"المورسكوس : شعب عامل ونشيط "
صفحة 1 من اصل 1
"المورسكوس : شعب عامل ونشيط "
تحت عنوان : 47- مثقفون رواد ، أدرجت جــــــريدة الشمـال عدد 703
ص11 بتاريخ 22-28 اكتوبر 2013 ، شخصية مغربيـة شمالية مـــن
أصل مورسكي يدعى : محمد ققشتيليو، مع نموذج من كتاباتــــه الصادر
بمجلة الأنيس العدد 87 - السنة التاسعة ( شعبان 1373هجرية / أبريل
1954 م )
1954م وذلك تحت العنوان أعلاه ، جاء فيه :
" أعود الى موضوع المورسكوس لأطرق بايجاز نشاط هذا الشعب فــــي
العمل المجدي الذي تركه بعد فنائه ، والذي يشهد له بالكفاءة والمقدرة فــي
جميع ميادين العمل اذ ذاك .
كان المورسكيون شعبا جديرا بالتقدير والاشادة ، وكان يشهد له بالبــــــاع
الطويل ، ويعترف له بالجميل الشعب النصراني الذي كان ممتزجا بـــــــه
ومقاوما له ، لأنه كان العنصر الوحيد في اسبانيا الذي تنهض على عـاتقه
ثروة الشعب الاسباني من زراعة وتجارة وصناعة وفن وغير ذلك ، حتى
ان بعض النصارى كانوا لا يسمحون بخروج المورسكوس من اسبانيا أيام
طردهم كما وقع في مقاطعة " أراغون " و " بلنسية " عــــــام 1510م
عندما طلب أشراف هاتين المقاطعتين مـــــع الملك " فرناندو " بأن يوقف
هجرة المورسكوس ، ويسمح لهم بالقيام بشعائر دينهم ، فلبى الملك رغبتهم
وأصدر مرسوما في هذا الشأن ، لأنهم كانوا العنصر الوحيد الذي يقـــوم
بعمل الزراعة هناك .
لما رآى شعب المورسكوس أن لا فائدة من القيام بثورات ضد الحكومة
لاسترجاع دولتهم الضائعة ، وسيادتهم البائدة ، وقد حاولوا غير ما مرة
استرجاعها كما وقع أيام " فيليب الثاني " على يد " فرناندو دي بلور "
ولكنهم عمدوا الى العمل المفيد بعيدين عن كــل ما يتعلق بالسياســـــة
والحرب ، فانعزلوا عن النصارى ، وصرفوا همتهم للزراعة والتجارة
والصناعة والعمل على تنمية ثروتهم ، فكانت أعظم دور التجارة فــي
أعظم أحياء مدن اسبانيا هي دورهم .
ففي الصناعة كان لمورسكوس القدح المعلى فيها ولا يزاحمهــم فيها
مزاحم ، ولم يختصوا بنوع من أنواعها ، بل كانــوا مستولين على
صناعات ذلك العصر من صناعة السلاح الى الحدادة والخــــرازة
وغير ذلك ، فكانت كل مدينة من مدن اسبانيا تختص بنوع مـــــن
الصناعة ، وتمتاز به عن غيرها ، ومنها تصدر للداخل والخارج .
أما صناعة السفن فكانت " مالقة " تتمتع بشهرة واسعة النطاق في
هذا الباب ، فكان الاتقان يتجلى في هذه الصناعة بأسمى مظاهره .
وعلى كل حال ، فالشعب المورسكي رغم كونه لم يكن له يذ في
الشؤون السياسية ، كانت بيده مرافق الدولة كلها مـــن صناعـــة
وتجارة وزراعة ، أما السياسة فقد أخفق فيها عدة مرات ، وقـــد
قام بعدة مناورات سياسية فـــي مناسبات متعددة ، لاسترجــــــاع
سيادته الضائعة ، كأيام " كارلوس الخامس " حـــوالي 1525م
عندما أتى مــــن ألمانيا للتربع على عـــــرش اسبانيا ، فاغتنـــم
المورسكوس الفرصة وساعدوه على توطيد ملكــــه أملا في أن
يصلوا الـــــى بعض حقوقهم الضائعة ، ولو أن بعضهم خاضوا
معارك ضده مدفوعين من أشـــــراف النصارى الذين كانــــــوا
يخدمونهم كما حــــــدث بمقاطعتي " أرغـــــون " و " بلنسية " ،
ولكن الدائرة كانت عليهم في النهايــــــة ، كما قاموا بحــــروب
لاستعادة ملك آبائهم وأجدادهم من جــــــديد كحرب " البوشارة "
، ولكنهم أخفقوزا في كل هذه المحاولات ، فدعــــوا السياســة
جانبا ، وتوجهوا الى تنمية ثروتهم بجميع أنواعـــــها ، وكــان
يضرب بهم المثل في الأمانة .
