وصف الأندلس على لسان ابن الخطيب

ينسب لابن خفاجة قوله :
ياأهل أنـــــدلس لله دركــــم ** ماء وظل وأنهار وأشجــــار
ما جنة الخلد الا في دياركم ** لو تخيرت هذي كنت أختار
أما الآن فنبقى مع لسان الدين بن الخطيب الكاتب والشاعر والمؤرخ والوزير الأندلسي وهو يصف دياره التي أظلته سماؤها وأقلته أرضها ، وغذته خيراتها ، وعلمته معاهدها ، واكتوى بنار حسادها ، وذلك في كتابه " معيار الاختيار في ذكر المعاهد والديار "هذا الوصف الذي يفيض اكبارا لتلك الديار مصورا قدرها في نفسه ، ونبلها في حسه ، مجيبا عمن سأله عنها :
" - قلت : فسهيل ؟ قال : حصن حصين ، يضيق عن مثله هند وصين ، ويقضي بفضله كل ذي عقل رصين .
- قلت : فمدينة مالقة ؟ قال : وما القول في الدرة الوسيطة ؟ وفردوس هذه البسيطة ، تبعث لها بالسلامة مدينة السلام ، وتلقى لها يد الاستسلام . أي دار ؟ وقطب مدار ، وهالة أبدار ، فحماها منيع حريز ، وديوانها ذهب وابريز .
- قلت : فبلش ؟ قال : جادها القطر الصيب ، فنعم البلد الطيب ، جلي ونحر ، وبر وبحر ، وبلد أمين ، وفواكه عن شمال ويمين .
- قلت : فمدينة ألمرية ؟ قال : المرية هنية مرية ، بحرية برية ، معقل الشموخ والاباية ، ومعدن المال وعنصر الجباية ، وحياة الأسطول ، غير المعلل بالنصر ولا المطلول .
- قلت : فمدينة غرناطة ؟ ( مسقط رأس الكاتب ) قال : حضرة سنية ، والشمس عن مدح المادح غنية ، كبرت عن قيل وقال ، وجلب عن وامق وقال ، حجبت الجنوب عنها الجبال فأمنت الوباء والبال ، وأصبح ساكنها غير مبال .."
ولا بأس أن نضيف هنا وصف ابن الخطيب لمدينتين مغربيتين ، هما : سبتة وفاس ، ولا شك أنه كان يتردد عليهما ، وللأسف الشديد أن نهايته كانت في ثانيهما / فاس وباب المحروق شاهد على مأساة هذا الطود الشامخ رحمه الله .
يزيد ابن الخطيب واصفا :
" - قلت : فمدينة سبتة ؟ قال : تلك عروس المجلى ، وثنية الصباح الأجلى ، تبرجت تبرج العقيلة ، ونظرت وجهها من البحر في المرآة الصقيلة ، واختص ميزان حسناتها بالأعمال الثقيلة .
- قلت : فمدينة فاس ؟ قال :
رعى الله قطرا أرضه تنبت الغنى ** وآفاقه ظل على الناس ممدود
نعم العرين ، لأسود بني مرين .
بلد عارته الحمامة طوقها ** وكساه ريح جناحه الطاووس
فكأنما الأنهار فيه مدامــة ** وكأن ساحات الديار كــؤوس "
وهكذا يشيد ابن الخطيب بذكر معاهده ودياره في العدوتين الأندلس والمغرب ، ذكر منقبة وأصل ، ورفعة قوم وأهل .
.................مع تحيات العتيق
و