مناظرة لتنصير فقهاء غرناطة غداة سقوطها

*كان القس الكاثوليكي المتعصب " هيرناندو طلبيرة " من ضمن الثلاثة

الذين عينو من قبل ايزابيلا وفرناندو على مدينة غرناطة الأندلسية غـداة

تسليمها من طرف عبد الله الصغير آخر ملوك بني الأحمر، وكــــان هذا

القس مسؤولا عن تنصير سكان المدينة المسلمين ، وبعد فشله في مهمته

عين بدله بمرسوم ملكي وبمباركة البابا الاسكندر السادس سنة 1495

كبير أساقفة قشتالة الكاردينال فـرانسيسكو دي سيسينيروس المعــــروف

بلقب خيمنيس( 1436 - 1517 ) ، كــــــــان الأخير أشد تعصبا

للمسيحية والمسيحيين من سابقه .

استهل خيمنيس نشاطة التنصيري باستدعاء فقهاء غرناطة ، وكان مقر

الاجتماع كنيسة أصلها مسجد جامع وذلك من أجــــــــل مناظرتهم في

" غلبة النصرانية على الاسلام ، والفائدة التي تعود على مــن يتنصر

وكيف أن الأندلسيين ما انهزموا على أيدي القشتاليين والشماليين من

المسيحيين ، الا لأن الله كان من وراء سعيهم . كانت المناظـــــرات

تستمر طول اليوم ، ثم تستأنف في اليوم التالي ، وكـــــــان الفقهاء

يقرعون الحجة بالحجة ، ويفندون رأي الكاردنال جملة وتفصيلا .

طال النقاش ومل الفقهاء تلك الجلسات ، وقد تيقنوا أن كبير أساقفة

قشتالة يمكر لمسلمي غرناطة ، ولن يكل أو يمـــــــــل حتى يحقق

غرضه ، كما استنتج خيمنيس أنه لو تمكن من اقناع هــلاء لحمل

باقي الأندلسيين على اتباع نفس السبيل ، لكن كل جهــوده باءت

بالفشل ، فقرر عندها تغيير الخطة فاتصل بالعامـــــة ، واقتصر

على البسطاء منهم ليشرح لهم أسباب تفوق النصرانية ، وحين

أخفق في استمالة أولئك أيضا ، راح يرشيهم بالمال والحريـــر

والملايس المزركشة ، ويعدهم بالأراضي والمنازل ، ولا بــد

أن يكون بعض البسطاء قد قبلوا التنصير ، خاصــــــة ضعفاء

النفوس والعفيدة منهم ، كما ركز خيمنيس وأتباعه على مــــن

عرف أن أحد أجداده كان نصرانيا وأسلم ، وطلبوا من هؤلاء

العودة للنصرانية ، فارتد بعضهم دون أن يراعي المتعصبون

الكاثوليك شروط معاهدة التسليم ( تسليم غرناطة ) التـــــي

تنص على " ألا يقهر من أسلم على الرجــــــــــوع للنصارى

ودينهم ، وأن من تنصر من المسلمين يوقف أياما حتى يظهر

حاله ، ويحضر له حاكم من المسلمين ، وآخر من النصارى

فان أبى الرجوع الى الاسلام تمـــــادى على ما أراد ..."

وهكذا راح خمينيس يخرق شروط المعاهدة باسم الديـــــــن

والكاثوليكية ، كل ذلك والمسلمون يراقبون الوضـــع دون

التمكن من القيام بما يـــــــــوقف تلك التصرفات ســــوى

الاحتجاج على أفعاله .

ويقال : ان خيمنيس أنفق معظم ماله على شـــراء الهدايا

وتقديم الرشاوى الى المسلمين ، عله ينجح فيما أخفـــــق

فيه " طلبيرة " من قبلـــــــــــه ، لكن فقهــــاء المسلمين

وزعمائهم تنبهوا للخطر المحدق بأهل غرناطة من وراء

مخطط التنصير ، فراحوا يحثون الناس - بدورهــــم -

على محاربة دعواه ورفض الهدايا والرشـاوى طلبا في

تنصيرهم ، والا أدى الأمر الى ادخال محاكــم التفتيش

الى المدينة ، وتكرار ما فعلته مع اليهــــود من قبل .

لقد تمادى خمينيس في تصميمه على تنصير أهل قرطبة

فاستدرج كبير الفقهاء لينتزع منه فتوى بالسماح للمسلمين

بالدخول في دين النصارى تكون له عونا على تنفيــــذ

خططه ، ولما أبى الفقيه الافتاء سجنه وعذبه وحرمــــه

من الطعام عدة أيام ، وكذلك فعل بأهل غرناطة ، ولما

اقتنع - أمام اصرارهم على البقاء في دينهم - غيــــــر

خطته من جديد ، فلجأ الى قطـــــع صلتهم بماضيهم

وحضارتهم ، وذلك بجمع ما لديهم من كتب ، وانتقاء

حوالي 300 من المخطوطات التي تعالج العلـــــوم

الطبية والكيميائية والرياضيات وغيرها من الممواضيع

الهامة من أجل نقلها الى جامعة " القلعة "( افتتحــت

سنة 1508 ) ، بينما قام خيمنيس باحراق بــــاقي

الكتب والمخطوطات بساحة المدينة أمـام مــــــــرآى

أصحابها ، الى جانب استصدار مصاحف القـــرآن

الكريم من البيوت ، وبهذا يكون قسم كبير من تراث

الأندلس قد ضاع ، وبه يكون خيمنيس قد أفلــــح في

ابعاد أهل غرناطة عن ماضيهم وحاضره .." .

.........مع تحيات العتيق .

اخي العتيق
اضن ان كل ما هو اقتصادي يغلب على ما هو اثني