربا داهية دوخ الإسبان والإنجليز والأمريكان، وجعل الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت يعض على لسانه من الغضب وهو يتوعده بالويل والثبور وعظائم الأمور، بينما برّيسول يسخر من الجميع ويمرغ أنوف القوى العظمى في التراب.
المصادر التاريخية التي تتحدث عن برّيسول تخلط ما بين الأسطورة والحقيقة، لكن المشكلة أن طبيعة ذلك الرجل وصرامته وجرأته، وبطشه أيضا، جعلت منه شخصا أسطوريا، حتى وإن كانت قلعة نفوذه محدودة لفترة معينة من الزمن.
المؤرخون الغربيون يصفون مولاي أحمد بكونه قاطع طريق وجبارا ومختطفا، والمصادر المغربية تصفه بالخائن ومروع الآمنين، والمتعاطفون معه يصفونه بالرجل الوطني الذي وقف ضد تهاون السلطان مولاي عبد العزيز وتردي الأمن في نواحي طنجة والمدن الجبلية الأخرى.
كان برّيسول طفلا عاديا تربى في حضن والدته بعد أن مات والده في سن مبكرة في قرية الزينات القريبة من طنجة. كانت أمه تريد أن يكون عالم دين يفتي الناس في أمور دينهم ويؤم بهم الصلوات، لكنه تحول إلى قائد عسكري يقود الناس نحو الحرب والقتال، وهذا التحول فرض عليه ولم يختره بنفسه.
قائد رغم إنفه
في بداية القرن العشرين كان المغرب مشتتا بين سلطان لاه أغرقه الأوربيون باللعب، وبين فتنة في عموم البلاد وظهور متمردين هنا وهناك، من بينهم بوحمارة، وشيوع السيبة والقتل والسلب والنهب، وكان برّيسول واحدا من الذين انتفضوا ضد السيبة، فقال الكثيرون إن هذا الرجل قاوم السيبة، وآخرون قالوا إنه ساهم في السيبة وكرسها.
في البداية بطش الرجل بالمجرمين وقطاع الطريق، ثم عقد تحالفات مع زعماء القبائل، وبعد ذلك تحول لكي ينغص حياة الأجانب في طنجة ونواحيها، ثم صار حاكما رسميا على قبائل كثيرة بأمر من السلطان الجديد مولاي عبد الحفيظ.
قبل كل ذلك، كانت هناك نقطة تحول كبرى في حياة مولاي أحمد، الذي بمجرد أن بدأ يفرض سطوته على المنطقة اتصل به أفراد مقربون من العامل على طنجة، بن عبد الصادق، وأخبروه بالرغبة المولوية في تبويئه مركزا رفيعا. وعندما صدق وزار العامل للتفاوض، قُبض عليه وحُمل إلى سجن في الصويرة حيث أمضى أربع سنوات في ظروف غاية في القسوة، ومنذ ذلك الوقت لم يعد يصدق أحدا.
بعد خروجه من السجن، صار الريسوني أكثر صلابة مما كان عليه، وجمع حوله مقاتلين بعدد أكبر، وأصبحت القوى الأجنبية، وخصوصا إسبانيا، تفاوضه عوض أن تفاوض الدولة، بينما كان هو يلعب لعبة الحرب والسلم، ويأخذ المال والسلاح من الإسبان، ثم يواجههم بما أخذه منهم، وهذا ما جعل الجنرال الإسباني غوميز خيردانا ينتحر بعد أن حار أمام الريسوني، الذي أخذ منه كل شيء ولم يعطه شيئا.
سطع نجم برّيسول على المستوى الدولي بعد أن اختطف الصحافي البريطاني والتر هاريس، مراسل صحيفة «تايمز» في طنجة، التي كانت وقتها عاصمة دبلوماسية على المستوى العالمي. ومنذ ذلك الوقت أصبح الرجل كابوسا من نوع آخر.
غير أن عملية اختطاف هاريس، لاتزال إلى اليوم تثير الكثير من التساؤلات حول ما إذا كان الصحافي البريطاني قد دفع بنفسه عمدا إلى الاختطاف، حتى يكرس وضعيته كأقوى وأبرز صحافي في طنجة وحتى يكسب المزيد من النجومية، خصوصا وأن المدينة كانت في ذلك الوقت عاصمة إعلامية، بالإضافة إلى كونها عاصمة دبلوماسية عالمية.
اختطاف هاريس كان ملهما للسينما البريطانية التي أنتجت فيلم «الريح والأسد»، وهو واحد من أكثر الأفلام تشويقا عن حياة الريسوني، وبالضبط عن اختطاف والتر هاريس وزوجة الملياردير الأمريكي بيرديكاريس. الممثل الشهير سين كونري، صاحب أفلام جيمس بوند، الذي مثل شخصية بن ريسون، بدا منغمسا في الشخصية إلى حد الدهشة، ومنح انطباعا كبيرا بأن ذلك المتمرد لم يكن سيئا بتلك الدرجة التي صورته بها مصادر أجنبية ومغربية.
الذين يصفون برّيسول بالخيانة والتعاون مع الاحتلال الإسباني يرد عليهم المؤرخ الإسباني ريكاردو بارسيلو سيسيليا قائلا: «كان الشريف مولاي أحمد الريسوني وطنيا، وهذا ما تؤكده الوثائق الإسبانية التي تجعل وطنية هذا الرجل فوق كل اعتبار».
من جانبه، يقول مؤرخ إسباني آخر هو غابرييل ماروا في كتابه «قضية المغرب من وجهة نظر إسبانية»، «إن الريسوني كانت تسميه الصحافة الأوربية قاطع الطرق، لكنه رجل من نفس فصيلة أولئك الرجال الذين غزوا أمريكا أو قادوا حملات الاستقلال ضد المستعمرين».
أما المؤرخ مانويل أورتيغا فيقول في كتابه عن الريسوني «عندما نتأمل سيرة هذا الرجل، إمبراطور الجبل، المحتمي بالغابات الطبيعية والجبال، والذي تحدى قوة إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية رغم الأسلحة والمدافع التي تملكانها، ورغم الذهب الذي ظلتا تغريانه، فإننا ندرك أن الريسوني لم يكن دنيئا».
وفي كتاب «المغرب»، يقول توماس غارسيا فيغيراس: «كان الريسوني يتمتع بذكاء عال ويقظة كبيرة، وله ممارسة سياسية على قدر كبير من النضج ودراية كبيرة بالأوضاع السياسية الدولية والعالم الإسلامي، وكان يطمح إلى رؤية المغرب حرا ومن دون أية وصاية أجنبية».
أما فرانسيسكو هيرنانديث مير فيقول: «كانت فرنسا وإسبانيا تدركان قوته وتأثيره في القبائل، لذلك حاولت الدولتان ترويج تهم الخيانة ضده والقول إنه ساعد إسبانيا على احتلال العرائش والقصر الكبير».
وعندما اختطف مولاي أحمد الريسوني أوائل القرن العشرين زوجة الملياردير الأمريكي – اليوناني أيون بيرديكاريس، فإن اسمه أصبح على كل لسان وهددته الولايات المتحدة بالويل والثبور وعظائم الأمور، بينما هو ظل يتأمل تلك الغطرسة المريضة ويحض رجاله على الصلاة قبل كل قتال، وعندما يحصل على فدية مالية من اختطاف فإنه يوزعها بين رجاله ويقول لهم «أعطوني الرأس.. وخذوا كل الفريسة»، أي أنه يريد الثمن السياسي من الاختطاف فقط، من دون أن ينسى طبعا أن يؤدي واجب الزكاة في أموال الفدية ويوزعها على الفقراء والمقاتلين. إنه الرجل الذي يشبه اليوم أولئك القراصنة المحبوبين في أفلام هوليود، ولو كان بحارا مجربا لما شق له في البحر موج، وهو في كل الأحوال من نسل أولئك القراصنة الموريسكيين الأندلسيين الذين زرعوا رهبتهم أينما أبحروا، من شواطئ إفريقيا وأمريكا حتى أقصى شمال أوربا.
ربما لن تكون هذه النظرة الرومانسية إلى ثعلب جبالة وهو يصول ويجول في ضواحي طنجة وباقي المناطق الجبلية، وربما يعيب الكثيرون على الرجل صرامته الزائدة وتنكيله بخصومه حين يتطلب الأمر ذلك، لكن هذا القرصان البري، وبعد أن فارق الحياة سنة 1925 قبل الستين عاما، أصبح اسمه على كل لسان.
قبل كل ذلك، كانت هناك نقطة تحول كبرى في حياة مولاي أحمد، الذي بمجرد أن بدأ يفرض سطوته على المنطقة اتصل به أفراد مقربون من العامل على طنجة، بن عبد الصادق، وأخبروه بالرغبة المولوية في تبويئه مركزا رفيعا. وعندما صدق وزار العامل للتفاوض، قُبض عليه وحُمل إلى سجن في الصويرة حيث أمضى أربع سنوات في ظروف غاية في القسوة، ومنذ ذلك الوقت لم يعد يصدق أحدا.
بعد خروجه من السجن، صار الريسوني أكثر صلابة مما كان عليه، وجمع حوله مقاتلين بعدد أكبر، وأصبحت القوى الأجنبية، وخصوصا إسبانيا، تفاوضه عوض أن تفاوض الدولة، بينما كان هو يلعب لعبة الحرب والسلم، ويأخذ المال والسلاح من الإسبان، ثم يواجههم بما أخذه منهم، وهذا ما جعل الجنرال الإسباني غوميز خيردانا ينتحر بعد أن حار أمام الريسوني، الذي أخذ منه كل شيء ولم يعطه شيئا.
سطع نجم برّيسول على المستوى الدولي بعد أن اختطف الصحافي البريطاني والتر هاريس، مراسل صحيفة «تايمز» في طنجة، التي كانت وقتها عاصمة دبلوماسية على المستوى العالمي. ومنذ ذلك الوقت أصبح الرجل كابوسا من نوع آخر.
غير أن عملية اختطاف هاريس، لاتزال إلى اليوم تثير الكثير من التساؤلات حول ما إذا كان الصحافي البريطاني قد دفع بنفسه عمدا إلى الاختطاف، حتى يكرس وضعيته كأقوى وأبرز صحافي في طنجة وحتى يكسب المزيد من النجومية، خصوصا وأن المدينة كانت في ذلك الوقت عاصمة إعلامية، بالإضافة إلى كونها عاصمة دبلوماسية عالمية.
اختطاف هاريس كان ملهما للسينما البريطانية التي أنتجت فيلم «الريح والأسد»، وهو واحد من أكثر الأفلام تشويقا عن حياة الريسوني، وبالضبط عن اختطاف والتر هاريس وزوجة الملياردير الأمريكي بيرديكاريس. الممثل الشهير سين كونري، صاحب أفلام جيمس بوند، الذي مثل شخصية بن ريسون، بدا منغمسا في الشخصية إلى حد الدهشة، ومنح انطباعا كبيرا بأن ذلك المتمرد لم يكن سيئا بتلك الدرجة التي صورته بها مصادر أجنبية ومغربية.
