أكون أو لا أكون.......بقلمي
صفحة 1 من اصل 1
أكون أو لا أكون.......بقلمي
اعتاد برهان بعد نهاية كل أسبوع أن يلم بعض أصحابه في حديقته الصغيرة حيث يتسامران على ابريق شاي معطر مع بعض الحلويات التي تعدها زوجته و التي يفتخر بها على الدوام فيعتدل في جلسته بينهم و يحدثهم بما شاء و يشير لمن شاء بالكلام و يسكت من شاء و كلهم مصغون غير أبهين طالما يأتيهم طعامهم و شرابهم بين أيديهم بلا مشقة و لا عناء .
جلس اليهم ذات يوم و صمت طويلا فعرفوا أنه سيتحدث كثيرا بعدها لذا استعجلوا ترشف الشاي مع ما رافقه ولزموا الصمت في انتظار جديد السيد برهان ....تمخط طويلا ثم بصق و لعن الزمن فسأله أحد أصحابه :لما تلعن الزمن و قد علمنا أنه أمر لا يجوز؟
شزره برهان بنظرة لو مات لقالوا قتلته و رفع عصاه نحوه مهددا ثم تراجع و قال :أهذا هو الزمن الذي يروق لكم ؟
زمن صارت المصالح فيه معبودة و انقلبت موازين الدنيا رأسا على عقب فأصبح ينظر للطيب بلؤم على أنه مغفل و ذو المبادئ متخلف و الصادق ساذج و النزيه أبلها و سفيها صار الرجال يشعرون بالخجل و أشباه الرجال يتباهون و النساء العفيفات يتوارين و المتحضرات حسب رأيهن يتجرأن جرأة الرجال أو أكثر منهم جرأة .
قال المعترض عن سب الزمن :
لعلها أشراط الساعة حانت و الكل عنها غافل و لعلها فترة ضعف تعتري العرب المسلمين بين الحين و الاخر ، انها فترة قيلولة و سينهضون من جديد فلا تقلق .
هدأ برهان للحظة كمن راقه الرد و قال
كلنا أمل في غد أفضل حيث الرجال رجال و النساء نساء لا يعتدي أحد على دائرة تخصص الآخر حيث ترعى المرأة الرجل و يحمي الرجل المرأة فهي ليست بحاجة لأكثر من الحماية من نفسها و من كل المحيطين بها فاذا صلحت صلحت الدنيا معها و نشأ على يديها الرجال الذين هم دعائم المجتمع .
نطق آخر من غير استئذان : بالفعل ، صرنا في زمن يشبه الجاهلية الأولى نصحو تعمل نأكل و ننام و سعيد الحظ فينا من وقع بين يدي امرأة تخشي الله فيه فتهون عليه ما يعيشه خارج البيت و لعله يستطيع أن يحملها معه في ذاكرته كالمخمور لا يفيق من سكره حتى يعود اليها و الا قد يرتكب في كل يوم جريمة فمن سائق الأجرة الى صاحب العمل الى الخضار و البقال و الجزار....كلهم يتحينون الفرصة للقض على الغافل و ويله من سهى لحظة زمن لأن الكارثة حتما ستحل به.
و كمن راقه تسلسل الكلام أومأ برهان برأسه و أضاف:
قبلما يزيد عن العشرين عاما لم يكن الأمر بهذا السوء أتذكرون؟ أجابوا كلهم دفعة واحدة :أجل. فقال كنا نجد أمثال هؤلاء كلهم طبعا لكنهم كانوا قلة تعد على الأصابع و كانوا يمارسون مكرهم في الخفاء فكيف تكاثروا كما الفطر في كل مكان دون أن يتمكن أحد من اجتثاثهم من الجذور ؟
صار العيش معهم كالحياة وسط الذئاب و يا سعادة من يلقى شخصا يخاف الله و يا شقاء من يضيع صحبة أو امرأة صالحة.حتى ليكاد المرأ يقول ما قاله يوسف عليه السلام أن السجن أحب اليه.
نطق المعترض عن سب الزمن ثالثة و قال : لكن ما وجه الاختلاف ؟ فداخل السجن يشبه خارجه كلهم بشر و في كل منهم خير و شر لكن كأن الشر في الناس تضاعف و استقوى و كأننا نشاهد فيلم رعب امريكي عمن أصيبوا بفيروس يجعلهم يستفيقون بعد موتهم ليصبحوا آكلي لحوم البشر و قد أصابهم نوع من الكلب .
انفجر الكل ضاحكا فمن مستلق على ظهره و من ملق بعض الطعام من فمه و نبرات الغضب بادية على وجه برهان حين تحولت الجلسة من وقار الى هزل و سخرية ...انتصب واقفا كإمام سيلقى خطبة الجمعة و قال :رحم الله شكسبير حين قال اما أكون أو لا أكون و لا أظنني مع أمثالكم و في زمنكم سأكون .
غادر برهان حديقته و ترك ضيوفه في تسليتهم و مزاحهم يعبثون و يلهون .
narjes ahmed- عضو أساسي بالمنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 95
درجة التقدير : 3
تاريخ الميلاد : 16/04/1973
تاريخ التسجيل : 20/10/2013
العمر : 51
مواضيع مماثلة
» يــــــــــــــاسمرة...*بقلمي*
» تاء التأنيث .......بقلمي
» فتى الاحلام..........بقلمي
» كلنا بشر و لكن .........بقلمي
» جدي المبجل .......بقلمي
» تاء التأنيث .......بقلمي
» فتى الاحلام..........بقلمي
» كلنا بشر و لكن .........بقلمي
» جدي المبجل .......بقلمي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى