استعطاف آخر ملوك الأندلس لمحمد الشيخ ملك المغرب

[
يقول الشاعر الأندلسي أبو البقاء الرندي في رثاء الأندلس :
لكل شئ اذا ما تــــم نقصان ** فلا يغر بطيب العيش انسان
هي الأمور كما شاهدتها دول** من سره زمن ساءته أزمان
أمامنا صورة نادرة لآخر ملوالأندلس ( بنو الأحمر) أبو عبد الله محمد الصغيروقد غادر غرناطة مضطرا بعد تنازله عن مملكته لملكي اسبانيا : فرناندو وايزابيلا سنة 1492/93 م وذلك نحو فاس بالمغرب حيث احتمى ولجأ الى السلطان محمد الشيخ الوطاسي ، مقدما بين يديه اعتذاره
واستعطافه فضلا عن رثائه على شكل قصيدة مؤثرة بأمر منه هذا نصها :

مولى الملـوك العـــرب والعجـــم ** رعيا لما مثله يرعى من الـــذمم
بك استجرنا وأنت نعم الجار لمن ** جار الزمان عليه جـور منتقـــم
حتى غدا ملكه بالرغم مستلبا **وأفظع الخطب ما ياتي على الرغــم
حكـــم من اللـــه حتم لا مـــــرد له ** وهل مرد لحكم منه منحتـــم ؟
وهي الليالي وقاك الله صولتها ** تطول حتى على الآساد في الأجــم
كنا ملـــوكا لنا في أرضــنا دول ** نمنا بها تحــت أفنــــان من التعم
فأيقظتنا سهــــام للـــردى صبب ** يرمى بأفجع حق من يهـــن رمي
فلا تنم تحت ظـــل الملك نومتنا ** وأي ملك بظـــل الملك لـــــــم ينم
يبكي عليه الــذي كــان يعرفـــه ** بأدمـــع مـــزجت أمـواهها بـــــدم
وصل أواصر كانت لنا اشتبكت ** فالملك بين ملوك الأرض كالـرحم
وابسط لنا الخلق المرجو باسطه ** واعطف ولا تنحرف واعذر ولا تلم
لا تأخذنا بأقـــوال الوشـــاة ولــم ** نذنب ولو كثرت أقوال ذي الوخم
فما أطقـــنا دفــــعا للقضـــاء ومـــا ** أرادت أنفسنا ما حــــل من نقم
ولا ركــوبا بـــازعـــاج لسابحــــة ** في زاخر بأكنف الموج ملتطــم
والمرء ما لم يعنه الله أضيع مـــن ** طفــل تشكى بفقـــد الأم في اليتم
وكل ما كان غير اللــــه يحرســـه ** فان محروســــه لحم على وضم
ولا تعاتب على أشياء قد قــــدرت ** وخط مسطورها في اللوح والقلم
وعــد عما مضى اذا ارتجاع لـــه ** وعــــــد أحرارنا في جملة الخدم
ايه حنانيك ياابـن الأكرميــن على **ضيف ألـــم بفاس غيـــــر محتشم
فأنت أنت ، ولولا أنت ما نهضت ** بنا اليـــها خطا الوفــــــادة الرسم
رحماك ياراحما ينمي الى رحما ** في النفس والأهل والأتباع والحشم
فكم مواقف صدق في الجهاد لنا ** والخيــل عـــالكــة الأشــداق للجـــم
والسيف يخضب بالمحمر من علق ** ما ابيض من سجل واسود من لمم
ولا نرى صدري بدهيا لا اقتدار لها ** رسوى على العرن للأفال والحرم

............... مع تحيات العتيق