منتديات جبالة Montadayat Jbala
خزائن الكتب العلمية بالمغرب 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضوا معنا
او التسجيل ان لم تكن عضوا وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا خزائن الكتب العلمية بالمغرب 829894
ادارة المنتدي خزائن الكتب العلمية بالمغرب 103798

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات جبالة Montadayat Jbala
خزائن الكتب العلمية بالمغرب 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضوا معنا
او التسجيل ان لم تكن عضوا وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا خزائن الكتب العلمية بالمغرب 829894
ادارة المنتدي خزائن الكتب العلمية بالمغرب 103798
منتديات جبالة Montadayat Jbala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

خزائن الكتب العلمية بالمغرب

اذهب الى الأسفل

خزائن الكتب العلمية بالمغرب Empty خزائن الكتب العلمية بالمغرب

مُساهمة من طرف mohot الإثنين يناير 02, 2012 9:07 pm

s
المؤسسات الثقافية في المغرب
(خزائن الكتب العلمية)





الدكتور أحمد شوقي بنبين

مدير الخزانة الحسنية - الرباط


عرف المغرب في العهود الأخيرة تطوراً ملحوظاً في كثير من القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها. وسنحاول أن نبرز في هذه الورقة الجهود التي بذلها هذا البلد في الميدان الثقافي، وفي جانب خاص منه هو جانب الكتب والمكتبات.

وقبل ذلك، ينبغي التذكير بوضعية المغرب في هذا المجال في العهود السالفة. كان المغرب في النصف الثاني من القرن التاسع عشر البلد العربي والإسلامي الوحيد تقريباً الذي لم تطأ أرضه قدم المستعمر. وبرغم ذلك، فإن الظروف الصعبة التي كان يعيشها هذا البلد، والتي كانت تبرز أساساً في مواجهة استعدادات الأجنبي لاحتلاله، لم تسعفه في تطويره ثقافياً، على الرغم من مظاهر اليقظة وعناصر الإصلاح التي تجلت في كثير من الميادين. وللتدليل على ذلكم النكوص، فإن معظم مكاتب المغرب العلمية، كمكتبتي جامعي ابن يوسف والقرويين وخزانة كتب الملوك العلويين التي كانت فيما مضى أغنى هذه المؤسسات العلمية في الغرب الإسلامي وأكثرها إشعاعاً وأضخمها رصيداً وأكثرها حرصاً على صيانة المخطوطات وحفظها، قد خبا شعاعها وانطمس إشراقها أو كاد وأصابها العقم ولحقها الإهمال وأصبحت في وضعية مزرية تحاكي الحالة العامة التي كانت تعيشها البلاد من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

ولم تؤثر ظروف المغرب السيئة هذه في تفكير الكثير من الباحثين الأجانب، الذين ما زالوا يظنون أن الكتب التي تعذر عليهم العثور عليها في الخزانات الشرقية والغربية قد تكون محفوظة في المغرب. فتوافدوا على مكتباتنا يبحثون عن الكتب المفقودة، خاصة تلكم التي يعتقد أنها نقلت من اللغات اليونانية واللاتينية، كعشريات تيتوليفو (Tite-live) الذي يظن أنها ترجمت جزئيّاً أو كليّاً إلى العربية، وأن ابن خلدون استفاد منها في تأليف كتابه "العبر". ويؤكد ليفي بروفنسال أن ابن خلدون قد استقى منها الأخبار المتعلقة بمعركة »كان« (Cannes) الشهيرة التي وقعت في سنة 216 قبل الميلاد بين الرومان بقيادة فارون (Waron) والفينيقيين بقيادة هانبال (Hannibal) وانتهت بسحق هذا الأخير لقوات الرومان.

واعتباراً للظروف السالفة الذكر، وعلى الرغم من جهود هذه البعثات العلمية في البحث عن هذه المخطوطات، فإن هذه الترجمات ظلت خافية عن الأعين، وقد تكون اليوم حبيسة إحدى المكتبات الخاصة في جهة من جهات المغرب.

وقد بقيت الوضعية على ما كانت عليه على الرغم من محاولات الإصلاح التي بذلت من الدولة، والتي بقيت حبراً على ورق، باعتبار الوضعية الاجتماعية المزرية التي كانت تسود المغرب قبيل الحماية الفرنسية.

وقد كان إحساس المستعمر كبيراً بحالة الكتب ووضعية المكتبات، فعملوا على إصلاح بعض الخزائن، كخزانة جامع القرويين، وذلك بتكليف العالمين الجليلين عبد الواحد بن عبد السلام بناني والسيد إدريس بن طلحة والمستشرق الفرنسي ألفرد بل (A.Bel). فوضعوا أول فهرست لمحتويات هذه الخزانة، قدمه المستشرق بمقدمة فصل فيها القول في وضعية الخزانة المزرية وفي هذا الإطار، عمل الفرنسيون على تأسيس مجموعة من المكتبات أولها مكتبة الشعبة التاريخية، هدفها البحث في مراكز التوثيق والمكتبات الفرنسية عن الوثائق التي لها علاقة بتاريخ المغرب من أجل كتابة تاريخ لهذا البلد مبني على الوثائق. ولم يكن هذا التأسيس إلا ترسيخاً للمبادرة التي قدمها المستشرق الفرنسي هنري دي كستر حينما نشر منذ بداية القرن الماضي كتابه: "المصادر الدفينة لتاريخ المغرب"(S.I.H.M).وقد تبنت فرنسا هذا المشروع حيث مكنت دوكستر (De Castries) بوسائل مادية ومعنوية لمواصلة عمله وجعلت من هذه المكتبة التي كان يوجد مقرها بباريز قسماً تابعاً للمكتبة العامة بالرباط.وثاني هذه المكتبات تلكم التي أطلق عليها مكتبة الشعبة السوسيولوجية. وترجع أصول هذه الخزانة إلى البعثة العلمية الفرنسية التي استقرت بطنجة منذ عام 1904 م والتي بدأت تنشر أبحاثها في سلسلة بعنوان "الوثائق المغربية"، بالإضافة إلى دورية بعنوان "مجلة العالم الإسلامي". وكانت مكتبة البعثة العلمية غنية بالمخطوطات والوثائق والكتب المتعلقة بتاريخ المغرب. وقد ازدادت ثراء بعد نقلها من طنجة إلى مدينة سلا وفتحت أبوابها للباحثين في تاريخ المغرب. وفي سبيل العناية بموضوع التوثيق والبحث العلمي، بادرت كل من فرنسا وإسبانيا إلى تأسيس مكتبتين عامتين إحداهما في الرباط والثانية في تطوان. ففي سنة 1919 م، تم الاقتناع ببناء خزانة عامة في الرباط؛ وكانت مجموعة المعهد العالي للدراسات المغربية النواة لهذه الخزانة. وقد تم إغناؤها بمجموعات خاصة مثل مكتبة ماء العينين ومكتبة ولد باشا مكناس المختار بن عبد الله ومكتبات بعض الفرنسيين وبعض الأجانب من الدبلوماسيين والقناصلة من طنجة والرباط. وقد ضمت إليها رسمياً مكتبة القسم السوسيولوجي الآنفة الذكر. وبعد الاستقلال، احتضنت المكتبة بالرباط مجموعة من المكتبات التي صادرتها الدولة، منها جزء كبير من خزانتي الباشا الأجلاوي والشيخ عبد الحي الكتاني. أما في تطوان، فقد قررت إسبانيا في عام 1940 م بناء خزانة عامة تضم مخطوطات ووثائق خاصة بتاريخ المغرب. وبالإضافة إلى المقتنيات والهدايا التي كونت نواة هذه الخزانة، فإنه - على غرار ما حدث في المكتبة العامة بالرباط فيما قبل - قد ضُمت إليها مكتبات خاصة مثل مكتبة أحد الأعيان الشريف سيدي أحمد ابن الصديق الدرقاوي التي كانت تحتوي آنذاك على ثلاثة آلاف وأربعمائة واثنين وثلاثين مطبوعاً (3423) وخمسمائة مخطوطٍ (500). ولا تزال هذه المكتبة قائمة إلى اليوم.وفي سبيل نشر المعرفة، أسس الفرنسيون مدارس وثانويات خاصة بأبناء الأعيان؛ كما عملوا على إحداث مؤسسات إدارية أطلق عليها »البلديات« وزودوها بمكتبات غنية بالمطبوعات العربية وأخرى باللغات الأجنبية.

وعلى الرغم من هذه المحاولات المتعددة التي أنجزت خلال العقود الأربعة الأولى من القرن العشرين، فإن المغرب لم يعرف تطوره الحقيقي في مجال الكتب والمكتبات إلا بعد التخلص من المستعمر والحصول على استقلاله. ولم يبرز هذا التقدم بجلاء إلا في خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.

ومن المشاريع العلمية الأولى التي أنجزها المغرب بعد الاستقلال مشروع يتعلق بتأسيس الجامعات التي تفرعت عنها مجموعة من الكليات في مختلف المعارف والتخصصات، وزودت بمكتبات علمية تحتوي اليوم على مئات الآلاف من أصناف الكتب في جميع ميادين المعرفة.وتعتبر كلية آداب الرباط - وهي الكلية الأم - أولى هذه المؤسسات الجامعية؛ كما تعتبر مكتبتها أهم هذه المكتبات من حيث عدد كتبها وقيمة محتوياتها. وقد زاد من أهميتها كونها وريثة خزانة معهد الدراسات المغربية العليا الذي أسس بعد دخول الحماية بسنوات معدودات، وبدأ ينشر منذ عام 1921 م مجلة "هسبريس" (Héspéris إحدى أهم الدوريات بالمغرب التي ما زالت تصدر حتى الآن باسم "هسبريس تمودا" منذ أن تم دمج الدوريتين في عام 1958 م.

وتزداد قيمة هذه الخزانة كذلك بفضل رصيدها الهام من المخطوطات التي يفوق عددها ثلاثمائة مخطوط. وقد كان هذا الرصيد موضوع تنظيم وفهرسة واستنساخ من قبل الطلبة والمشرفين على هذه الخزانة. وفي هذا المجال، عملت وزارتا الثقافة والأوقاف على تطوير وتحديث وتنظيم وفهرسة المجموعات الخطية التي ملأت خزائن الزوايا والمدارس العتيقة والمساجد الكبرى والمساجد الجامعة. إن هذه المؤسسات قد أدّت دوراً كبيراً في تطوير الثقافة والتأليف منذ القرن الثالث الهجري حتى عصر النهضة. وفي المسجد نشأت المكتبة المغربية، وفي المساجد الجامعة تطور الفكر وتخرج العلماء، وفي المدارس والزوايا عرف المغرب أكبر العقول وأنجب المفكرين، وفي مكتباتها كلها احتفظ المغرب بالمخطوطات النادرة وصان النفائس منها، مما جعله كعبة الباحثين والمختصين في قضايا المخطوط من مختلف البقاع. فبفضل هذه المؤسسات توجد اليوم النسخة الوحيدة في العالم لكتاب "العميان والحولان والعرجان" للجاحظ (255 هـ) المحفوظة في الخزانة العامة بالرباط. وبفضل هذه الخزائن كذلك، تحتفظ الخزانة المولوية بالقصر الملكي بأحد أقدم المصاحف الكوفية في العالم

وبالنسخة الوحيدة الكاملة من الجزء الخامس من كتاب "المقتبس" لابن حيان الأندلسي. وعلى الرغم من اندثار الكثير من الزوايا ودمج مكتباتها في المكتبات العامة، فإن بعضها ما زال قائماً يضم نوادر ونفائس ككتاب "الدلائل على معاني الحديث" لقاسم بن ثابت السرقسطي بخزانة زاوية تامجروت و"ماء الموائد" لأبي سالم العياشي المحفوظ بخزانة سيدي حمزة بالريش بالجنوب الشرقي المغربي. وقد شاءت الظروف أن يُصبح ما بقى من الزوايا ومكتباتها تابعاً لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، فعملت الوزارة الوصية على وضع كشاف شامل لمحتويات هذه الخزائن أحصت فيه مجموعات الزوايا العلمية التي تخرج فيها خلال العصر الوسيط كثير من العلماء والفقهاء، والتي كان لها دور كبير في تطوير الثقافة الدينية في هذا البلد، وفي الحفاظ على النوادر والنفائس من تراثنا العربي المخطوط. وما زالت خزانة زاوية تامجروت بالجنوب المغربي تضم آلاف المخطوطات يزورها الباحثون من كل حدب وصوب(.

أما وزارة الثقافة، فقد عملت على إنشاء الخزائن في جميع نواحي المغرب. وقد تجاوز عددها اليوم مائة مكتبة منتشرة في جميع جهات البلاد، وذلك من أجل نشر العلم وتمكين الطلبة والباحثين مما هم بحاجة إليه من كتب ودوريات. وهي الآن بصدد إنجاز أهم مشروع ثقافي. ويتعلق الأمر بإنشاء المكتبة الوطنية التي ستضع المغرب بعد إنجازها في مصاف الدول العظمىوفي السنوات الأخيرة، أنشأت المكتبة العامة أول مركز لترميم المخطوطات بمساعدة مختصين من ألمانيا وبآلات تقنية إسبانية. إن هذا المشروع لمن شأنه أن يرمم وينقذ عشرات الآلاف من المخطوطات التي تزخر بها مكتبات المغرب العامة والخاصة. وقد أعطيت الأسبقية للنوادر التي ينفرد بها المغرب والتي تعتبر مفخرة يعتز بها المغاربة وتدل على حفظهم على الورقة المكتوبة وحرصهم على النفيس من المخطوطات.

وتوجت وزارة الثقافة عملها العلمي والثقافي بترميم خزانة القرويين الشهيرة ودشنها جلالة الملك محمد السادس - أيده الله - في نهاية السنة الماضية. ومهما تكن كلفة هذا المشروع، فقد تم بواسطته إحياء مكتبة أقدم جامعة عرفها المجتمع الإسلامي، وإن كان تشييد البناء المرمم من إنجاز دولة بني مرين في القرن الثامن الهجري. ظلت خزانة القرويين في العصر الوسيط أكبر وأغنى وأشهر خزائن المساجد الجامعة في المغرب. فلما أسس أبو عنان المريني البناية التي تم ترميمها اليوم، أهدى إليها مجموعة مهمة من نوادر الكتب أخذها من مكتبته الملكية بالقصر الملكي بفاس حسب ما جاء في "جنى زهرة الآس" للجزنائي. ومنذ ذلك التاريخ والخزانة تتلقى الهدايا والوصايا والأوقاف، الأمر الذي جعلها أضخم خزانة عرفها المغرب عبر تاريخه. فمن نوادرها نسخة من كتاب "العبر" يحمل الجزء الخامس منها وقفية ابن خلدون على هذه الخزانة بخط يده، ونسخة نادرة من كتاب "البيان والتحصيل" لابن رشد الجدّ (520 هـ). وتمتاز هذه النسخة بكونها نسخت على رق الغزال؛ وهي من أربعين وثلاثمئة ورقة، كل ورقة نسخت على رق غزال كاملاً. وإحياء هذه الخزانة اليوم إحياء للدور العلمي الكبير الذي قامت به جامعة القرويين لعدة قرون.

ولتسيير هذه المؤسسات وتنظيمها، لابد من إيجاد أطر كفؤة متخصصة في مجال المكتبات والتوثيق والمعلوميات. لذا أنشأت وزارة التخطيط مدرسة علوم الإعلام منذ أواسط السبعينيَّات، فتخرج فيها مجموعات من الشباب لهم إلمام بعلوم المكتبات، وهم الذين أنيطت بهم مسؤولية إدارة هذه المؤسسات على اختلاف أنواعها وأصنافها. وقبل ذلك وتمهيداً لتأسيس هذه المدرسة، أنشأت هذه الوزارة المركز الوطني للتوثيق هدفه جمع الوثائق وتنظيمها ووضعها رهن إشارة الباحثين. فلم يعن التوثيق هنا المعنى التاريخي الذي يكتفي بالبحث عن الوثائق لكتابة التاريخ، بل أصبح مفهوم التوثيق البحث عن الوثائق في مختلف مصادر العلوم من أجل تنمية مسيرة البحث في مختلف مجالات المعرفة. لم تعد الوثيقة تلكم الرسالة أو ذلكم الظهير أو ما شابه ذلك، بل كل شيء يعطينا معلومة من المعلومات يعتبر وثيقة سواء كان مخطوطاً أو مطبوعاً أو مقالاً أو دورية أو صحيفة أو غيرها. وقد ظهرت مراكز التوثيق الأولى في أوربا بهذا المفهوم الحديث منذ العشرينيّات من القرن الماضي.وفي مجال الحفاظ على الكتب وصيانة المكتبات، أعاد جلالة الملك الحسن الثاني - رحمه الله - الحياة للخزانة الحسنية، التي ظلت خافية عن الأعين إبان الحماية. إن هذه الخزانة التي هي أقدم المؤسسات المكتبية المغربية والتي يعود تاريخ إنشائها إلى العهد الإدريسي في القرن الثالث الهجري، تعتبر وريثة الخزائن الملكية التي كانت في حوزة الملوك والسلاطين الذين توالوا على حكم المغرب. ومن الطبيعي أن تظل أغنى أنواع الخزائن المغربية، لكون أصحابها ملوكاً عملوا طوال القرون على تزويدها بالكتب النادرة اقتناء ونسخاً وإهداء، وفي بعض الأحيان مصادرة. فقد حدث أن بعض ملوك المغرب العلماء - وجلهم كانوا علماء - يصادرون مكتبة إذا علموا أنها تحتوي على مخطوطات تتناول المواضيع التي يهتمون بها كما فعل يوسف بن عبد المومن الموحدي حين صادر مكتبة خاصة تضم كتب الفلسفة وكان عاشقاً لها. ويوجد في هذه الخزانة من النوادر ما لا يوجد في غيرها. فبالإضافة إلى القرآن الكوفي والنسخة الفريدة من الجزء الخامس من كتاب "المقتبس" لابن حيان، تضم الخزانة الحسنية نسختين فريدتين من كتاب "الصاهل والشاحج" للمعري الذي نشرته عائشة بنت الشاطئ رحمها الله؛ كما تحتوي على نسخة من "مقدمة" ابن خلدون نسخت في عام 779 هـ، أي في حياة المؤلف، بعث بها إلى ملوك المغرب. ويوجد في هذه النسخة من المقدمة بعض الأحداث والأخبار تفتقر إليها أحدث التحقيقات المنشورة لهذا الكتاب. ومن نوادرها كذلك مجموع قديم لمؤلفات الطبيب ابن زهر مكتوب على الرق وبعض تآليف الملوك منها ما هو بخط الملك نفسه ومنها ما كتب برسم خزانته، وكثير من النسخ الأصلية بخط مؤلفيها. وتحتفظ هذه الخزانة بعشرات الآلاف من الوثائق والمعاهدات التي وقعها المغرب خصوصا في القرن التاسع عشر مع الدول الأجنبية العظمى.

وبعد نقلها من فاس في بداية الستينيّات من القرن الماضي دعا لها الملك الراحل كبار المختصين في المخطوطات فنظموها وفهرسوها وأشرع أبوابها للباحثين في التراث المخطوط. واعتبارا لمحتوياتها ونوادرها ونفائسها، فإنها تعتبر اليوم أضخم مكتبة في الغرب الإسلامي. ولهذا يأتيها الباحثون من كل الجهات، ولها ارتباط كبير بمعظم المؤسسات العلمية في العالم. ولا تكاد تخلو مكتبة من مكتبات المؤسسات العالمية من نسخ من فهارس هذه الخزانة ومنشوراتها العلمية.

ولم تكن هذه الخزانة الغنية المفتوحة في وجه الباحثين هي الوحيدة التي حظيت بعناية أمير المؤمنين، بل هناك خزائن أخرى تضمها القصور الملكية نخص بالذكر منها الخزانة الملكية بمراكش.

إن هذه الخزانة التي كانت محط العناية السامية تضم في جنباتها مجموعة من الخزائن الخاصة اقتناها أمير المؤمنين رعاية للعلم، وإنقاذا للتراث المخطوط. ومن بين هذه المجموعات كتب الشيخ عبد الحي الكتاني التي جلبها جلالة المرحوم الحسن الثاني من فرنسا، حتى لا تقع في أيدي الأجانب، وأودعها قصره الملكي بمراكش. إن هذه المجموعة التي بلغ عددها مئات الكتب تحتوي على نفائس ونوادر قد لا نجدها في غيرها من مجموعات العالم الإسلامي. وهذا دليل آخر على عناية المغاربة علماء وملوكاً بهذا التراث، وحرصهم الذؤوب على حفظه وصيانته.

ومن الأدلة على التطور المكتبي في المغرب تعدد دور الطباعة والنشر. فإذا كان عدد هذه الدور بعد الاستقلال عشرا أو يزيد بقليل، فإن هذا العدد قد بلغ حوالي أربعمائة دار للطباعة والنشر، تطبع الكتب النادرة والمحققة وكتب الجامعات والأفراد في جميع أصناف المعرفة. فقد بلغ عدد المطبوعات السنوية المغربية حوالي ثلاثة آلاف كتاب، وهو رقم يدل على التقدم العلمي والوراقي الذي عرفه المغرب في العقود الأخيرة. هذا، فضلاً عن آلاف الرسائل والأطاريح الجامعية التي أنجزت في العشرات من كليات المغرب وبقيت مرقونة لم تنشر بعد وتقبع حالياً في رفوف خزائن الكليات يستفيد منها الطلبة الباحثون من ذوي الاختصاص إلى أن يتيسر نشرها.

وفي بداية الثمانينيّات من القرن الماضي توج المغرب مسيرته الثقافية الكبرى بفتح أكاديمية المملكة لخدمة اللغة والعلم، واختارت لعضويتها مجموعة من خيرة علماء هذا البلد، بالإضافة إلى فئة من جهابذة العلم وفطاحل العلماء في مختلف التخصصات، وكلهم من البلاد الأجنبية من ذوي المراس والاختصاص والتجربة. وتمخض هذا الاختيار وتلكم السياسة الثقافية عن كثير من اللقاءات العلمية والندوات الثقافية، فما لبثت أن أصبحت كتباً منشورة وزعت على المؤسسات العلمية وخزائن الكتب في كثير من جهات المعمورة. ولدى الدولة مشروع آخر قيد الإنجاز تهدف من ورائه إلى شد عضد هذه الأكاديمية من الناحية التربوية واللغوية. ويتعلق الأمر هنا بمشروع أكاديمية اللغة العربية الذي سيخرج إلى حيِّز الوجود في أقرب الأوقات. ومما لا شك فيه أن مكتبتها ستحتضن أمهات اللغة العربية وما أنتجته عقول المغاربة من تآليف وأبحاث في مجال التربية. ومن أبرز آخر التحديات الكبرى التي تبناها المغرب تأسيسه لمعهد الدراسات الأمازيغية الذي بدأ العمل بجد متواصل على إحياء نصوص هذه اللغة وتعليمها للناشئة ضمن البرامج الدراسية وبحروفها الأصلية »تيفيناغ«، بالرغم من معارضة بعض الجهات التي توثر الحرف العربي لكتابة هذه اللغة. ويمتاز هذا المعهد بخزانة غنية جمعت شتات هذه الكتابة، واحتضنت نصوصها القديمة بالحرف العربي واللاتيني، ونشرت الكتاب العزيز مترجماً إلى اللغة الأمازيغية.

وقد دخلت معظم خزائن المغرب عالم التكنولوجيا الحديثة لتستفيد منها في مجال توثيق التراث المخطوط وصيانته، فاكتسحت الحواسب المكتبات الجامعية والعمومية ويسرت للمكتبيين والباحثين على السواء التعامل مع محتوياتها، والاستفادة من مدَّخراتها بيسر وسهولة.

هذه بعض الإنجازات الهامة التي تمت في قطاع المكتبات في العقود الأخيرة. ومما لا شك فيه أن توظيف هذه المؤسسات للتكنولوجيا الحديثة للمعلومات سيسهم في تطوير البحث العلمي وتقدمه في المغرب.







.
mohot
mohot
عضو نشيط
عضو نشيط

الجنس : ذكر عدد المساهمات : 76
درجة التقدير : 3
تاريخ التسجيل : 28/06/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى