عصرالمماليك

عصرالمماليك
أنتم الملوك.... ونحنُ الحرير ....أنتم الرجال في زمن جديد ...خَلعتم الطربوش ...ولَفَفتم أجسادكم بالحرير....خيطانه من لحمنا... لتجعلوا كراسيكم من حرير ...تتبادلونَ المقاعد... المناصب.... الصفقات.... من حرير أجسادنا هكذا تعودتم
قبلي... خَسئتم أينما أودت بكم الأيام والمناصب ...أنتم مثل العطر الطَيب يستنشقهُ المارة من قُربِكم ...فيا سادتي ولَستم بالسادة.... فمهما تَعطرتم بالعطور الغالية أو المستوردة... فستعودون إلى منازلكم وتشمونَ رائحتكم النتنة.
نحنُ الحرير.... لا نحتاج للعطور ...من أنتم؟
كبار في مناصبكم السياسية... الإدارية...الأنكم رجال أعمال... أصحاب المال والبنيان...نعم لَقنتُكم دروساً... شَهِدتم لي بأني الحرير....الذي لا يحاكْ لِمقعدٍ لكم بمال أو جاه.
يا رجال حسبنا أنكم رجال...جَلبتم لنا عصر المماليك الى زمننا هذا ...
لِنجاح إعلان ...الشعار إمرأة ...سياستكم ...مناصبكم... دعايتها بين صفوفكم إمرأة تتداولون بها قبلَ مداولة الملفات والاولويات...حينَ تودونَ الإرتفاع لِمنصبْ جديد لمن يترأسكم ...
تُقدمون الهدية,,, شَبرها شيك مفتوح.... صندوقها مكان مدفون.... داخلها فتاة لَوعتْ القلوب !!!
ومن يترأسكم يمضي بختمهِ على المنصب الجديد ...تُترك في ملعبٍ واسع.... تخرجون الى شاشات في منازلنا كأحواض السمك... تُمَثلونَ وتَهتفون و وراءكم آكلْ الأوساخ في هذا الحوض !
ألا تخجلونَ بأني أراكم وأسخر منكم... لقد سَئمتْ النظر إلى نشرات الأخبار... أتمنى لو يدري الجميع ماذا يجري في غُرفكم وإجتماعاتِكم الحقيقية التي تتداولوا بأولوياتها وتضحياتكم لهذا الشعب والجيل القادم .
أنتم في النهار النسور ...وفي الليل الوطواط ...وفي أحلامكم الليلية كلابٌ تنبح وراءَ قطعة لحم ...الله !!على هذهِ الشخصيات البارزة في مجتمعنا ...شكراً على أعمالكم الخيرية للمحتاجين... والجامعات... والجوامع ...إنها لَصُوَركُمْ بين الناس...
لِمَ كُلُ هذا يا بعضاً من رجال السياسه والكثير من رجال الأعمال.
أتمنى أنَ شعبنا والناس البسطاء يسمعونَ حديثكم دونَ صحافة وكاميرات ...
ألمْ يَكنْ حديث الجواري؟
لِنَسمع قليلاً منه .

أدفع لكَ هذا.
لا... قليل إنها تساوي أكثر.
إنْ أَعجَبَتني أَكرمك.
لا... فُلانْ دَفَعْ أكثر ... يكفي أنكَ تُكلِمُها بالهاتف أَمامَ فلان ...بعدها تُفتح لكَ كل الأبواب .....
موافقْ أدفع لكَ ما تطلبه .
أعرفْ يا سادتي الكبار عبر الشاشات والبُنيان إنْ وَقعتْ أعينكم على سطوري هذه ستشعرون بأَنكم أغبياء.... لَنْ تنالوا سوى أحلامُ وأوهام ....يا ساداتي إن مشروباتِِكُمْ أَسكَرَتكُم ...وخيالاتُكمْ صَورتْ لكم مالا تَلمسوه ...نحنُ لَنْ نكون جواري العصر القديم نحن نساءُ فلسطين ...لا يغُرَنكم التمثيل.... نحنُ عصر المعرفةِ واليقين .
أنتم الدمى المتحركة ونحنُ الطاقة ...ما أَجمَلكُم أَمام الجمهور والماره والشعب ...بِِرَصانَتِكُم المزيفة... بِوجاهَتِكم وتكشيراتِكمْ ...
إذا أنتم السياسة.... نحنُ الفكر.
إذا أنتم رجال المال والاعمال... نحنُ المصفاة التي تصفي لكم ما هو صالح وصافٍ .
يكفي يا رجال كُنتم في أعيننا رجالاً.... وسماكم هذا الزمن رجالاً.... بل والله لا تستحقوا أن تكونوا !!!!!
بَعضُكم يروي أنَ الحلال مَبدَأه لِيحولهُ إلى أحرف من حبرٍ يمضي به معاشاتِ أهل الشهداء ....لِيكتبَ به عقدُ قران أسمه زواج المتعة ....(إذا فَسُدَ الرأس فما بال الجسد)بنفس القلم يالها من قذارة .
خَسِئتم بمفهومكم المجرد من الإنسانية ...أي نفس تحملونها بأجسادكم ؟
أنتم الوسواس الخناس في نفوسكم وفي صدور الناس.... وأنتم الناس الذين تَنسونَ أنفسكم في الوسواس الذي خانَ الناس ...هيا لِنعيدُكم إلى أماكنكم ...آسِفه ...لا يوجد لكم مكان بين النساء والأطفال بين الشهداء والأرامل .
نصيحتي لكم... ارحلوا الى غابات الصنوبر.... لتعرفوا قُصرَكمْ بجانبها ...أنتم الأقزام في زمن العمالقةُ....
ارحلوا إلى أعماقِ البحار.... لِتعرفوا ما تحمِلهُ بباطنها من جمالٍ وخيراتٍ للناس....
ارحلوا بعقولكم إن بقي فيكم عقول الى زمن الخليفة عمر بن عبدالعزيز..... لتتعلموا كيف تكون الرجال ...
ارحلوا بروحكم إلى اياتِ رَبكُم الاعلى.... لتدركوا بأنكم زائرون ....
ولا ترحلوا.... وحقائبكم مليئة بالذهب والمال ...ولا مقاعد ولا بنيان ولا مراكز!!!
ولا كميات من المحروقات !!!
ضعوا في حقائبكم بَسمةَ طفلٍ يتيمٍ.... جيلٌ بحقٍ يعيشُ.... بزمنٍ فيه بصمةُ الحقِ واليقين.... والرضا والتواضع ...
لا نريدُكم ...مَلَتْ عيوننا من النظرِ إليكم من زجاجاتٍ شفافةِ اللون... وأنتم داخلها... فينا من يقدر أن يرمي هذه الزجاجة ...ويَسمعُ صوتها حين تتكسر.....ومنا من يراكم ويرمي على هذه الزجاجة بقطعةِ قماشٍ بعدةِ ألوانٍ لِيُزَينوكم بعيونِهم ليكملوا الطريق .
أما أنا كَسرتُ زجاجكم بوجوهكم ...ولن أقبل أن أكون جاريةً لكم ....ولا شَبرةْ هديةٍ بشيكٍ مفتوح ...وصندوقاً من مكان مدفون ...
فأنا أبسطُ من لُبسَ الفراءْ... والماءِ ...والؤلؤ... ولا أهوى الترحال ...والسفن والقبطان ...أنا لَستُ بجاريةٍ ولا راقصةٍ ولا هاوية العزف على القبور ....ولا أستحمُ بماءِ الشربِ قبلَ أن تَصلَ الحناجر.... ولا أعشق أطباق الطعام المشكل .
أنا قبطانُ سفينتكم ...سأبحرْ بكم في بحري كيفما أشاءُ ومتى أشاء...فأنا إبنة حواء ْيا معشرَ الرجال الذين كانوا رجالاً قبلَ أن تُسَموهم رجالاً ...
إعلموا بأن طعامي أخضر ....وثوبي أبيض ....ومائي دموع الأيتام... ومقعدي حجرُ الصوان... وبيتي قهوةٌ بالهيل.... وأحلامي ....ما هي بأحلام ....
عائلتي الطبيعة ...فكيفَ للطبيعةِ أن تعيشْ في أنابيب المختبرات ...أنتم تَكسرتُمْ على ربوعِ طبيعتي.... فأنا كما أنا....وأنتم عُدتم إلى حقول التجارب... عسى أن تجدوا زجاجاتٍ تليقُ بكم من جديد يا من أَحبَبتُمْ العيشَ في عصر المماليك ...
لا والله فأنتم العفاريت ...
اعلموا أنَ هذا الزمن ليس زمن الجواري...
وإن وجدوا في زمننا ... فآباؤهم يعيشون في عصر المماليك....
يا سادتي لكم رسالتي هذه تَفهمونها جيداً.

إنَ الجوعَ ليسَ للطعام.... بل للأمان .
إنَ التعري ليسَ للأجساد..... بل للنفس.
إنَ الرفض ليس للاغواء... بل للشرفاء .
إنَ الفقرَ ليس بالمال..... بل بالعقول.
إنَ العلمَ ليسَ للرغيف... بل لمعرفة الطريق السليم .
إنَ الصرخةَ ليست للأوجاع... بل للإسترجاع .
إنَ الصمتَ ليسَ للضعفاء... بل للحكماء .
فلتحكم عليكم الحكماء... باسترجاع الآمال ...والابتهاج.... للثوار... ليعيشوا بثبات .
وهكذا ينتهي عصر المماليك ....والطرابيش... وخيطان الحرير .

أستاذي العزيز سي الورياكلي :السلام عليكم

أحب ان انبهكم الى ان الاستاذ عبد الرحمان الغندور لا علاقة له بهذا النص لا من قريب ولا من بعيد.فصاحبة النص هي الكاتبة الفلسطينية خالدة غوشة وهو مأخوذ من كتابها خفايا الحياة ج1