الذين يصفون برّيسول بالخيانة والتعاون مع الاحتلال الإسباني يرد عليهم المؤرخ الإسباني ريكاردو بارسيلو سيسيليا قائلا: «كان الشريف مولاي أحمد الريسوني وطنيا، وهذا ما تؤكده الوثائق الإسبانية التي تجعل وطنية هذا الرجل فوق كل اعتبار».
من جانبه، يقول مؤرخ إسباني آخر هو غابرييل ماروا في كتابه «قضية المغرب من وجهة نظر إسبانية»، «إن الريسوني كانت تسميه الصحافة الأوربية قاطع الطرق، لكنه رجل من نفس فصيلة أولئك الرجال الذين غزوا أمريكا أو قادوا حملات الاستقلال ضد المستعمرين».
أما المؤرخ مانويل أورتيغا فيقول في كتابه عن الريسوني «عندما نتأمل سيرة هذا الرجل، إمبراطور الجبل، المحتمي بالغابات الطبيعية والجبال، والذي تحدى قوة إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية رغم الأسلحة والمدافع التي تملكانها، ورغم الذهب الذي ظلتا تغريانه، فإننا ندرك أن الريسوني لم يكن دنيئا».
وفي كتاب «المغرب»، يقول توماس غارسيا فيغيراس: «كان الريسوني يتمتع بذكاء عال ويقظة كبيرة، وله ممارسة سياسية على قدر كبير من النضج ودراية كبيرة بالأوضاع السياسية الدولية والعالم الإسلامي، وكان يطمح إلى رؤية المغرب حرا ومن دون أية وصاية أجنبية».
أما فرانسيسكو هيرنانديث مير فيقول: «كانت فرنسا وإسبانيا تدركان قوته وتأثيره في القبائل، لذلك حاولت الدولتان ترويج تهم الخيانة ضده والقول إنه ساعد إسبانيا على احتلال العرائش والقصر الكبير».
وعندما اختطف مولاي أحمد الريسوني أوائل القرن العشرين زوجة الملياردير الأمريكي – اليوناني أيون بيرديكاريس، فإن اسمه أصبح على كل لسان وهددته الولايات المتحدة بالويل والثبور وعظائم الأمور، بينما هو ظل يتأمل تلك الغطرسة المريضة ويحض رجاله على الصلاة قبل كل قتال، وعندما يحصل على فدية مالية من اختطاف فإنه يوزعها بين رجاله ويقول لهم «أعطوني الرأس.. وخذوا كل الفريسة»، أي أنه يريد الثمن السياسي من الاختطاف فقط، من دون أن ينسى طبعا أن يؤدي واجب الزكاة في أموال الفدية ويوزعها على الفقراء والمقاتلين. إنه الرجل الذي يشبه اليوم أولئك القراصنة المحبوبين في أفلام هوليود، ولو كان بحارا مجربا لما شق له في البحر موج، وهو في كل الأحوال من نسل أولئك القراصنة الموريسكيين الأندلسيين الذين زرعوا رهبتهم أينما أبحروا، من شواطئ إفريقيا وأمريكا حتى أقصى شمال أوربا.
ربما لن تكون هذه النظرة الرومانسية إلى ثعلب جبالة وهو يصول ويجول في ضواحي طنجة وباقي المناطق الجبلية، وربما يعيب الكثيرون على الرجل صرامته الزائدة وتنكيله بخصومه حين يتطلب الأمر ذلك، لكن هذا القرصان البري، وبعد أن فارق الحياة سنة 1925 قبل الستين عاما، أصبح اسمه على كل لسان.
amira- عضوة مؤسسة للمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 161
درجة التقدير : 1
تاريخ التسجيل : 12/08/2009
رد: ثعلب قبيلة "جبالة"
موضوع جيد شكرا أميرة
sekrinya- عضو جديد
- الجنس : عدد المساهمات : 15
درجة التقدير : 0
تاريخ الميلاد : 12/11/1966
تاريخ التسجيل : 29/05/2010
العمر : 58
رد: ثعلب قبيلة "جبالة"
الشكر لك عزيزي على المرور الطيب
amira- عضوة مؤسسة للمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 161
درجة التقدير : 1
تاريخ التسجيل : 12/08/2009
رد: ثعلب قبيلة "جبالة"
مصطفى مشيش برحو- غواص المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 1393
درجة التقدير : 4
تاريخ الميلاد : 15/03/1975
تاريخ التسجيل : 04/06/2010
العمر : 49
الموقع : بوحمصي قبيلة سوماتة٠طنجة٠العمل بمدريد
رد: ثعلب قبيلة "جبالة"
كان أحد المعمرين من عائلتي الحاج أحمد البعلي قد عايش أيام بريسول وشارك فيها . هو يسميها أيام السيبة
فكان يحكي لنا عن المهام العسكرية التي كان يقوم بها كإيصال بعض الاشياء من سبة إلى جبال مولاي عبد السلام وبوهاشم ونواحي شفشاون ويقول كنانقدم له البيعة ونناديه بالسلطان مولاي أحمد بريسول
وكان الحاج البعلي ذا بنية قوية وقد شارك كذلك في الحرب الاسبانية مع فرانكو .
وقد توفاه الله قبل شهرين تقريبا عن 118 عاما حسب أبناءه
الرَّيْسُوني
(؟ - 1343هـ، ؟ - 1925م). أبو العباس أحمد بن محمد بن عبدالله الريسوني [b]ا حسيني الإدريسي العروسي. ثائر وزعيم، من مناوئي الاحتلال الفرنسي في المغرب العربي. من قرية تسمى زَيْنَات
من بني عَرُّوس. يسميه الفرنج الريسولي أو الرسولي
، ويدعوه رجاله الشريف الريسوني
. أخباره كثيرة، خلاصتها أنه خرج في أيام الوالي حسن بن محمد، والتف حوله جموع من قبيلة بني عروس، ومن أخواله بني مصوَّر، وقاتلته حكومة مراكش ففشلت، واستخدمت معه الحيلة، فوقع في قبضة السلطان الحسن، وسجن في ثغر الصُّويرة ثلاث سنوات. ومات السلطان، فعفا عنه خلفه عبدالعزيز بن الحسن.
اضطرب أمر الدولة، وعبدالعزيز صغير السن يستغويه الفرنسيون وغيرهم بالهدايا، فخرج الريسوني من عزلته ودعا إلى ثورة عامة على حكومة المخزن
وعلى الفرنج. واستفحل أمره في جبال بني عروس، واستولى على ما حول طنجة من الريف الخاضع للسلطات الفرنسية عام 1904م. وخُطب باسمه على منابر تازورت
وما والاها. وسعى السلطان إلى مصالحته، فانتهى الأمر بتعيينه معتمدًا للسلطان عبدالعزيز في طنجة، فأعاد الأمن إليها وإلى ضواحيها، وكان له فيها شبه استقلال. وتقول المصادر الفرنسية إن الأسبان أمدوه بالمال والسلاح ليأمنوا تعرضه لتطوان، وحامت المطامع الأجنبية حول طنجة، وطُلب من عبدالعزيز عزله، فعزله، فانصرف إلى قريته زينات ثائرًا، وحارب السلطان، وأحرق قريته، وتتابعت بينهما المعارك لعامين.
نشبت الفتنة بين الأخوين عبدالعزيز وعبدالحفيظ، وآل أمر المغرب إلى عبدالحفيظ، فذهب إليه الريسوني مهنئًا، وأصبح من رجاله. ولما توسع الأسبان في احتلال بعض الجهات الغربية ودخلوا تطوان عام 1331هـ، وقصدوا ناحية العرائش نهض الريسوني لقتالهم بجموع من القبائل، قرب تطوان، وحالفه النصر، فدخل مدينة شفشاون فاتحًا، فخاطبوه بالصلح، فانعقد الصلح في سبتمبر 1915م (1333هـ) على أن تكون الجبال للريسوني والشواطئ للأسبان. ولم يطل أمد الصلح، فتجددت المعارك، وامتدت إلى عام 1921م. وقامت ثورة الأمير محمد بن عبدالكريم الخطابي في الريف، فعرض عليه الأسبان العهود فصالحهم. ودعاه الخطابي لمناصرته في الجهاد، فامتنع ، بل أخذ يدعو القبائل إلى موالاة الأسبان، فوجه إليه الخطابي حملة هاجمته في تازورت وتمكنت من أسره بعد معركة دامت يومين. وحُمل مع أهله إلى بلدة تماسنت في الريف ، فمات بها
مصطفى مشيش برحو- غواص المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 1393
درجة التقدير : 4
تاريخ الميلاد : 15/03/1975
تاريخ التسجيل : 04/06/2010
العمر : 49
الموقع : بوحمصي قبيلة سوماتة٠طنجة٠العمل بمدريد
رد: ثعلب قبيلة "جبالة"
محمد لمرابطي
ابتدأت حركة الجيلالي الزرهوني سنة 1902 ، وكانت مظهرا من المظاهر الرئيسية على تردي الأوضاع الداخلية بالبلاد في مطلع القرن العشرين بعد وفاة المولى الحسن الأول، وقامت كجرس إنذار على الانقسام الذي يتهدد البلد والذي يلزم الواجب الوطني العمل على توقيفه ، كما استشرت مظاهر الضعف والمديونية الخارجية بشكل لافت، مما جعل الدول الأوروبية تتكالب على المغرب، وتفرض عليه شروطها، أوفاقها ومعاهداتها المجحفة، الأمر الذي انعكس سلبا على مبادراته المستقلة في معالجة أوضاعه الداخلية المأزومة، وتبعيته في قراراته التي يصدرها إلى الدول الأوروبية النافذة، مما أثر بجلاء على خططه وتصميمه القاضي بوضع حد لتمرد (بوحمارة) الذي أرهب البلاد والعباد بظلمه وادعاءاته الكاذبة.
وتتمثل قصة( بوحمارة) المسمى الجيلالي بن عبد السلام بن إدريس اليوسفي الزرهوني من مدينة زرهون بمكناس، والمزداد في ستينات القرن التاسع عش، والملقب( بالروكي) ، في كونه انتحل صفة الأمير مولاي امحمد الذي كان آنذاك لا يزال سجينا، ودعا الناس إلى الجهاد ضد مولاي عبد العزيز، متهما إياه بأنه "باع نفسه للأجانب" .
كان بوحمارة طوبوغرافيا سابقا في الجيش، ذا مهارات عسكرية حقيقية، يجمع بين قوة الإقناع وقساوة الطبع، وتمكن من الوصول إلى الإحراز على ختم ملكي، كما تعلم السحر والشعوذة وأصبح ماهرا فيهما، ومن بين أهدافه الزحف على فاس واحتلالها وتسلم الحكم لصالحه، واستغل هشاشة الوضع الكبير في البلاد، وترقب الشعب وتطلعه إلى من يخلصه من أطماع الدول الاستعمارية، فضم إلى جانبه منهم عددا كبيرا في الجيش الذي أنشأه.
وتكون جيش بوحمارة من قبائل: تمسمان وبني توزين وبني وليشك وبني سعيد وتفرسيت وامطالسة وبني سيدال وبني بوغافر وبني شيكر ومزوجة وبني بويفرور .... وهي أربعة عشر قبيلة، باستثناء قبيلة آيث ورياغل التي رفضت الدخول في طاعته، وهذه القبائل انقلبت ضده بمجرد اكتشاف حقيقة أمره وانهزامه بالريف، بالإضافة طبعا إلى قبائل تازة ومناطق أخرى من المغرب كانت داخل جيشه، دون أن ننسى الدعم الذي كان يتلقاه من بعض الدول الاستعمارية.
وقد ألحق بوحمارة خسائر كبيرة بجيش السلطان، كما أن الحرب التي واجهت المخزن كنتيجة لتمرد بوحمارة ساهمت في إضعاف الدولة، وإفراغ الخزينة، رغم محاولات الإصلاح الجبائي التي قام بها مولاي عبد العزيز، وساهمت الضغوطات الأروبية هي الأخرى في إسقاط هيبة السلطان، ولم يكن هدف( بوحمارة) من مروقه وخيانته لبلده إلا الوصول لتحقيق مصالحه الشخصية، عن طريق بيع معادن جبل الحمام بآيث ورياغل ومد طريق السكك الحديدية من مليلية إلى جبل "وكسان" بالناظور لنهب مستخرجاته الأرضية من المعدن وبيعه للأروبيين والنصارى، ولأنه قد ألف حياة البذخ والأبهة فإن المصاريف المالية التي يحتاجها كانت خيالية وكبيرة، وحتى الجيش الذي قام بتجنيده، ألف بدوره مظاهر الحياة المترفة.
إن قبيلة آيث ورياغل كانت مطلعة على أوضاع المخزن، وبالتالي قادرة على معرفة علاقة (بوحمارة) بالأسرة الحاكمة بفاس، ويرجح أنها كانت تدرك حقيقة ( بوحمارة) عن طريق بعض العائلات التي كان لها مكانة كبيرة ومحترمة بالريف، مثل عائلة الخطابي وعائلة الخمليشي، اللتين ارتبطتا بمحيط السلطان، فقد بايعت قبيلة آيث ورياغل السلطان الجديد مولاي عبد الحفيظ وتبعتها باقي قبائل الريف، بعد أن أثارت أفكاره الجديدة التي أفصح عنها إعجابها، وطلبت منه المساعدة العسكرية لمواجهة ( بوحمارة ).
وعرف عن( بوحمارة) تمرسه الكبير بطرق السحر والشعوذة التي كان ينظمها أمام القبائل فيثير دهشتها، مما أدى إلى سيطرته على عقول ساكنيها وتدجينهم، ليصبحوا من أنصاره الذين يشدون من عضده وينفخون في إصراره وقوة شكيمته، ويأتي ذلك في صورة "كرامات" ، ومن خوارقه الغريبة أنه كان يدفن بعض مريديه في سهول بجوار القرى والتجمعات السكانية، فيعمل على ترك رؤوسهم ظاهرة وأجسامهم في أعماق التراب، وحين ينزل الليل بظلامه الدامس، يصيحون بأعلى صوتهم :"عاش مولاي امحمد " وفي هدوء الليل تخرج أصواتهم الصادحة وهي تخترق أسماع الخلائق ، فتتحقق "كراماته المعجزة"، وقبل أن تشرق الشمس ، يذبح المدفونين نحرا من الوريد إلى الوريد بالسكين حتى لا يفتضح أمره بعد ذلك.
ولا يسعنا في مقالنا هذا، إلا أن نشاطر الأستاذ محمد بن الحسن الوزاني في الحقيقة الهامة التي أكدها بخصوص القاضي والفقيه عبد الكريم والد المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي، في كتابه: "مذكرات حياة وجهاد، حرب الريف " الجزء الثاني ، من كونه هو الذي وضع التصميم ودبر الخطة الحربية للإيقاع ب"بوحمارة" وقائده (مول الوضوء)، بعد أن فتح الطريق في وجه الفتان إلى أن توغل بجميع قواته في أرض بني ورياغل، فتكبد فيها هزيمة ماحقة، هزت أركان جيشه، في موقع "بوسلامة" الذي جرت فيه أطوار المعركة التي خلدها التاريخ.
فدارت رحى الهيجا عليهم فأصبحوا *** هشيما طحينا في مهب الصبا مذ رى .
وللحقيقة والتاريخ، لابد أن نستحضر الدور البارز الذي قام به الفقيه السيد محمد بن حدو العزوزي من دوار سيدي عيسى حيث يوجد موقع قبره، وهو من خريجي جامعة القرويين، فقد كان الذراع الأيمن للقاضي عبد الكريم، وساهم معه في الإطاحة بأسطورة ( بوحمارة) المخربة، بحيث اتفق الفقيهان على ابتداع حيلة تخدم المصالح العليا للوطن، فحررا رسالة كتباها في اسم السلطان مولاي عبد الحفيظ ، موجهة إلى أعيان بني ورياغل، ومكنا بها رجلا مجهولا، وكأنه قد أتى توا من فاس إلى القبيلة المذكورة بعد أن تجشم أهوال الطريق وعناء السفر.
كان اللقاء الأول بإمزورن، والثاني بسيدي بوعفيف أياما قليلة قبل الإجهاز على ( بوحمارة) ، وفي إمزورن سلم الرجل الرسالة للفقيه العزوزي الذي كلفه القاضي عبد الكريم بتلاوتها، والرسالة كتبت من طرف الفقيهان عبد الكريم الخطابي ومحمد العزوزي كما ذكرت سابقا، ونسبت إلى السلطان مولاي عبد الحفيظ ، بقصد تحميس الساكنة وتشجيعهم على التصدي (لبوحمارة) الذي عاث في وطنه فسادا وخرابا، وسمى نفسه زورا وبهتانا بمولاي امحمد بن مولاي الحسن الأول، نظرا للتقدير والاحترام والحظوة الروحية التي كانت لسلاطين الدولة المغربية لدى أهل الريف.
ومما ورد في رسالتهما تلك : "...... إلى خدامنا المخلصين الأوفياء أعيان قبيلة بني ورياغل، سددكم الله ورعاكم وثبت خطاكم، وبعد ، فإني لمسرور جدا بالنبأ العظيم حول ما عزمتم القيام به من محاربة الفتان المسعور، المشعوذ المغرو، الأثيم المقهور المسمى ( بوحمارة) ...... وبذلك تنالون أعظم مزية تضاف إلى المزايا السابقة التي نلتموها في سبيل خدمة وصيانة وحدة تراب مملكتكم، حتى كسبتم بذلك رضانا وعطفنا واهتمامنا بما تستحقونه من الجزاء الأوفى ...." .
وبعد الهجوم والتقاء الجمعان، أسفرت المعركة عن قتل القائد الأسود( لبوحمارة) واختفاء السلطان المزعوم وفراره من قصبة سلوان، متجها إلى طنجة حيث قبض عليه في قبيلة "مسارة"، وقدم إلى السلطان مولاي عبد الحفيظ سنة 1909 ، لتنتهي بذلك إحدى أحلك الصفحات المظلمة والقاتمة في تاريخ بلادنا المعاصر، التي ذاق فيها الشعب والحكام على حد سواء الأمرين على يد بوحمارة، الذي استقر أحد قواده ( الحاج فاضل ) في فترات معينة بقصبة " سنادة" التاريخية، محاولا إخضاع المنطقة وتوجيهها، وانتهاج سياسة الترغيب والترهيب مع أعيان وشرفاء المنطقة، ولكن بدون أية نتيجة تذكر.
إن الأحداث التي عرفها المغرب إبان ثورة ( بوحمارة )، لا ينبغي أن تؤخذ من جانب الحكي والاستطراد التاريخي، بل إنها تؤكد حقيقة واحدة وخطيرة، وهي تفاقم الضغط الأجنبي على المغرب، وتزايد أطماع وجشع الدول الأروبية للدخول إليه، وإلا كيف نفسر رفضها قتل (بوحمارة) ومحاولة تدخل قادتها في الموضوع، فحكاية ( بوحمارة ) خلقتها فرنسا وطورتها إسبانيا بشمال المغرب لأهداف استعمارية لها علاقة بخدمة مصالحهما الحيوية والإستراتيجية بالمنطقة، كما كان جزءا من مخطط استعماري حيك في أقبية دهاء الاستعمار ضد الوطن.
وعندما ننتقل إلى شخصية الشريف مولاي أحمد الريسوني، فإننا نجد أن الأمر يختلف كثيرا عن وضعية الروكي (بوحمارة)، فقد انقسم المؤرخون ودارسو التاريخ في شأنه إلى مدافع عن دور ومكانة الرجل البطولية في التاريخ، ومنهم من ذهب عكس ذلك، وهذا الواقع أكده الأستاذ أحمد البوعياشي في الجزء الثاني من كتابه "حرب التحرير الريفية" ، وعلى أي حال، فالعائلة الريسونية مشهورة بالصلحاء والعلماء والمجاهدين الأبرار، ومنهم مؤسس زاوية الريسونيين "بتزروت"، الشيخ سيدي محمد بن علي بن ريسون المولود في حدود 920 هجرية والذي تلقى العلم في فاس.
وفي هذا الصدد، ذهب المؤرخ والأستاذ محمد ابن عزوز حكيم في جزئه الأول من كتاب : "الشريف الريسوني والمقاومة المسلحة في شمال المغرب" إلى القول: ( إني أتوفر على مئات الوثائق الاستعمارية السرية التي تثبت أن الحركة المسلحة التي دارت رحاها في الناحية الغربية من شمال المغرب فيما بين سنة 1913 و1925 ، كانت حركة وطنية مسلحة تهدف إلى مقاومة التدخل الاستعماري بواسطة السلاح، وهذا قبل أن تنشأ الحركة الوطنية التي ارتأت أن مقاومتها كان يجب أن تكون سياسية سلمية.
وبما أن نفس الوثائق المذكورة تشهد على أن قطب الرحى لتلك الحركة كان هو الشريف الريسوني، قلت أنه إذا كان هناك تاريخ يجب أن يكتب اعتمادا على الوثائق ولا شيء دونها ، بسبب ما أصاب هذا التاريخ من تزوير وتحريف ومسخ وتشويه قل نظيره، وهذا التاريخ الذي يجب أن يكتب هو تاريخ الشريف مولاي أحمد الريسوني، بل هو تاريخ الحركة المسلحة برمتها، والذي ليس من حقنا أن نغض عنه الطرف، لأننا بذلك سنكون قد ساهمنا في غصب حق آلاف الشهداء المغاربة الذين جاهدوا تحت قيادته، واستشهدوا من أجل كرامة وعزة وحرية واستقلال ووحدة هذا الوطن العزيز.
ثم جئت بأدلة قاطعة تدحض ما كتبه بعض المؤرخين المغاربة وغيرهم من الأجانب عن تلك المقاومة المسلحة ورجالاتها الأبطال، ومن بينهم، وعلى رأسهم، الشريف الريسوني، ثم شرحت وجهة نظري في الأسباب التي جعلت الكتاب المغاربة لا يتعرضون لهذا الجانب التاريخي المهم والذي لا يتعلق فقط بالشريف الريسوني وحده، بل كذلك بالمجاهدين الأبرار، وأخيرا قلت: أنه من الواجب علينا اليوم أن نقوم بمحاكمة الشريف الريسوني محاكمة تاريخية نزيهة تتاح له الفرصة أثناءها ليدافع عن نفسه، وبالتالي عن باقي المجاهدين الذين ناضلوا تحت قيادته ) ... (ص: 10).
ومن جانب آخر، فقد أورد الأستاذ أحمد البوعياشي في الجزء الثاني من كتاب "حرب الريف التحريرية" نقلا عن الأستاذ محمد الخطيب التطواني في محاضرة قيمة ألقاها ما يلي: "وفي شمال المغرب شهدت الحكومة ما أفزعها، وما أقدم عليه مولاي أحمد الريسوني من إثارة الفتنة وتقويض بعض الاطمئنان الذي عرفته المنطقة، وبالضبط في جبل "الزينات" على بعد 70 كلم من طريق طنجة .... وعن حركة التمرد التي قادها الريسوني في شمال المغرب، فقد وجهت الدولة ضده حملة من الجيوش قدر عددها بأربعين ألف جندي، في الوقت الذي كانت قوات الريسوني لا تزيد عن ثمانية آلاف، الشيء الذي جعله يتفادى الاشتباك، وعمد إلى حرب العصابات واختطاف الأجانب والامتناع عن إطلاق سراحهم، كطريقة لكسب الأموال، وإثارة للرأي العالمي، وهكذا كان الضغط من الخارج والتآمر على البلاد بين إنجلترا وفرنسا وإسبانيا " ( ص : 289 – 291 ).
ومن بين المهام التي أسندت إليه آنذاك، باشا مدينة أصيلا، وقد احتج أفراد من أعيان عائلته على لفظة باشا، ويقولون أنه كان واليا على أصيلا وجميع قبائل "جبالة"، وحسب أحمد البوعياشي، فإنه لما تكررت الشكاوى ضده كانت النتيجة أن أمر السلطان مولاي عبد العزيز، بأن يلقى عليه القبض، بأية طريقة كانت .... وكانت هذه مناسبة لكي يقبض عليه، فأودع في السجن وأرسل مكبلا إلى سجن الصويرة الذي مكث فيه ست سنوات، وباءت بالفشل محاولة فراره، بعد صدام عنيف ذهب ضحيته أربعة أشخاص ..... وعندما تولى الملك المولى عبد العزيز في سنة 1894 أعاد الشرفاء العلميون مسعاهم لإطلاق سراحه بالاستعانة بالسيد العباسي الفهري الذي تدخل لدى السلطان فأطلق سراحه ... وبعد العفو عنه عاد من جديد إلى أعماله (ص: 288 – 290 ).
وفي كتاب "محمد بن عبد الكريم الخطابي – نادرة القرن العشرين في قتال المستعمرين" أشار مؤلفه محمد بن علي العزوزي الجزنائي، نقلا عن محمد محمد عمر بلقاضي صاحب كتاب " أسد الريف – محمد عبد الكريم الخطابي " إلى ما يلي: " لما قام الأمير الخطابي بحركته المباركة، وصار يدعو إلى الجهاد، وإلى الاتحاد والعمل الجدي لمحاربة الاستعمار، والدفاع عن وحدة التراب الوطني المغربي، بادر الريسوني إلى إبرام صلح مع الحكومة الإسبانية، رغم أن الخطابي لم يترك جهدا إلا واستعمله لإقناعه بالعدول عن موقفه تجاه هذا الصلح مع العدو ..... " ( ص : 188 ).
ولخص المؤلف الأستاذ العزوزي الجزنائي ما جاء في كتاب "روبرت فورنو" ( عبد الكريم أمير الريف ) الحقائق التالية، وفي تصريح لابن عبد الكريم الخطابي، قال: "إننا بعثنا له مندوبا يعرض عليه مركز الحاكم في الريف، رغبة في توحيد الصفوف، وإزالة سوء التفاهم، ولكنه رفض ما عرضنا عليه، فاضطرت جنودنا لمهاجمته وأسره، وتم نقله إلى منطقة الريف بتماسينت، وبعد فترة من الزمن توفي في أسره ودفن هناك ( ص: 190 ).
ويقول العزوزي الجزنائي : " ...... وعندما وقع أسيرا سمح له أن يصطحب من نسائه البالغ عددهن إحدى وأربعين امرأة، أربعة فقط، وثلاث جواري، على أن يصحب معه ما شاء من الحلي والثياب والبسط والوسائد ..... ويروي أحد الفقهاء أن ابن عبد الكريم جاء متنكرا إلى الريسوني في إقامته بتماسينت، واستأذنه في الجلوس معه، وقيل إنه امتنع، ولكن بعد أن قالوا له إنه فقيه يريد رؤيتكم وزيارتكم فقط، والتبرك بكم، أذن له، وتحدثا طويلا، وعرف إبن عبد الكريم كيف يستغل فرصة الحديث معه، خصوصا بشأن الحرب الدائرة بين المغاربة والدولتين المستعمرتين، والأهداف التي يريد الأروبيون تحقيقها، بدخولهم عنوة إلى بلادنا بزحفهم وجيوشهم الهائلة، وأسلحتهم الفتاكة والمدمرة التي يقاتلوننا بها كمغاربة.
وفي الأخير، ودعه متمنيا له الشفاء من مرضه الذي كان قد ألم به، ومتمنيا له أيضا العودة إلى بلدته وقريته "تزروت" في بلا د "جبالة" ، وحين خرج مغادرا، سأل من يكون هذا الفقيه؟ فأجابوا، إنه ابن عبد الكريم، فقال: " لو كنت أعلمه هكذا لقاتلت إلى جانبه، ودخلت تحت حكمه، إنه رجل مقاتل يستحق التقدير والاحترام، والدخول في طاعته ......" ( ص : 194 ) .
وبعد ذلك، تطورت مجريات الأحداث ووقائع التاريخ المتسارعة، بشكل درامي ومأساوي متلاحق، خاصة وأن المنطقة والبلد كانا تحت نير الاستعمار، وفي غمرة الحرب العدوانية الغاشمة، تطور ذلك إلى النهايات المعروفة لكل من محمد بن عبد الكريم الخطابي والشريف مولاي أحمد الريسوني، اللذين أصبحا في ذمة التاريخ، فرحمة الله عليهما رحمة واسعة.
مصطفى مشيش برحو- غواص المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 1393
درجة التقدير : 4
تاريخ الميلاد : 15/03/1975
تاريخ التسجيل : 04/06/2010
العمر : 49
الموقع : بوحمصي قبيلة سوماتة٠طنجة٠العمل بمدريد
رد: ثعلب قبيلة "جبالة"
أشكرك الأخت أميرة على المقال الشيق، فشخصية
الريسوني أثارت الكثير من الجدل. وبحكم نشاطها في شمال المغرب فأغلب الكتابات
باللغة الإسبانية. وقد سبق لي أن اطلعت على ترجمة العديد من النصوص في هذا الموضوع
في مجلة تاريخية اسمها دار النيابة. وأعتقد أنه لم تكن للريسوني مواقف وطنية أو خط
نضالي واضح. نعم كان له طموح سياسي لكن انتهازي يفصله بجلاء مقالكم سواء من خلال
اختطاف الأجانب وطلب الفدية أو في قتاله للمخزن فقط من أجل الجلوس معه إلى الطاولة.
ويبقى أخيرا موقفه المخزي من الثورة الريفية التحررية بقيادة البطل عبد الكريم خير
دليل ذلك. فشتان بين مقاومة الرجلين.
في نفس السياق أشكر جميع أصحاب الردود الذين
أثروا النقاش.
الريسوني أثارت الكثير من الجدل. وبحكم نشاطها في شمال المغرب فأغلب الكتابات
باللغة الإسبانية. وقد سبق لي أن اطلعت على ترجمة العديد من النصوص في هذا الموضوع
في مجلة تاريخية اسمها دار النيابة. وأعتقد أنه لم تكن للريسوني مواقف وطنية أو خط
نضالي واضح. نعم كان له طموح سياسي لكن انتهازي يفصله بجلاء مقالكم سواء من خلال
اختطاف الأجانب وطلب الفدية أو في قتاله للمخزن فقط من أجل الجلوس معه إلى الطاولة.
ويبقى أخيرا موقفه المخزي من الثورة الريفية التحررية بقيادة البطل عبد الكريم خير
دليل ذلك. فشتان بين مقاومة الرجلين.
في نفس السياق أشكر جميع أصحاب الردود الذين
أثروا النقاش.
جبلي- عضو أساسي بالمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 278
درجة التقدير : 0
تاريخ الميلاد : 31/12/1966
تاريخ التسجيل : 12/03/2011
العمر : 57
مصطفى مشيش برحو- غواص المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 1393
درجة التقدير : 4
تاريخ الميلاد : 15/03/1975
تاريخ التسجيل : 04/06/2010
العمر : 49
الموقع : بوحمصي قبيلة سوماتة٠طنجة٠العمل بمدريد
رد: ثعلب قبيلة "جبالة"
The Wind And The Lion
مصطفى مشيش برحو- غواص المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 1393
درجة التقدير : 4
تاريخ الميلاد : 15/03/1975
تاريخ التسجيل : 04/06/2010
العمر : 49
الموقع : بوحمصي قبيلة سوماتة٠طنجة٠العمل بمدريد
مصطفى مشيش برحو- غواص المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 1393
درجة التقدير : 4
تاريخ الميلاد : 15/03/1975
تاريخ التسجيل : 04/06/2010
العمر : 49
الموقع : بوحمصي قبيلة سوماتة٠طنجة٠العمل بمدريد
رد: ثعلب قبيلة "جبالة"
شكرا لصاحبة الادراج ولكل من ساهم في اغنائه بالمعلومات والصور والاشرطة، حقا ان شخصية الشريف الريسوني تحتاج الى اعادة التقييم والقراءة والبحث في مختلف المصادر التي لها علاقة بشخصيته وفترته، انصافا له وانصافا للفترة التاريخية التي سجلها باسمه.
غريبي- عضو أساسي بالمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 298
درجة التقدير : 1
تاريخ الميلاد : 02/05/1963
تاريخ التسجيل : 05/06/2012
العمر : 61
مواضيع مماثلة
» تحية للمولود الجديد" منتديات جبالة "
» نسب قبيلة بني ليث
» قبيلة بني يسف
» قبيلة سطة
» قبيلة بني إيدر
» نسب قبيلة بني ليث
» قبيلة بني يسف
» قبيلة سطة
» قبيلة بني إيدر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى