شاعر الوفاء والجرأة

الفقيه العلامة عبد السلام جسوس يعتبر من أبرز شهداء الرأي في المغرب عاش هذا الفقيه في فترة حكم المولى إسماعيل وحينما أثيرت مسألة( الحراطين) كان له فيها رأي لا يتماشى مع ما يرغب فيه السلطان فمورست عليه ضغوطات شديدة وقاسية للتراجع عن رأيه وتبني الرأي الذي يرضي المخزن ولكنه رفض ذلك بإصرار. ومن هنا بدأت محنته حيث صودرت أمواله، وبيعت أملاكه وكتبه، ونزعت منه داره، وتعرض لشتى صنوف التعذيب هو وأفراد عائلته دون أن يرضخ أو يستسلم.ثم فرضوا عليه مبلغا كبيرا من المال يفدي به نفسه فكان يجلس بجلالة قدره في الساحات والأسواق يستجدي المحسنين فيتصدق عليه الناس رجالا ونساء اعتقادا منهم أن ذلك سيخرجه من محنته .وبعد مرور سنة كاملة تمكن من جمع مبلغ الفدية فأخذوه  منه ثم قتلوه.
هذه المأساة الإنسانية لم تحرك في معاصريه من علماء ومؤرخين وأدباء أي رد فعل حيث أمسك الجميع عن اثارتها أو الخوض فيها خوفا من بطش السلطان وجبروته. وامتد هذا الخوف إلى يومنا هذا فجميع من اضطر للتوقف عندها يشير إليها إشارة خاطفة ثم يغير الموضوع.والاستثناء الوحيد كان هو الشاعر علي بن أحمد بن مصباح الزرويلي  فقد رثى شيخه وأستاذه بقصيدة مؤثرة غير عابئ بعواقب ذلك فاستحق بذلك لقب شاعر الوفاء والجرأة.