أما العلم فلم ينتجوا في حقله شيئا جــــديدا ، وانما حافظـــــوا
على ما كان متداولا بين أيديـــــهم مما ورثــــــــوه عن آبائهم
وأجدادهم ، لم يخلـــــق هذا الشعب مــــن آداب وعلــــوم الا
كان المورسكيون ذو أخلاق سامية ، ومتحديــــن ومتعاضدين
فكانوا لا يسمحون لأحد منهم بالتسول ، فكان الجميع يعمــــل
ومن لا عمل له يخلقون له عملا يعيش منه ، ولا يتركونـــه
يعيش مهانا ذليلا عرضة للاحتقار . واذا صدرت مـــن أحـد
جريمة يدافعون عنه ويحمونه بكل ما استطاعــوا ، وكــانت
كل خصوماتهم تحل بينهم ولا يلجأون فيها الى غيرهم مـــن
حكام البلاد ، فالنكبات التي توالت عليهم كـــونت منهم شعبا
متحدا داخل شعب آخر ، وكان طردهم خسارة لاسبانيا من
الناحية الاقتصادية ، ولو أن اسبانيا كانت اذ ذاك أقـــــوى
دولة من الناحية الحربية ، ولكن خــروج المورسكوس أثر
في اقتصاديتها كثيرا حتى أن " فيليب الثالث " الذي كــان
الطرد النهائي في أيامه ( 1609 ) رآى من الضروري
أن يترك في كل مدينة بعض الأسـر منهم لتعليم النصارى
ولكن ذلك لم يأت بالفائدة المرجوة ، وقد أتــــى بنصارى
من أقطار أخرى ، ولكنه لم يجبر ما كسر بضيـــــــــاع
المورسكوس .
هذا موجز عن حياة هذه الأمة التي ذهبــــت حيث يذهب
الجميع " ان الأرض لله يورثها من يشاء من عبــــــاده "
و" لله الأمر من قبل ومن بعد " ، ".
....تشكراتنا للأستاذة هدى المجاطي المعدة لهذه الصفحة
من الجريدة المذكورة .
.......مع تحيات العتيق .
ص11 بتاريخ 22-28 اكتوبر 2013 ، شخصية مغربيـة شمالية مـــن
أصل مورسكي يدعى : محمد ققشتيليو، مع نموذج من كتاباتــــه الصادر
بمجلة الأنيس العدد 87 - السنة التاسعة ( شعبان 1373هجرية / أبريل
1954 م )
1954م وذلك تحت العنوان أعلاه ، جاء فيه :
" أعود الى موضوع المورسكوس لأطرق بايجاز نشاط هذا الشعب فــــي
العمل المجدي الذي تركه بعد فنائه ، والذي يشهد له بالكفاءة والمقدرة فــي
جميع ميادين العمل اذ ذاك .
كان المورسكيون شعبا جديرا بالتقدير والاشادة ، وكان يشهد له بالبــــــاع
الطويل ، ويعترف له بالجميل الشعب النصراني الذي كان ممتزجا بـــــــه
ومقاوما له ، لأنه كان العنصر الوحيد في اسبانيا الذي تنهض على عـاتقه
ثروة الشعب الاسباني من زراعة وتجارة وصناعة وفن وغير ذلك ، حتى
ان بعض النصارى كانوا لا يسمحون بخروج المورسكوس من اسبانيا أيام
طردهم كما وقع في مقاطعة " أراغون " و " بلنسية " عــــــام 1510م
عندما طلب أشراف هاتين المقاطعتين مـــــع الملك " فرناندو " بأن يوقف
هجرة المورسكوس ، ويسمح لهم بالقيام بشعائر دينهم ، فلبى الملك رغبتهم
وأصدر مرسوما في هذا الشأن ، لأنهم كانوا العنصر الوحيد الذي يقـــوم
بعمل الزراعة هناك .
لما رآى شعب المورسكوس أن لا فائدة من القيام بثورات ضد الحكومة
لاسترجاع دولتهم الضائعة ، وسيادتهم البائدة ، وقد حاولوا غير ما مرة
استرجاعها كما وقع أيام " فيليب الثاني " على يد " فرناندو دي بلور "
ولكنهم عمدوا الى العمل المفيد بعيدين عن كــل ما يتعلق بالسياســـــة
والحرب ، فانعزلوا عن النصارى ، وصرفوا همتهم للزراعة والتجارة
والصناعة والعمل على تنمية ثروتهم ، فكانت أعظم دور التجارة فــي
أعظم أحياء مدن اسبانيا هي دورهم .
ففي الصناعة كان لمورسكوس القدح المعلى فيها ولا يزاحمهــم فيها
مزاحم ، ولم يختصوا بنوع من أنواعها ، بل كانــوا مستولين على
صناعات ذلك العصر من صناعة السلاح الى الحدادة والخــــرازة
وغير ذلك ، فكانت كل مدينة من مدن اسبانيا تختص بنوع مـــــن
الصناعة ، وتمتاز به عن غيرها ، ومنها تصدر للداخل والخارج .
أما صناعة السفن فكانت " مالقة " تتمتع بشهرة واسعة النطاق في
هذا الباب ، فكان الاتقان يتجلى في هذه الصناعة بأسمى مظاهره .
وعلى كل حال ، فالشعب المورسكي رغم كونه لم يكن له يذ في
الشؤون السياسية ، كانت بيده مرافق الدولة كلها مـــن صناعـــة
وتجارة وزراعة ، أما السياسة فقد أخفق فيها عدة مرات ، وقـــد
قام بعدة مناورات سياسية فـــي مناسبات متعددة ، لاسترجــــــاع
سيادته الضائعة ، كأيام " كارلوس الخامس " حـــوالي 1525م
عندما أتى مــــن ألمانيا للتربع على عـــــرش اسبانيا ، فاغتنـــم
المورسكوس الفرصة وساعدوه على توطيد ملكــــه أملا في أن
يصلوا الـــــى بعض حقوقهم الضائعة ، ولو أن بعضهم خاضوا
معارك ضده مدفوعين من أشـــــراف النصارى الذين كانــــــوا
يخدمونهم كما حــــــدث بمقاطعتي " أرغـــــون " و " بلنسية " ،
ولكن الدائرة كانت عليهم في النهايــــــة ، كما قاموا بحــــروب
لاستعادة ملك آبائهم وأجدادهم من جــــــديد كحرب " البوشارة "
، ولكنهم أخفقوزا في كل هذه المحاولات ، فدعــــوا السياســة
جانبا ، وتوجهوا الى تنمية ثروتهم بجميع أنواعـــــها ، وكــان
يضرب بهم المثل في الأمانة .
أما العلم فلم ينتجوا في حقله شيئا جــــديدا ، وانما حافظـــــوا
على ما كان متداولا بين أيديـــــهم مما ورثــــــــوه عن آبائهم
وأجدادهم ، لم يخلـــــق هذا الشعب مــــن آداب وعلــــوم الا
كان المورسكيون ذو أخلاق سامية ، ومتحديــــن ومتعاضدين
فكانوا لا يسمحون لأحد منهم بالتسول ، فكان الجميع يعمــــل
ومن لا عمل له يخلقون له عملا يعيش منه ، ولا يتركونـــه
يعيش مهانا ذليلا عرضة للاحتقار . واذا صدرت مـــن أحـد
جريمة يدافعون عنه ويحمونه بكل ما استطاعــوا ، وكــانت
كل خصوماتهم تحل بينهم ولا يلجأون فيها الى غيرهم مـــن
حكام البلاد ، فالنكبات التي توالت عليهم كـــونت منهم شعبا
متحدا داخل شعب آخر ، وكان طردهم خسارة لاسبانيا من
الناحية الاقتصادية ، ولو أن اسبانيا كانت اذ ذاك أقـــــوى
دولة من الناحية الحربية ، ولكن خــروج المورسكوس أثر
في اقتصاديتها كثيرا حتى أن " فيليب الثالث " الذي كــان
الطرد النهائي في أيامه ( 1609 ) رآى من الضروري
أن يترك في كل مدينة بعض الأسـر منهم لتعليم النصارى
ولكن ذلك لم يأت بالفائدة المرجوة ، وقد أتــــى بنصارى
من أقطار أخرى ، ولكنه لم يجبر ما كسر بضيـــــــــاع
المورسكوس .
هذا موجز عن حياة هذه الأمة التي ذهبــــت حيث يذهب
الجميع " ان الأرض لله يورثها من يشاء من عبــــــاده "
و" لله الأمر من قبل ومن بعد " ، ".
....تشكراتنا للأستاذة هدى المجاطي المعدة لهذه الصفحة
من الجريدة المذكورة .
.......مع تحيات العتيق .
العتيق- فارس المنتدى
- الجنس : عدد المساهمات : 1509
درجة التقدير : 6
تاريخ الميلاد : 01/01/1951
تاريخ التسجيل : 17/04/2011
العمر : 73
الموقع : البريد أعلاه وكذا منتدى جبالة
مواضيع مماثلة
» عامل شفشاون يلقن أستاذا جامعيا درسا في النزاهة واحترام الكفاءة عند الطلبة
» مهدي عامل - ازمة الحضارة العربية ام ازمة البرجوازيات العربية pdf
» مهدي عامل - ازمة الحضارة العربية ام ازمة البرجوازيات العربية pdf
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى