قصيدة لأمهات الشهداء (بابلو نيرودا)

قصيدة لأمهات الشهداء (بابلو نيرودا)
/////////////////////////////////////
لم يموتوا
إنهم في وسط البارود…
...واقفون،كذبالات مشتعلة
ظلالهم النقة
قد اتحدت،في المنحدرات
النحاسية
كما لو أنها سجف من ريح مصفحة
كحاجز بلون عاصفة
كصدر السماء اللامرئي
أيتها الأمهات
أمواتكن منتصبون في حقول القمح
شامخون كشمس الظهيرة
يطلون على الحقول الواسعة
إنهم رنين ناقوس أسود
يدق النصر،عبر جسور الفولاذ المحطمة
يا أخوات كالغبار المتساقط
يا صاحبات القلوب المتفجعة
آمن بأمواتكن
إنهم ليسوا جذورا فحسب
تحت الأحجار الملطخة بالدماء
ليسوا مجرد عظام مطروحة
ترقد في الأرض إلى الأبد
بل إنما أفواههم
تعض على البارود الجاف
و تقتحم،كبحار حديدية
و قبضاتهم المرتفعة
ترفض الموت
لأن حياة خفية
تنهض بين الأجساد الكثيرة
أيتها الأمهات
إخلعن أثواب الحداد
و إجمعن دموعكن
و إجعلن منها معادن
هناك سندق ليل نهار
سنركل ليل نهار
سنبصق ليل نهار
إلى أن تنهار أبواب الحقد
أنا لا أنسى مصابكن
إني أعرف أبنائكم
و إن أكن فخورا بمماتهم
فإني أيضا،فخورا بحياتهم
ضحكاتهم كانت تبرق
في مصانعهم الصماء
و خطواتهم في المترو
كل يوم،كانت ترن بازائي
و مع برتقال الشرق
و شبكات الجنوب
و مع حبر المطابع
و فوق إسمنت الأبنية
رأيت قلوبهم تؤح
بالنار و العافية
و كما في قلوبكن
أيتها الامهات
أيضا في قلبي،
كثير من الحداد
و كثير من الموت
كما لو انه غاب
مبتلة بالدماء التي تقتل إبتساماتها
يتسلق إلى قلبي
ضباب الأرق الساخط
و عزلة الأيام الناهشة
أيتها الأمهات
المطعونات بالأسى و الموت
أنظرن إلى قلب اليوم الذي يولد
و إعلمن أن أمواتكن يبتسمون من الأرض
رافعين قبضاتهم فوق سنابل القمح.

__________________