ويبكي الأبطال كذلك ..

نقلت صحيفة مصرية بتاريخ 5/3/1960 تحت عنوان :
............. دموع بطل .. من أجادير الحزينة ............................
............. بقلــــــم عبد الكريــــــــم الخطابي ...........................
*** ان العلاقة بين كارثة أجادير بسبب الزلزال ، وما يفترض أن تحدثه قنبلة ذرية واحدة في أي مكان ، وفي أي لحظة - هذه العلاقة قوية جدا بالنسبة للفواجع التــــــــي
تنجم في الحالتين .
ويظهر أن الأمم القريبة من المغرب قد تأثرت من الحـــادث ، وهو شئ طبيعي ، وأن الحكومات قد أسرعت بأساطيلها الجوية والبحرية لاغاثـــة المنكوبين ، وذلك بدافــــــع
الانسانية الذي لا يستطيع أحد أن يقاومه ، لأنه دافع عاطفي فطر عليه هذا الانسان .
هذا ما وقع وما انتهى اليه الأمر في هذه المدينة المنكوبة من الخراب الشامل .
الخراب الشامل والدمار الكامل لا يغير من مصيبة الحادث شيئا ، فالزلزال قد أعدم مدينة كاملة ، وصيرها في ثوان معدودات في خبر كان ، وآلاف السكان قتلت ، وآلاف تشردت بلا مأوى لتعيش في الشقاء . وغاية ما يمكن أن يقـــــــــوم به الاسعاف المنتظر من أهل الرحمة والشفقة أن يخفف المصيبة واحدا في الألف ، لأن الذين بقوا على قيـــد الحياة قد فقد أغلبهم واحدا أو اثنين أو أكثر من أسرته ، بحيث لم يبق لهؤلاء الأحياء أي أمل في هذه الحياة .
هذا واذا افترضنا صحة ما يقول به البعض من الناس ، ان هذه الزلازل وغيــــرها من الظواهر الجوية التي حدثت في السنين الأخيرة لها علاقة بالتجارب النوويــة ، اذا قبلنا
احتمالا كهذا ولو بنسبة واحد في الألف ، لتحتم على كل انسان يعيش وله ضميـــــر أن يسعى بكل ما يستطيع لوضع حد لهذه التفجيرات ، بل لوضع حد لصنعها ، بل ليس فقط لوضع حد للتسليح النووي، بل لوضع حد لسبب التسلح القذر ، ألا وهو الاعتداء والطمع والاستعمار والاحتلال لبلاد الغير. وأنا بكل صراحة ، لا أستطيع أن أجزم بأن كارثـــة أجادير غير ناتجة عن تفجير فرنسا لقنبلتها في صحرائنا وبلادنا ، وذلك زيـــــادة على التلوث الاشعاعي الذي لا شك أنه قد حدث فعلا ، ثم لا شك أن الذين شاهـــــدوا منظر أجادير بعدما أصيبت ، قد فكروا في الحرب ومصائبها ، وشاهدوا الأهوال المروعــــة
وجربوها أثناء الحربين العالميتين وغيرهما ، ثم تصوروا الحرب النووية وما نتـــــــج
عنها . ونحن اذ سقنا هذا الحديث قصدنا التذكير والتنبيه لأخذ العبرة لأولي الألباب .
وبهذه المناسبة ، فنحن لا يسعنا الا أن نكرر ما قلناه سابقا ، ونقوله مرة أخرى . انــه
يجب على المسؤولين وعلى الشعوب أن تعمل لا أن تقول لأجل السلام . فالقــول سهل
ولكنه خادع كاذب . والعمل الجدي هو المفيد والمنقد . أما اذا استمر المسؤولون فـــي الدول التي تملك القنبلة الذرية في اللعب بالنار، والتظاهر بمحبة السلم ،واستمــــــــرت
الشعوب في الاحتجاج وعقد المؤتمرات والمظاهرات والتجمعات بلا نتيجة عمليــــــــة ، وتركوا الذين بيدهم الأمر أحرارا يعملون لكسب الأنصار لأجل الحرب ، ثم يعقــــدون
المؤتمرات للسلم المزعوم من غير أن يلجمهم بشئ عملي كمقاطعة البضائع ، وقطــــع العلاقة السياسية مع كل معتد ، فاننا سنفاجأ في ساعة من الساعات لنرى مصيبة أجادير أضعافا مضاعفة . وهذا كله نتيجة تدهور العقيدة الدينية واعدام الايمان بالله والخوف منه
ملاحظة : أجادير يقصد بها :Agadir
عن كتاب محمد أمزيان : محمد عبد الكريم الخطابي آراء ومواقف 1926 - 1963
منشورات اختلاف 12 من ص 259 - 260 .
.............. مع تحيات العتيق .

بورك فيك وفي ما تستخرجه من كنوز تاريخ هذا الوطن ، وصانعيه........ تحياتي الأخ العتيق.