أحمد فؤاد نجم " مات المناضل المثال ، يامية خسارة عالرجال "
صفحة 1 من اصل 1
أحمد فؤاد نجم " مات المناضل المثال ، يامية خسارة عالرجال "
تحت هذا العنوان كتب المفكر المعربي الدكتور عبد الاله بلقزيز بمناسبة وفاة الشاعر المصــــري
أحمد فؤاد بتاريخ 3 / 12 / 2013 :
أحمد فؤاد نجم ... على رأس هؤلاء الذين حملوا أفكار اليسار الى أقاصي المجتمع وهـــــوامشه
كما لم تقو على ذلك تنظيماته الشيوعية والماركسية في عز نفوذها بين خمسينيات القرن العشرين
وسبعينياته ، ولم يكن هؤلاء جميعا منتمين بالمعنى الحزبي الضيق ، ومن انتمى منهم حزبيا ظل
علىأثيرا. كانوا بالأحرى منتمين الى قضية ، ملتزمينها في الظروف كافة . وذلك بالطبط ما جعل
منهم قامات في الثقافة والمجتمع .
نافل أن يقول المرء ، ان أشعار أحمد فؤاد نجم تمتعت بامتياز الحاما الغنائي الذي أفشى أســـرارها
للناس ، فالشيخ امام لحن المعظم من قصائد نجم العامية ، وغناها بصوته العذب : الخارج مــــــن
الترتيل القرآني ، ومن التقليد الغنائي الكلاسيكي للمؤسسين الكبـــار ( سيد درويش ، الشيخ زكرياء
احمد ...) ، فما لبثت قصائده أن أصبحت على كل لسان . انها عينها حال قصائد محمود درويش
التي حملها مرسيل خليفة الى الناس بصوته .وليس معنى ذلك أن شعر شعر احمد فؤاد نجم يدين
في قوة تأثيرة للحامل الغنائي الامامي ( الشيخ امام ) ، فهو شعر شديد النفاذ نصا مقــــروءا على
الورق ، أو سماعا لالقاء نجم قصائده في الأمسيات ، لكن أحدا لا يملك أن يجحد حقيقة دور الشيخ
امام في صناعة تلك الحالة الجماهرية التي استقبلت بها اشعار نجم ، بمثل مـــا لا يمكنه أن يجحد
حقيقة الأثر النظير لشعر نجم في رفع مكانة أغنيات الشيخ امام في أوساط الغلابة والمناضلين ...
ينتمي الراحل احمد فؤاد نجم الى مدرسة في كتابة الشعر العامــــــي وضع أساساتها بيرم التونسي
( الذي غنى له السيد درويش ) ، وكان من سلالتها جم ، وعبد الرحمان الأبنودي ، وسيد حجاب
و ... وهي مدرسة فتحت الشعر العامي على قضايا الناس والمجتمع والوطن ، وخاطبت فقرهم
وحرمانهم وأحلام العدالة والتحرر في وجدانهم ، ومشاعرهم الوطنية ، وأنزلت القصيدة في عليائها
لتمشي على قدمين ، وتدلف الى بيآت اجتماعية لم يصلها من الشعر - عبر الغناء - الا أحطـــه
وأسخفه ، وأجمل ما في مدرسة بيرم التونسي - أحمد فؤاد جم - أن فكرة الالتزام فيها لــم تهبط
بمعدل الجمالي ، في الكتابة الشعرية الى تحت جانحة بها للتسييس ، وانما ظلت تحافظ للصنعــة
الفنية ، والصورة الشعرية والبلاغية ، والايحاء الرمزي ...على المكانة التي بها تكون القصيدة
قصيدة ، وليس بـــــــــــــلاغا سياسيا جافا للتحسيس وتجييش الجمـــــوع . وقد صنعت بذلك ثورة شعرية كانت
سابقة - في حالة بير التونسي - لثورة الشعــــــــــر الحر بقرابة نصف قـــــرن ، واستكمل احمد فؤاد نجـــم
بذكائه الحاد ، وحسه الشعري المرهف ، فصولها منذ ستينيات القرن الماضي .
ربما كان الشاعر اللبناني طلال حيدر أهم شعراء العامية العــــــــرب المعاصرين اعتناء بالبنية الفنية والجمالية
للقصيدة ، وباقامة الكتابة الشعرية الزجلية على الصورة ، مستثمرا في ذلك تقنيات الكتابــــــــة عند سعيد عقل
وأدونيس ، وسعدي يوسف ، فكان أن ذهب بها بعيدا في معراج الجمال الشعـــــري الذي ضارع ما في قصيدة
الفصحى عند أدونيس ومحمود درويش جمالا . غير أن أحمد فؤاد نجم هـــو سيد قصيدة السرد والبنية الايقاعية
في القصيدة العامية العربية بلا منازع . وقد لا يشبهه في هذا التفوق سوى مظفر الناب فــــــي فصائده الزجلية
التي تتخطى في جماليتها السردية قصائده بالفصحى .ولم تكن هذه وحدها موطن تفوق نــــجم ، فالى ذلك تميز
تميز شعره بنفس السخرية والنقد الحادين ، وكثيرا ما حاكت قصائده لغة الكاريكاتور الفنيــــــــة في سورياليتها
وغرائبيتها . ولم يكد أن يسلم من سخريته أحد من رموز عصره : من أم كلثـــــــــوم ، ومحمد حسنين هيكل
وعبد الحليم حافظ الى أنور السادات وريتشارد نيكسون ، وبالري جيسكار ديستان .
نجم رمز ثقافي نادر في ذاكرة ثلاثة أجيال : جيل الثورة ( الخمسينات والستينات ) وجيل الهزيمة ( الذي نشأ
بعد حرب 67 ) وجيل ثورات العام 2011 في اللحظات التاريخية الثلاث بأحلامها الكبرى وانكساراتها الحادة
بآمالها وخيباتها ، كان احمد فؤاد نجم في قلب الأحداث : صوتا يلعلع كالرصاص حاملا البشــــــارة ، ناقما على
الظلم والاستغلال والاستبداد ، رافعا لغة الشعب الى الأعلى ، فاضحا بجمال اللغة والشعر قبح الواقــع ، عاش
فقيرا وسط " الغلابة " ومات فقيرا محمولا على أكتافهم الى التاريخ ، لم يتزلف أحدا ، ولم يوفـــــــــــــر أحدا
وان كان رمزا كبيرا : انتقد جمال عبد الناصر وعهده بعد الهزيمة ، ثم رثاه في أجمل مرثية بعد عشريــــن عاما
على رحيله ، متحسرا على زمانه ، ظل يفتخر بأنه فقير ، وما سعى يوما في فسخ فقره ، أو في اجابـــــــة طلب
من أراد له أن يبارح فقره ، قيل للراحل معمر القدافي يوما ان احمد فؤاد نجم في عوز من أمره وحاجة ، فسأله
العقيد : " عاوز مني حاجة يانجم ؟" فأجابه الأخير : " عاوزك تسيبني فحالي "
عاش كبيرا ورحل كبيرا "
* نقل عن جريدة الصباح عدد 4244 ص 2 بتاريخ 9/12/2013 .
.........مع تحيات العتيق .
أحمد فؤاد بتاريخ 3 / 12 / 2013 :
أحمد فؤاد نجم ... على رأس هؤلاء الذين حملوا أفكار اليسار الى أقاصي المجتمع وهـــــوامشه
كما لم تقو على ذلك تنظيماته الشيوعية والماركسية في عز نفوذها بين خمسينيات القرن العشرين
وسبعينياته ، ولم يكن هؤلاء جميعا منتمين بالمعنى الحزبي الضيق ، ومن انتمى منهم حزبيا ظل
علىأثيرا. كانوا بالأحرى منتمين الى قضية ، ملتزمينها في الظروف كافة . وذلك بالطبط ما جعل
منهم قامات في الثقافة والمجتمع .
نافل أن يقول المرء ، ان أشعار أحمد فؤاد نجم تمتعت بامتياز الحاما الغنائي الذي أفشى أســـرارها
للناس ، فالشيخ امام لحن المعظم من قصائد نجم العامية ، وغناها بصوته العذب : الخارج مــــــن
الترتيل القرآني ، ومن التقليد الغنائي الكلاسيكي للمؤسسين الكبـــار ( سيد درويش ، الشيخ زكرياء
احمد ...) ، فما لبثت قصائده أن أصبحت على كل لسان . انها عينها حال قصائد محمود درويش
التي حملها مرسيل خليفة الى الناس بصوته .وليس معنى ذلك أن شعر شعر احمد فؤاد نجم يدين
في قوة تأثيرة للحامل الغنائي الامامي ( الشيخ امام ) ، فهو شعر شديد النفاذ نصا مقــــروءا على
الورق ، أو سماعا لالقاء نجم قصائده في الأمسيات ، لكن أحدا لا يملك أن يجحد حقيقة دور الشيخ
امام في صناعة تلك الحالة الجماهرية التي استقبلت بها اشعار نجم ، بمثل مـــا لا يمكنه أن يجحد
حقيقة الأثر النظير لشعر نجم في رفع مكانة أغنيات الشيخ امام في أوساط الغلابة والمناضلين ...
ينتمي الراحل احمد فؤاد نجم الى مدرسة في كتابة الشعر العامــــــي وضع أساساتها بيرم التونسي
( الذي غنى له السيد درويش ) ، وكان من سلالتها جم ، وعبد الرحمان الأبنودي ، وسيد حجاب
و ... وهي مدرسة فتحت الشعر العامي على قضايا الناس والمجتمع والوطن ، وخاطبت فقرهم
وحرمانهم وأحلام العدالة والتحرر في وجدانهم ، ومشاعرهم الوطنية ، وأنزلت القصيدة في عليائها
لتمشي على قدمين ، وتدلف الى بيآت اجتماعية لم يصلها من الشعر - عبر الغناء - الا أحطـــه
وأسخفه ، وأجمل ما في مدرسة بيرم التونسي - أحمد فؤاد جم - أن فكرة الالتزام فيها لــم تهبط
بمعدل الجمالي ، في الكتابة الشعرية الى تحت جانحة بها للتسييس ، وانما ظلت تحافظ للصنعــة
الفنية ، والصورة الشعرية والبلاغية ، والايحاء الرمزي ...على المكانة التي بها تكون القصيدة
قصيدة ، وليس بـــــــــــــلاغا سياسيا جافا للتحسيس وتجييش الجمـــــوع . وقد صنعت بذلك ثورة شعرية كانت
سابقة - في حالة بير التونسي - لثورة الشعــــــــــر الحر بقرابة نصف قـــــرن ، واستكمل احمد فؤاد نجـــم
بذكائه الحاد ، وحسه الشعري المرهف ، فصولها منذ ستينيات القرن الماضي .
ربما كان الشاعر اللبناني طلال حيدر أهم شعراء العامية العــــــــرب المعاصرين اعتناء بالبنية الفنية والجمالية
للقصيدة ، وباقامة الكتابة الشعرية الزجلية على الصورة ، مستثمرا في ذلك تقنيات الكتابــــــــة عند سعيد عقل
وأدونيس ، وسعدي يوسف ، فكان أن ذهب بها بعيدا في معراج الجمال الشعـــــري الذي ضارع ما في قصيدة
الفصحى عند أدونيس ومحمود درويش جمالا . غير أن أحمد فؤاد نجم هـــو سيد قصيدة السرد والبنية الايقاعية
في القصيدة العامية العربية بلا منازع . وقد لا يشبهه في هذا التفوق سوى مظفر الناب فــــــي فصائده الزجلية
التي تتخطى في جماليتها السردية قصائده بالفصحى .ولم تكن هذه وحدها موطن تفوق نــــجم ، فالى ذلك تميز
تميز شعره بنفس السخرية والنقد الحادين ، وكثيرا ما حاكت قصائده لغة الكاريكاتور الفنيــــــــة في سورياليتها
وغرائبيتها . ولم يكد أن يسلم من سخريته أحد من رموز عصره : من أم كلثـــــــــوم ، ومحمد حسنين هيكل
وعبد الحليم حافظ الى أنور السادات وريتشارد نيكسون ، وبالري جيسكار ديستان .
نجم رمز ثقافي نادر في ذاكرة ثلاثة أجيال : جيل الثورة ( الخمسينات والستينات ) وجيل الهزيمة ( الذي نشأ
بعد حرب 67 ) وجيل ثورات العام 2011 في اللحظات التاريخية الثلاث بأحلامها الكبرى وانكساراتها الحادة
بآمالها وخيباتها ، كان احمد فؤاد نجم في قلب الأحداث : صوتا يلعلع كالرصاص حاملا البشــــــارة ، ناقما على
الظلم والاستغلال والاستبداد ، رافعا لغة الشعب الى الأعلى ، فاضحا بجمال اللغة والشعر قبح الواقــع ، عاش
فقيرا وسط " الغلابة " ومات فقيرا محمولا على أكتافهم الى التاريخ ، لم يتزلف أحدا ، ولم يوفـــــــــــــر أحدا
وان كان رمزا كبيرا : انتقد جمال عبد الناصر وعهده بعد الهزيمة ، ثم رثاه في أجمل مرثية بعد عشريــــن عاما
على رحيله ، متحسرا على زمانه ، ظل يفتخر بأنه فقير ، وما سعى يوما في فسخ فقره ، أو في اجابـــــــة طلب
من أراد له أن يبارح فقره ، قيل للراحل معمر القدافي يوما ان احمد فؤاد نجم في عوز من أمره وحاجة ، فسأله
العقيد : " عاوز مني حاجة يانجم ؟" فأجابه الأخير : " عاوزك تسيبني فحالي "
عاش كبيرا ورحل كبيرا "
* نقل عن جريدة الصباح عدد 4244 ص 2 بتاريخ 9/12/2013 .
.........مع تحيات العتيق .
العتيق- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 1509
درجة التقدير : 6
تاريخ الميلاد : 01/01/1951
تاريخ التسجيل : 17/04/2011
العمر : 73
الموقع : البريد أعلاه وكذا منتدى جبالة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى