منتديات جبالة Montadayat Jbala
عزلة بعطر الموت 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضوا معنا
او التسجيل ان لم تكن عضوا وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا عزلة بعطر الموت 829894
ادارة المنتدي عزلة بعطر الموت 103798

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات جبالة Montadayat Jbala
عزلة بعطر الموت 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضوا معنا
او التسجيل ان لم تكن عضوا وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا عزلة بعطر الموت 829894
ادارة المنتدي عزلة بعطر الموت 103798
منتديات جبالة Montadayat Jbala
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عزلة بعطر الموت

اذهب الى الأسفل

عزلة بعطر الموت Empty عزلة بعطر الموت

مُساهمة من طرف محمد الورياكلي الأربعاء مايو 30, 2012 10:17 am

عزلة بعطر الموت
الثلثاء 29 أيار (مايو) 2012
بقلم: أنس الحجاجي
--------------------------------------------------------------------------------
كلما نظر إلى وجهه في المرآة، تراءى له شبح بملامح الموت، نصفه مضيء والنصف الآخر مظلم، تماما كالقمر. أو هكذا خيل إليه. فالقمر كوكب ميت أو نجم ميت لا يستمد نوره إلا من الشمس النائمة. القمر جميل لأنه تحديدا ميت. و هو أيضا يحس أنه ميت… هل هذا يعني أنه جميل ؟!! ليس هذا هو السؤال. السؤال الحقيقي هو معرفة أين تقع الروح؟
ظن في البداية أن السبب يرجع للضوء الذي شاخ وعليه أن يسارع إلى تغيير الإضاءة. لكن هواجسه التي لا تعرف الهدنة صورت له أن حقيقة الأمر تكمن في أنه بدأ بدوره يشيخ وأن الضوء لا عيب فيه مادامت المصابيح تعمل ولم يحترق أي منها. أشعل سيجارة وأخذ ينفث الدخان على هذه الصورة التي تنعكس في المرآة. هذه الصورة التي هي له والتي يشعر شعورا مريرا أنه لا يملكها. حين تتقلص حياة المرء إلى أن تصير مختزلة في مجموعة من الأسماء والأرقام، لا يبقى أمام الوجه إلا الهروب بحثا عن أرض ضوء يستطيع فيها رسم ملامحه أو، في أحسن الأحوال، الاختباء إلى حين. وجهه يلعب معه لعبة الاختباء هذه. أشعل سيجارة أخرى وحدق مليا في عينيه الغائرتين اللتين تحيط بهما هالة سوداء. مؤكد أنها بسبب استهلاكه المفرط للقهوة مما لا يسمح له بنوم هانئ في الليل.
تأمل مليا وطويلا في تلك التجاعيد التي صارت تمتد تحت عينيه وعلى جبهته كأنها خطوط حرث عميقة في أرض عطشى. فكر طويلا في طريقة مناسبة للاحتفال بعيد ميلاده الأربعين الذي يصادف هذا اليوم. لم يطرح أبدا على نفسه أسئلة وجودية من قبيل كيف قضى عمره أو كيف وصل إلى هذه الحالة أو حتى كيف ستنتهي حياته، هو الذي اختار ألا يتزوج وكرس كل وقته لعمله في إدارة الأرشيف فيما يخصص وقته الحر إما للقراءة أو للكتابة. جمع عدة محاولات أدبية لكن أي واحدة منها لم تر النور. لم يعرف السبب ولم يتضايق. في كل مرة، يكتفي بإشعال سيجارة، يحتسي قهوته المفضلة في مقهى يطل على البحر، يشرد بذهنه بعيدا قبل أن يقع على فكرة جديدة تكون موضوع كتابة عمل جديد. يراكم المئات من الصفحات المخطوطة والتي يحرص على الاعتناء بها معتقدا إلى درجة اليقين أنها، في يوم من الأيام، ستجد طريقها إلى النشر. كتب في مختلف الأجناس الأدبية. عوض أن يتخصص في جنس واحد وجد متعة كبيرة في القفز من الرواية إلى المسرح مرورا بالشعر دون نسيان عشرات القصص القصيرة التي لا تفارق حقيبته. يحب أن يحمل معه إلى العمل قصصه القصيرة في حين يفضل ترك الأعمال الأخرى محفوظة بعناية فائقة في البيت، تحت وسادة فراشه.
هو كاتب، هكذا يرى نفسه أو هذه هي الصورة التي صنعها لنفسه وصدقها ولا يرغب أبدا في مراجعتها. إذا راجع كاتب ذاته لم يعد كاتبا. هذه هي نظريته في الأدب.
الاحتفال بعيد الميلاد يحتاج بالضرورة لأصدقاء يشاركونه الفرحة ويقدمون له هدايا مع أحلى التمنيات. لكنه لا يعرف أحدا. هو رجل بلا أصدقاء، بلا ولو صديق واحد. بحكم طبيعة عمله، تعود على لامبالاة الموظفين. فهو يشتغل في مكتب يقع تحت الأرض لا يرى النور أبدا، يشاركه فيه موظف عجوز لا يوجه له الكلام إلا نادرا إذا تعلق الأمر بالعمل أو طلب أحد الرؤساء ملفا ما ليعود لممارسة هوايته المحببة إلى قلبه ألا وهي النوم. هكذا يقضي ساعات خدمته. يضع على مكتبه المهترئ حزمة ملفات يتوسدها ليسافر في نوم عميق وأمام رأسه، الهاتف الذي يضعه قريبا جدا من أذنه اليسرى كي يسمعه إذا رن. وإذا رن الهاتف ينادي فقط على رقم الملف والسنة دون أن يحرك رأسه ليعود بسرعة لإكمال رحلته قبل أن يهرب النوم منه. غير أن العمل في الإدارة علمه الشيء الكثير، الأمر الذي نفعه كثيرا في كتاباته وألهمه الكثير من الأفكار. فالإدارة ليست مجرد مؤسسة وموظفين وأوراق، إنها شيء أكبر وأهم من هذا كله. الإدارة هي مختبر الطبيعة البشرية بامتياز، سيرك كبير تتعايش فيه مختلف أنواع الحيوانات.
أثناء عطلته السنوية قبل خمس سنوات، لم يسافر إلى أي مكان. بقي معتكفا في منزله ينام طوال الليل والنهار. لا يأكل إلا قليلا. وجبة واحدة تكفي. حين يستيقظ، يكتفي بتحضير القهوة ليجلس، بعد ذلك، في مكتبه الصغير يقرأ رواية ضخمة من الأدب العالمي. حلم حياته أن يكتب يوما رواية بحجم (الإخوة كارامازوف) لفيدور دوستويفسكي. يظن أن عليه أن يكون له نفس طويل جدا إذا ما أراد أن يكتب عملا مثل هذه الرواية التي لا يكف عن قراءتها وإعادة قراءتها. النفس الطويل، هذا ما ينقصه بالتحديد. فهو يدخن كثيرا. علبتين كل يوم. و في بعض الأحيان، يدخن ثلاث علب. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، يحس بثقل القطران وكل المعادن المكونة للسيجارة في رئتيه. في إحدى الليالي، أنهكه التعب من شدة القراءة. كان قد دخن كثيرا وكتب عشرات الصفحات دفعة واحدة، دون توقف. انطلق في الكتابة محموما ولم تتوقف يده إلا حين وضع نقطة نهاية، أغلق قلمه وثبته بإحكام في جيب قميصه. وضع يدا على يد ثم حط عليهما رأسه ليستريح. نام فحلم حلما غريبا.
رأى فيما يرى النائم…
الليل حالك السواد. بكل تأكيد هو منتصف الليل. البدر مكتمل. بنت صاحبة الدار التي تسكن فوقه والتي تقضي اليوم بكامله متكئة على شرفة النافذة تغوي شباب الحي تجري في مقبرة. يجري وراءها جامعا في طريقه ملابسها التي تنزعها وترميها في الهواء بجنون. فجأة، تتعثر في حجرة وتسقط على بطنها، قرب لحد. يرتمي عليها مقبلا إياها بهوس مسعور. تنزع تبانها بسرعة وتطلب منه أن ينكحها من الدبر. تتمدد على الأرض فاتحة فخذيها وقد بدأت تتأوه من أثر المتعة. يمزق قميصها من الخلف فيرى ظهرها الأبيض ثم يبدأ في تقبيله طولا وعرضا. بشرتها ناعمة جدا. يدرك لماذا كلهم في الحي، الشباب كما العجائز، يطمعون فيها. تبصق في راحة يدها اليسرى وتمرر اللعاب على فتحة مؤخرتها متوسلة إليه أن ينكحها في الحال. يشعر وكأنها تحترق بين يديه. هو أيضا بدأت حرارة جسمه ترتفع. في خضم جنون رغبته وهو يحاول الإمساك بنهدها يأخذ حجرة سرعان ما يرميها بعيدا عنه. ينجح في الإمساك بنهدها. يعصره قويا ويجره حتى يتردد صدى صرخاتها في كل أرجاء المقبرة. هبّ نسيم بارد. يخرج قضيبه بسرعة مخافة أن يصاب بعطل الانتصاب. يجد صعوبة كبيرة في إدخاله. يكرر العملية حتى يصير الإيلاج كليا. في هذا الوقت بالضبط، تطلب منه أن يترك قضيبه داخلها. تزحف كحية محاولة الاقتراب أكثر من اللحد الذي أخذت تقبله بشبق جارف بمجرد أن عانقته بذراعيها. يلتصق بها كليا محركا قضيبه ذهابا وإيابا في مؤخرتها في حين تعبث يداه الإثنتان بنهديها. يقبلها في عنقها بحرارة ويعضها عضات خرافية. ما إن يشعر بأنها على وشك أن تهرب منه إلى هذا اللحد حتى يلتصق بها أكثر ويشلّ حركتها تماما بإحكام القبضة على نهديها والرفع من سرعة حركة قضيبه. هدفه هو أن يجعلها تشعر بالألم كي تترك اللحد وتجمع يداها التراب. لكن يتضح أن حركته تنتج مفعولا عكسيا. بعد برهة من الزمن، جفّ اللعاب. وبقدر ما كانت تتوجع من شدة الإيلاج الجاف تزداد تعلقا بهذا اللحد اللعين. تأوهات اللذة عوضتها صرخات الألم. متحدية، تستمر في تقبيل اللحد. متحديا بدوره، يستمر في حرثها إلى أن تعلن الاستسلام. تقاوم بكل قواها. صرخاتها تسمع أعلى وأعلى مما يهيجه أكثر فأكثر. جمع من الناس بعيدون لا يستطيع رؤية وجوههم بوضوح يقرؤون بصوت واحد وهم يتقدمون في اتجاهه بين القبور: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي. صدق الله العظيم.) تختفي المرأة من تحته وتتحول إلى فراشة. يحاول القبض عليها لكنها تطير عاليا في السماء حتى تغيب كليا عن أنظاره.
هذا الحلم كان وراء فكرة ستتحول فيما بعد إلى هوايته المفضلة ألا وهي زيارة القبور. صورة أمه لا تفارق خياله. يتذكر كل يوم كيف لم يستطع تحقيق أمنية حياتها في أن تراه متزوجا وأبا لأطفال يملؤون عليها حياتها. ماتت أمه، لكنها دفنت في مسقط رأسها وليس في المدينة التي يعيش ويعمل فيها. أما فيما يخص أباه، فهو متزوج بثلاث نساء، دون احتساب أمه، والحقيقة أن علاقتهما لم تكن قط جيدة. مسافة شاسعة من الصمت تفصل بينهما.
خرج من منزله عشية أحد الأيام و المدينة تئن تحت وطأة حر الصيف الخانق. مشى ما يناهز ساعة كاملة حتى وصل إلى مقبرة المدينة. وجد الباب مغلقا. لأول مرة يعلم أن حتى المقبرة إدارة لها أوقات عمل محددة. دق بقوة على الباب الحديدي ومن فتحة شباك صغير، أطل عليه رجل عجوز عظام وجهه بارزة بحدة. قال له بصوت منكسر: (ماذا تريد ؟) رد عليه بثقة عالية في النفس وهو يركز نظره في عمق عينيه: (جئت لزيارة صديق.) أقفل الشباك وفتح الباب الحديدي الكبير. دخل وهو يعد خطاه تحت أنظار الرجل العجوز الذي كان يراقبه بتوجس زائد. لم يطمئن إليه. أخذ يتتبع خطواته حتى بلغ وسط المقبرة. نادى عليه من بعيد وسأله إن كان يحتاج إلى فقيه كي يقرأ له بعض الآيات القرآنية على قبر صديقه. رد عليه بالتلويح بيده في الهواء علامة على النفي وأيضا ليتركه في سلام. عاد الرجل العجوز إلى غرفته في حين صار هو يتجول في المقبرة ممعنا النظر في الأسماء المكتوبة على اللحود. في واقع الأمر، هو لا يعرف أحدا هنا. جاء فقط للتجول. أحس بشعور عجز عن وصفه أدخل السكينة إلى قلبه. كانت الشمس ترسل أشعتها الحارقة بلا رحمة. و كان يرمي نظره، بين الفينة و الأخرى، بعيدا في حدود المقبرة فيرى السراب يترقرق في أوج قوته. يحسب القبور التي مر عليها ويحفظ في ذاكرته أسماء الموتى. بدأ كذلك يتصبب عرقا وشعر بجفاف قاس في حنجرته. فكر في أن يعود ويطلب الماء من الرجل العجوز إلا أنه فضل أن يقاوم العطش على أن يرى مرة أخرى ذلك الوجه. ظل في المقبرة حتى الغروب. رأى من بعيد أن الباب الحديدي الكبير قد فتح لكنه، هذه المرة، بقي مفتوحا كأن المقبرة تنتظر زوارا. استغل الفرصة وعاد بين القبور من نفس الطريق الذي أخذه في الأول. وصل إلى الباب الكبير، ودون أن يسلم على الرجل العجوز الذي كان منهمكا في تحضير الشاي، انصرف.
كانت الحركة دؤوبة في وسط المدينة. أمر طبيعي. فالشمس غربت و كل واحد يريد أن يستمتع بالهواء اللطيف، هدية البحر للمدينة. كان هو بدوره يتجول كباقي الناس في شوارع المدينة و لم يدر لماذا خيل أليه أن الموتى أكثر عددا من الأحياء. كانت الضوضاء قوية و الأضواء أقوى. قرر أن يجلس في المقهى. شرب كوبين من الماء قبل أن يطلب من النادل أن يحضر له قهوة سوداء. أخرج من جيبه مذكرته الصغيرة التي لا تفارقه أبدا. سجل فيها أسماء الموتى التي حفظها وخاف أن ينساها. وإلى يومنا هذا، يحرص كل يوم على أن يراجع تلك الأسماء. كانت مذكرته مازالت جديدة لم يكتب على صفحاتها أي شيء. كانت أسماء الموتى هي من دشنتها فقرر أن يخصص مذكرته للموتى فقط. كان قد سجل أحد عشر إسما. وفي كل مرة يزور فيها المقبرة، يضيف أسماء جديدة. امتلأت المذكرة بالأسماء. رغم ذلك، لم يغيرها بواحدة أخرى جديدة. احتفظ بها بعناية فائقة تماما كما يحتفظ بأعماله.
غير ملابسه وألقى على وجهه نظرة أخيرة في المرآة ثم خرج. قصد محل بيع حلويات قريب من المقهى الذي يرتاده واشترى كعكة عيد ميلاد. عاد إلى البيت دون أن ينسى شراء شموع عيد الميلاد. وضع الكعكة على المائدة الصغيرة التي تفصل بين فراشه والأريكة التي يحب أن يجلس عليها خلال لحظات تأملاته. أعد المائدة بكل ما يلزم للاحتفال بعيد ميلاده. توجه إلى النافذة الصغيرة التي تركها موارية للتهوية. دخن سيجارتين متتابعتين وهو ينظر إلى حديقة الجيران الجميلة. كان الليل قد أرخى سدوله على كل المدينة. أراحه هذا السكون المفاجئ الذي لم يكن يكسره سوى خطوات بعض المارين في الزقاق ومواء قطة جذبها نور غرفته. أقفل النافذة. جلس على الأريكة. نظر إلى المائدة فوجد كل شيء على ما يرام، لا ينقصها إلا الشموع. فتح علبة الشموع وزرع في الكعكة أحد عشر شمعة أشعلها بولاعته النحاسية. لم ينفخ عليها. صار يتأملها بعد أن أطفأ النور وهي تذوب أمام عينيه. ذابت الشموع كليا حتى اختلطت بالحلوى في حين بقيت الكعكة سليمة لم يأكل منها قطعة واحدة لأنه كان قد نام في مكانه.
محمد الورياكلي
محمد الورياكلي
فارس المنتدى
فارس المنتدى

الجنس : ذكر عدد المساهمات : 2246
درجة التقدير : 2
تاريخ الميلاد : 25/11/1954
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
العمر : 69

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى