هكذا تآمروا على اليوسفي
+2
غريبي
hensali
6 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
هكذا تآمروا على اليوسفي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
منذ استقالته، وباستثناء ذلك الوفد اليتيم من المكتب السياسي، الذي زاره في منزله، لم يتلق عبد الرحمان اليوسفي لاحقا أي اتصال من معظم قيادات الحزب. مستوى الجحود كان كبيرا جدا، والرفقة النضالية التي امتدت لعقود لم تحترمها إلا قلّة قليلة من المخلصين والأوفياء، وعلى رأسهم الحبيب الشرقاوي، محمد الصديقي، عباس بودرقة، محمد منصور، محمد الحلوي وقلة قليلة. التخلص من «السي عبد الرحمان» كان مبيّتا، كما كان السعي حثيثا من لدن خصومه في الحزب بغرض طمس اسمه من الذاكرة الاتحادية. وعلى عكس رفاق الأمس، كان المئات من أصدقاء اليوسفي والمتعاطفين معه، سياسيون وحقوقيون وفعاليات من المجتمع المدني، وفنانون ورياضيون، دائمي الاتصال به داخل المغرب وخارجه.
اعتذر اليوسفي على سيل من طلبات التكريم والاحتفاء به، من مؤسسات دولية ووطنية. «ما قمنا به واجب وطني ونضالي، وفعل الواجب يسقط التكريم». هكذا كان يعتذر الكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي وقائد تجربة التناوب، إلى جانب رفضه قبول دعوات تكريمه، كيفما كان نوعها أو الجهة المنظّمة لها. عرضت على «سي عبد الرحمان» مناصب مختلفة بمؤسسات مغربية وأجنبية وظل متشبثا باستقالته من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومن السياسة.
في شهر أبريل 2004، تلقى اليوسفي اتصالا من الملك محمد السادس، يقترح عليه تولي رئاسة هيئة الإنصاف والمصالحة. وكعادته، وبأدب وأناقة الكبار، اعتذر اليوسفي للملك قائلا:
«Majesté je vous remercie doublement»
«أشكركم يا جلالة الملك مرتين، الأولى لاقتراحكم علي تولي هذه المسؤولية والثانية لقبول اعتذاري عن تلبية طلبكم».
وهو المنصب الذي سيؤول لاحقا إلى المناضل اليساري الراحل ادريس بنزكري، بعد اعتذار اليوسفي.
أراد اليوسفي أن يكون «خطاب بروكسيل» الشهير خطاب مكاشفة ونقدا ذاتيا وأيضا وثيقة سياسية وحزبية مرجعية لحكومة التناوب، تأسيسا ومآلا. لأجل ذلك انكب على تحرير الخطاب مدة أسبوع كامل، وبعد تنقيحات وتعديلات وتدقيقات يومية، أعد الخطاب في صيغته النهائية بلغة فرنسية راقية. قرر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية استغلال دعوة رسمية من نائبة رئيس الحكومة البلجيكية لوريت أونكيلينكس وعضو مجلس الشيوخ جان كورنيل والحزب الاشتراكي البلجيكي الفرانكوفوني للحديث عن «التجربة الديمقراطية في المغرب»، في إطار منتدى الحوار السياسي الحضاري من 24 إلى 26 فبراير2003، وهي المناسبة ذاتها التي وشح فيها العاهل البلجيكي عبد الرحمان اليوسفي بوسام ملكي.
مرت تقريبا 100 يوم على تعيين حكومة ادريس جطو، ووزع اليوسفي رسائله المباشرة وغير المباشرة في عرضه تارة إلى الداخل الحزبي والرأي العام الدولي، وكذا إلى السلطات المغربية وعموم الفاعلين بالبلاد.
قال اليوسفي بوضوح إن تجربة «التناوب التوافقي» لم تفض الى النتائج المرجوة، أي الانتقال إلى «التناوب الديمقراطي». لكن الزعيم الاتحادي تمسك بالأمل ورسم خطة عمل بخطين متوازيين تمتد إلى سنتين، كان يأمل بمقتضاها أن تصحّح الأخطاء المؤثرة سلبا على عملية الانتقال الديمقراطي. خطة عمل تبدأ بالانتخابات الجماعية، حيث كان ينتظر أن يحصل حزب الاتحاد الاشتراكي على عدد منصف من رئاسات الجماعات، أبرزها عمادة الدار البيضاء، ومجموعة من المجالس البلدية والقروية، مشددا على عمودية مدينة الدار البيضاء لما تمثله من رمزية وقوة، والتي كان يرغب أن تؤول إلى شخص خالد عليوة، في إطار اتفاق بين مكونات الأغلبية وبالتزام من ادريس جطو، وكذا التحضير للمؤتمر الوطني السابع للحزب في سنة 2005. وهي المحطة التي كان اليوسفي يعتزم أن لا يترشح فيها لمنصب الكاتب الأول للحزب، ولا لأي مسؤولية حزبية، كما كان مصمما على الإشراف على تحضير المؤتمر وإنجاحه وإعطاء انطلاقة جديدة للحزب عبر مجموعة من المبادرات كان يعدها على نار هادئة ويخطّها في مفكرته، كان أبرزها عملية تحديث شامل للحزب، وتأنيث منصب نائب الكاتب الأول وتشبيب القيادة الحزبية، وغيرها من المبادرات الرامية إلى استنهاض الحزب. صرّح اليوسفي في عرض/خطاب بروكسيل «لقد وجدنا أنفسنا أمام خيارين لا ثالث لهما: الأول تمليه المصلحة الوطنية والثاني يميل إلى الاعتبارات السياسية والحزبية، فكان علينا إذن أن نختار بين المشاركة في الحكومة في الوقت الذي كنا نعرف فيه أن الحالة الصحية لعاهلنا مثيرة للقلق وأن المغرب من جراء ذلك سيواجه موعدا عصيبا أو ننتظر تولي عاهلنا الجديد العرش من أجل التفاوض معه حول إجراءات وطرائق مشاركتنا، فاخترنا تحمل مسؤوليتنا الوطنية وفضلنا مصلحة البلاد من أجل المشاركة في انتقال هادئ.. وقد حصل اتفاق عام في المغرب خلال السنوات الخمس المنصرمة على كون التناوب التوافقي بإنجازاته وثغراته ليس إلا مرحلة انتقالية تنتهي مع انتخابات 27 شتنبر 2002، من أجل الانتقال إلى التناوب الديموقراطي.. وبعد تفكير طويل اخترنا عدم التسرع في الحكم على ما وقع، وقلنا إن أمامنا استحقاق الانتخابات الجماعية في الشهور القليلة القادمة، حيث إن الإعداد لها وتنظيمها وشفافيتها سيشكلون مؤشرات على اتجاه الأمور·
غير أن الاهم من ذلك، هو أنه بعد هذه الانتخابات، سيعقد مؤتمرنا الوطني السابع، أي بعد سنتين من تشكيل الحكومة الحالية· وحينها سيكون قد مضى وقت كاف لتقييم مسار الأشياء في بلادنا· وبالتالي ستتاح لنا إمكانية تقييم تجربة التناوب في شموليتها».
صدمة اليوسفي كانت كبيرة جدا جراء الحملة الشرسة التي قادها ضده نائبه الأول محمد اليازغي وجماعته، يتقدمهم ادريس لشكر ومحمد بوبكري وآخرون، إلى درجة أن توجيهات اليازغي دفعت بعض حزبيي الدار البيضاء إلى إفشال كل تحالفات الحزب ونسف خططه للتصويت ضد خالد عليوة لفائدة محمد ساجد، المدعوم بأحزاب اليمين والمتمتع بنفوذ فؤاد عالي الهمة، كاتب الدولة في الداخلية آنذاك، فضلا عن حملات التشهير والتهجمات المباشرة، التي كانت تقودها جريدة «الاحداث المغربية» بتوجيه من اليازغي ضد اليوسفي وخالد عليوة، الذي تمسك به اليوسفي كمرشح للحزب رغم تحفظات بعض الاتحاديين.
حسابات وغايات محمد اليازغي كانت تهدف إلى تصفية كل المقربين من اليوسفي، وأيضا تنحية اليوسفي ودفعه دفعا إلى ترك الحزب، حتى لا يحضر المؤتمر السابع . حرب وضغط اليازغي وأتباعه على اليوسفي امتد إلى اجتماعات المكتب السياسي، التي بات يتفادى حضورها الكثير من أعضاء المكتب السياسي بسبب الأجواء المسمومة والمشحونة، التي تمر فيها. اجتماعات قيادة الحزب عطّلت ونادرا ما كانت تنعقد وإن انعقدت فإنها تخصص لـ«جلد» اليوسفي وأحيانا باستعمال كلام ساقط للغاية وغير أخلاقي في حق الكاتب الأول للحزب، خاصة من طرف «ادريس لشكر»، بتحريض من محمد اليازغي. قام بوبكري بتجييش هائل للشباب الحزبي ضد اليوسفي ونعت الزعيم الحزبي بأبشع النعوت، التي لم يجرؤ أحد على استعمالها قبلا. أيضا كان محمد بوبكري أداة لليازغي واليد الطولى لإدريس لشكر في ما تبقى من الشبيبة الاتحادية. وبعد كل اجتماع للمكتب السياسي كان ألم «سي عبد الرحمان» يزداد وأرقه يتعمق.
مرت الانتخابات الجماعية دون ما كان ينتظره اليوسفي، وفي خضم السنة الانتخابية 2003، أدرك اليوسفي أن أكثر من طرف لم يحترم تعهداته، وأن «الكلمة» لم يعد لها معنى، كما تأثر بالغ التأثر بالهجومات «العشوائية» التي تعرض لها وفهم أنه ما عاد ممكنا تحمّل التعايش في محيط ينخره فيروس الحلقية الضيقة وغياب الاحترام. فلا داعي لانتظار محطة المؤتمر السابع، فكانت الاستقالة.
حاز اليازغي على ما أراد، فجلس على مقعد الكاتب الأول للحزب، بعدها اكتشف جل من كان يوظفهم في حروبه أنهم كانوا ضحية اليازغي، وعلى رأسهم محمد الكحص، الذي لم يتردد اليازغي ومن معه في «تدميره» رمزيا وتنظيميا رغم ما يتوفر عليه من كفاءة ومصداقية، وينضاف إلى محمد الكحص العشرات من الضحايا من الأطر والكفاءات، التي لم تتردد فيما بعد في الاتصال باليوسفي ومقابلته والاعتذار له.
لا يخفي «سي عبد الرحمان» ندمه الشديد على عدم إشهار استقالته، مباشرة بعد تعيين ادريس جطو والانقلاب على المنهجية الديمقراطية، مهما كانت التكلفة السياسية لذلك.
منذ استقالته، وباستثناء ذلك الوفد اليتيم من المكتب السياسي، الذي زاره في منزله، لم يتلق عبد الرحمان اليوسفي لاحقا أي اتصال من معظم قيادات الحزب. مستوى الجحود كان كبيرا جدا، والرفقة النضالية التي امتدت لعقود لم تحترمها إلا قلّة قليلة من المخلصين والأوفياء، وعلى رأسهم الحبيب الشرقاوي، محمد الصديقي، عباس بودرقة، محمد منصور، محمد الحلوي وقلة قليلة. التخلص من «السي عبد الرحمان» كان مبيّتا، كما كان السعي حثيثا من لدن خصومه في الحزب بغرض طمس اسمه من الذاكرة الاتحادية. وعلى عكس رفاق الأمس، كان المئات من أصدقاء اليوسفي والمتعاطفين معه، سياسيون وحقوقيون وفعاليات من المجتمع المدني، وفنانون ورياضيون، دائمي الاتصال به داخل المغرب وخارجه.
اعتذر اليوسفي على سيل من طلبات التكريم والاحتفاء به، من مؤسسات دولية ووطنية. «ما قمنا به واجب وطني ونضالي، وفعل الواجب يسقط التكريم». هكذا كان يعتذر الكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي وقائد تجربة التناوب، إلى جانب رفضه قبول دعوات تكريمه، كيفما كان نوعها أو الجهة المنظّمة لها. عرضت على «سي عبد الرحمان» مناصب مختلفة بمؤسسات مغربية وأجنبية وظل متشبثا باستقالته من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومن السياسة.
في شهر أبريل 2004، تلقى اليوسفي اتصالا من الملك محمد السادس، يقترح عليه تولي رئاسة هيئة الإنصاف والمصالحة. وكعادته، وبأدب وأناقة الكبار، اعتذر اليوسفي للملك قائلا:
«Majesté je vous remercie doublement»
«أشكركم يا جلالة الملك مرتين، الأولى لاقتراحكم علي تولي هذه المسؤولية والثانية لقبول اعتذاري عن تلبية طلبكم».
وهو المنصب الذي سيؤول لاحقا إلى المناضل اليساري الراحل ادريس بنزكري، بعد اعتذار اليوسفي.
أراد اليوسفي أن يكون «خطاب بروكسيل» الشهير خطاب مكاشفة ونقدا ذاتيا وأيضا وثيقة سياسية وحزبية مرجعية لحكومة التناوب، تأسيسا ومآلا. لأجل ذلك انكب على تحرير الخطاب مدة أسبوع كامل، وبعد تنقيحات وتعديلات وتدقيقات يومية، أعد الخطاب في صيغته النهائية بلغة فرنسية راقية. قرر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية استغلال دعوة رسمية من نائبة رئيس الحكومة البلجيكية لوريت أونكيلينكس وعضو مجلس الشيوخ جان كورنيل والحزب الاشتراكي البلجيكي الفرانكوفوني للحديث عن «التجربة الديمقراطية في المغرب»، في إطار منتدى الحوار السياسي الحضاري من 24 إلى 26 فبراير2003، وهي المناسبة ذاتها التي وشح فيها العاهل البلجيكي عبد الرحمان اليوسفي بوسام ملكي.
مرت تقريبا 100 يوم على تعيين حكومة ادريس جطو، ووزع اليوسفي رسائله المباشرة وغير المباشرة في عرضه تارة إلى الداخل الحزبي والرأي العام الدولي، وكذا إلى السلطات المغربية وعموم الفاعلين بالبلاد.
قال اليوسفي بوضوح إن تجربة «التناوب التوافقي» لم تفض الى النتائج المرجوة، أي الانتقال إلى «التناوب الديمقراطي». لكن الزعيم الاتحادي تمسك بالأمل ورسم خطة عمل بخطين متوازيين تمتد إلى سنتين، كان يأمل بمقتضاها أن تصحّح الأخطاء المؤثرة سلبا على عملية الانتقال الديمقراطي. خطة عمل تبدأ بالانتخابات الجماعية، حيث كان ينتظر أن يحصل حزب الاتحاد الاشتراكي على عدد منصف من رئاسات الجماعات، أبرزها عمادة الدار البيضاء، ومجموعة من المجالس البلدية والقروية، مشددا على عمودية مدينة الدار البيضاء لما تمثله من رمزية وقوة، والتي كان يرغب أن تؤول إلى شخص خالد عليوة، في إطار اتفاق بين مكونات الأغلبية وبالتزام من ادريس جطو، وكذا التحضير للمؤتمر الوطني السابع للحزب في سنة 2005. وهي المحطة التي كان اليوسفي يعتزم أن لا يترشح فيها لمنصب الكاتب الأول للحزب، ولا لأي مسؤولية حزبية، كما كان مصمما على الإشراف على تحضير المؤتمر وإنجاحه وإعطاء انطلاقة جديدة للحزب عبر مجموعة من المبادرات كان يعدها على نار هادئة ويخطّها في مفكرته، كان أبرزها عملية تحديث شامل للحزب، وتأنيث منصب نائب الكاتب الأول وتشبيب القيادة الحزبية، وغيرها من المبادرات الرامية إلى استنهاض الحزب. صرّح اليوسفي في عرض/خطاب بروكسيل «لقد وجدنا أنفسنا أمام خيارين لا ثالث لهما: الأول تمليه المصلحة الوطنية والثاني يميل إلى الاعتبارات السياسية والحزبية، فكان علينا إذن أن نختار بين المشاركة في الحكومة في الوقت الذي كنا نعرف فيه أن الحالة الصحية لعاهلنا مثيرة للقلق وأن المغرب من جراء ذلك سيواجه موعدا عصيبا أو ننتظر تولي عاهلنا الجديد العرش من أجل التفاوض معه حول إجراءات وطرائق مشاركتنا، فاخترنا تحمل مسؤوليتنا الوطنية وفضلنا مصلحة البلاد من أجل المشاركة في انتقال هادئ.. وقد حصل اتفاق عام في المغرب خلال السنوات الخمس المنصرمة على كون التناوب التوافقي بإنجازاته وثغراته ليس إلا مرحلة انتقالية تنتهي مع انتخابات 27 شتنبر 2002، من أجل الانتقال إلى التناوب الديموقراطي.. وبعد تفكير طويل اخترنا عدم التسرع في الحكم على ما وقع، وقلنا إن أمامنا استحقاق الانتخابات الجماعية في الشهور القليلة القادمة، حيث إن الإعداد لها وتنظيمها وشفافيتها سيشكلون مؤشرات على اتجاه الأمور·
غير أن الاهم من ذلك، هو أنه بعد هذه الانتخابات، سيعقد مؤتمرنا الوطني السابع، أي بعد سنتين من تشكيل الحكومة الحالية· وحينها سيكون قد مضى وقت كاف لتقييم مسار الأشياء في بلادنا· وبالتالي ستتاح لنا إمكانية تقييم تجربة التناوب في شموليتها».
صدمة اليوسفي كانت كبيرة جدا جراء الحملة الشرسة التي قادها ضده نائبه الأول محمد اليازغي وجماعته، يتقدمهم ادريس لشكر ومحمد بوبكري وآخرون، إلى درجة أن توجيهات اليازغي دفعت بعض حزبيي الدار البيضاء إلى إفشال كل تحالفات الحزب ونسف خططه للتصويت ضد خالد عليوة لفائدة محمد ساجد، المدعوم بأحزاب اليمين والمتمتع بنفوذ فؤاد عالي الهمة، كاتب الدولة في الداخلية آنذاك، فضلا عن حملات التشهير والتهجمات المباشرة، التي كانت تقودها جريدة «الاحداث المغربية» بتوجيه من اليازغي ضد اليوسفي وخالد عليوة، الذي تمسك به اليوسفي كمرشح للحزب رغم تحفظات بعض الاتحاديين.
حسابات وغايات محمد اليازغي كانت تهدف إلى تصفية كل المقربين من اليوسفي، وأيضا تنحية اليوسفي ودفعه دفعا إلى ترك الحزب، حتى لا يحضر المؤتمر السابع . حرب وضغط اليازغي وأتباعه على اليوسفي امتد إلى اجتماعات المكتب السياسي، التي بات يتفادى حضورها الكثير من أعضاء المكتب السياسي بسبب الأجواء المسمومة والمشحونة، التي تمر فيها. اجتماعات قيادة الحزب عطّلت ونادرا ما كانت تنعقد وإن انعقدت فإنها تخصص لـ«جلد» اليوسفي وأحيانا باستعمال كلام ساقط للغاية وغير أخلاقي في حق الكاتب الأول للحزب، خاصة من طرف «ادريس لشكر»، بتحريض من محمد اليازغي. قام بوبكري بتجييش هائل للشباب الحزبي ضد اليوسفي ونعت الزعيم الحزبي بأبشع النعوت، التي لم يجرؤ أحد على استعمالها قبلا. أيضا كان محمد بوبكري أداة لليازغي واليد الطولى لإدريس لشكر في ما تبقى من الشبيبة الاتحادية. وبعد كل اجتماع للمكتب السياسي كان ألم «سي عبد الرحمان» يزداد وأرقه يتعمق.
مرت الانتخابات الجماعية دون ما كان ينتظره اليوسفي، وفي خضم السنة الانتخابية 2003، أدرك اليوسفي أن أكثر من طرف لم يحترم تعهداته، وأن «الكلمة» لم يعد لها معنى، كما تأثر بالغ التأثر بالهجومات «العشوائية» التي تعرض لها وفهم أنه ما عاد ممكنا تحمّل التعايش في محيط ينخره فيروس الحلقية الضيقة وغياب الاحترام. فلا داعي لانتظار محطة المؤتمر السابع، فكانت الاستقالة.
حاز اليازغي على ما أراد، فجلس على مقعد الكاتب الأول للحزب، بعدها اكتشف جل من كان يوظفهم في حروبه أنهم كانوا ضحية اليازغي، وعلى رأسهم محمد الكحص، الذي لم يتردد اليازغي ومن معه في «تدميره» رمزيا وتنظيميا رغم ما يتوفر عليه من كفاءة ومصداقية، وينضاف إلى محمد الكحص العشرات من الضحايا من الأطر والكفاءات، التي لم تتردد فيما بعد في الاتصال باليوسفي ومقابلته والاعتذار له.
لا يخفي «سي عبد الرحمان» ندمه الشديد على عدم إشهار استقالته، مباشرة بعد تعيين ادريس جطو والانقلاب على المنهجية الديمقراطية، مهما كانت التكلفة السياسية لذلك.
hensali- عضو مؤسس للمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 271
درجة التقدير : 3
تاريخ الميلاد : 10/11/1951
تاريخ التسجيل : 27/08/2009
العمر : 73
رد: هكذا تآمروا على اليوسفي
أصبح من الواضح لكل المغاربة ، أن قائمة المتامرين على اليوسفي ما هي في حقيقتها الا قائمة للمتامرين على حزب الاتحاد الاشتراكي برمته، وعلى ارواح الشهداء و من ضحى بحريته في المعتقلات والسجون المعروفة والمجهولة ، بل وهي قائمة العار على تاريخ الشرفاء من ابناء هدا الشعب العظيم الدي كان يعتبر حزب الاتحاد هو فعلا حزب للمستضعفين وللقوات الشعبية ..،هده القائمة التي لن تقوم لها قيامة ، والمتشكلة من اليازغي ولعلو وبوبكري ولشكر وخيرات وعليوة ومن يلف لفهم ، ضحت بالتاريخ وبالرصيد النضالي لجزء كبير من المغاربة في سبيل نيل المكاسب الخاصة والمقاعد الوثيرة والامتيازات ..وهي التي عملت على تفكيك حزب عتيد لم يقو نظام الحسن الثاني على تفكيكه بالقوة والبطش والقمع..ولعل بداية ظهور تيار:- المقاعد تهمنا- بدا جليا مند المؤتمر الوطني السادس ، حيث انفرط عقد الاتحاد المناضل وتم التخلي على المبادئ الأساسية والسامية للحزب لصالح الاهداف الخاصة لعصابة الكراسي الوثيرة ، كما تم التخلي عن صفوة من المناضلين الشرفاء الدين تفرقت بهم السبل بعد ان يئسوا من اصلاح ما يمكن اصلاحه في البيت الاتحادي وضاقت بهم رحاب الاتحاد بعد احكام المتامرين في الكواليس قبضتهم عبر اشهار سياسة الانزال والحصار والطرد والتضييق على على كل من جاهر براي مخالف او اقتراح جريئ حتى. فتم استبدالهم بحفنة من البلاطجة والانتهازيين والملطخة اياديهم وجيوبهم وتاريخهم السياسي ، وتم الترحيب بهم في المكاتب المحلية والاقليمية والوطنية ووضع أسمائهم ضمن لوائح الترشيح لتمثيل الحزب في الانتخابات المحلية والبرلمانية..
ان المتامرين على الاتحاد الاشتراكي ، وهو الدي شكل لجيل من المناضلين المغاربة شبابا وشيبا ، فلاحين وتجارا وطلبة..نساءا ورجالا ، شكل مدرسة نضالية تخرجت على مبادئها الالاف وربما الملايين ، تعلموا منها حب الوطن وخدمة الصالح العام والتضحية بالغالي ..لن يغفر لهؤلاء، خدلانهم وبيعهم لتاريخهم بثمن بخس مقاعد محدودة..
وفي الختام ، لا يسعني الا الاعتراف بوجود فئة شريفة الى اليوم في صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي ، أحترمهم وأقدرهم ، ولا اعيب عليهم بقاءهم او انضمامهم الى الاتحاد الاشتراكي في طبعته الجديدة ، بل وأرجو من مناضلي الحزب الشرفاء ان يغفروا لي جهري برأيي الدي قد يخالفونه ، وقد يستهجنونه ، انما من باب التوضيح ، فما هدا سوى مجرد رأي صادر عن مناضل سابق ناضل في صفوف الحزب بشرف وانسحب منه بشرف بعد المؤتمر السادس متاثرا بما سبقه وما رافقه وما تلاه من احداث غير خافية على كل متتبع لمسار حزب تحول من حزب يساري مناضل الى حزب رسمي بدون هوية نضالية.. المجد والخلود لشهداء الطبقات الشعبية.
ان المتامرين على الاتحاد الاشتراكي ، وهو الدي شكل لجيل من المناضلين المغاربة شبابا وشيبا ، فلاحين وتجارا وطلبة..نساءا ورجالا ، شكل مدرسة نضالية تخرجت على مبادئها الالاف وربما الملايين ، تعلموا منها حب الوطن وخدمة الصالح العام والتضحية بالغالي ..لن يغفر لهؤلاء، خدلانهم وبيعهم لتاريخهم بثمن بخس مقاعد محدودة..
وفي الختام ، لا يسعني الا الاعتراف بوجود فئة شريفة الى اليوم في صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي ، أحترمهم وأقدرهم ، ولا اعيب عليهم بقاءهم او انضمامهم الى الاتحاد الاشتراكي في طبعته الجديدة ، بل وأرجو من مناضلي الحزب الشرفاء ان يغفروا لي جهري برأيي الدي قد يخالفونه ، وقد يستهجنونه ، انما من باب التوضيح ، فما هدا سوى مجرد رأي صادر عن مناضل سابق ناضل في صفوف الحزب بشرف وانسحب منه بشرف بعد المؤتمر السادس متاثرا بما سبقه وما رافقه وما تلاه من احداث غير خافية على كل متتبع لمسار حزب تحول من حزب يساري مناضل الى حزب رسمي بدون هوية نضالية.. المجد والخلود لشهداء الطبقات الشعبية.
غريبي- عضو أساسي بالمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 298
درجة التقدير : 1
تاريخ الميلاد : 02/05/1963
تاريخ التسجيل : 05/06/2012
العمر : 61
رد: هكذا تآمروا على اليوسفي
كنت اود التعليق على هذا المقال ولكن الاستاذ غريبي لم يترك لي ما اقوله.
فأنا اتبنى حرفيا كل ما ورد في تحليله الوافي الذي يشكر عليه.
فأنا اتبنى حرفيا كل ما ورد في تحليله الوافي الذي يشكر عليه.
hjouji- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 73
درجة التقدير : 0
تاريخ الميلاد : 12/06/1952
تاريخ التسجيل : 04/11/2009
العمر : 72
رد: هكذا تآمروا على اليوسفي
أحترم كثيرا مداخلة سي غريبي الذي وصل إلى قناعة الانسحاب من الحزب فانسحب, ذكرني ببعض الشرفاء (الأقلية) من الفصيل الاتحادي بالجامعة الذين مشوا على الجمر في إطار الاتحاد الوطني للمغرب. وأحترم سي عبد الرحمان لأنه انسحب بشرف. وأشكر سي الورياغلي الذي فتح لنا هذه النافذة
جبلي- عضو أساسي بالمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 278
درجة التقدير : 0
تاريخ الميلاد : 31/12/1966
تاريخ التسجيل : 12/03/2011
العمر : 57
رد: هكذا تآمروا على اليوسفي
اليوسفي «الجريح» يستقيل ويقول: كــفــى[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
نجح رفاق اليوسفي بالأمس في إفشال تجربة التناوب ودفعه إلى الاعتزال
نجح رفاق اليوسفي بالأمس في إفشال تجربة التناوب ودفعه إلى الاعتزال
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بهدوئه المعهود، استرجع «السي عبد الرحمان» شريط مساره النضالي الطويل. مسار تجاوز نصف قرن من العطاء السياسي والفعل النضالي (1944-2003)، محّص اليوسفي طويلا شريط الأحداث التي عاشها طيلة خمس سنوات منذ تعيينه وزيرا أولا من طرف الملك الراحل الحسن الثاني يوم 4 فبراير 1998 إلى غاية إعلان استقالته التاريخية من الحياة السياسية ومن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يوم 28 أكتوبر 2003. استقالة أرادها أن تصادف ذكرى اختطاف واغتيال شهيد الحركة الاتحادية واليسارية بالمغرب والعالم الثالث، المهدي بنبركة، بكل ما تحمل الذكرى من دلالة. لم يكن القرار سهلا على الإطلاق.
خلص «السي عبد الرحمان» إلى أن التناوب «التوافقي»، الذي غامر وقامر من أجله بكل رصيده التاريخي ومصداقيته، في أفق انتقال ديمقراطي شامل وهادئ، فشل.. وأجهض عن سبق إصرار وترصد. فإلى جانب دور «جيوب المقاومة» في تقويض ميثاق التوافق التاريخي بين المعارضة الاتحادية والقصر، ساهم جزء كبير من أطر الاتحاد الاشتراكي كذلك، وبحماس منقطع النظير، في تقويض التجربة وتيئيس المغاربة من السياسة والتنافس في خدش مصداقية اليوسفي.
فبينما كان «السي عبد الرحمان» يتصارع في المربع الحاسم للسلطة والمستوجب لكفاءات وقدرات وتجربة خاصة، استحلى ثلة من رفاقه «المعوّل عليهم» هواية التصريحات الإعلامية التي كان لها بالغ الأثر في تخريب الحزب والتشويش على التجربة.
هكذا تحوّل محمد الساسي حتى قبل «تفويت» أسبوعية «الصحيفة» إلى رفاقه، إلى «ظاهرة إعلامية» دون انتباه إلى أن الساسي اقترف خطأ قاتلا يفضح قصوره السياسي والاستراتيجي، بعدما «سكب» تنظيما مهيكلا بكامل مقوماته في «اللا تنظيم». إلى جانب الساسي، تخندق أيضا الفقيه البصري وخالد السفياني ونوبير الأموي في خندق خصوم اليوسفي. ففي إحدى تصريحاته لجريدة «كازابلانكا»، التي كان يصدرها عبد الرحيم تافنوت، لم يتردد خالد السفياني في القول: «اليوسفي أقسم أن يشتت الاتحاد الاشتراكي وأن يعصف بالشبيبة الاتحادية وأن يهلك الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وأن يسعى إلى إيقاف الفورة الجماهيرية الداعية لنضال الشعب الفلسطيني وأن ينهي الكتلة والمناضلين إلى حزب إداري ممخزن وأن يحاول تقويض كل ما هو جميل في هذا البلد». الصديق المشترك للساسي والسفياني، محمد نوبير الأموي، سيشن بدوره أشرس هجوم على اليوسفي وحكومته. فنقلا عن جريدة «الصحيفة» عدد 21 يوليوز 2001، قال الأموي بعد قرار انسحابه من الحزب: «هما لي بوهم خاصهم يكولوا شكون هما... هادوك البياعة والشمكارة والبركاكة هما لي خاصهم يقلبوا على شي جوطية اخرى»، وتابع قوله: «أيها الإخوة إن الملك محمد السادس يتحرك وسط مئات الآلاف رفقة الحرس العادي، ونحن عقدنا تجمعات عديدة بعشرات الآلاف بدون حرس، لكن مع الأسف الكاتب الأول أدخل البوليس الرسمي للمؤتمر». بنفس النبرة والنغمة والغاية جاء في جريدة «الرهان» عدد 12 أكتوبر (التي أصدرها الأموي في تلك الفترة)، نقلا عن كلمة الأموي في جلسة افتتاح مؤتمر حزبه الجديد، الذي أطلق عليه «المؤتمر الوطني الاتحادي» قوله: «حقيقة لم يبق هناك حزب، وما بقي من الاتحاد الاشتراكي هو مجموعة من الزنادقة والانتهازيين والخونة، أما أصحاب مكتب الصرف، فقد انقضوا وسينتهي أمرهم قريبا، لهذا يجب التفكير في مواصفات حزب المستقبل، حزب قوي ومنظم وملتزم ومرتبط بالجماهير». هجوم الأموي على اليوسفي سيتجاوز كل الحدود عندما رفض تلاوة كلمة اليوسفي في المؤتمر الوطني لنقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فيما خص استقبالا حاشدا لصديقه إدريس البصري، الذي كان «نجم» ضيوف المؤتمر النقابي في سابقة من نوعها في المغرب.
ترك الاتحاديون كاتبهم الأول يحترق وحيدا في تجربة التناوب وسعى الجميع إلى تحميله مسؤولية فشل تجربة التناوب وإجهاضها وتفجير الحزب، بينما العكس هو الصحيح. وبقدر ما فشل الفقيه البصري والسفياني والساسي والأموي في خلق بديل حزبي، نجحوا بالمقابل في الاتفاق على الهجوم على اليوسفي، وهي مرارة لم تفارق اليوسفي إلى اليوم. كما تحسر اليوسفي كثيرا على الدور السلبي للنخبة وقوى التغيير التي لم تسنده في معاركه.
بعد انجلاء الضباب المحيط بمرحلة التناوب، وبعد ذهاب اليوسفي، استفاق الجميع على خراب مهول، فلا الاتحاد الاشتراكي حافظ على وحدته وقوته ولا الحكومة أتمت برامجها ولا معارضوه حازوا ثقة «الجماهير الشعبية» وأسسوا «البديل المنتظر».
لقد نجح رفاق اليوسفي بالأمس في إفشال تجربة التناوب ودفعه الى الاعتزال، كما تمكنوا من ملء فراغ المعارضة المؤسساتية، التي لم تستطع لعب دورها. فما عجز ت عن فعله أحزاب الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية وإخوة الخطيب وبنكيران وعرشان، نجح فيه رفاق اليوسفي، الذين قالوا في حزبهم وكاتبهم الأول ما لم يقله أحد.
في شقته المتواضعة بإحدى عمارات حي «بوركون» الشعبي بالدار البيضاء، حرر اليوسفي رسالة استقالته التي لم يستشر فيها أحد من مقربيه ولا حتى أعضاء المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، باعتباره مسؤولا أولا عن الحزب. كلف اليوسفي محمد الصديقي، وكان حينها (الصديقي) عضوا في المكتب السياسي ومسؤولا عن مالية الحزب، والشخص الذي يكن له اليوسفي احتراما كبيرا ويثق فيه كثيرا، بنقل رسالة الاستقالة إلى عبد الواحد الراضي. وسيكون محمد الصديقي أول من سيسمع بخبر استقالة اليوسفي، بعدما سلمه اليوسفي قرار الاستقالة وحدّثه عن سياقها. لم يستطع محمد الصديقي إخفاء دهشته من قرار استقالة الكاتب الأول للحزب وحاول معه التراجع عنها والتروي قليلا حتى انعقاد المؤتمر، قبل أن يفهمه اليوسفي استحالة التأجيل أو التراجع عن قرار الاستقالة . كلف «السي عبد الرحمان» محمد الصديقي بنقل الرسالة الى عبد الواحد الراضي وتسليمها له يدا بيد ودون وسيط، على أساس أن يعلنها ويعرضها الراضي على أنظار المكتب السياسي في اجتماع طارئ.
كان يفترض أن يبعث اليوسفي برسالة استقالته إلى نائبه الأول محمد اليازغي، أو على الأقل أن يترأس اجتماعا للمكتب السياسي ويعلن شخصيا قرار الاستقالة. اليوسفي المعروف بقوة تحمّله، وصل إلى خلاصة حاسمة، هي «ما بقا حزب.. ما بقاتش جدية.. ما بقاتش سياسة». فهمت قيادة الحزب أن توجيه رسالة الاستقالة إلى عبد الواحد الراضي بدلا عن اليازغي، لا تعني إلا غضب اليوسفي الشديد من محمد اليازغي وأتباعه الذين خلقوا له الكثير من المتاعب، وحاولوا إبعاده بشتى الوسائل وتفننوا في صنوف الاستفزازات. عانى اليوسفي وتحمل الكثير والكثير من الظلم والحيف والتجني، فكان لهم ما أرادوا.
ثاني قرار اتخذه «السي عبد الرحمان» هو نقل مسؤولية إدارة وتسيير جريدة الحزب الى محمد الصديقي خلفا له، وكلّف القيادي الاتحادي والمحامي محمد الحلوي بمتابعة كافة الإجراءات والترتيبات القانونية لتفعيل القرار والتنسيق مع محمد الصديقي. رفض الصديقي في بداية الأمر قبول طلب ومقترح اليوسفي بتحمل مسؤولية جريدة الحزب. علل الصديقي اعتراضه على إدارة الجريدة بكون مشاكل الجريدة (المالية، الإدارية، والمهنية) لا تعد ولا تحصى وتتطلب تفرغا ووقتا مهما وجهدا استثنائيا لإدارتها. ألح اليوسفي على الصديقي وأقنعه بقبول طلبه، وإن بشكل مؤقت، على الأقل حتى تمر عاصفة الاستقالة.
وصل خبر استقالة اليوسفي إلى عبد الواحد الراضي، وبعده فتح الله ولعلو، وسارع الاثنان في ذلك اليوم من أيام رمضان إلى عقد اجتماع غير رسمي بحضور بعض أعضاء المكتب السياسي بعيدا عن أسوار مقر الحزب، ولم يتم إخبار محمد اليازغي وإدريس لشكر وآخرين، فيما تم الاتصال في آخر لحظة بعبد الهادي خيرات، الذي حضر الاجتماع متأخرا، للتباحث في الاستقالة قبل عرضها بشكل رسمي في اجتماع المكتب السياسي بمقر الحزب..
وفي اجتماع رسمي للمكتب السياسي، رحب جل أعضاء المكتب السياسي بالاستقالة، حتى أولائك الذين يصنفون أنفسهم على أنهم من الموالين لليوسفي أمثال فتح الله ولعلو، محمد الأشعري، خالد عليوة، نزهة الشقروني وغيرهم، كلهم بلعوا ألسنتهم، وتوحدوا على جواب واحد، «يجب أن نحترم إرادة الرجل». موقف يفيد بقبول الاستقالة، أما محمد اليازغي، فقد كان أول المرحبين بالاستقالة وتأتى له ما أراد. بل أكثر من ذلك، طالب اليازغي بمحاسبة اليوسفي على مدة قيادته للحزب وتحمله مسؤولية إدارة الجريدة. كان اليازغي يدفع في اتجاه محاكمة اليوسفي وإهانته.
استقالة اليوسفي من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (وهو واحد من أبرز المؤسسين الحقيقيين له) ومن السياسة بشكل عام، رسالة احتجاجية بدلالات عميقة جدا موجهة لأكثر من طرف. فبحسه السياسي وتجربته وخبرته الكبيرة، آمن اليوسفي أن الرسالة ستكون لها تبعات في ما يستقبل من السنوات. استقالة تلقفها الشارع والمهتمون بصدمة ممزوجة بحسرة، وانتظر الجميع انتخابات سنة 2007 لتستفيق الدولة والفاعلون السياسيون على نسبة مشاركة كارثية أفزعت الدولة وأكدت عمق الأزمة السياسية في البلاد وتدني مصداقية الفاعل الحزبي وعجز الأحزاب السياسية عن تأطير وتعبئة الشارع والمواطنين، وهو ما فضحته نسبة مشاركة هزيلة ومتدنية هي الأضعف منذ استقلال المغرب.
خبر استقالة اليوسفي من قيادة حزب الاتحاد والاشتراكي ومن السياسة نزل كالصاعقة، ويبقى الملفت للأذهان هو البرودة القاتلة التي تعاطى بها «أصدقاء» اليوسفي مع قرار من هذا الحجم، حيث لم تسجل أي محاولة للتمسك بالكاتب الأول، خاصة من الجماعة المقربة منه.
قلب اليوسفي الطاولة على الجميع وأغلق الباب خلفه. وفي رد فعل على الاستقالة، صريح حينا ومضمر أحايين أخرى، ووعيا منها بما تمثله الاستقالة ودلالاتها، جمّدت أطر اتحادية العديد من أنشطتها بالحزب تعاطفا مع «السي عبد الرحمان». ترك اليوسفي بقراره فراغا كبيرا داخل الحزب، تتناسل تداعياته إلى يوم الناس هذا.
خلص «السي عبد الرحمان» إلى أن التناوب «التوافقي»، الذي غامر وقامر من أجله بكل رصيده التاريخي ومصداقيته، في أفق انتقال ديمقراطي شامل وهادئ، فشل.. وأجهض عن سبق إصرار وترصد. فإلى جانب دور «جيوب المقاومة» في تقويض ميثاق التوافق التاريخي بين المعارضة الاتحادية والقصر، ساهم جزء كبير من أطر الاتحاد الاشتراكي كذلك، وبحماس منقطع النظير، في تقويض التجربة وتيئيس المغاربة من السياسة والتنافس في خدش مصداقية اليوسفي.
فبينما كان «السي عبد الرحمان» يتصارع في المربع الحاسم للسلطة والمستوجب لكفاءات وقدرات وتجربة خاصة، استحلى ثلة من رفاقه «المعوّل عليهم» هواية التصريحات الإعلامية التي كان لها بالغ الأثر في تخريب الحزب والتشويش على التجربة.
هكذا تحوّل محمد الساسي حتى قبل «تفويت» أسبوعية «الصحيفة» إلى رفاقه، إلى «ظاهرة إعلامية» دون انتباه إلى أن الساسي اقترف خطأ قاتلا يفضح قصوره السياسي والاستراتيجي، بعدما «سكب» تنظيما مهيكلا بكامل مقوماته في «اللا تنظيم». إلى جانب الساسي، تخندق أيضا الفقيه البصري وخالد السفياني ونوبير الأموي في خندق خصوم اليوسفي. ففي إحدى تصريحاته لجريدة «كازابلانكا»، التي كان يصدرها عبد الرحيم تافنوت، لم يتردد خالد السفياني في القول: «اليوسفي أقسم أن يشتت الاتحاد الاشتراكي وأن يعصف بالشبيبة الاتحادية وأن يهلك الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وأن يسعى إلى إيقاف الفورة الجماهيرية الداعية لنضال الشعب الفلسطيني وأن ينهي الكتلة والمناضلين إلى حزب إداري ممخزن وأن يحاول تقويض كل ما هو جميل في هذا البلد». الصديق المشترك للساسي والسفياني، محمد نوبير الأموي، سيشن بدوره أشرس هجوم على اليوسفي وحكومته. فنقلا عن جريدة «الصحيفة» عدد 21 يوليوز 2001، قال الأموي بعد قرار انسحابه من الحزب: «هما لي بوهم خاصهم يكولوا شكون هما... هادوك البياعة والشمكارة والبركاكة هما لي خاصهم يقلبوا على شي جوطية اخرى»، وتابع قوله: «أيها الإخوة إن الملك محمد السادس يتحرك وسط مئات الآلاف رفقة الحرس العادي، ونحن عقدنا تجمعات عديدة بعشرات الآلاف بدون حرس، لكن مع الأسف الكاتب الأول أدخل البوليس الرسمي للمؤتمر». بنفس النبرة والنغمة والغاية جاء في جريدة «الرهان» عدد 12 أكتوبر (التي أصدرها الأموي في تلك الفترة)، نقلا عن كلمة الأموي في جلسة افتتاح مؤتمر حزبه الجديد، الذي أطلق عليه «المؤتمر الوطني الاتحادي» قوله: «حقيقة لم يبق هناك حزب، وما بقي من الاتحاد الاشتراكي هو مجموعة من الزنادقة والانتهازيين والخونة، أما أصحاب مكتب الصرف، فقد انقضوا وسينتهي أمرهم قريبا، لهذا يجب التفكير في مواصفات حزب المستقبل، حزب قوي ومنظم وملتزم ومرتبط بالجماهير». هجوم الأموي على اليوسفي سيتجاوز كل الحدود عندما رفض تلاوة كلمة اليوسفي في المؤتمر الوطني لنقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، فيما خص استقبالا حاشدا لصديقه إدريس البصري، الذي كان «نجم» ضيوف المؤتمر النقابي في سابقة من نوعها في المغرب.
ترك الاتحاديون كاتبهم الأول يحترق وحيدا في تجربة التناوب وسعى الجميع إلى تحميله مسؤولية فشل تجربة التناوب وإجهاضها وتفجير الحزب، بينما العكس هو الصحيح. وبقدر ما فشل الفقيه البصري والسفياني والساسي والأموي في خلق بديل حزبي، نجحوا بالمقابل في الاتفاق على الهجوم على اليوسفي، وهي مرارة لم تفارق اليوسفي إلى اليوم. كما تحسر اليوسفي كثيرا على الدور السلبي للنخبة وقوى التغيير التي لم تسنده في معاركه.
بعد انجلاء الضباب المحيط بمرحلة التناوب، وبعد ذهاب اليوسفي، استفاق الجميع على خراب مهول، فلا الاتحاد الاشتراكي حافظ على وحدته وقوته ولا الحكومة أتمت برامجها ولا معارضوه حازوا ثقة «الجماهير الشعبية» وأسسوا «البديل المنتظر».
لقد نجح رفاق اليوسفي بالأمس في إفشال تجربة التناوب ودفعه الى الاعتزال، كما تمكنوا من ملء فراغ المعارضة المؤسساتية، التي لم تستطع لعب دورها. فما عجز ت عن فعله أحزاب الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية وإخوة الخطيب وبنكيران وعرشان، نجح فيه رفاق اليوسفي، الذين قالوا في حزبهم وكاتبهم الأول ما لم يقله أحد.
في شقته المتواضعة بإحدى عمارات حي «بوركون» الشعبي بالدار البيضاء، حرر اليوسفي رسالة استقالته التي لم يستشر فيها أحد من مقربيه ولا حتى أعضاء المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، باعتباره مسؤولا أولا عن الحزب. كلف اليوسفي محمد الصديقي، وكان حينها (الصديقي) عضوا في المكتب السياسي ومسؤولا عن مالية الحزب، والشخص الذي يكن له اليوسفي احتراما كبيرا ويثق فيه كثيرا، بنقل رسالة الاستقالة إلى عبد الواحد الراضي. وسيكون محمد الصديقي أول من سيسمع بخبر استقالة اليوسفي، بعدما سلمه اليوسفي قرار الاستقالة وحدّثه عن سياقها. لم يستطع محمد الصديقي إخفاء دهشته من قرار استقالة الكاتب الأول للحزب وحاول معه التراجع عنها والتروي قليلا حتى انعقاد المؤتمر، قبل أن يفهمه اليوسفي استحالة التأجيل أو التراجع عن قرار الاستقالة . كلف «السي عبد الرحمان» محمد الصديقي بنقل الرسالة الى عبد الواحد الراضي وتسليمها له يدا بيد ودون وسيط، على أساس أن يعلنها ويعرضها الراضي على أنظار المكتب السياسي في اجتماع طارئ.
كان يفترض أن يبعث اليوسفي برسالة استقالته إلى نائبه الأول محمد اليازغي، أو على الأقل أن يترأس اجتماعا للمكتب السياسي ويعلن شخصيا قرار الاستقالة. اليوسفي المعروف بقوة تحمّله، وصل إلى خلاصة حاسمة، هي «ما بقا حزب.. ما بقاتش جدية.. ما بقاتش سياسة». فهمت قيادة الحزب أن توجيه رسالة الاستقالة إلى عبد الواحد الراضي بدلا عن اليازغي، لا تعني إلا غضب اليوسفي الشديد من محمد اليازغي وأتباعه الذين خلقوا له الكثير من المتاعب، وحاولوا إبعاده بشتى الوسائل وتفننوا في صنوف الاستفزازات. عانى اليوسفي وتحمل الكثير والكثير من الظلم والحيف والتجني، فكان لهم ما أرادوا.
ثاني قرار اتخذه «السي عبد الرحمان» هو نقل مسؤولية إدارة وتسيير جريدة الحزب الى محمد الصديقي خلفا له، وكلّف القيادي الاتحادي والمحامي محمد الحلوي بمتابعة كافة الإجراءات والترتيبات القانونية لتفعيل القرار والتنسيق مع محمد الصديقي. رفض الصديقي في بداية الأمر قبول طلب ومقترح اليوسفي بتحمل مسؤولية جريدة الحزب. علل الصديقي اعتراضه على إدارة الجريدة بكون مشاكل الجريدة (المالية، الإدارية، والمهنية) لا تعد ولا تحصى وتتطلب تفرغا ووقتا مهما وجهدا استثنائيا لإدارتها. ألح اليوسفي على الصديقي وأقنعه بقبول طلبه، وإن بشكل مؤقت، على الأقل حتى تمر عاصفة الاستقالة.
وصل خبر استقالة اليوسفي إلى عبد الواحد الراضي، وبعده فتح الله ولعلو، وسارع الاثنان في ذلك اليوم من أيام رمضان إلى عقد اجتماع غير رسمي بحضور بعض أعضاء المكتب السياسي بعيدا عن أسوار مقر الحزب، ولم يتم إخبار محمد اليازغي وإدريس لشكر وآخرين، فيما تم الاتصال في آخر لحظة بعبد الهادي خيرات، الذي حضر الاجتماع متأخرا، للتباحث في الاستقالة قبل عرضها بشكل رسمي في اجتماع المكتب السياسي بمقر الحزب..
وفي اجتماع رسمي للمكتب السياسي، رحب جل أعضاء المكتب السياسي بالاستقالة، حتى أولائك الذين يصنفون أنفسهم على أنهم من الموالين لليوسفي أمثال فتح الله ولعلو، محمد الأشعري، خالد عليوة، نزهة الشقروني وغيرهم، كلهم بلعوا ألسنتهم، وتوحدوا على جواب واحد، «يجب أن نحترم إرادة الرجل». موقف يفيد بقبول الاستقالة، أما محمد اليازغي، فقد كان أول المرحبين بالاستقالة وتأتى له ما أراد. بل أكثر من ذلك، طالب اليازغي بمحاسبة اليوسفي على مدة قيادته للحزب وتحمله مسؤولية إدارة الجريدة. كان اليازغي يدفع في اتجاه محاكمة اليوسفي وإهانته.
استقالة اليوسفي من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (وهو واحد من أبرز المؤسسين الحقيقيين له) ومن السياسة بشكل عام، رسالة احتجاجية بدلالات عميقة جدا موجهة لأكثر من طرف. فبحسه السياسي وتجربته وخبرته الكبيرة، آمن اليوسفي أن الرسالة ستكون لها تبعات في ما يستقبل من السنوات. استقالة تلقفها الشارع والمهتمون بصدمة ممزوجة بحسرة، وانتظر الجميع انتخابات سنة 2007 لتستفيق الدولة والفاعلون السياسيون على نسبة مشاركة كارثية أفزعت الدولة وأكدت عمق الأزمة السياسية في البلاد وتدني مصداقية الفاعل الحزبي وعجز الأحزاب السياسية عن تأطير وتعبئة الشارع والمواطنين، وهو ما فضحته نسبة مشاركة هزيلة ومتدنية هي الأضعف منذ استقلال المغرب.
خبر استقالة اليوسفي من قيادة حزب الاتحاد والاشتراكي ومن السياسة نزل كالصاعقة، ويبقى الملفت للأذهان هو البرودة القاتلة التي تعاطى بها «أصدقاء» اليوسفي مع قرار من هذا الحجم، حيث لم تسجل أي محاولة للتمسك بالكاتب الأول، خاصة من الجماعة المقربة منه.
قلب اليوسفي الطاولة على الجميع وأغلق الباب خلفه. وفي رد فعل على الاستقالة، صريح حينا ومضمر أحايين أخرى، ووعيا منها بما تمثله الاستقالة ودلالاتها، جمّدت أطر اتحادية العديد من أنشطتها بالحزب تعاطفا مع «السي عبد الرحمان». ترك اليوسفي بقراره فراغا كبيرا داخل الحزب، تتناسل تداعياته إلى يوم الناس هذا.
hensali- عضو مؤسس للمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 271
درجة التقدير : 3
تاريخ الميلاد : 10/11/1951
تاريخ التسجيل : 27/08/2009
العمر : 73
رد: هكذا تآمروا على اليوسفي
شكرا لكل المتفاعلين ... ولعلم الإخوة إن لم يطلعوا على ذلك ، فالمرجو العودة للأعداد الثلاث أو الأربع الأخيرة من جريدة المساء للاطلاع على مقالات ، تحت عنوان : كتاب تحت الطبع، بصفحة : فسحة رمضان، .... وإذا كان الاختلاف لا يفسد للود قضية ، فشخصيا لست مع الرأي القائل : الانسحاب أفضل.... إن ما عانيناه، وأديناه .. من أجل هذا الحزب ونراه الآن إلى إين وصل به المتآمرون لا يزيدوني شخصيا إلا التشبث بالعمل داخله ... لعلى وشرفاءه الباقون والذين سيلتحقون، نقطع الطريق على الانتهازية وفضحها.... شخصيا في الستينات أطرت إلى جانب العديد من الإخوة في نقابة التلاميذ وخلايا حزبية من طرف اليازغي ، كان يحضر خصيصا من الرباط يوم كل جمعة من كل 15 يوما بمقر الحزب بالزربطانة بفاس ،وأتذكر يوما كان يؤطرنا بواسطة عرض شريط صامت عن تحرير كوبا ، فلاحظ بعضنا يحد ث جاره ، فانتفظ قامعا إياه... ويومها وعلى الهامش ونحن ندردش، قلت لزملائي : تصوروا ، أننا أخذنا الحكم ، وكان اليازغي وزيرا للداخلية ، سيبدأ بالتصفية الجسدية من الاتحاديين ... مرت السنون .. ونسيت هذا .. إلى أن ذكرني به إخوان لي عشنا جميعا تلك المرحلة ... وعشنا حتى رأيناه يتآمر على أشرف المناضلين من طينة سيده المجاهد عبد الرحمن اليوسفي... لكن الله موجود يمهل ولا يهمل... وأمامنا المستقبل.
تحياتي للجميع ، وتهانئي لكم بعيد الفطر....... والسلام
تقبلوا بطاقتي.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
تحياتي للجميع ، وتهانئي لكم بعيد الفطر....... والسلام
تقبلوا بطاقتي.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
محمد الورياكلي- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 69
رد: هكذا تآمروا على اليوسفي
أسباب العلاقة الغامضة والحقد الدفين الذي يكنه اليازغي لليوسفي
كان عمر بنجلون يقول عن اليازغي إنه ((شفرة حلاقة ملفوفة في قطن))
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
حلم اليازغي دائما أن يتحول إلى رقم واحد في أكبر حزب بالمغرب (ذات زمان) ويصبح خليفة لعبد الرحيم بوعبيد. وتحت عنوان «الشرعية» الحاجب للرغبة الشخصية الخالصة، أدخل اليازغي حزب القوات الشعبية إلى دهاليز التطاحن والاقتتال الداخلي، مسنودا بفكر حلقي وزبوني، حد إنشاء «كتيبة الردع» بقيادة ادريس لشكر. تفاصيل دقيقة ظلت طي الكتمان في صراع لم يكسب منه محمد اليازغي لاحقا وفي نهاية السباق، إلا إغراق الحزب بأمراض قاتلة تنخر التنظيم الحزبي وبقائه في منصبه الحكومي أزيد من عقد من الزمن وإقالته من منصبه ككاتب أول، كأول زعيم اتحادي يشطبه الحزب دون تردد.
في المؤتمر الاستثنائي للحزب سنة 1975، والذي شكل انعطافة تاريخية لحزب القوات الشعبية، نصّب القائد التاريخي الاتحادي عبد الرحيم بوعبيد، صديقه عبد الرحمان اليوسفي، نائبا للكاتب الأول مكلفا بالعلاقات الخارجية وناطقا رسميا وممثلا للحزب في الخارج، وهو ما وافق عليه المؤتمرون. مؤتمر غاب عنه اليوسفي جسديا بحكم إكراهات النفي، وحضره برسالة صوتية أذيعت على أسماع المؤتمرين. مسؤولية نائب الكاتب الأول سيتم ترسيمها مجددا في المؤتمر الخامس للحزب سنة 1989. من جانبه، كان الراحل عمر بنجلون قريبا جدا من عبد الرحمان اليوسفي، في وقت لا يخفي فيه عمر توجسه من محمد اليازغي، وهو الموقف الذي أشهره بشكل مباشر في وجه عبد الرحيم بوعبيد وثلة من القيادة الحزبية. كان عمر بنجلون يقول عن محمد اليازغي إنه «شفرة حلاقة ملفوفة في قطن».
(Un rasoir enveloppe dans du coton)
بعد عودة اليوسفي من منفاه في بداية ثمانينات القرن الماضي، باشر مهامه كنائب لعبد الرحيم بوعبيد، حتى وافته المنية يوم 8 يناير 1992. علاقة بوعبيد واليوسفي تعود الى فترة ما قبل الاستقلال. وبعد غياب عمر بنجلون، حاول اليازغي أخذ مكانه على مستوى التنظيم الحزبي. في هذه الفترة التي يعتبرها الاتحاديون فترة فراغ، استطاع اليازغي أن يقترب قليلا من «السي عبد الرحيم»، غير أن عبد الرحيم بوعبيد ظل طيلة حياته وفي تعامله مع محمد اليازغي متوجسا، ولم ينظر إليه قط على كونه رجل ثقة أو خصه بمعاملة وعلاقة استثنائية كتلك التي تجمع بين بوعبيد واليوسفي وعمر بنجلون، أو بين بوعبيد والشرقاوي والحبابي والصديقي. لم يسبق لعبد الرحيم بوعبيد أن أشرك محمد اليازغي في قضايا استراتيجية وحساسة.
قلة قليلة من الاتحاديين كانت تعلم أن اليوسفي أجرى عملية معقدة على مستوى الامعاء سنة 1990 جعلته يلزم الفراش لمدة طويلة وأتعبته كثيرا، مما دفعه إلى إخبار بعض قادة الحزب وعلى رأسهم عبد الرحيم بوعبيد، بأنه غير مستعد لتحمل مسؤولية. القيادة الحزبية نفسها تكتمت على معطى مرض الكاتب الأول للحزب ونائبه. بيد أن الملك الراحل الحسن الثاني كان مدركا لكل التفاصيل ويتابع عن كثب ما يجري داخل الحزب. وفي الوقت الذي تدهورت الحالة الصحية لـ«السي عبد الرحيم»، كان الملك مشغولا بمستقبل أكبر حزب معارض ومن سيخلف بوعبيد. الملك الراحل كان أميل الى عبد الواحد الراضي خليفة لبوعبيد، كما اقترح إدريس البصري على الحسن الثاني اسما ثانيا «من نخبة الشباب الاتحادي وذو تكوين اقتصادي»، إنه الحبيب المالكي. وما أن بلغ الخبر آذان رفاقه حتى حسم في كافة الترتيبات السياسية والتنظيمية لنقل المسؤولية لعبد الرحمان اليوسفي، الذي تردد بسبب ظروفه الصحية. في هذه الفترة، قفز اليازغي عاليا بعدما حاول تقديم نفسه بديلا عن اليوسفي (المقترح من داخل الحزب)، وحتى عن الراضي والمالكي (المقترحين من القصر) وضغط بقوة على صديقه الحميم (سابقا) المناضل محمد الحبابي، وطلب منه التوسط لدى بوعبيد أو حتى إجباره على اعتبار العلاقة القوية التي تجمع محمد الحبابي وعبد الرحيم بوعبيد، وتعيينه نائبا ثانيا للكاتب الأول.
خطط اليازغي منذ وقت طويل لخلافة بوعبيد، وكان لا يتنفس إلا هذا الطموح. في إحدى لقاءات الكتلة مع الراحل الحسن الثاني، وبينما كان اليوسفي مستقرا في فرنسا بعد الاستقالة، حاول اليازغي تعبيد الطريق لطموحه بشتى الطرق، قيادة الحزب والمشاركة في الحكومة، ووجه أكثر من إشارة إلى الملك.
«كلام جلالة الملك بمثابة دستور الاتحاد الاشتراكي والاتحاديين»، هذا ما قاله اليازغي للحسن الثاني إبان لقاءات الملك مع قيادات الكتلة.
تحت الضغط، استجاب محمد الحبابي لطلب اليازغي، ومارس كافة الضغوطات على «السي عبد الرحيم» لإقناعه بتسمية محمد اليازغي نائبا ثانيا للكاتب الأول. وبينما كان عبد الرحيم بوعبيد طريح الفراش واشتد عليه المرض وتدهورت حالته الصحية، وقع على قرار تعيين محمد اليازغي نائبا ثانيا للكاتب الأول. هكذا لم يتردد محمد اليازغي في انتزاع توقيع قرار «تنصيبه» بعدما أعطى ورقة خطية (وثيقة حزبية سرية) الى «السي عبد الرحيم» وهو في حالة صحية متدهورة لتوقيعها.
كان لليازغي ما أراد بفضل التدخل المباشر لمحمد الحبابي، الذي سيتحول إلى أشرس خصم لمحمد اليازغي في وقت لاحق، بعدما اكتشف ما اكتشف في علاقته مع محمد اليازغي. عكس محمد اليازغي، أظهر اليوسفي ترفعا كبيرا على السباق نحو قيادة الحزب، ولولا الضغط القوي والمباشر على اليوسفي الذي مارسته ثلة من قيادات الحزب، لما تقدم اليوسفي أصلا لمسؤولية الكاتب الأول.
ما أن أسلم «السي عبد الرحيم» الروح لبارئها وأدركه الموت، حتى بادر محمد اليازغي إلى الشروع في إرسال «الوصية» إلى بعض أعضاء اللجنة المركزية، فيما انهمك «السي الحبيب الشرقاوي» في تحضير مراسيم الدفن. طلب الحبيب الشرقاوي من أعضاء المكتب السياسي التريث قليلا وعدم إعلان وفاة بوعبيد حتى يتم الانتهاء من تجهيز مراسيم الدفن. اتصل الشرقاوي بوالي الرباط وأخبره بوفاة القائد الاتحادي وطلب منه اتخاذ كافة الترتيبات لتحضير الجنازة، والتي ستكون جنازة تاريخية، كما اتصل ببعض أفراد العائلة، فيما كلف محمد اليازغي بإجراء باقي الاتصالات وعلى رأسها الاتصال على عجل بعبد الرحمان اليوسفي الموجود حينها بفرنسا.
حلّ المساء وكان جثمان عبد الرحيم بوعبيد ما زال مسجى في منزله، واستغرب الحبيب الشرقاوي كيف لم يتلق أي اتصال أو تعزية من نائب الكاتب الأول عبد الرحمان اليوسفي، ولما سأل الشرقاوي محمد اليازغي «هل اتصلت بالسي عبد الرحمان»؟
أجاب اليازغي: «عذرا، نسيت الاتصال به وسأتصل به حالا؟»
بعد تلقيه الخبر الحزين، في حوالي الساعة العاشرة مساء، باشر «السي عبد الرحمان» على عجل اجراءات السفر إلى العاصمة الرباط، فيما كلف «السي الحبيب» سائق الجريدة بنقل «السي عبد الرحمان» من مطار الدار البيضاء مباشرة إلى منزل الفقيد «السي عبد الرحيم».
بعد وصول عبد الرحمان اليوسفي إلى بيت الفقيد الراحل بوعبيد، طلب الحبيب الشرقاوي من اليوسفي إلقاء نظرة وداع على رفيقه عبد الرحيم بوعبيد، كما طلب منه أن يقوم شخصيا (اليوسفي) بتأبين بوعبيد. رد اليوسفي على الحبيب الشرقاوي: «يصعب عليّ الأمر نفسيا، وأنا تحت وقع هذا المصاب الكبير».
«اسيدي انت لي غادي تأبنو قدام كلشي، سير دابا لوطيل وحضّر كلمة التأبين». يرد «السي الحبيب» على «السي عبد الرحمان». كان الحبيب الشرقاوي ملما بتضاريس الحزب جيدا، كان يعيشها ويعرف تفاصيل كافة المناورات، كما كان على دراية حقيقية بقيمة اليوسفي ومكانته. تدخل الحبيب الشرقاوي الحاسم ورغبته في قطع الطريق على خصوم اليوسفي، لم يكن جديدا أو ردة فعل عاطفية. فقبل وفاة الراحل عبد الرحيم بوعبيد، لعب الحبيب الشرقاوي دورا بارزا في قطع الطريق على اليازغي وإنقاذ الحزب من هزات كبيرة ومتعددة كانت ستقع مباشرة بعد وفاة بوعبيد. فبعد ما نجح اليازغي في توظيف محمد الحبابي ووضع «منصب النيابة في جيبه»، أدرك الشرقاوي أن تولي اليازغي مقاليد الحزب بدل اليوسفي لا يعني إلا انفجار الحزب ونهايته، لأن كلا من نوبير الأموي والحبيب الفرقاني ومحمد منصور(وكلهم أعضاء بالمكتب السياسي) وغيرهم، لن يقبلوا باليازغي خليفة لعبد الرحيم بوعبيد. وبغاية فرملة الطموحات الجارفة لمحمد اليازغي، وجعل وحدة الحزب فوق كل اعتبار، وحينها كان الراحل «السي بوعبيد» في فراشه، وفي سرية تامة، أصر الشرقاوي على مرافقة اليوسفي إلى نشاط حزبي منظم من طرف الكتابة الإقليمية بتطوان أياما قليلة قبل وفاة «السي بوعبيد»، ووسط الطريق، فاجأ الشرقاوي اليوسفي بقوله: وجد راسك للكتابة الأولى؟
في اليوم الموالي لوفاة عبد الرحيم بوعبيد، أدهشت جنازته الحاشدة الرأي العام الدولي والوطني، كما أدهش اليوسفي في كلمته التأبينية والتاريخية جميع الحضور. فكانت تلك الكلمة القوية التي لازال الاتحاديون ممن حضروا الجنازة يتذكرونها لما فيها من قوة وصدق.
في عز أجواء الجنازة والحزن، دعا الحبيب الشرقاوي برباطة جأش، إلى عقد اجتماع عاجل للمكتب السياسي في منزل الراحل عبد الرحيم بوعبيد، وهو أول اجتماع بعد غياب «سي عبد الرحيم بوعبيد». جدول أعمال الاجتماع هو أولا «إقبار» «الوثيقة/ الوصية»، التي وضعها اليازغي في جيبه ومنعه من الاستمرار في توزيعها على أعضاء اللجنة المركزية للحزب، والنقطة الثانية خصصت للتداول في حسم اسم عبد الرحمان اليوسفي كاتبا أول للحزب درءا لأي فراغ أو مفاجأة. رأي الحبيب الشرقاوي لم يشاطره محمد نوبير الأموي ومحمد اليازغي ودعيا في نفس الاجتماع إلى تأجيل البت في موضوع تسمية الكاتب الأول رسميا إلى حين، فيما تشبث الحبيب الشرقاوي بإنهاء الموضوع في أسرع وقت ممكن. في نفس الاجتماع، أدهش فتح الله والعلو رفاقه في المكتب السياسي بعدما طلب منهم انتداب وفد حزبي من المكتب السياسي للتوجه للقصر الملكي بغاية تقديم التعازي للملك الحسن الثاني في وفاة بوعبيد ،وهو المقترح الذي لم يوافق عليه أغلبية أعضاء المكتب السياسي.
وفي اليوم الرابع لجنازة الراحل «السي عبد الرحيم بوعبيد»، عقد المكتب السياسي اجتماعا آخر، هذه المرة سيكون في منزل محمد الحبابي، وهو الاجتماع الذي سيتم فيه انتخاب عبد الرحمان اليوسفي كاتبا أولا لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلفا للراحل عبد الرحيم بوعبيد. نجح الاتحاديون في حسم أمر قيادة الحزب، لكن محمد اليازغي لن يستطيع تغيير نفسه، إذ ستزداد شراسة حقده على اليوسفي
المساء 16/08/2012
hensali- عضو مؤسس للمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 271
درجة التقدير : 3
تاريخ الميلاد : 10/11/1951
تاريخ التسجيل : 27/08/2009
العمر : 73
رد: هكذا تآمروا على اليوسفي
اليوسفي يثير غضب الحسن الثاني بتدبيره أمر عودة الفقيه البصري في سرية
عابد الجابري ينشر وثيقة تدعو اليازغي إلى العودة إلى مكانه الطبيعي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]عابد الجابري ينشر وثيقة تدعو اليازغي إلى العودة إلى مكانه الطبيعي
تردد اليوسفي في تحمل مسؤولية الكاتب الأول، وهو المنصب الذي لم يكن أبدا محط اهتمامه، ولولا إلحاح قادة الحزب المتوجسون من ترك المسؤولية لليازغي بعد وفاة بوعبيد، لما أصبح اليوسفي كاتبا أولا للاتحاد الاشتراكي.
أثّر مرض أبرز قادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على السير العادي للحزب، وسيعيش حزب الاتحاد الاشتراكي فراغا ثانيا على مستوى القيادة، بعدما اعلن اليوسفي استقالته من مهامه، احتجاجا على تزوير الانتخابات سنة 1993، وهي المناسبة التي سيستغلها محمد اليازغي مجددا للانقضاض على زعامة الحزب. أثناء تواجد اليوسفي بمدينة «كان» الفرنسية، شن أتباع « اليازغي» داخل المكتب السياسي واللجنة المركزية هجوما شرسا على اليوسفي للتخلص منه بصفة نهائية، ومرة أخرى تتحرك قوى رفض هيمنة اليازغي، عبر تكتل كل من الكاتب العام للشبيبة الاتحادية محمد الساسي، والكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل نوبير الأموي، وأصدقاء اليوسفي، للجم طموحات محمد اليازغي وصده عن الاستفراد بالحزب. وستكون لمقومات تحضير التناوب التوافقي الذي انهمك في تحضيره الحسن الثاني قوة دفع مضاعفة.
بعد تجميعه لقطع المشهد السياسي والحزبي، وتقدم المفاوضات مع الملك، تحت ضغط هائل لقيادات حزبية وازنة ومؤثرة (الشرقاوي، الساسي، الأموي، عابد الجابري، محمد منصور) وغيرهم، عاد اليوسفي إلى مهامه وباشر مسؤولياته ككاتب أول للحزب من موقع قوة. تبخر حلم اليازغي في ريادة الحزب، لكن ذلك لم يمنعه من الانتقال شخصيا إلى منزل عبد الرحمان اليوسفي، ليجهش أمامه بالبكاء بعدما أحس أنه أخطأ في الحساب أكثر من مرة. دموع اليازغي أمام اليوسفي فعلت فعلها الوجداني في نفسية «السي عبد الرحمان».
في سياق تحضير عودته وتراجعه عن الاستقالة، أقنع عبد الرحمان اليوسفي صديقه محمد الفقيه البصري، بالعودة النهائية للمغرب، ليكون سندا له في معركة الانتقال الديمقراطي وبعث دينامية حزب القوات الشعبية، خصوصا أن الحزب مقبل على تحديات كبيرة ومصيرية. تكلف اليوسفي بالسهر والإشراف الشخصي والمباشر على استقبال محمد الفقيه البصري يوم 10 يونيو 1995 بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء، وخصص له حفلا كبيرا يليق بماضيه النضالي، باعتباره واحدا من مؤسسي وقادة حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، مع الإشارة إلى أن اليوسفي كان حينها لا يزال متمسكا باستقالته. حسم اليوسفي في مفاوضات مباشرة مع «الفقيه» بفرنسا عودته للوطن، وبعد الحسم، أخبر اليوسفي المستشار الملكي «عواد» وطلب منه إخبار الملك بأن الفقيه البصري سيعود للمغرب. قرار عودة الفقيه البصري والإشراف المباشر لليوسفي عليه، أغضب الحسن الثاني الذي كان يود أن يطلعه اليوسفي على ذلك قبل إتمام ترتيبات العودة.
واحد من الاسرار التي ظلت طي الكتمان، هو أن اليوسفي، وبتنسيق مع الفقيه البصري، باشر التفاوض مع المسؤول الأول (سابقا) لجهاز المخابرات «لادجيد»، الجنرال عبد الحق القادري، بشأن عودة الفقيه البصري للمغرب. عودة الفقيه البصري كانت مبرمجة في سنة 1993. وفي خريف سنة 1993 ، كان اليوسفي على موعد حاسم مع الجنرال القادري، للبت في تحضيرات عودة الفقيه البصري، غير أن استقالة اليوسفي وسفره إلى «كان» أوقفا المفاوضات ولم يلتق اليوسفي بالقادري.
عودة الفقيه البصري، والاستقبال الذي خصصه له اليوسفي، سيحوله محمد اليازغي إلى ورقة ضغط سياسية وتنظيمية جديدة للنيل من اليوسفي ورفاقه. ثمّن الأموي والساسي والجابري ومنصور والحبابي وغيرهم عودة الفقيه البصري، وبالمقابل عبأ اليازغي أتباعه للتهويل من عودة الفقيه البصري، واعتبر ذلك إنذارا قويا ومؤشرا دالا من جانب اليوسفي على تقوية صفوفه والانتقام منه ومحيطه. كان اليازغي واليوسفي يعلمان أن الملك الحسن الثاني كان له موقف «سلبي للغاية» من محمد الفقيه البصري، غير أن اليوسفي صمّم على عودته رغم معارضة جل رفاقه في المكتب السياسي. قيادات الحزب كانت تنبه اليوسفي باستمرار إلى كون الفقيه البصري «رجل لا يؤتمن جانبه»، لكن اليوسفي تجاهل كل التحذيرات وأيضا التنبيهات المتكررة للحبيب الشرقاوي بكون الفقيه البصري «سيكون سلبيا».
في الأشهر الأولى من عودته، كان محمد الفقيه البصري على وفاق ووئام مع اليوسفي، وصرح «الفقيه» لجريدة «الزمن» المغربية عدد 64 ليوم 10/ 10/ 1996: «أنا مع اليوسفي في كل ما يوافق عليه ويعلن عنه ويستشار فيه.. وأني أوافق على الدستور الجديد برغم أن يكون لي تقدير يختلف..». بعد ذلك، سيتحول الفقيه البصري إلى طابور معارض لليوسفي وخصم له، لتصدق بذلك تحفظات الحبيب الشرقاوي.
خلافا لما يعتقده الكثيرون، فعلاقة اليوسفي بالفقيه البصري لا تستمد جذورها من سنوات الاستعمار والمقاومة، عكس علاقة اليوسفي بعبد الله ابراهيم وعبد الرحيم بوعبيد والمهدي بنبركة والمحجوب بن الصديق وعبد الخالق الطريس وعلال الفاسي... فلم يسبق للفقيه البصري أن تعرف عن قرب أو اتصل أو التقى باليوسفي إلا سنة 1956، أي بعد الاستقلال، وسيكون اللقاء الأول بينهما في إحدى ضواحي العاصمة الإسبانية مدريد، حيث كان اليوسفي في فترة نقاهة وتماثل للشفاء بعد عملية نزع الكلية. التعارف السابق في لقاء إسبانيا لم يكن سوى تعارفا اسميا، حيث كان الفقيه البصري يسمع باسم عبد الرحمان اليوسفي، كما سمع اليوسفي عن «الفقيه»، قبل أن يطلب الفقيه البصري لقاء اليوسفي في إسبانيا لمعايدته لينسج الاثنان علاقة خاصة.
عودة الفقيه البصري بعد عقود من النفي زلزلت كيان محمد اليازغي، مما دفعه إلى الإسراع للسيطرة والإمساك الكلي بزمام الإعلام الحزبي. كان الحزب يعيش حربا أهلية وتوترات كبيرة، واليوسفي لم يتراجع بعدها عن استقالته. وتخفيفا للتوتر الذي يعيشه الحزب، خاصة بعدما هاجمت صحافة الحزب، عبر ثلاثة مقالات، بتوجيه مباشر من محمد اليازغي، عودة محمد الفقيه البصري، طلب اليوسفي والفقيه البصري من الراحل محمد عابد الجابري التدخل والوساطة لإقناع اليازغي بالكف عن تعميق الشرخ بين الاتحاديين وإيقاف حملات التشهير بالمناضلين وزرع التوتر والخلاف والانقسام داخل الحزب.
اليازغي، من جهته لم يزد النار إلا استعارا، حيث رقى نفسه إلى منصب المدير المسؤول عن جريدة «الاتحاد الاشتراكي»، دون استشارة المكتب السياسي للحزب، مما خلق ضجة كبيرة داخل الحزب. إثر ذلك، وجه المرحوم عابد الجابري دعوة إلى محمد اليازغي للقائه في منزله بالدار البيضاء. في هذا اللقاء، صرّح الجابري لليازغي بأن التوتر بلغ مداه في الحزب، ولا بد من معالجة قضية الجريدة، كما اقترح عابد الجابري أن يؤول منصب مدير الجريدة إلى الحبيب الشرقاوي أو الصديقي بنعلال، وهو ما اعترض عليه اليازغي فرد على الجابري «السي الحبيب له أشغال كثيرة، أما الأخ الصديقي فعمله في مكتبه لا يسمح له بالقيام بهذه المهمة»، مضيفا «كيف يعقل أن أتخلى عن إدارة الجريدة بعد أربعة أيام فقط من تسلمها؟». وآخذ المرحوم عابد الجابري على محمد اليازغي كثيرا تسرعه في استلامه لإدارة الجريدة دون استشارة المكتب السياسي وموافقته. بعد ذلك، نظم الجابري لقاء عشاء بمنزله حضره إلى جانبه كل من اليازغي وزوجته والفقيه البصري وزوجته واليوسفي وحسن صفي الدين (المعروف بحسن لعرج) وزوجته، وكانت غاية الجابري من هذا اللقاء أن يتأكد محمد اليازغي أن لا أحد يناصبه العداء أو يناوئه، وكان يرتقب أن يضع اليازغي لاحقا الجريدة بين يدي المكتب السياسي، بعد هذا اللقاء الودي، غير أنه لم يفعل، مما دفع الجابري إلى الضغط بقوة على اليوسفي للتراجع عن استقالته من منصب الكاتب الأول للحزب والعودة إلى ممارسة مهامه، «الحزب يعيش وضعية حرب أهلية وعليك أن تتحمل مسؤوليتك، فلم يعد هناك مبرر للاستقالة». هكذا واجه الجابري عبد الرحمان اليوسفي. أيام قليلة بعد ذلك، سيتصل عبد الرحمان اليوسفي بعابد الجابري ويخبره أنه حضر اجتماعا للمكتب السياسي واستأنف مسؤولياته وأنه استلم إدارة الجريدة بدلا عن اليازغي بقرار من المكتب السياسي، الذي أصدر بلاغا في الموضوع.
تمكن محمد اليازغي من توتير الأجواء داخل الجريدة وخارجها، كما نجح في خلق فراغ كبير لليوسفي بعد استئناف مسؤولياته على مستوى إدارة الجريدة، خاصة بعد استقالة الأستاذ محمد البريني من الجريدة (المقرب من اليازغي)، كما لم يدخر اليازغي جهدا في إقحام الشاب المناضل محمد الكحص، والزج به واستغلاله عبر جريدة « لييراسيون» (لسان حال الحزب باللغة الفرنسية) للتهجم على خصومه وخدمة أجندته الخاصة. أمام هذا الوضع، استقدم عبد الرحمان اليوسفي محمد باهي من فرنسا، وهو الصحفي والمناضل الذي سيدفع حياته ثمنا بسبب الضغوط النفسية الهائلة والأجواء المشحونة الرهيبة، التي كانت مسيطرة على الحزب، مما أدى إلى إصابته بنوبة قلبية.
بعد فاجعة محمد باهي، انتفض عابد الجابري مجددا على محمد اليازغي وطالب بلجنة حزبية داخلية لتقصي الحقائق في وفاة محمد باهي، الأمر الذي عمق الصراعات الداخلية داخل الحزب. وعمد عابد الجابري الى توجيه مذكرة/وثيقة لأعضاء اللجنة المركزية للحزب في الموضوع ذاته ورسالة/تقرير إلى المكتب السياسي، ومن جملة ما جاء فيها «وإذ ألح على مسؤولية الاخ اليازغي الحزبية، فلأني أكثر اتصالا وثقة فيه وتقديرا لماضيه النضالي، ولكن وبما أن الأمور بلغت درجة لم يعد السكوت معها ممكنا، فإن الواجب يفرض عليّ أن أقول له – عبر هذا التقرير- إن الخط الأحمر تحت رجليك وإن الواجب يقتضي تنبيهك للعودة إلى موقعك الطبيعي».
لم يتردد محمد اليازغي ومجموعته في مهاجمة الجابري واليوسفي معا، بعد نشر رسالة الجابري في جريدة الحزب، إلى حد التطاول على عابد الجابري، الذي استفسره اليازغي عن الصفة التي خولته الخوض في الشأن الحزبي الداخلي، كما تمت الدعوة إلى توقيع عرائض ضد الجابري والكاتب الأول للحزب عبد الرحمان اليوسفي.
محمد الطائع
المساء 17/08/2012
hensali- عضو مؤسس للمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 271
درجة التقدير : 3
تاريخ الميلاد : 10/11/1951
تاريخ التسجيل : 27/08/2009
العمر : 73
رد: هكذا تآمروا على اليوسفي
}استقدم عبد الرحمان اليوسفي محمد باهي من فرنسا، وهو الصحفي والمناضل الذي سيدفع حياته ثمنا بسبب الضغوط النفسية الهائلة والأجواء المشحونة الرهيبة، التي كانت مسيطرة على الحزب، مما أدى إلى إصابته بنوبة قلبية.{
رحم الله المناضل الصحفي محمد باهي ، الدي لو كتب له ان عاش وقاد صحيفة - الاتحاد الاشتراكي - لما وصلت الى ماهي عليه اليوم ، كصحيفة باهتة بات يخجل الناس من اقتنائها ، اللهم لملا الكلمات المتقاطعة للسيد أبو سلمى، بعد ان كان يتابع ويسجن كل من ثبت أنه يقتنيها او يراسلها ، في سنوات الرصاص ، حين منعت - المحرر - أوبعد أن أصبحت جريدة المغاربة الأولى، حيث كانت تعد الناطق الأقرب لضمير المستضعفين ، والشوكة المؤلمة التي كانت
كالورم في حناجر المتسلطين..
حقا ليس القصد من استرجاع هده الدكريات من صفحات تاريخ الاتحاد الاشتراكي ، الاساءة الا لمن اساء الى نفسه والى الوطن، كما انها ليست تشفيا في احد ، لاننا كلنا كمغاربة خسرنا حزبا عتيدا لا يمكن تعويضه ، تعلمنا في مدرسته أنبل معاني حب الوطن ، وأشرف معاني الحرية للمواطن ..ويحز في أنفسنا ان نراه يتحلل كما يتحلل قرص الاسبرين في كأس المخزن ..فتراجعت شعبيته سنة بعد اخرى كما يبدو دلك واضحا من عدم تصويت المغاربة عليه ،الى حد انه حاول أنه يسترجع ما تبقى في قاموسه من أصغر درة لمفهوم المعارضة ، الا أنه وجدها قد تبخرت في مجمر لم يبق فيه الا الرماد المبلل ببول المخزن . كل الاحترام والتقدير لمناضلي حزب الاتحاد الاشتراكي المخلصين، الدين هم اخواننا واساتدتنا واصدقاؤنا رغم كيد الكائدين.
رحم الله المناضل الصحفي محمد باهي ، الدي لو كتب له ان عاش وقاد صحيفة - الاتحاد الاشتراكي - لما وصلت الى ماهي عليه اليوم ، كصحيفة باهتة بات يخجل الناس من اقتنائها ، اللهم لملا الكلمات المتقاطعة للسيد أبو سلمى، بعد ان كان يتابع ويسجن كل من ثبت أنه يقتنيها او يراسلها ، في سنوات الرصاص ، حين منعت - المحرر - أوبعد أن أصبحت جريدة المغاربة الأولى، حيث كانت تعد الناطق الأقرب لضمير المستضعفين ، والشوكة المؤلمة التي كانت
كالورم في حناجر المتسلطين..
حقا ليس القصد من استرجاع هده الدكريات من صفحات تاريخ الاتحاد الاشتراكي ، الاساءة الا لمن اساء الى نفسه والى الوطن، كما انها ليست تشفيا في احد ، لاننا كلنا كمغاربة خسرنا حزبا عتيدا لا يمكن تعويضه ، تعلمنا في مدرسته أنبل معاني حب الوطن ، وأشرف معاني الحرية للمواطن ..ويحز في أنفسنا ان نراه يتحلل كما يتحلل قرص الاسبرين في كأس المخزن ..فتراجعت شعبيته سنة بعد اخرى كما يبدو دلك واضحا من عدم تصويت المغاربة عليه ،الى حد انه حاول أنه يسترجع ما تبقى في قاموسه من أصغر درة لمفهوم المعارضة ، الا أنه وجدها قد تبخرت في مجمر لم يبق فيه الا الرماد المبلل ببول المخزن . كل الاحترام والتقدير لمناضلي حزب الاتحاد الاشتراكي المخلصين، الدين هم اخواننا واساتدتنا واصدقاؤنا رغم كيد الكائدين.
غريبي- عضو أساسي بالمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 298
درجة التقدير : 1
تاريخ الميلاد : 02/05/1963
تاريخ التسجيل : 05/06/2012
العمر : 61
رد: هكذا تآمروا على اليوسفي
رحم الله محمد باهي فقد كنت انتظر مقاله الاسبوعي ((رسالة باريس))على أحر من الجمر.وحينما كنت انتهي من قراءته كان يبهرني الرجل بسيل معلوماته ودقة تحليلاته .فالرجل رحمه الله هو وحسنين هيكل كانا صنوين لا ثالث لهما في الصحافة العربية.
tsouli- عضو أساسي بالمنتدى
- عدد المساهمات : 101
درجة التقدير : 1
تاريخ التسجيل : 01/08/2009
مواضيع مماثلة
» عبد السلام اليوسفي
» سي عبد الرحمن اليوسفي لم يصمت قط
» عرض الاستاذ عبد الرحمان اليوسفي
» قبلة الملك على رأس اليوسفي!
» اليوسفي يقول لـ”اليوم24″ كل شيء عن زيارة الملك..والمرض- فيديو حصري.
» سي عبد الرحمن اليوسفي لم يصمت قط
» عرض الاستاذ عبد الرحمان اليوسفي
» قبلة الملك على رأس اليوسفي!
» اليوسفي يقول لـ”اليوم24″ كل شيء عن زيارة الملك..والمرض- فيديو حصري.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى